منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se
منتديات عظمة هذا اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا إلهي أغث هؤلاء البؤساء، ويا موجدي ارحم هؤلاء الأطفال، ويا إلهي الرّؤوف اقطع هذا السّيل الشّديد، ويا خالق العالم أخمد هذه النّار المشتعلة، ويا مغيثنا أغث صراخ هؤلاء الأيتام، ويا أيّها الحاكم الحقيقيّ سلّ الأمّهات جريحات الأكباد،ع ع

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address:

Delivered by FeedBurner


المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 28 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 28 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 138 بتاريخ 2019-07-30, 07:24
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان


    [/spoiler]

    أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

    جواهر الأسرار 2 لحضرة بهاء الله

    اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    عاطف الفرماوى


    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    إذاً طير إلی شجرة الإلهي وَخُذْ من ثمراتها ثمّ القَطْ عمّا سقط عنها وكنْ لها حافظاً أمين، وفكّرْ فيما ذَكَرَ واحدٌ من الأنبياء حين الّذي يُبشّر الأرواح بمن يأتي بعده بإشاراتٍ مقنّعةٍ ورموزاتٍ مُغَطَّئَةٍ من دون

    الجهر من القول، لتوقن بأنْ لا يعرف كلماتهم إلاّ أولو الألباب، إلی أن قال: ﴿كانت عينتاه كلهيب النّار وكانت رجلاه كالنّحاس وكان يخرج من فمه سيف ذا فمين﴾.(50) حينئذٍ كيف يفسّر هذه الكلمات وفي الظّاهر؟ لو يجيء أحدٌ بتلك العلامات لم يكن بإنسان، وكيف يستأنس به أحدٌ؟ بل لمّا يظهر في مدينة تفرّون منه أهل مدينة أخرى، ولا يقربوا به أحد أبداً؟ مع إنّك لو تُفكّر في هذه العبارات لَتجدها على غاية الفصاحة ونهاية البلاغة بحيث عَرَجَتْ إلى غاية البيان ووصلت إلى منتهى مقام التّبيان، كأنّ شموس البلاغة منها ظهرت وأنجم الفصاحة عنها بزغت ولاحت.

    ۷۳ إذاً فاعرفْ هؤلاء الحُمْراء من أمم الماضية والّذين يكونون في تلك الأيّام ينتظرون مجيء تلك الإنسان، ولو لا تجيء هذه النّفس علی هذه الصّورة المذكورة لم يؤمنوا به أبداً، ولمّا ما يجيء هذه أبداً إنّهم لن يؤمنوا أبداً. هذا مبلغ هؤلاء الكفرة من أنفس المشركة. وإنّ الّذين ما يعرفون ما هو أبده

    البديهيّات وأظهر الظّاهريّات فكيف يعرفون غوامض أصول الإلهيّة وجواهر أسرار حكمة الصّمدانيّة؟

    ۷٤ وإنّي حينئذٍ أفسّر لك هذا الكلام على سبيل الاختصار لتعرف الأسرار وتكون فيها من العارفين. فاعلم ثمّ أنصِفْ فيما نُلقي اليك لتكون من أهل الإنصاف في هذا المَصاف بين يديّ الله مذكوراً.

    ۷٥ فاعلمّ بأنّ من تكلّم بهذا المقال في ميادين الجلال أراد أن يذكر أوصاف مَن يأتي بإضمارٍ وألغازٍ لئلاّ يطّلع عليه أهل المجاز. فأمّا قوله: كانت عينتاه كلهيب النّار، ما أراد إلاّ حِدّة بصر مَن يأتي وقوّة بصيرته، بحيث بعينتاه يحرق كلّ الحُجُبات والسّبحات، وبها يعرف أسرار القِدَمِيّة في عوالم المُلْكِيّة، ويميّز الّذين تَرْهَقُ في وجوههم قَتْرَةٌ من الجحيم عن الّذين تَعْرِفُ وجوهُهُم نَضْرَةَ النّعيم.(51) ولو لم يكنْ عينتاه من نار الله الموقَدة، كيف يحرق الحجبات وكلَّ ما كان بين أيدي النّاس، ويلاحظ آيات الله في جبروت الأسماء وملكوت الأشياء، ويشهد الأشياء بعين الله النّاظرة؟ وكذلك جعلنا اليوم

    بصره حديداً إنْ أنتم بآيات الله موقناً. وأيّ نار أحرّ من هذه النّار التّي تجلّى في طور عينتيه وحرق بها كلّ ما احتجبوا به العباد في أراضي الإيجاد؟ فسبحان الله عمّا ظهر في ألواح السّداد من أسرار المبدء والمعاد إلى يوم الّذي فيه ينادِ المُناد، إذاً إنّا كلٌّ إلی الله لمنقلبون.

    ۷٦ وقوله: كانت رجلاه كالنّحاس، ما أراد بذلك إلاّ الاستقامة حين الّذي يسمع نداء الله ﴿فاستقمْ كما أُمِرت﴾،(52) ليستقيم على أمر الله ويُقيم على صراط قدرة الله، بحيث لو ينكروه كلّ من في السّموات والأرض ما تَزَلُّ قدماه عن التّبليغ وما يفرّ عمّا أمره الله في التّشريع، ويكون رِجْلاه كالجبال الباذخة والقُلل الشّامخة، ويكون مستحكِماً في طاعة الله وقيّوماً في إظهار أمره وإبراز كلمته، ولا يَرُدُّهْ مَنْعُ مانعٍ ولا يَصُدُّهُ نَهْيُ مُعْرِضٍ، ولا يُندِمه إنكار كافر. وكلّما يشهد من الإنكار والبغضاء والكفر والفحشاء يزداد في محبّة الله ويزيد الشّوق في قلبه ويكثر الوَلَهُ في فؤاده وينوح العشق في صدره. هل شهدتَ في

    الأرض نُحاساً أحكمَ من ذلك، أو حديداً أشدُّ من ذلك، أو جبل أسكن من هذا؟ لأنّه يقوم برِجْلاه في مُقابلة كلّ من علی الأرض، ولا يخاف من أحدٍ مع ما أنت تعرف فِعْلَ العباد. فسبحان الله مُسْكِنه ومُبْعِثُه، وإنّه هو المقتدر علی ما يشاء، وإنّه هو المهيمن القيّوم.

    ۷۷ وكان يخرج من فمه سيف ذا فمّين، فاعلمّ بأنّ السّيف لمّا كان آلة القطع والفصل، ومِنْ فَمِ الأنبياء والأولياء يخرج ما يَفْصُلُ بين المؤمن والكافر ويقطع بين المحبّ والمحبوب، لذّا سُمّي بهذا. وإنّه ما اراد بذلك إلاّ القطع والفصل. مثلاً نقطة الأوّليّة والشّمس الأزليّة في حين الّذي يريد أن يحشر الخلائق بإذن الله ويبعثهم من مراقد نفوسهم ويفصل بينهم لينطق بآية من عند الله، وهذه الآية تفصل بين الحقّ والباطل من يومئذٍ إلى يوم القيمة. وأيّ سيف أحدّ من هذا السّيف الأحديّة؟ وأيّ صَمصام أَشْحَذُ من هذا الصَّمصام الصّمدية الّذي يقطع كلّ النّسبة، وبذلك يَفْصُلُ بين المقبل والمعرض وبين الأب

    والابن والأخ والأخت والعاشق والمعشوق؟(53) لأنّ مَن آمن بما نُزّل عليه فهو مؤمن، ومن أعرض فهو كافر. ويظهر الفصل بين هذا المؤمن وهذا الكافر بحيث لا يعاشرا ولا يجتمعا في المُلْك أبداً، وكذلك في الأب والابن. وإنّ الابن لو يؤمن والأب يُنكر يُفْصَلُ بينهما ولا يجانسا أبداً، بل تشهد بأنّ الابن يقتل الأب وبالعكس، وكذلك فاعرف كلّ ما ذكرنا وبيّنّا وفصّلنا.

    ۷۸ وإنّك لو تَشهد بعين اليقين لَتَشهد بأنّ هذا السّيف الإلهيّ لَيَفْصُلُ بين الأصلاب لو أنتم تعلمون، وهذه من كلمة الفصل التّي تظهر في يوم الفصل والطّلاق لو كانوا النّاس في أيّام ربّهم يتذكّرون، بل لو تُدِقَّ بصرك وَتُرِقَّ قلبك لَتَشهد بأنّ كلّ السّيوف الظّاهريّة التّي تقتلَ الكفّار وتجاهد مع الفُجّار في كلّ دهر وزمان يَظهر من هذا السّيف الباطنيّة الإلهيّة، إذاً فافتحْ عيناك لِتَجِدَ كلّ ما أريناك وَتَبْلُغَ إلی ما لا يَبْلُغُ إليه أحدٌ من العالمين، وتقول الحمد له إذ هو مالك يوم الدّين.(54)

    ۷۹ وهؤلاء العباد لمّا ما أخذوا العلم من معدنه ومحلّه وعن بحر العَذْب الفرات السّائغ الّذي يَجري بإذن الله في قلوب الصّافية السّاذجيّة لذا احتجبوا عن مراد الله في كلماته وإشاراته وكانوا في سجن أنفسهم لَساكنين.

    ۸۰ وانّا نشكر الله بما آتانا من فضله وجَعلَنا موقناً بأمره الّذي لا يقوم معه السّموات والأرض، ومُقِرّاً به يوم لقائه وبمن يُظْهِرُهُ الله في قيامة الأخرى، وجَعَلنا من الموقنين به قبل ظهوره لتكون النّعمة من عنده بالغةً علينا وعلی العالمين.

    ۸۱ ولكن أشكو إليك يا أخي عن الّذين ينسبون أنفسهم إلی الله ومظاهر علمه ويرتكبون الفواحش ويأكلون أموال الناس ويشربون الخمر ويقتلون الأنفس ويسرقون الأموال بينهم وَيَغْتَبُوْنَ بعضهم بعضاً وَيَفْتَرُوْنَ على الله ويكذبون في أكثر أقوالهم، ويُرجع الناسُ كلَّ ذلك إلينا وإنّهم ما استحيون عن الله ويتركون ما أمرهم الله ويرتكبون ما نُهوا عنه بعد الّذي ينبغي لأهل الحقّ بأن يَظْهَرَ آثارُ الخضوع عن

    وجوههم وأنوارُ القدس من طلعاتهم، ويمشوا في الأرض بمثل من يمشي بين يديّ الله ويكون ممتازاً عن كلّ مَن علی الأرض بجميع الحركات والسّكنات، بحيث يشاهدوا آثار القدرة بعيونهم ويذكروا الله بألسنهم وقلوبهم ويمشوا إلی أوطان القرب بأرجلهم ويأخذوا أحكام الله بأياديهم، ولو يَمْضُوْنَ علی وادي الذّهب ومعادن الفضّة ما يَعْتَنُوْنَ بهما ولا يلتفتون إليهما.

    ۸۲ وإنّ هؤلاء أعرضوا عن كلّ ذلك وأقبلوا إلی ما تَهوى به هواهم، وإنّهم في وادي الكِبر والغرور لَيهيمون. وأشهدُ حينئذٍ بأنّ الله كان بريء عنهم ونحن بُرَءاء، ونسئل الله بأن لا يجمعنا وإيّاهم لا في الّدنيا ولا في الآخرة، إذْ إنّه هو الحقّ لا إله إلاّ هو، وإنّه كان علی كلّ شيء قدير.

    ۸۳ إذاً فاشربْ يا أخي من هذا الماء الّذي أجريناه في أبحر تلك الكلمات، كأنّ بحور العظمة متموّجات فيها وجواهر الاحديّة مشعشَعات لها وبها وعليها. فإنّك فاخلعْ ثيابك عمّا يَحْجُبُكَ عن

    الدّخول في هذا البحر اللُّجّيّ الحمراء، فَقُلْ بسم الله وبالله، ثمّ ادخل فيها ولا تخفْ من أحد، وتوكّل على الله ربّك، ومَن يتوكّل على الله فهو حَسْبُهُ، فإنّه هو يحفظك وتكون فيه من الآمنين.

    ۸٤ ثمّ اعلمْ بأنّ في هذه المدينة الألطف الأبهى تجد السّالكَ خاضعاً لكلّ الوجوه وخاشعاً لكلّ الأشياء، لأنّه لا يشهد شيئاً إلاّ وقد يرى الله فيه، ويشهد نوره فيما أحاطت أنوار الظّهور على طور الممكنات. وفي ذلك المقام حقٌّ عليه بأن لا يجلس علی صدور المجالس لافتخار نفسه، ولا يتقدّم علی نفس لاستكبار نفسه، ويشهد نفسَه في كلّ حين بين يديّ مولاه، ولا يرضى لوجهٍ ما لا يرضى لوجهه، ولا يقول لأحدٍ ما لا يقدر أن يسمعه من غيره، ولا يحبّ لأحدٍ ما لا يُحبّه لنفسه ويَحْرُك في الأرض علی خيط الاستوا في ملكوت البَداء.

    ۸٥ ولكن اعلمْ بأنّ السّالك في أوائل سلوكه، كما ذكرنا من قبلُ، لَيرى التّبديل والتّغيير، وهذا حقٌّ لا ريب فيه كما نُزّل في وصف تلك الأيّام ﴿يوم تُبدّلُ

    الأرض غير الأرض﴾.(55) وهذا من أيّام الّذي ما شهدت العيون بمثلها، فطوبى لمن أدركها وعرف قَدْرها. ﴿ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج القوم من الظّلمات إلی النّور وذّكرهم بأيّام الله﴾،(56) وهذا من أيّام الله لو أنتم تعرفون.

    ۸٦ وفي هذا المقام كلّ المُتغايرات والمُتَبَدّلات لَموجودٌ بين يديك، ومَن أقرّ بغير ذلك فقد ألحدَ في أمر الله ونازعه في سلطانه وحاربه في حكومته. ومَن يُبدّل الأرضَ ويجعلها غير الأرض لَيقدر أن يبدّل كلّ ما عليها وما يُحَرّك علی ظَهرها، ولا تستعجبْ عن ذلك كما بدّل الظّلمة بالنّور والنّور بالظّلمة والجهل بالعلم والضّلالة بالهداية والموت بالحيوة والحيوة بالموت، وفي ذلك المقام يَثْبُتُ حكمُ التّبديل. إنْ تكون من أهل هذا السّبيل فكّرْ فيه لِيظهر لك ما طلبتَ عن هذا الذّليل من سُرادق هذا الدّليل، لتكون فيه من السّاكنين، لأنّه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ولا يُسئَلُ عمّا يفعل، وكُلٌّ عن كُلٍّ يُسئَلُون.(57)

    ۸۷ ولكن يا أخي، لَترى في هذه الرّتبة، أي في

    أوّل السّلوك كما ذكرنا في مدينة الطّلب، مقاماتٍ مختلفةً وعلاماتٍ متفاوتةً، وكلّها حقٌّ في مواقعها ومقاماتها. وينبغي لجنابك في هذا المقام بأن تشهد كلّ الأشياء في أماكنها من دون أن تُنزل شيئاً عن صعودها وعلوّها، أو ترفع شيئاً من مقامها ودنوّها؛ مثلاً إنّك لو تُحِلّ اللاّهوتَ في النّاسوتِ هذا شِرْك محض، ولو تُصعد النّاسوتَ إلی هواء اللاّهوت هذا كفرٌ صِرف، ولكن لو تَذْكُر اللاّهوتَ في اللاّهوتِ والنّاسوتَ في النّاسوتِ لَحقٌّ لا ريب فيه. أي إنّ جنابك لو تشهد التّبديل في عوالم التّوحيد هذا ذَنْبٌ لم يكن في المُلك أكبر من ذلك، وإنْ تَشهد التّبديلَ في مقامه وتعرفه علی ما ينبغي لا بأس عليك.

    ۸۸ وإنّي فَوَربّي كلّما ألقيناك من أسرار البيان ومقامات التّبيان في العيان كأنّي ما ذكرت حرفاً من بحر علم الله المكنونة وجوهر حكمة الله المخزونة، وسنذكر في حينها إذا شاء الله وأراد، وإنّه هو ذاكر كلّ شيء في مقامها، وإنّا كلٌّ له ذاكرون.

    ۸۹ ثمّ اعلمْ بأنّ طير التّي تطير في هواء الجبروت

    لن تقدر أن تطير في سماء قدس اللاّهوت، ولن تقدر أن تَمْذُقَ فواكه التي خلق الله فيها، ولن تقدر أن تشرب أنهار التّي جرت فيها، ولو تشرب قطرة منها لتموت في الحين، كما تشهد في تلك الأيّام عن الّذين ينسبون أنفسهم إلينا ويفعلون ما يفعلون ويقولون ما يقولون ويدّعون ما يدّعون، وكأنّهم في حجباتهم ميّتون.

    ۹۰ كذلك فاعرفْ كلّ المقامات والإشارات والدّلالات لتعرف كلّ شيءٍ في مكانه وتجد كلّ أمر في مقامه. ولهذا المقام، أي مقام مدينة الأحديّة، رجالٌ قد ركبوا على فُلْكِ الهداية وسافروا في معارج الأحديّة، وتشهد أنوارَ الجمال عن وجوههم وأسرارَ الجلال من هياكلهم، وتجد روائح المسك من كلماتهم، وتلاحظ آيات السّلطنةِ في مشيهم وحركاتهم وسكونهم، ولا يحجبك أعمال الذين هم ما شربوا من عيون الصّافية وما وصلوا إلی مدائن القدسيّة، ويتّبعون أهواء أنفسهم ويُفسدون في الأرض ويَحْسَبُوْنَ بأنّهم مُهتدون. هم الّذين ورد في

    شأنهم: ﴿هَمَجٌ رُعاعٌ أتباع كلّ ناعق يميلون بكلّ ريح﴾.(58) ومراتب هذا السّفر وهذا المقام وهذا الوطن معلومٌ عند جنابك ومشهودٌ عند حضرتك، لا يحتاج إلى تطويل الكلام.

    ۹۱ ثمّ اعلمْ بأنّ كلّما شهدتَ وسمعتَ بأنّ شمس الحقيقة والنّقطة الأوّليّة نَسَبَ إلی نفسه من أسماء القَبْل لم يكن ذلك إلاّ من ضعف العباد وهندسة عوالم الإيجاد، وإلاّ كلّ الأسماء والصّفات يطوفُنَّ حول ذاته ويَدُوْرُنَّ في فِناء حَرَمه، بل هو مُربّي الأسماء ومُظهر الصّفات ومُذَوِّتُ الذّوات ومُعْلِنُ الآيات ومُطَرِّزُ العلامات، بل إنّ جنابك لو تشهدْ بعين سرّك لَتجدْ ما دونَه مفقود عنده ومعدوم في ساحته، ﴿كان الله ولم يكن معه من شيء والآن كان بمثل ما قد كان﴾. ولمّا ثَبُتَ بأنّه جلّ وعزّ كان ولم يكن معه من شيءٍ، كيف يَجري حكمُ التّبديل والتّغيير؟ وإنّك إذاً تفكّرْ فيما ألقيناك لِتظهر لك شمس الهداية في هذا الصّبح الأزليّة، وتكون فيه من الزّاهدين.

    ۹۲ ثمّ اعلمْ بأنّ كلّ ما ذكرنا في ذكر الأسفار لم يكن إلاّ للأحبار من الأخيار، وإنّك لو تركب على بُراق المعنويّ وتسير في حدائق الإلهيّ لَتقطع كلّ الأسفار وتطّلع علی الأسرار من قبل أن ترتدّ إليك الأبصار.

    ۹۳ إذاً يا أخي، إنْ تكون من فارس هذا الميدان فاركضْ في ممالك الإيقان لِتخلّص نفسك عن سجن الشّرك في هذا الزّمان وتجد رائحة المسكيّة من نفحات هذه الحديقة. ومن عطر هذه المدينة تفرّقت نسمات العطريّة في أقطار العالم، وإنّك لا تحرمْ نصيبك ولا تكن من الغافلين. فنِعْم ما قال:

    ۹٤ وَلَو عَبقَت في الشّرقِ أنفاسُ طيبِها
    وفي الغَرب مَزكومٌ لعَادَ لَه الشَّمُّ(59)

    ۹٥ وبعد هذا السّفر الإلهي وهذا العروج المعنويّ يَدْخُلُ السّالكُ في حديقة الحَيْرة، وهذا مقام الّذي لو أُلقيْ عليك لَتبكي وتنوح علی هذا العبد الّذي بقي بين يديْ هؤلاء المشركين، وصار متحيّراً في أمره ويكون في هذه اللُّجّة لَمن المتحيّرين، بحيث في كلّ

    يوم يشاورون في قتلي وفي كلّ ساعة يريدون خروجي عن هذه البلد كما أخرجوني عن البلاد، وهذا العبد أكون حاضراً بين يديهم وأنتظر ما قضى الله علينا وَحَكَمَ بنا وقَدّر لأنفسنا، وما أخاف من أحد، وما أَحْذَرُ من نفس مع ما أحاطتنا من البأساء والضّرّاء من أهل البغي والبغضاء، وأغشت الأحزان في تلك الأزمان:
    فَطُوفانُ نوحٍ عند نَوحي كأدْمُعي
    وإيقادُ نيرانِ الخليلِ كَلوعَتي
    وحُزْنيَ ما يعقوبُ بثّ أقلَّه
    وكلّ بَلاَ أيّوبِ بعض بَليّتي(60)

    ۹٦ ولو أذكر لجنابك البلايا النّازلة والقضايا الواردة لَتحزن علی شأنٍ ينقطع عنك كلّ الأذكار وتغفل عن وجودك وعن كلّ ما خلق الله في المُلك. وإنّا لمّا ما أردنا لجنابك ذلك لذا غَطَّيْتُ إظهار القضاء في كبد البهاء واحتجبتُهُ عمّا يتحرّك في أرض الإنشاء ليكون مكنوناً في سُرادق الغيب إلى أن يُظهِر الله سرّه إذ ﴿لا يَعْزُبُ عن علمه من شيء لا في

    السّموات ولا في الأرض وإنّه كان بكلّ شيء رقيب﴾.(60)

    ۹۷ وإنّا لمّا بَعُدْنا عن ذكر المقصود تركنا الإشارات ورجعنا إلى ما كنّا فيه في ذكر هذه المدينة التّي من دخل فيها نَجَى ومن أعرض عنها هَلك.

    ۹۸ فاعرفْ يا أيّها المذكور في هذه الألواح بأنّ من دخل في هذا السّفر يكون متحيّراً في آثار قدرة الله وبدائع آيات صنع الله، ويأخذه الحَيرة من كلّ الجهات ومن جميع الأطراف كما شهد بذلك جوهر البقاء في مَلأ الأعلی في قوله: ﴿ربّ زدْني فيك تحيّراً﴾،(62) فنِعم ما قال:

    ۹۹ وما احترتُ حتّى اخترتُ حبّك مذهباً
    فواحيرتي لو لم تكن فيك حيرتي(63)

    ۱۰۰ وفي ذلك الوادي تضلّون السّالكون وتهلكون، ولن تقدروا أن تصلوا إلى مثواهم. الله أكبر من عظمة هذا الوادِ ومن وسعة هذه المدينة في جبروت الإيجاد، كأنّك لن تجد له من أوّلٍ ولا من آخِر،

    فَبُشرى ثمّ بشرى لمن كَمُلَ فيها سَفَرُهُ، وأيّده الله على طيّ هذه الأرض الطّيّبة في هذه المدينة الإلهيّة التّي تتحيّر فيها كلّ المقرّبين والمخلصين، ونقول الحمد لله ربّ العالَمين.

    ۱۰۱ ولو يتعارج العبد ويسافر عن هذا الوطن التّرابيّ، ويُريد أن يتعارج إلى وطن الإلهي لَيدخل من هذه المدينة إلی مدينة الفناء لفنائه عن نفسه وبقائه بالله. والسّالك في هذا المقام وهذا الوطن البحت الأعلى وهذا السّفر المَحْو الكبرى لَينسى نفسه وروحه وجسده وذاته وَيَسْبَحُ في قُلزم الفَناء ويكون في الأرض كمن لم يكن شيئاً مذكوراً، ولن يشهد أحدٌ منه آثارَ الوجود لاضمحلاله عن ممالك الشّهود ولبلوغه إلی مقامات المحو.

    ۱۰۲ ولو أنّا نذكر أسرار هذه المدينة لَتفنى ممالك الفؤاد لِكثرة شوق أهلها إلی هذا المقام السّداد، لأنّ هذا المقام مقام تجلّي المعشوق للعاشق الصّادق، وظهور إشراق أنوار المحبوب للحبيب الفارغ.

    ۱۰۳ وهل يمكن للعاشق وجودٌ حين تجلّي المعشوقُ

    أو للظّلّ بقاءٌ عند ظهور الشّمس، أو للحبيب دوامٌ عند وجود المحبوب؟ لا فوالّذي نفسي بيده. بل السّالك في هذا المقام لو تفحّص في شرق الأرض وغربها وبَرّها وبحرها وسهلها وجبلها ما يجد نفسَه ولا نفس غيره لشدّة فنائه في مُوجده ولطافة محوه في بارئه.

    ۱۰٤ فسبحان الله! لولا خوفي من نمرود الظّلم وحفظي لخليل العدل لأُلقي عليك ما يُغنيك عن دونك ولأَقرأ لك ما يقرّبك إلى هذه المدينة حين غَفْلة عن نفسك وهواك، ولكن أصبر حتّى يأتي الله بأمره، وإنّه هو يجزي الصّابرين بغير حساب.(64) إذاً فأنشِقْ رائحة الرّوحانيّ من قُمُص المعاني، وقلْ يا أهل لُجَّة الفناء، أنْ أسرعوا للّدخول في مدينة البقاء إنْ أنتم إلى معارج البقاء تتعارجون، ونقول: ﴿إنّا للّه وإنّا إليه راجعون﴾.(65)

    ۱۰٥ ومن ذلك المقام الأعلى الأعلى والرّتبة الأعظم الأسنى يدخل في مدينة البقاء على البقاء. وفي ذلك المقام يشهد السّالكُ نفسَه علی عرش

    الاستغناء وكرسيّ الاستعلاء، إذاً يَظْهَرُ له حكمُ ما ذُكر من قبلُ: ﴿يوم يُغني الله كلاًّ من سعته﴾.(66) فهنيئاً لمن وصل إلی هذا المقام، وشرب من هذا الكأس البيضاء في هذا الرّكن الحمراء.

    ۱۰٦ فإنّ السّالك في هذا السّفر لمّا استغرق في أبْحُر البقاء، واستفرغ فؤادَهُ عن كلّ ما سواه، واستبلغ إلی معارج الحيوة لا يرى الفناء لنفسه ولا لغيره أبداً. ويشرب عن كأس البقاء، ويمشي في أرض البقاء، ويطير في هواء البقاء، ويجالس مع هياكل البقاء، ويأكل من نعمة الباقية الدّائمة من شّجرة الدّائمة الأزليّة، ويكون من أهل البقاء في عُلی البقاء بالبقاء مذكوراً.

    ۱۰۷ وكلّ ما يكون في هذه المدينة لَباقيةٌ دائمةٌ لا يَفنى. وأنت لو تدخل بإذن الله في هذه الحديقة العالية المتعالية لَتجد شمسها في قطب الزّوال بحيث لا تُكْسَفُ ولا تَغْرُبُ أبداً، وكذلك قمرها وأفلاكها وأنجمها وأشْجُرُها وأبْحُرُها وكلّ ما فيها وبها. وإنّي فوالله الّذي لا إله إلاّ هو لو أذكر لك بدايع أوصاف

    هذه المدينة من يومئذٍ إلی آخر الّذي لا آخر له ما يَفْرَغُ حُبُّ فؤادي لهذه المدينة الطّيّبة الدّائمة، ولكن أختم القولَ لضيق الوقت وتعجيل الطّالب، ولئلاّ تَظْهَرُ الأسرارُ في الإجهار من دون إذنٍ من الله المقتدر القهّار.

    ۱۰۸ وَسَيَنْظُرُ الموحّدون في قيامة الأخرى بأنّ مَنْ يُظهره الله مع هذه المدينة يَنزِل من سماء الغيب مع ملائكة المقرّبين العالّين، فطوبى لمن يَحْضُرُ بين يديه ويفوز بلقائه، وإنّا كلٌّ بذلك آملون، ونقول الحمد لله إذ هو الحقّ، وإنّا كلٌّ إليه منقلبون.

    ۱۰۹ ثمّ اعرف بأنّ الواصل في هذه المقامات والمسافر في هذه الأسفار لو يناله في السّبيل من كِبْرٍ أو غرور لَيهلك في الحين، ويرجع إلی قَدم الأوّل من دون أن يعرف ذلك.

    وعلامة الواصلين والمشتاقين في هذه الأسفار أن يُخفضوا جناحهم للّذين آمنوا بالله وآياته، ويُنجِعُوا أنفسهم للّذين استقرَبوا إلی الله ومظاهر جماله، ويُخضِعوا ذواتهم للّذين استقرّوا على رَفْرَفِ

    أمر الله وعظمته.

    ۱۱۰ لأنّهم لو يتعارجون إلى غاية القصوى في سلوكهم إلى الله ووصولهم إليه لن يصلوا إلاّ إلى مقرّ الّذي خُلقَت في أفئدتهنّ، فكيف يَقدِرُنّ أن يتعارجُنّ إلی مقامات الّتي ما قُدِّرَتْ لهم وما خُلِقَتْ لشأنهم؟ ولو يسافرون من الأزل إلى الأبد لن يصلوا إلی قطب الوجود ومركز الموجود الّذي جرى عن يمينه بحورُ العظمة وعن يساره شطوطُ القدرة. ولن يقدر أحدٌ أن ينزل بفِنائه، وكيف إلی مقامه؟ وهو كان ساكناً في فُلْكِ النّار، وَيَسْرِيْ علی بحر النّار في كرة النّار، ويمشي في هواء النّار. فكيف يقدر مَنْ خُلق بالأضداد أن يدخل في النّار أو يَقْرُبَ بها، وإنْ يَقْرُبْها لَيحترق في الحين.

    ۱۱۱ ثمّ اعلمْ بأنّ هذا القطب الأعظم لو يقطع خيط مَدده عن كلّ مَن في السّموات والأرض لتنعدم كلّهنّ، فسبحان الله! كيف يصل التّراب إلی ربّ الأرباب. فسبحان الله عمّا يظنّون في أنفسهم، وتعالی عمّا هم يذكرون.

    ۱۱۲ بَلَى، إنّ السّالك يتعارج إلی مقام الّذي لا غاية له فيما قُدّر له، ويجد في قلبه نار الحبّ بحيث يأخذ زمام الاختيار عن هؤلاء الأخيار. وفي كلّ حين يزداد في حبّه مولاهُ وإقباله إلی بارئه، بحيث لو كان مولاه في مشرق القُربيّة وهو في مغرب البُعديّة، وكان له ملأ السّموات والأرض من اللؤلؤ الحمراء والذّهب الصّفراء لَينفق ويركض بعينيه لِيصل إلی أرض التّي كان المقصود فيها. ولو تجد السّالك بغير ذلك فاعلمْ بأنّه كذّابٌ مُفتَرٍ. إنّا لِمَنْ يُظهره الله في قيامة الأخرى، وإنّا به لَمُبْعَثُوْنَ.

    ۱۱۳ وفي تلك الأيّام لمّا ما كشفنا الغِطاء عن وجه الأمر وما ظهرنا للعباد ثمرات هذه المقامات التّي مُنعنا عن إظهارها، لذا تجدهم في سُكران الغفلة، وإلاّ لو كُشف لكلّ مَن على الأرض أقلّ من سَمّ الإبره من هذا المقام لَتشهد كيف يجتمعون في فِناء رحمة الله ويركضون من كلّ الأطراف للبلوغ إلی ساحة القرب في رَفْرَفِ عزّة الله، ولكن أخفينا لِما ذكرنا من قبلُ، ولِيمتاز المؤمنون عن المنكِرين

    والمقبلون عن المعرضين، وأقول لا حَوْلَ ولا قوّة إلاّ بالله المهيمن القيّوم.

    ۱۱٤ ويسترقي السّالكُ من هذا المقام إلی مدينة التّي لم يكن لها من اسمٍ ولا رسمٍ ولا ذكرٍ ولا صوتٍ، تَجري فيها بحورُ القِدَم وتدور في حول القِدَم وتُشرق فيها شمسُ الغيب عن أفق الغيب. ولها أفلاك من نفسها وأقمار من نورها كلّهنّ يطلِعن من بحر الغيب ويدخلن في بحر الغيب. وإنّي ما أقدر أن أذكر رشحاً عمّا قُدّر فيها ولا يطّلع على أسرارها أحدٌ إلاّ الله ومظاهر نفسه، إذْ هو خالقها ومُبدعها.

    ۱۱٥ ثمّ اعلمْ بأنّا حين الّذي أردنا أن نتعرّض بتلك الكلمات وكتبنا بعضها أردنا بأنْ نفسّر لجنابك كلّ ما ذكرنا من قبلُ من كلمات النّبيّين وعبارات المرسَلين بنغمات المقرّبين وَرَبَوَات المقدَّسين، ولكن ما وجدنا الفرصة وما شهدنا المُهلة من هذا المسافر الّذي جاء من عندكم وكان عَجولاً في الأمر وراكضاً في الحُكْم، لذا قد اقتصرنا واكتفينا وما أتممنا ذكر الأسفار بتمامها وما ينبغي لها ويليق بها، بل تركنا ذكر

    مدائن الكبرى وأسفار العُظمى، وبلغ تعجيل الرّافع إلی مقام الّذي تركنا ذكر السَّفَرين الأَعْلَيَيْنِ في التّسليم والرّضاء.

    ۱۱٦ ولو أنّ جنابك لو تُفكّر في هذه الكلمات المختصرات لَتعرف كلَّ العلوم وتصل إلی ذِروة المعلوم، وتقول: يكفي كلَّ الوجود من المشهود والمفقود.

    ۱۱۷ و‌لكن لو تجد في نفسك حرارة المحبّة لتقول: هل مِنْ مَزيد،(67) ونقول: الحمد لله ربّ العالمين.

    الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى