منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se
منتديات عظمة هذا اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا إلهي أغث هؤلاء البؤساء، ويا موجدي ارحم هؤلاء الأطفال، ويا إلهي الرّؤوف اقطع هذا السّيل الشّديد، ويا خالق العالم أخمد هذه النّار المشتعلة، ويا مغيثنا أغث صراخ هؤلاء الأيتام، ويا أيّها الحاكم الحقيقيّ سلّ الأمّهات جريحات الأكباد،ع ع

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address:

Delivered by FeedBurner


المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 25 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 25 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 138 بتاريخ 2019-07-30, 07:24
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان


    [/spoiler]

    أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

    الرد على الشبهات 9

    اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    عاطف الفرماوى


    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    من كتاب الفرائد لابى الفضائل

    . في بيان أنّ إعتراضات شيخ الإسلام على فصاحة كتاب الإيقان مثل إعتراضات (صاحب التذييل) على فصاحة القرآن الكريم والفرق هو أنّ (صاحب التذييل) إعترض مع ذكر الشواهد ولكنّ الشيخ إعترض بدون ذكر الشواهد:

    إنّ ما سبق ذكره هو بعض إعتراضات المنكرين للقرآن ذكرناها في هذه الصفحات ليعرف أولو البصيرة والإدراك أنّ إنتقادات وإعتراضات جناب الشيخ على الإيقان الشريف تُشابه تماماً إنتقادات سائر الملل على القرآن المجيد إلاّ أنّ (هاشم الشامي) في إعتراضاته على القرآن إستشهد بذكر الآيات التي وجدها بإعتقاده مخالفة للغة العرب ومخلّة بالفصاحة والبلاغة ولكنّ جناب الشيخ لم يستشهد بعبارة واحدة من الإيقان الشريف لا في رسالته الأولى ولا في رسالته الثانية المطبوعة ويذكر شيئاً يخالف اللغة أو مخلاًّ بالفصاحة والبلاغة وكأنّه تصوّر أهالي تلك الجهات جهلاء أميّين إلى درجة يقبلون الكلام الفارغ ويذعنون إلى إدّعاءٍ لا يشفعه الدليل في حين أنّ الإرادة الالهيّة شاءت أن تزول ظلمة الشبهات زوالاً تامّاً من العالم عند طلوع شمس الحقيقة فيستطيع كلّ بصر رؤية حقائق الأمور. ولكي يطّلع أولو الألباب على مقدار علم جناب الشيخ وفضله وأدبه سوف ندوّن في الصفحات التالية كلماته التي كتبها في رسالته الثانية المطبوعة في مسألة فصاحة الكلمات الإلهيّة وبلاغتها ونستميح القرّاء عذراً من إطالة الكلام الذي إبتلينا به على غير رغبتنا في ذلك. وموجز الموضوع هو أنّ جناب الشيخ كتب "إنّ التجاوز عن قانون اللغة غير جائز" فأجابه مناظره البهائي إنّ إنتقادك هذا قد سبق لسائر الملل أن وجّهوه إلى مظاهر أمر الله في حين أنّ الحقّ المنيع الذي أُوجِدَتْ بكلمته جميع القواعد والقوانين لا يمكن تحديده بهذه الأقوال فإضطرب جناب الشيخ من هذا الجواب الموجز الرصين وكتب في جواب مناظره في الصفحة (...) العبارات التالية:

    7. عبارات رسالة الشيخ الثانية في الإعتراض على كتاب الإيقان من ناحية القواعد:

    وهذه عين عبارات الشيخ: "لقد كتب (يقصد المناظر) مقابل كلمتي التي قلت فيها: "إنّ التجاوز عن قانون اللغة في أيّ دين وكلام وفي أيّ ملّة من الملل غير جائز بل إنّ كلمات وخطابات كلّ مقنّن باللغة التي يتكلّم فيها يجب أن تكون في منتهى البلاغة والفصاحة ولذا قال عزّ من قال: " وَإنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدَنَا فَأتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ" . كتب المناظر هذه الكلمات: "إنّ هذا النوع من الإحتجاج والإنتقاد الذي قمتم به لا يستسيغ رجال السوق أن يخاطبوا به عمّالهم أو يحدِّدوهم به وأنت تريد بهذه الأقوال وبهذه الإنتقادات تحديد الحقّ المنيع الذي بكلمته أوجدت القواعد والقوانين". واعرف أنّ الكثيرين من أولي العلم والكمال يقولون لهذا العبد "إن إنساناً مغالياً إلى مثل هذه الدرجة أحسن جوابٍ له هو السكوت" ومع أنّ نصحهم هذا حقّ وفي مكانه ولكنّني أريد أن أعرض بضع كلمات في هذا الموضوع ليتجلّى لجميع الناس مقدار جهل المناظر وضلاله. فهو يقول: "إنّ جميع القواعد والقوانين قد أُوجدت بكلمته" أي أنّ ذاك الذي يدّعي المظهريّة يستطيع أن يتجاوز عن قانون اللغة لأنّه هو الواضع لكلّ قانون وقاعدة فمثلاً يشترط في اللغة العربيّة قراءةً وكتابةً أن يكون الفاعل مرفوعاً والمفعول منصوباً والمضاف إليه مجروراً ولكنّ المناظر يظنّ أنّ مظهراً من المظاهر لو يكتب أو يتكلّم خلافاً لهذا القانون فلا حرج عليه ولا يعاب على ذلك حتى أنّه يقول إنّ كلامه يجب أن يُعتبر قانوناً مهما كان ذلك في نظر سيبويه أو الأخفش خطأً فاحشاً ليس فوقه من خطأ. ومنشأ هذا الظنّ الباطل والزعم الفاسد هو أنّ المناظر المغرور لم يعرف حتى الآن واضع هذا القانون ويظنّ أنّ واضع هذا القانون هو النحويّ الفلاني أو العالم الفلاني في علم المعاني والبيان، ولهذا فإنّ الكتابة أو التكلّم بعكس القوانين التي قرّروها وخلافاً للآراء التي رأوها ليس بأمرٍ خطأٍ. كلا لقد أخطأ المناظر كثيراً في فهمه فإنّ واضع قانون اللغة هو اللغة نفسها التي كانت مستعملة آلاف السنين وقد قام جماعة النحويّين والصرفيّين والمعانيّين بتتبّع قوانينها وإستقرائها وجمعها. وخلاصة القول فإنّ اللغة ليست خاضعة لقانونها بل قانونها تابع لها ومأخوذ منها. إذاً لو يظهر مظهرٌ في وسط قوم يتكلّمون بلغة آلافاً من السنين وقد جرى قانونها على سليفتهم جرياناً طبيعياً ثم يتكلّم بخلاف قوانين تلك اللغة ويقول إنّ هذا النوع من كلامكم خطأ ويجب أن تتكلّموا بهذه الصورة وبهذه الطريقة وحتى أنّه يقول مثلاً إنّ قالَ وسَمِعَ لا تعني التكلّم والإصغاء بل تعني القراءة والكتابة فإنّ أولئك القوم لا يقبلون مظهريّته فحسب بل يعتبرونه مجنوناً سفيهاً. ومن أجل هذا قلت إنّ التجاوز عن قانون اللغة غير جائز في أيّ دين وفي أيّ ملّة وبناءً على هذا قال تعالى في القرآن الشريف: "وَمَا أرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ" وقال تعالى في مقام آخر بإسلوب التحدي: "فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ" [فافهم هذه النكتة التي قد كنتم عنها غافلين وأغررتم بجهلها جاهلين]". إنتهى كلام شيخ الإسلام.

    8. في بيان أنّ جناب الشيخ وصم مناظره بالمغالاة في وصفه صاحب الأمر المبارك بصفة "الحقّ" وبصفة "الحقّ المنيع" وجوابنا على هذا القول:

    مع أنّنا كتبنا في الأبحاث السابقة في تبيين سبب حجّية وإعجاز الكتب السماويّة عامّة ما يغنينا عن الجواب على شبهة شيخ الإسلام وشكوكه الباردة وكتبنا في إنتقادات المكذّبين للقرآن وفي إنطباقها على إنتقادات المعترضين على كتاب الإيقان الشريف ما يجعل أهل الإيمان والإدراك منتبهين إلى منبت أشواك الإعتراض ومغرسها ومع ذلك نعرض مزيداً للتبيين وتوضيحاً لمقدار معارف المكذّبين. أوّلاً إنّ جناب الشيخ بسبب إطلاق جناب المناظر كلمة "الحقّ" أو كلمة "الحقّ المنيع" على مظهر أمر الله قد وصف المناظر بالمغالاة والمبالغة وكأنّه لهذا السبب إعتبر نفسه في مراتب المعارضة والمكابرة وجهله بآيات القرآن وعلوم اللغة. أما جهله بعلوم اللغة فإنّه ظنّ أنّ كلمة "الحقّ" أينما إستعملت يُقصد بها إسم من أسماء الله وهو الحقّ في مقابلة الخلق ولهذا فقد رأى أنّ إطلاق هذه الكلمة على البشر من المغالاة ولو كان هؤلاء البشر مظاهر أمر الله. وهذا خطأ كلّه لأنّ كلمة (الحقّ) تُستعمل للدلالة على معان عديدة كما تُطلق كثيراً على المعنى الذي يقابل الباطل، فمثلاً لو يقال أنّ عيسى عليه السلام كان حقّاً فإنّ هذا صحيح في مقابل بطلان اليهود وهكذا لو تطلق كلمة "الحقّ" على رسول الله (صلعم) فإنّ هذا صحيح نظراً لبطلان الوثنيّة والمجوسيّة، وكذلك اليوم لو تطلق على صاحب الأمر المبارك فإنّ هذا الإطلاق صحيح نظراً لبطلان المنكرين والمكابرين. قال صاحب (القاموس): "الحقّ من أسماء الله تعالى أو من صفاته والقرآن وضدّ الباطل والأمر المقضيّ والعدل والإسلام والمال والملك والموجود الثابت والصدق والموت والحزم وواجد الحقوق". وقال صاحب (محيط المحيط): "الحقّ مصدر ومن أسماء الله تعالى أو من صفاته والحقّ أيضاً ضدّ الباطل والأمر المقضيّ والعدل والمال والمِلك والموجود الثابت والصدق والموت والحزم جمعه حقوق" فيتّضح من هذا أنّ كلمة "الحقّ" كما تُطلق على المعنى الذي يقابل الخلق فإنّها تُطلق أيضاً على مظاهر أمر الله وكتبه المقدّسة والقول الصدق وسائر المعاني المذكورة، وإستعمالها هذا شائع وليس في ذلك مغالاة. وأما جهله بالقرآن فهو أنّ القرآن المجيد أطلق كلمة "الحقّ" بصورة صريحة على رسول الله عليه السلام بقوله تعالى في سورة القصص: "وَلَوْلا أنْ تُصِيبُهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أرْسَلْتَ ألَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتَكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينْ. فَلَمَّا جَاءَهُمْ الْحَقُّ (وهو محمّد رسول الله) مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلا اُوتِيَ مِثْلَ ما أوتِيَ مُوسَى أوَلَمْ تَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلْ قَالُوا سَحْرانِ تَظَاهَرا وَقَالُوا إنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونْ" وقد أُطلقت كلمة (الحقّ) في هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلّم. والآن يليق بأهل الإنصاف أن ينظروا في هذه الآية الكريمة ويعلموا مقدار مغالاة جناب الشيخ في مكابرته بل مبلغ علمه وإطّلاعه وإرتباطه بالقرآن الشريف وينتبهوا إلى سعة علم وإحاطة خير البريّة عليه من التحيّات أطيبها وأبهاها حينما تفضّل في الحديث الشريف: "وَلا يَبْقَى عِنْدَهُمْ مِنَ القُرْآنِ إلاّ خَطُّهُ وَزُبُرُهُ". ولا أدري لماذا لم ينسب جناب الشيخ هذه المغالاة والعياذ بالله إلى القرآن الشريف عند البشارة بظهور الموعود وإطلاق كلمة (الله) على الموعود بقوله تعالى: "‏هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ " في حين أنّه كان من السهل اليسير عليه تبارك وتعالى من أجل خاطر شيخ الإسلام أن يتفضّل "إلاّ أن يأتيهم روح الله في ظلل من الغمام" حتى لا ترفع البابيّة راية المغالاة وتطلق كلمة "الحقّ المنيع" على روح الله النازل من السماء أو يتفضّل على الأقلّ بقوله: "حتى يأتيهم إبن الإنسان في ظلل من الغمام" حتى يطابق هذا القول مع الإنجيل وتصبح حجّة جناب الشيخ في رده على الأمّة البهائيّة أقوى وأتمّ؟ ولا أدري لماذا لا ينسب المغالاة إلى الإنجيل حين يتفضّل في آخر الإصحاح (33) من إنجيل متّى بلسان عيسى عليه السلام: "إنّي أقُولُ لَكُمْ أنَّكُمْ لا تَرَونَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا مُبَارَكٌ الآتِي بِإِسْمِ الرَّبّ"؟ ولماذا لا ينسب هذه المغالاة إلى التوراة وسائر أسفار العهد القديم التي لم يرد فيها ذكر ظهور موعود الأمم وإصلاح العالم إلاّ وكان مقروناً بإسم ظهور الله وظهور الربّ ويوم الله ويوم الربّ؟ فقد جاء مثلاً في سفر أشعيا الإصحاح (25): "وَيُقَالُ في ذَلِكَ اليَوْم هَا هُوَ هَذَا إلَهَنَا إنْتَظَرْنَاهُ فَخَلَّصَنَا هَا هُوَ الرَّبُّ إنْتَظَرْنَاهُ فَلِنَبْتَهِجُ وَنَفْرَحُ بِخَلاصِهِ".

    ولا أدري لماذا لا ينسب المغالاة إلى أمير المؤمنين عليه السلام على خطبته الطتنجيّة التي تفضّل فيها بعد ذكر علامات ظهور الموعود: "فَتَوَقَّعُوا ظُهُورَ مُكَلِّمِ مُوسَى مِنَ الشَّجَرَةِ عَلى الطُّورِ. فَيَظْهَرُ هَذا ظَاهِرٌ مَكْشُوفٌ وَمُعَاينٌ مَوْصُوفٌ"؟

    وليس سبب هذه الإنتقادات والإعتراضات إلاّ بعده عن كلمات الأنبياء والمرسلين وعدم معرفته بعلوّ مقام مظهر أمر ربّ العالمين وتصوّره لهم أشخاصاً مثله ونظره إلى أهل الإيمان وأصحاب الهداية بنظر الإستخفاف والإهانة كما كان شأن قوم نوح عليه السلام في قوله تعالى: "‏فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ" .

    هذا ولو أنّ الكلام سيطول ولكنّني أستميح القرّاء عذراً وأرجوهم أن يمعنوا النظر قليلاً في خطبة أمير المؤمنين في نهج البلاغة لعلّ يطّلعوا قليلاً على مقام صاحب الظهور وعلى سجايا أهل الإيمان وصعوبة المشاقّ التي يتحمّلونها من أجل هداية الخلق فقد قال فيها عليه السلام: "يا قَوْمُ هَذَا إبّانُ وُرُودُ كُلِّ مَوْعُودٍ وَدُنُوٍّ مِنْ طَلْعَةِ مَا لا تَعْرِفُونْ. ألا وَمَنْ أدْرَكَهَا مِنّا يَسْرِي بِسِراجٍ مُنِيرٍ وَيَحْذُو فِيهَا عَلَى مِثَالِ الصَّالِحِين لِيُحِلّ رِبْقاً وَيُعْتِقَ رِقّاً وَيُصْدِعَ شَعْباً وَلِيُشْعِبَ صَدْعاً في سِتْرَةٍ عَنِ النَّاسِ لا يُبْصِرُ القَائِفُ أثَرَهُ وَلَوْ تَابَعَ نَظَرَهُ ثُمَّ لَيَشْحَذَنَّ فِيهَا قَوْمٌ شَحْذَ القَيْنِ النَّصْلَ. تُجْلى بِالتَّنْـزِيلِ أبْصَارَهُمْ وَيَغْبَقُونَ كَأسَ الْحِكْمَةِ بَعْدَ الصّبوحِ". فلاحظوا إنّ النفس المقدّسة التي أجمع المسلمون على أنّها "باب مدينة العلم" يقول في وصف أمر القائم الموعود أنّ كلّ من يدركه منّا سوف يسير بسراجٍ منير وسوف يحذو حذو الصالحين ولم يخرج نفسه المقدّسة من عداد أتباع الموعود والمستنيرين بأنوار هذا الظهور الأعظم في حين أنّ فقهاء هذا العصر الذين يعرف كل بصير مقدار معارفهم وواضحة أخلاقهم وأعمالهم لدى كلّ مدرك يريدون ظهور مثل هذا الموعود العظيم وفقاً لميولهم المتعارضة ومطيعاً في كلامه لآرائهم المضادّة وقوانينهم المختلّة الفاسدة [فبئس ما يظنّون وساء ما يحكمون].

    9. في بيان ما كتبه جناب الشيخ بأنّه وفقا للغة العربيّة يجب أن يكون الفاعل مرفوعا والمفعول به منصوبا والمضاف إليه مجرورا وجوابنا على هذا القول:

    وأما ما كتبه جناب الشيخ من شروط رفع الفاعل ونصب المفعول وجرّ المضاف إليه وعدم تجويزه لمظاهر أمر الله أن يتكلّموا خلافاً لقوانين سيبويه والأخفش فأقول:

    (أوّلا) إنّ جناب الشيخ يجب أن يكتب ويوضح في أيّ موضع من الإيقان جاء الفاعل غير مرفوع والمفعول به غير منصوب والمضاف إليه غير مجرور؟ وحيث أنّه لم يكتب ذلك فإنّ أولي الإدراك لا يعتنون بإنتقاده وهم يعرفون أنّ الإنتقاد بدون ذكر الشواهد خطأ وإضطراب كإضطراب رؤية الأعمش وإبصار الأخفش.

    (ثانيا) ألم ينتقد (هاشم الشامي) في تذييله على كتاب (مقالة في الإسلام) بالإستثناء إلى القاعدة التي يفتخر جناب الشيخ بمعرفتها عرفاناً لفظيّاً لا حقيقيّاً الآية الكريمة كما ذكرنا عباراته سابقاً في سورة البقرة (آية 172): " لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ إلى آخر الآية" بقوله إنّ كلمة (الصابرين) جاءت منصوبة خلافاً للقواعد النحويّة في حين يجب رفعها عطفاً على كلمة (والموفون)؟ وألم ينتقد نفس هذه الآية: "وَلَكْنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ" فقال الصحيح وفقاً للعربيّة يجب أن يُقال: ولكنّ البرّ أن تؤمنوا بالله إلى آخر الآية" لأنّ البرّ هو الإيمان لا المؤمن؟ وألم ينتقد الآية (160) في سورة النساء: "لَكِنَّ الرَّاسِخُونَ في العِلْمِ مِنْهُمْ إلى آخر الآية" بأنّ كلمة "والمقيمين الصلاة" يجب أن تكون مرفوعة ويجب أن تكون "والمقيمون الصلاة" لأنّها معطوفة على "الراسخون" لأنّها مبتدأ واجب الرفع بإتفاق النحويّين؟ وألم ينتقد الآية (37) في سورة المائدة: "إنَّ الذِينَ آمَنُوا وَالذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارى" قائلاً إنّ (إسم إنّ) واجب النصب ولهذا فإنّ رفع كلمة "الصابئون" عطفاً على كلمة (الذين) مخالف للقواعد النحويّة وكان الواجب نصبها لتكون "والصابئين"؟ وألم ينتقد الآية (10) من سورة المنافقين في قوله تعالى: "وَأنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أنْ يَأتِي أحَدَكُمْ الْمَوْتُ إلى آخر الآية" قائلاً أنّ كلمة "أكُنْ مِنَ الصَّالِحِينْ" التي وردت مجزومة خلافاً للقواعد النحويّة يجب أن تكون منصوبة وتصبح (أكون) لأنّها معظوفة على كلمة (فاصّدق) المنصوبة بالحرف الناصبة ويجب نصب المعطوف هنا. أمّا جزمه فإنّه خطأ بإتفاق جميع النحويّين؟ وألم ينتقد الآية (52) من سورة آل عمران في قوله تعالى: "إنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونْ" قائلاً بأنّ الواجب أن يقول "كُنْ فَكَانَ" بدلاً من "كُنْ فَيَكُونُ" وهنا دخل في باب الكنايات الركيكة والتعريضات الخارجة عن الآداب الإنسانيّة مثل جناب الشيخ فقال "لكنّ هذا يخلّ بالروي فآثر الإخلال بالمعنى ليستقيم له الرويّ وإلاّ فقد ساقه إليه لسانه حتى قد كرّره في ستّة مواضع من كتابه ونسي أنّه إستعمل المضارع بدلاً من الماضي"؟ وألم ينتقد كذلك الآية: "سَلامٌ عَلى اليَاسِينْ" قائلاً أنّه راعى الروي وبدلاً عن (إلياس) قال (الياسين) وبدل (طور سينا) قال (طُورِ سِينِينَ) وليس من المحتمل أنّه لولا مراعاة الروي والسجع لقال في حَمَلَةِ العرش بدل كلمة (ثمانية) كلمة أخرى أقلّ أو أكثر وبدل كلمة (جنّتان) و (زوجان) في سورة الرحمن كلمة أخرى"؟ إلى آخر إيرادته السخيفة.

    والآن لا أدري بماذا يجيب على هذه الإنتقادات المشفوعة بالشواهد أولئك الذين يرون وجوب رعاية القواعد النحوّية التي وضعت آلافاً من السنين وبأيّ عذر يتذّرعون في هذه المخالفات الصريحة لتلك القواعد؟ ولولا أنّ هذا العبد لا يحبّ أن يلوّث قلمه بإنتقادات المنكرين والمكذّبين لَدَوَّنْتُ في هذه الأوراق جميع مناقشات هذا المنكِر المعاند حتى يرى أهل الإدراك أنّ المنكرين والمكذّبين دائماً يتمسّكون بحبل واحد ويترنّمون بأغنية واحدة، ومع هذا فإنني أستميح العذر من القرّاء وأستغفر عن هذا القدر من إنتقادات أرباب الإنكار الذي اُجبرت على ذكره من أجل إنتباه الأخيار والأبرار. والأعجب من هذا هو أنّ بعض علماء هذه الجهات أمثال [الفاضل الجليل الشيخ محمّد بدرالدين الغزّي والشيخ إسماعيل الطرابلسي والشيخ أبي النصر الشامي وغيرهم من أهل العلم والفضل] لما طبع البروتستانت (كتاب مقالة في الإسلام) ونشروه طلبوا من هذا العبد أن يكتب جواباً كافياً وافياً على هذا الكتاب وأكشف الشبهات الواردة فيه من حيث العلم والمفتريات المدوّنة فيه من حيث التاريخ حتى لا يشتبه الأمر على ضعفاء الملّة ولا ترسخ أمثال هذه الشبهات في الأذهان وكان طلبهم هذا منّي نظراً لسعة الأطّلاع الذي وهبني الله في حقائق الكتب المقدّسة والأديان العتيقة حتى يليق بشكر الحقوق المقدّسة النبويّة التي تتلئلأ أنوارها من الوجوه الناضرة في الأمّة البهائيّة. فقلت لهم عفواً أيّها السادة إذ أنّ هناك موانع كثيرة في هذا الطريق من الصعب رفعها لأنّ أسماع أبناء الأمّة الإسلاميّة قد إعتادت مدى سنين كثيرة وقرون عديدة على إستماع زخارف القول ونشأت القلوب وتغذّت على قشور المطالب، فلو تُرفع الحجب عن وجوه الحقائق القرآنيّة حتى تُرَدَّ إنتقاداتُ أرباب الشبهات فأنّ أول من يشدّ أواصر العداوة ضدّنا هم المسلمون ويقومون على المخالفة ويرضون أن تبقى شبهات أهل الكتاب غير مردودة عن القرآن بل تُداس الملّة البيضاء تحت أرجل أهل الضلال ولا يرضون أن تَكْشِفَ حوريّات المعاني النقاب عن وجوههنّ من شرفات قصور الآيات بأثر القلم الأعلى ويبتسم الغلمان المستورون تحت ستار الإستعارات وتنحلّ عقدة الإنتقادات وتنقشع السحب الكثيفة من الإعتراضات. فمثلاً لو يقول أهل الإيمان في تفسير الآية الكريمة: "وَيَحْمِلُ عَرْشُ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَة" إنّ المقصود بالعرش هو قلب صاحب الأمر المقدّس وإنّ الثمانية تُشير إلى أنّ الأنوار الفائضة من عرش ربّ العالمين تتضاعف عمّا فاضته من سائر الأنبياء والمرسلين وبعبارة أخرى تكون قِوى الشارع الأعظم ضعف قِوى الرسول الأكرم لأنّ الأنبياء والمرسلين لهم قِوى أربعة هي: تنـزيل الوحي، وتبليغ النداء، ورزق العباد، وقهر وإماتة أهل العناد، وكانت عروش الظهور دائماً مؤيّدة بحمَلَة العرش والملئكة الأربعة وإستعملت كلمة (ثمانية) إستعارة لتدلّ على ظهور الموعود بضعف قِوى سائر الأنبياء والمرسلين. وكذلك الأمر لو يقول أهل الإيمان في تفسير الآية الكريمة: "وَمِنْ دُونِهَا جَنَّتَانْ" إلى قوله تعالى "مُدْهَامَّتَانْ" إنّ المقصود بكلمة "الجنّتان المدهامّتان" اللتان وعد الله تبارك وتعالى بظهورهما قبل ظهور القائم الموعود هما الوجودان المقدّسان والنوران النيّران الشيخ أحمد الإحسائي والسيّد كاظم الرشتي عليهما سلام الله اللذان بوجودهما المبارك فتح الحقّ جلّ جلاله باب جنّتين من المعارف الحقيقيّة على وجه عباده ورزق أولي الإستعداد فواكه لطيفة من الحقائق الربانيّة في الوقت الذي لم يكن في حديقة الملّة البيضاء ورياض الشريعة الغرّاء غير أشواك الإختلافات الباردة بين السنّة والشيعة وغير المصطلحات التافهة للفقهاء والمتصوّفين. فبشّر هذان الوجودان المحمودان الخلق بقرب ظهور الموعود وعن طريق إزالتهما لكثيرٍ من الأوهام قرّبا العباد إلى ظهور "جنّتين ذواتي أفنان". فعندما يعلن أهل الإيمان مثل هذا التفسير لدفع شبهات أمثال (هاشم الشامي) عن القرآن الشريف ويظهر ويتجلّى معنى كلمة "ثمانية" ومعنى كلمة "جنّتان" وأنّهما لم يرِدان في كتاب الله من أجل رعاية السجع والرويّ أو عادة اللسان وغفلة الجنان، فإنّ أوّل من يصيح "واشريعتاه! واحرباه!" هم أمثال جناب الشيخ ويكتبون علناً: "لا دين ولا غيرة ولا ناموس لكلّ من لا يعتبر البابيّة خارجة عن الإسلام ولا يقوم بتكفيرها علناً!" لماذا؟! لأنّ هذه الطائفة سمّت الأبدان المقدّسة لمظاهر أمر الله العرش الإلهي ورجّحت جنّة وجود أولياء الله على جنّات التفاح والعنب والرمّان وفضّلت المعارف الدينيّة على اللذائذ الجسديّة وقدّمت العناية بالدين على العناية بالمدنيّة. أفهل هنالك كفر فوق هذا الكفر؟ حاشا ثم حاشا. ولا شكّ أنّ قائم آل محمّد يجب أن يكون تابعاً للأخفش والناظر إلى أمر الله يجب أن ينظر بعين الأعمش ويجب أن لا يتجاوز روح الله النازل من السماء عن أوامر الفقهاء حتى لا تختلّ ضروريات الإسلام التي هي مرجع الفقهاء ذوي الإحترام.

    10. في بيان ما كتبه جناب الشيخ بأنّ منشأ الخطأ لدى المناظر المغرور هو عدم معرفته واضع القانون اللغويّ وجوابنا على هذا:

    ولنعد الآن إلى أصل المسألة بعد أن إبتعدنا عنها. فقد كتب جناب الشيخ: "ومنشأ خطأ المناظر المغرور هو أنّه لم يعرف حتى الآن واضع قانون اللغة ويظنّ أنّ واضع هذا القانون هو النحوي الفلاني أو العالم الفلاني في علم المعاني والبيان، ولهذا فإنّ الكتابة أو التكلّم بعكس القوانين التي قرّروها وخلافاً للآراء التي رأوها ليس بأمرٍ خطأٍ. كلا لقد أخطأ المناظر كثيراً في فهمه فإن واضع قانون اللغة هو اللغة نفسها التي كانت مستعملة آلاف السنين" إلى آخرتحقيقات الشيخ العجيبة.

    (أوّلاً) لم أفهم ماذا يقصد بعبارة إنّ واضع قانون اللغة هو اللغة نفسها؟ لأنّه قد ورد في الكتب العلميّة إختلاف بين العلماء وفي هل أنّ واضع الألفاظ هو الله تبارك وتعالى أو الواضع الناس. فالآن لو أنّ جناب الشيخ يعتبر واضع الألفاظ هو الله تبارك وتعالى فلا شكّ أنّ واضع قانون إستعمال الألفاظ يكون الله جلّ جلاله أيضاً وحيث أنّ الله تبارك وتعالى قادر بواسطة مظاهر أمره على وضع الألفاظ فأنّه كذلك قادر بواسطة هذه الوجودات المقدّسة على محو القوانين الجافّة السابقة وإيجاد قانونٍ سلسٍ رقيقٍ للّغة، وإذا كان جناب الشيخ يعتبر البشر واضعين للألفاظ إذاً فلا بدّ أن يكون البشر أيضاً واضعين لقانون الألفاظ هذه ولا فرق بين واضعي الألفاظ وسائر علماء اللغة في جواز تبديل القواعد، ولكنّ جناب الشيخ كما يبدو من كلماته إذاً إعتبر واضع الألفاظ غير الله وغير البشر بل أنّ واضع قانون اللغة هو اللغة نفسها فأنّ ذلك معنى لا تستطيع إدراكه العقول السليمة والأدمغة الصحيحة غير الفاسدة. أفهل يمكن أن يوجِدَ الشيئُ نفسَهُ أو يكون هناك أثر من دون مؤثّر؟

    (ثانياً) إنّ ما كتبه: "إنّ واضع قانون اللغة هو اللغة نفسها التي كانت مستعملة آلاف السنين" يهدف على ما يبدو إلى أنّ القوانين المستعملة في اللغات الموجودة اليوم كانت موجودة منذ آلاف السنين ولا يجوز تغييرها. إنّ هذا وهم كلّه وخطأ بكامله لأنّ جميع اللغات الموجودة قد تغيّرت قوانينها وقواعدها وسوف تتغيّر أيضاً لأنّه لو قارن أهل اللغة الفارسيّة أو التركيّة أو العربيّة أو اليونانيّة لغتهم اليوم بلغتهم قبل ألفين أو ثلاثة آلاف سنة فإنّهم لا شكّ يجدون أنّ قواعدها وقوانينها وأساسها ومبناها قد تجدّد وتغيّر بحيث لم تعد اللغة القديمة مفهومة من دون ترجمتها ويرون أنّ اللغة القديمة جافّة لا رقّة ولا سلاسة فيها مثل اللغة الحاضرة. فمثلاً كانت لغة الايرانيّين التي يتكلّمون بها في زمان ظهور زردشت قبل ثلاثة آلاف سنة تقريباً حسب أقرب التواريخ هي اللغة الأريانيّة أو الآريّة ويظنّ أكثر المحقّقين أنّها لغة كتاب الزند التي يعتبرها الزردشتيّون لغة مقدّسة وبعد مرور ألف سنة تقريباً تبدّلت اللغة الأريانيّة، وفي أيّام الدولة الساسانيّة الكبيرة وأعني أيام الأكاسرة العظام كانت اللغة البهلويّة اللغة السائدة في إيران وبعد ظهور الإسلام وإستيلاء العرب على الفرس أدخل الكتّاب الإيرانيّون قواعد العربيّة على اللغة البهلويّة ونتجت اللغة الفارسيّة الحاليّة التي لا تشبه أبداّ اللغتين السابقتين: زند والبهلويّة، وزالت جميع قواعد وقوانين اللغتين السابقتين وتبدّلت جميعها.

    11. في بيان أنّ جناب الشيخ ظنّ أنّ القانون اللغويّ أبديّ غير جائز التغيير في حين أنّ قوانين اللغات العالميّة جمعاء عرضة للتغيير والتبديل:

    ومجمل القول أنّ المحقّقين إتّفقوا على أنّ ثلاث لغات مختلفة القواعد والقوانين قد نشأت في إيران وسادت، وأنّ هذا التجدّد ولا شكّ نتج عن تغيير قواعد اللغة وقوانينها. وكذلك حال اللغة الهنديّة الحديثة مع اللغة السنسكريتيّة وحال اللغة اليونانيّة الحديثة مع اللغة اليونانيّة القديمة واللغة التركيّة الحديثة مع اللغة التركيّة القديمة. ولا يخفى على أهل العلم سبب إنعقاد المجالس الأكاديميّة اللغويّة في أكثر عواصم أوروبّا وخاصّة باريس ولندن لأنّ أنوار المعارف والعلوم قد إنتشرت في القرون الأخيرة في ممالك أوروبّا وقد وجد العلماء هنالك اللغات السائدة مضطربة وقواعد الإنشاء والتدوين والتأليف فاسدة عليلة لذا عقدوا مؤتمرات من كبار رجال العلم والأدب وبنوا أسساً لهذه المجالس من حيث أعضائها وأوقاتها وشروطها وآدابها على أساس ثابت راسخ متين وبذلوا جهوداً في تنقيح اللغات وتحسينها وبدّلوا القواعد القديمة الجافة إلى قواعد لطيفة جديدة وأزالوا كثيراً من الحروف والحركات والإعراب الذي كان أستعماله واجباً في السابق ووضعوا قواعد بيانيّة في التدوين والخطابة وطبّقوها حتى إكتسبت اللغات الأوروبيّة حلاوة جديدة وزالت الخشونة والقواعد السقيمة القديمة مرّة واحدة وبلغت فصاحة الكتّاب والخطباء وبلاغتهم منـزلة سامية ودرجة عالية بحيث يمكن القول بأنّ القواعد الحديثة للّغات الفرنسيّة أو الأنكليزيّة أو الألمانيّة لا تشابه بأيّ وجه من الوجوه القواعد والقوانين التي كانت قبل خمسمائة سنة، فكيف الحال بألف سنة أو ألفي سنة ["مما لا يُرْسِلُ الكلامَ فيه جُزافاً إلاّ المغفّلون والجهّال"].

    لاحظوا اللغة العربيّة مع أنّها لغة الدين الإسلامي المقدّسة كيف غَيَّرَتْ صروف القرون والأدوار قوانينها وأساليبها. ومجمل تطوّرات هذه اللغة هو أنّه لما طُويت شوكة قبائل عاد وثمود وطسم وجديس المعروفة بالعرب البائدة بإرادة الحيّ القدير القاهرة جلّت عظمته وبعد أن إنقضى كذلك الدور الثاني للأمّة العربيّة المعروفين ببني قحطان وإنتقلت رئاسة الأمّة العربيّة إلى بني عدنان من أولاد إسماعيل والمعروفين بالعرب المستعربة وظهرت من أنباء عدنان المذكور قبائل كثيرة وأفخاذ عديدة أمثال أغار وأيار ومضر وظهرت من مصر كنانة وقريش وغيرها مما هو معروف لدى المؤرّخين وسكنوا أنحاء شبه الجزيرة العربيّة وحيث أنّه لم يكن للّغة العربيّة التي تعرّضت خلال هذه الفترات والأدوار إلى تغييرات طلاوة وسلاسة تأسّس قانون اللغة قبل ظهور الإسلام عن طريق إجتماع الشعراء والفصحاء في كلّ سنة في مواسم خاصّة وفي أسواق عامّة أمثال سوق عكاظ وغيره وكان الخطباء في هذه الأسواق يلقون الخطب البليغة والشعراء ينشدون القصائد الجزلة ويتناظرون في المسائل اللغويّة ودقائق القواعد الشعريّة حتى زالت قليلاً الخشونة والإضطرابات السابقة من اللغة وبلغت الفصاحة والبلاغة في القبائل الجاهليّة منـزلة سامية، فلمّا ظهر الإسلام وإتّسعت الفتوحات الإسلاميّة ودخل الإسلام أمم كبيرة مثل الفرس والخزر والترك والهنود وغيرهم ونالوا مناصب مهمّة في الدولة وفي الدين وفي العلوم وإستلزم هذا الإختلاط طبعاً إضطراباً في مباني اللغة قام العلماء والأدباء مخافة سرعة تغيير اللغة ومخافة إضمحلالها بتدوين اللغة العربيّة وتأسيس قواعد العلوم الأدبيّة وألّفوا عدّة مؤلّفات في هذه العلوم حتى يصونوا بقدر الإمكان اللغة الفصحى من سرعة التبدّل والتغيير، ومع ذلك لم تنقضي بعدُ ألف سنة من الهجرة النبويّة إلاّ وتغيّرت اللغة العربيّة تغييراً كلّياً وشاعت (العربيّة العاميّة) وهي تخالف اللغة القديمة مخالفة تامّة من جميع الوجوه بحيث لم يعد أحد في هذه الأيام سواء العلماء والعوام الجهال والفضلاء إلاّ ويتكلّمون اللغة العاميّة ولا يستعملون اللغة القديمة إلاّ في التأليف بل أوجبوا إستعمال اللغة العاميّة في بعض أقسام الشعر كالزجل والموّال والدوبيت. وإنّ نظم هذا النوع من الشعر باللغة القديمة يحرمه من السلاسة والرقّة. وخلاصة القول لم يمض أكثر من ألف وثلثمائة وخمس عشرة سنة على الهجرة حتى أصبح حال اللغة العربيّة بين المسلمين كحال اللغة العبريّة عند اليهود واللغة السنسكريتيّة عند الهنود. وقد حُفظت اللغة العربيّة بسبب كونها لغة الدين الإسلامي ولكنّها لم تعُد تُستعمل عند العرب في حديثهم. فيُفهم من هذا أنّه لو تمرّ ألفا سنة او ثلاث آلاف سنة على اللغة العربيّة أين سينتهي بها الأمر نتيجة التغييرات التي هي من مستلزمات الأمور الاعتياديّة؟ وهذه القضيّة تتّضح للذين يتحمّلون مشاقّ السفر ويطّلعون على التغييرات الطارئة على اللغة العربيّة بل على جميع الأمور الإعتياديّة لا الذين هم جالسون في زاوية الخمول ومتشبّثون بعادات ألف سنة أو ألفي سنة ماضية، وإذا قُلْتَ لأحدهم بحكم الآية الكريمة: "قُلْ سِيرُوا في الأرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينْ" أن يخرج بضعة أيام من زاوية الخمول وينظر قليلاً في الآثار والعادات السابقة كيف تغيّرت ثم يوسّع نظره قليلاً ويطّلع على الحقائق الراهنة ويصبح بصيراً في مجاري الأمور فإنّه يتذرّع بالعجز ويتلو مرثيّة المسكنة والفقر وكأنّه يعتبر الخالق القدير والعياذ بالله عاجزاً مثل عجزه عن السفر. ولو أنّ الأشخاص الذين ينظرون بنظر الحقيقة إلى الآية المباركة: "وَمَا أرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلاّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ" فإنّهم لا شكّ يدركون منها بأننا مأمورون من عند الله بحكم هذه الآية الكريمة أن نقرّب لغتنا من اللغة السائدة بين الناس ونتكلّم بلغة أشبه باللغة العاميّة مع المحافظة على الرقّة واللطافة التي هي من صفات بيانات مظاهر أمر الله وشمول الفصاحة والبلاغة التي هي من مزايا عبادات مطالع حكم الله حتى ينال الجميع نصيباً من فضله وينجذبوا إلى كلماته اللطيفة وينالوا حياة من كلماته المحيية لا أن نتكلّم باللغات القديمة ونتحدّث بالقواعد القديمة التي يحتاج فهمها إلى الترجمة ويختلف الناس في فهم كل جزءٍ من أجزائها ويتوقّف إدراكها كما ينبغي ويليق على حشر الأموات الذين ماتوا قبل ألفي سنة. ومجمل القول إنّ المقصود من ذكر هذه المواضيع هو بيان خطأ ما تصوّره أرباب الأوهام من أنّ القوانين أبديّة ولا يجوز تغييرها أبداً.

    الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى