منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se
منتديات عظمة هذا اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا إلهي أغث هؤلاء البؤساء، ويا موجدي ارحم هؤلاء الأطفال، ويا إلهي الرّؤوف اقطع هذا السّيل الشّديد، ويا خالق العالم أخمد هذه النّار المشتعلة، ويا مغيثنا أغث صراخ هؤلاء الأيتام، ويا أيّها الحاكم الحقيقيّ سلّ الأمّهات جريحات الأكباد،ع ع

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address:

Delivered by FeedBurner


المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 32 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 32 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 138 بتاريخ 2019-07-30, 07:24
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان


    [/spoiler]

    أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

    الدرر البهية 2 لأبى الفضائل

    اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    عاطف الفرماوى


    عضو ذهبي
    عضو ذهبي

    (المسألة الثانية)
    سأل حفظه الله عن بيان معنى مناظرة الملائكة مع الله تبارك وتعالى في استخلاف آدم.

    (الجواب)
    اعلم أيها الفاضل النبيه أيدكم الله تعالى وإيانا بروح منه، ووهبنا جميعاً رحمة من لدنه، إن هذه المسألة لها ارتباط كلي بمسألة معرفة الأرواح المجردة والنفوس الفلكية، وفهم معنى تجردها الذاتي عن المواد واحتياجها الفعلي اليها. وليعلم أولا أن الفلاسفة والمحققين من أهل العلم عرّفوا الروح ووصفوها بحدود وتعريفات شتى أحسنها وأتقنها وأبينها للمراد (أنها جوهر مجرد مفارق عن المادة ذاتاً لا فعلاً) وهذا الحد كما هو غير خاف عن البصير مع أنه حد سلبي وتعريف بالنفي، لا يبين حقيقة الذات، وكنه المعرف هو تعريف جامع مانع أكثر تبييناً عن المقصود من سائر التعريفات والحدود. فيعرف من هذا الحد ان الروح من حيث الذات مباين عن المادة والماديات فلا توصف بأوصافها من قبيل الخروج والدخول والتحيّز والحلول والمواجهة والاستدبار والتحرك والاستقرار، فلا تدرك بالأبصار ولا بغيرها من الحواس.. ومحتاج الى المادة في كل الأفعال، وغير مفارق عنها في جميع الأحوال، إذ لا يتصور التعطيل، فلا يمكن أن يصدر منها فعل إلا بها، ولا يعقل أن تظهر منها أثر إلا بآليتها. مثلا لا يعقل أن تصدر أفعال الرؤية والاستماع والكتابة والتفكّر منها إلا بآلية العين والإذن واليد والدماغ وهلم جراً، ولا فرق في هذه الأوصاف بين الأرواح القدسية الفلكية والناطقة البشرية والحساسة الحيوانية والسافلة الشيطانية. فإن هذه كلها اعتبارات واطلاقات بحسب الآثار والأوصاف والملكات لا بحسب التجرد الذاتي والاحتياج الفعلي. والى هذه النكتة التي غفل عنها الأكثرون، وضل وتاه في فلواتها الأولون والآخرون، وأشير في الآية الكريمة (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ) فان التائهين في مفاوز الأوهام والغافلين عن حقائق ما وعد به المليك العلام، لما رأوا في الكتب السماوية وخصوصاً الانجيل المقدس أن السيد الرسول او الرب المزمع للنزول يأتي وبين يديه قبيل من الملائكة المقربين وينزل ومعه جنود من الملأ العالين وينصر بلفيف من المسوّمين والمردفين. فلما ظهر الرسول المكرم صلى الله عليه وآله وسلم، رأوه رجلاً بسيطاً يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ويجالس الأعراب ويجلس على التراب، فلا ملائكة تطير حول رأسه ولا جنوداً من الأرواح المزعومة الموهومة تمشي من قدامه وخلفه، انتقدوا على الرسول بعدم تحقق النزول بفقدان شرط غير معقول، فنادوا وأسهبوا وصخبوا وأطنبوا (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا) فأنزلت الآية المذكورة سابقاً تبكيتاً وإفحاماً لهم ودحضاً لحججهم ودفعاً لأوهامهم مشعرة بأن الروح لا تتجلى إلا في الصورة البشرية، والملك لا ينزل الا بالهيئة الجامعة الانسانية. وبعبارة أوضح، الجوهر المجرد لا يعقل أن يؤثر الا بآلية الأبدان، فالملك إذا نزل ليس إلا الانسان، وما أدراك ما الانسان، الطلسم الأعظم والجوهر الأكرم والهيئة المخصوصة بالسلطة العالية على جميع العالم، الحقيقة الكاملة الفاضلة، والآية الأولية النازلة، والذات القابلة لجميع الهيئات العالية والسافلة، فالانسان هو المقصود من أمثال هذه الأسماء والصفات، والباقي أوهام وأحلام وتصورات وخيالات. نعم كثيراً ما حاول بعض الفلاسفة أن يثبتوا عقولا مجردة على الاطلاق مباينة عن المواد من حيث الذات والفعل، إلا أنه كبى في اثباتها جواد براهينهم ونبت سيوف تحقيقاتهم ونكست أعلام أدلتهم، فقالوا وأطالوا وأكثروا وأطنبوا وما أتوا بشيء. كيف لا وهي بقية من أوهام الوثنيين وأحلام اليونانيين حينما كانت أستار الشبهات مسدولة على الحقائق في جميع الجهات وظلمات الليل الاليل محيطة بجميع أقطار الأرضين والسموات. ومن خاصية الليل أن لا يرى فيه إلا أصحاب القلوب الراقدة الغريقة في المنام وأرباب الأدمغة المغمورة بأضغاث الأحلام. ولقد أوجز وأبلغ العلامة المحقق نصير الدين الطوسي قدس الله روحه في كتاب التجريد حيث أبان عن ضعف أدلتهم ووهن براهينهم فقال (وأما العقل فلا دليل على امتناعه وأدلة وجوده مدخولة) ولكني أقول وان كانت أدلة وجود العقول عند العلامة الطوسي مدخولة ولكن أدلة إمكان وجود مجرد ذاتاً وفعلا عن المواد أيضاً عند البالغين غير معقولة، فلنترك الخوض في غمرات ظلمات الأفكار والأوهام ولنرجع الى بيان ما كنا في سدد حلّه في هذا المقام. وقد علم أولوا النهى أن الله تبارك وتعالى خلق في العالم بحكمته البالغة وقدرته المحيطة قوتين متضادتين وروحين متباينين، الأولى الروح القدسي فاعل الخير ومفيض الرحمة وملهم السداد والحكمة، وعبر عنه الأنبياء بجبرائيل وروح القدس وروح الأمين، والفلاسفة بالروح العلوي أو العقل الكلي والصادر الأول والنفس الفلكية وأمثالها. والثانية الروح الشرير فاعل الشر ومثير النقمة وملهم الزلة والضلالة. وعبر عنه الأنبياء بشيطان وابليس وفي الانجيل المقدس بالوحش الهائل والتنين الكبير والفلاسفة بالروح السفلي والنفس المطلق. فإذا ثبت أن ارتباط الأرواح بالأجسام إنما هو عبارة عن التعلق والاحاطة لا السريان والحلول أو التحيز والدخول، ثبت أن مرايا تجلي الروح القدسي هي قلوب الأنبياء والمرسلين وأفئدة مظاهر أمر الله رب العالمين، فأبدانهم الشريفة هي أعراش استواء الله وهياكل عبادة الله ومصابيح ظهور نور الله ومظاهر جميع أسمائه وصفاته ومدارك فيوضاته وآياته. كما أن قلوب الأشرار أعراش الأرواح السافلة والنفوس الخبيثة ومرايا انطباع الأوهام والأفكار المضلة الخسيسة، فأبدانهم مطايا الضلالة ومظاهر الفتنة والتفرقة وألسنتهم تراجمة إبليس فهم حقيقة الشيطان وأعداء الرحمن، ألا أن جند الشيطان هم الخاسرون وأن جند الله هم الغالبون. فإذا علم ذلك كله يعلم بالضرورة معنى الملائكة والشياطين، ويعلم معنى المناظرة الحاصلة بين الرب والملأ العالين، ويعلم أيضاً أن كل ما ورد في القرآن الكريم في هذا المعنى إنما هو عبارة عما حدث ويحدث أو أن ظهور نظاهر أمر الله وتجدد العالم بظهورهم ورجوع الحقائق الأولية بطلوعهم وتحقق الخلق والبعث والحشر والنشر بكلمتهم، فإن هنالك تتبين المَلك من الشيطان، ويفترق جنود الشرك عن جنود الايمان، ويمتاز الخبيث من الطيب، والردي من الجيد، ويعلم الغث من السمين، والسجّين من العليين. ومن المعلوم المحقق عند أرباب القلوب الصافية والبصائر المنورة، أنه ما وقع اختلاف بين الملأ الأعلى إلا بعد ما أراد الله أن ينشيء في الأرض خلافة ويعهد بولاية وينص باستخلاف الفرع المنشعب من الأصل القديم، ويأمر بالسجود لدى وجهه الكريم. ولما كان الرجع مثل الجعل، والعود شبه البدء أخبر الله تعالى بتجدد هذه المناظرة، وتحتم وقوع المخاصمة، حيث قال جل ذكره وجلت عظمته (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ)، فصرح الله تعالى بأفصح قول وأبلغ بيان في كتابه الكريم أن الخصومة لا محالة واقعة بين الملأ الأعلى والمناظرة متوقعة في الجنة العليا، ليمتاز أصحاب اليمين من أصحاب الشمال، ويتميز أهل الهدى من أرباب الضلال، ويعرف المَلك من الشيطان، ويفرّق بين عبدة الطاغوت وعباد الرحمن. ولكنه تعالى أمر نبيّه عليه السلام أن يكتم شرح هذه المخاصمة والمناظرة ويتنصل الى العباد عن تفصيلها، ويتركها تحت الاجمال في سنبلها. فإذا أجمل الله الكلام رفقاً بالخلق بسبب ضعفهم، فلابد أن يعذرنا حضرة السائل الفاضل إذا نحن اختصرنا الكلام وتركناه بعد التحقيق المفيد تحت شيء من الايهام.

    (المسألة الثالثة)
    سأل حفظه الله أن الصلاة والزكوة والصوم والحج هل لها فوائد وتأثيرات حقيقية أو هي ألعاب وحشية وعوائد غير مفيدة ملية.

    (الجواب)
    أعلم ايها الفاضل المجيد، أيدك الله وإيانا بالبصيرة الكاشفة والرأي السديد، أن أمثال هذه المسائل منوطة بالاعتقاد بأن لنا إلهاً حقاً حكيماً محيطاً قاهراً فوق العباد باعث الرسل ومرسل الأنبياء لتشريع الشرائع وإيجاد الأديان، فلا يعقل أن يعتنق إنسان ديناً من الأديان إلا بعد الاذعان بهذه الحقيقة ولا يتصور أن يتحمل عاقل مصاعب الرقية ومتاعب العبودية إلا بعد الاعتراف بهذه الدقيقة. ونحن معاشر الأمة البهائية نعتقد أن الأديان بأجمعها شرعت بإذن الله وانتشرت بقدرته وعلت بكلمته وغلبت على العالم بارادته ومشيئته. ثم اعلم أيها الفاضل أن الأديان كما أنها منوطة بالاعتراف بوجود الله تبارك اسمه وعلت كلمته، كذلك هي منوطة بالاذعان بخلود الأرواح وبقائها بعد الانقطاع عن الأبدان، فلولا الاذعان بهذه الحقيقة لما اعتنق إنسان ديناً ولا اتبع عاقل شريعة. فإذا علم أن الأرواح باقية خالدة والعوالم أبدية غير بائدة، وأن الأبدان كما بيناه سابقاً مستلزمة للأرواح والقوى لا تظهر منها أفعال إلا بآلية الأشباح فهي مظهرة للأفعال الصادرة منها وملائمة للملكات الراسخة فيها، فلا يشك عاقل أن الديانة مطلقاً لا تتم إلا بأن تكون مبنية على قسمين مفروزين من الحدود، ومؤسسة على ركنين وثيقين من الأحكام.
    (القسم الأول) ما يرتبط بظواهر العالم وتأليف الأمم من قبيل وجوب العدل والاحسان وحفظ حقوق الناس وآداب المعاملات وكيفية المعاشرات وسياسة الرعية وترقية الأمة وغيرها مما تحفظ به الهيأة الجامعة البشرية وتؤسس عليه دعائم الحضارة والمدنية.
    (والقسم الثاني) ما يرجع الى ترقي النفوس وتنقية القلوب وتهذيب الأخلاق وتكميل العقول لما يرجى من بقائها في العوالم الآتية والنشأة الثانية من قبيل الصوم والصلاة والاذكار والتسبيحات وغيرها من أصناف العبادات. ومن المعلوم أن الحدود والأحكام منها ما شرعت لخاصيتها الروحانية وفائدتها الأخروية وحدها كالصلوات والتسبيحات، فإنها لا رابطة بينها وبين الفوائد المدنية وحفظ الهيأة الجامعة البشرية إلا ببعض ملاحظات طفيفة بعيدة، ومنها ما شرعت لظواهر الملك وليس لها رابطة بالأرواح كغالب أحكام المعاملات والسياسات، ومنها ما شرعت لما فيها من الفائدتين المذكورتين، ولها آثار باهرة في كلتا الرتبتين كالعدل والاحسان والحج والزكاة والصدق والأمانة والعفة والطهارة وغيرها من أصناف المعروف والاجتناب عن الموبقات كالقتل والزنا والكذب والخيانة والظلم والغيبة والافتراء وغيرها من أنواع المنكر. فهذه كلها لها تأثيرات ظاهرة فيما يترقى به الانسان وتتهذب به الأخلاق وتحفظ به الهيأة الجامعة وتصان به حقوق الأمة. فإذا علم ان الفاعل والمؤثر هو الروح وليس للبدن إلا حكم الآلية، يعلم بالضرورة مقدار تأثر نفس الأرواح من صدور هذه الأفعال والتخلق بالأخلاق الفاضلة أو الرذيلة. فإن الخلق ليس إلا الوصف الراسخ في الفاعل بتكرر الفعل حتى يصير ملكة، وبالملكات يحشر الانسان وبها تعرف مقادير الربح والخسران. فلنتكلم في فوائد الأحكام الأربعة التي سأل عنها حضرة السائل الفاضل هداه الله تعالى الى جناب اسمه القيوم وسقاه من الرحيق المختوم.
    (أما الصلوة) فهي معراج المؤمن وقرة عين الموقن ومقام المناجاة مع الله ومعهد القيام بين يدي الله والانابة اليه والتضرع لديه والاعتراف بربوبيته والاقرار بوحدانيته والخضوع لدى إرادته والامتثال لمشيئته، مما يؤثر في روح الفؤاد ويلين القلب ويبعده عن الظلمة والقسوة، فينتبه الى فضائل العبودية ويدرك معنى المقت والشرور الناتجة عن المعصية. وإذا أدرك الانسان آثار الأشياء ببصيرة نيرة وعرف تأثير الأفعال بيقين مبين وعلم ورأى فوق هذا وذاك أن له إلهاً قادراً قاهراً محيطاً مقتدراً يجازي العبد بكل صغيرة وكبيرة ويأخذه بكل خطيئة وجريرة، فلابد له بالضرورة أن يجتنب عن المعاصي ويتجنب المخازي عن رهبة حقيقية وخوف مكين وهذا سرّ قوله تعالى (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) وقوله (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ). ولعمر الحق لو لم يكن للصلوات وغيرها من العبادات إلا أنها تورث اليقين وتفيد القطع والاطمئنان فيما هو راجع الى الدين لكفاه فضلا إذ لا حيوة إلا بالدين ولا دين إلا باليقين، فافهم سرّ قوله تعالي (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) وسبب حصول اليقين من العبادة هو ان اليقين ليس إلا كمال ادراك الروح والروح قوة مدركة تحيط بحقائق الأشياء أو تنطبع عليها صورها وهي تتقوى وتصفّى وتزيد قوة وصفاء بالعبادة، والعبادة إذا كان المشتغل بها ملتفتاً الى المعاني المقصودة من ألفاظها وأركانها ومدركاً لذة الاشتغال بها تمنع عن المعاصي والموبقات التي بها يقسو القلب وتزيد كدورة الروح، فإذا زادت قوة الروح وجلائها وصفائها تزيد فيها قوة إدراك الحقائق أو انطباع صورها فيها. فالروح القوي المصفى يدرك حقائق الأشياء كما هي عليه بالاحاطة، والروح المكدر يدرك صور الأشياء بالشواهد والأدلة. ولذا اختصت علوم الأنبياء بالمشاهدة واختصت معارف العلماء بالقياسات والأدلة، ولا يعرف مقدار هذا الفرق المبين إلا البالغون بمقام اليقين، وأما غيرهم ممن لم يبلغوا بعد بهذا المقام فيمكنهم أن يعرفوا هذا الفرق من آثار علم الطرفين من أصحاب الأنبياء والطبقة الأولى من اهل الايمان، والفلاسفة والعلماء من أصحاب الدليل والبرهان، فانهم يجدون بين آثار الطرفين فرقاً واضحاً وبوناً شاسعاً كما سنوضحه إن شاء الله، وليس هذا إلا من مآثر اليقين وفيها كفاية للمتبصرين، ولا عبرة لما تقوله الشيع الطبيعية من المادية والدروينية أن هذه الآثار هي انفعالات وهمية وتأثرات خيالية لا حقيقة لها بل رسخت في أذهان أهلها بطول الممارسة وكثرة المزاولة، لأن ارتقاء الانسان في مراتب الايمان الى درجة يبذل روحه لصون دينه تدل دلالة واضحة على صحة أيمانه وحقية يقينه. وتتحقق وتتجلى هذه القوة الفائقة والسمة المدهشة في العقائد الاجتهادية الكسبية لا العقائد الوراثية التقليدية ويظهر الفرق بينهما بنماء الأولى ونفوذها كالبذر الطيب في الارض الصالحة. وحبوط الثانية وسقوطها كالبذر الفاسد في الارض الخبيثة. ومن المعلوم أن الشك واليقين والظن والقطع وأمثالها من الأمور القلبية الاعتقادية، ليست من الأمور المدركة بالحواس الظاهرة حتى يستدل عليها بالأدلة الهندسية والقياسات الفلسفية بل تدل عليها الافعال وتشهد لها القلوب، وهذا سرّ الآية الكريمة الفرقانية، حيث قال جل ذكره مخاطباً لليهود (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)، فإن اليهود كانوا يعتقدون أنهم الشعب المقدس والذرية الصالحة والأسرة الطيبة وأولياء الله من دون الناس، فأفحمهم الله تعالى بهذا البرهان وأخرجهم من أهل الايقان، وبيّن سمو أولياء الله وأبان عن موقف أحباء الله. ومن الثابت المقرر عند أولي البصائر أنه إذا ثارت عواصف الافتتان واشتدت أعاصير الامتحان وهجم الوحش الكاسر على المؤمن الحاسر وتدجج له بمرهف مخالبه وأنيابه وكشر الموت الزوأم عن نواجذه وأسنانه، حينئذ يتميز الشاك من الموقن والمجتهد عن المقلد والثابت من الزائل والحق من الباطل. ولقد شاهدنا ورأينا في زماننا هذا كثيراً من النفوس الزكية وأصحاب القلوب الثابتة النقية حين اشتداد هذه العواصف وهيجان هذه القواصف بذلوا بغاية السرور مهجهم في سبيل الله وأهدروا في نهاية الاطمئنان دماءهم في محبة الله فاستهانوا بالحيوة واستقبلوا الموت بغاية النشاط وسرعوا الى مشهد الفداء وسارعوا الى معهد الفناء متهللي الوجوه مستبشري القلوب حتى حيّر العالمين اصطبارهم وأدهش الناظرين سكونهم وقرارهم وما بدّلوا دينهم وما كتموا أيمانهم، ولعمر الحق هذه هي الشهادة الفعلية التي تشهد على صحة دينهم وحقيقة يقينهم.
    وأدل من ذلك على علوّ مقام يقينهم وسمو مكانة دينهم، هو قدرتهم على تقليب قلوب العباد وتمكنهم من تحويل عقائدهم الفاسدة الى العقائد الصحيحة وتبديل خلائقهم القبيحة الوحشية بالأخلاق الحسنة المرضية، فإن الله تعالى وزع بهم من الأخلاق والعوائد والعقائد القبيحة الخبيثة الراسخة في الملل القديمة ما لم يوزعه الفلاسفة بقوة أفكارهم وسعة معارفهم، لأن الله تعالى وهب لأوليائه قدرة على انفاذ كلمته ونشر دينه واثبات أمره وإظهار براهينه من غير أن يستمدوا من القوى الملكية البشرية أو يرتكنوا الى عماد سوى القدرة الإلهية من قبيل العلوم والمعارف الاكتسابية أو المال والثروة الدنيوية أو العزّة والسلطة الملكية أو التعاون والعصبية القومية، فرفعوا سماء دينه بهذه القدرة الباهرة وما شيدوها على عماد من تلك الأعمدة المذكورة الظاهرة، وهذه حقيقة تميز أهل الجهل عن أهل الايمان ويمتاز بها أهل الشك عن أصحاب الايقان.
    ومن يتدبر في حالات الطبقة الأولى من المؤمنين من أصحاب الأنبياء والمرسلين كأصحاب سيدنا عيسى وأصحاب سيدنا الرسول عليهما السلام يمكنه أن يدرك بعض آثار هذه القوة القوية ويفهم معنى القدرة الباهرة الإلهية، فإن تلامذة سيدنا عيسى عليه السلام نشروا دين الله وبدّلوا العقائد السخيفة الراسخة في الأمم وأزالوا العوائد الوحشية المتمكنة في أهل العالم من غير أن يوزعوا بين الناس كتباً مطبوعة أو يبهروا أنظارهم بآلات بديعة مصنوعة او يفتحوا المدارس العلمية أو يستمدوا من القوى العسكرية أو يساعدهم هزيم رعود المدافع أو يعززهم صليل السيوف القواطع مما يرتكن عليه المعاصرون وينتصر به الحاضرون، بل نشروا دين الله بايمانهم وأزالوا الكفر بقوة ايقانهم ونصروا أمر الله بدمائهم وأعلوا كلمته ببذل أرواحهم، ولكن أحبار اليهود وعلماء المجوس وفلاسفة يونان وحكماء الروم ما كانوا متمكنين أن يزيلوا واحدة من تلك العقائد والعوائد السخيفة التي تضحك منها اليوم ذريتهم واولادهم وتهزؤا بها أعقابهم وأحفادهم.
    وكذلك أصحاب الرسول عليه السلام أزالوا ظلمة الكفر عن العالم بأنوار هذه القوة السماوية وقطعوا دابر الشرك بهذه القدرة الإلهية، ويكفي لادراك بعض آثار هذه المنحة الكبرى والموهبة العظمى ما ورد في السير الشريفة والأخبار الصحيحة، ان كبار الأنصار لما آمنوا وقابلوا النبي عليه السلام في السنة الأخيرة قبل الهجرة، طلبوا منه أن يرسل معهم أحداً من الصحابة ليعلمهم الصلاة والأحكام ويدعو أهل المدينة الى الاسلام، فأرسل معهم مصعب بن عمير، وكان مصعب شاباً أمياً لا يعرف القراءة والكتابة، ولا كان معروفاً بالفصاحة والخطابة ولا كان يحفظ إلا الصلاة المكتوبة وبعض آيات القرآن، فدعا أهل المدينة الى الايمان، فآمن بيده أكثر أهل يثرب قبل أن يهاجر النبي عليه السلام اليها ويشهر السيف كما يدّعي المكابرون عليها.
    وكذلك رأينا وشاهدنا في زماننا هذا بعض الأميين ممن وهبهم الله هذه القدرة الباهرة، أنهم غلبوا بقوة يقينهم وصدق ايمانهم على قلوب الملل العتيقة التائهة في ظلمات الأوهام ومفاوز التقليد وبدلوا عقائدهم الباطلة الوراثية بالاعتقادات الصحيحة البرهانية وأزالوا أوهامهم وأكملوا أيمانهم، فتجددت أخلاقهم وطابت أذواقهم وأنارت بصائرهم واطمئنت ضمائرهم، فتبدلت بنور الايمان جهلهم بالعلم وضعفهم بالقوة وخيانتهم بالأمانة وشرههم بالعفة وجفاؤهم بالألفة وجبنهم بالشجاعة وخشونتهم بالوداعة. وبالاجمال تبدلت جميع أخلاقهم العتيقة الباطلة بالأخلاق الجديدة الفاضلة وعقائدهم الوراثية الوهمية بالاعتقادات الصحيحة البرهانية حيث يمكن للعاقل أن يحكم بتبديل خلقتهم وتجديد ولادتهم وأنهم صاروا أحياء بعدما كانوا أمواتاً ونبتوا نباتاً بعدما كانوا رفاتا. وهذه كلها مما تلوناها عليك، إنما هو من آثار اليقين. واليقين هو أثر العبادة كما نزل على الرسول الأمين (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين). وفيها كفاية للمستبصرين.
    (واما الزكوة) فهي من الأمور الظاهرة فوائدها الباهرة آثارها، فإن أداء الزكاة يؤثر في النفس بما يوجد فيها من فضيلة السخاء ويزيل حزازة الشحّ والبخل وفيها سرّ الكرامة والغبطة الموصلة الى السيادة والزعامة ولا يمكن حفظ الهيأة الجامعة البشرية إلا بأن تؤدي الرعية ضريبة معلومة لسطانهم، ليصرفها في وسائل حفظ حقوقهم وتدبير أمورهم واصلاح شؤونهم وسياسة جمهورهم. ولهذه الفوائد جعلها الله تعالى من أصول أحكام الديانة الاسلامية، وبين مصارفها في الآيات القرآنية، ولكن القوم حرفوا كلمة الله وبدّلوا حدود الله وصرفوها في غير ما أمر به الله.(1). فتبدلت قوتهم بالضعف وحياتهم بالموت واستقلالهم بالاستعباد. وما ربك بظلام للعباد.
    (وأما الصوم) فأثره أظهر وأجلى وأتم وأعلى، لأن فيه فوائد الصلاة مما ذكرناها وبيناها، إضافة عما فيه من ترويض النفس الحيوانية وكبح جماح القوى الشهوانية، وهذه المسألة واضحة بالعيان لا تحتاج الى تطويل الكلام ومزيد البيان. إذ من المعلوم أن الانسان نوع من أنواع الحيوان، والقوى الحيوانية بحكم الذات منجذبة الى الطبائع المطبوعة بها ميالة الى الملاذ المستلذة منها، وقد بينا في سائر مصنفاتنا ان القوى التشريعية سواء كانت إلهية أو بشرية تابعة للقوى الطبيعية معدلة للأفعال النفسانية، إذ لا يمكن كبح جناح النفوس وصرف ميلها عن اللذائذ الدنية والشهوات المهلكة الحيوانية إلا بترويضها بالرياضات الشرعية المأثورة وكفها عن انهماكها في الموبقات بالسنن المسنونة لا بالرياضات الشاقة المبتدعة كما تعتقده الفرق الصوفية ولا بصرف التهذيب والتعلم في المدارس كما تزعمه الفلاسفة الطبيعية.
    (وأما الحج) فإنه أتقن حكم جامع للفوائد الروحانية والمدنية شامل للسياسات الدينية والملكية إذ شرع الله تعالى فيه مناسك وأعمالا من الصلوات والأذكار والتسبيحات مما بينا فوائدها في الترقيات الروحانية وقواعد وأفعالا من التعارف والاختلاط والارتباط بين الأمم المختلفة جنساً مما يرجع الى الفوائد المدنية ولو لم يكن لهذا العمل المبرور والعبادة المحمودة ما يعرف العاقل الفطن
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) فان أكثرهم لا يؤدون الزكاة وقليل ممن يؤدونها لكن لغير أهلها.

    من دقائق الآثار وعظائم الأعمال إلا ما ذكرناه من تسهيل وسائط التآلف والتوافق بين الأمم الكبيرة وامكان ايجاد الاتحاد والائتلاف بين الأقوام العظيمة، لكان كافياً لوجوب اعتباره، ووافياً للأعتراف بعظيم آثاره، فإنه ليس من الأمر السهل الهيّن أن يجتمع من تخوم الصين شرقاً الى أقاصي أفريقيا غرباً ومن أقصى ممالك الهند جنوباً الى أواخر سيبريا شمالا كل متمكن من أشراف القبائل وزعماء الأمم في كل سنة في هذا المجمع الرهيب الكبير لأداء هذا المنسك العظيم العسير ويرون ذلك فرضاً دينياً عليهم وأمراً إلهياً لديهم، ولعمر الحق لو علم أمراء الاسلام والخلفاء والملوك الذين استولوا على هذه البقعة المقدسة والأرض المكرمة وعرفوا كيف يستعملون هذه الحكمة العالية والسياسة السامية وعاملوا زوار هذا البيت الكريم أحسن معاملة وجاملوهم أليق مجاملة وسهلوا وسائط مسافرتهم ومهدوا وسائل راحتهم وقاموا لدعوتهم الى الاتفاق وحذروهم عن عواقب الشقاق ونبهوهم الى فوائد الوفاق، لتمكنوا من جمع كلمة المسلمين وايقافهم في ظل راية واحدة ولحصلت لهم قوة غالبة وكلمة عالية مما لا يعتبره إلا كل عاقل زكي ولا يستهين به الا كل خامل غبي. ولكن (وياللأسف) ما عرفوا قدر هذه الحكمة المجيدة ولا أدركوا غاية هذه السياسة السديدة وأساؤا المعاملة مع زوار هذا البيت العتيق وسلبوا ونهبوا حجاج هذا المكان السحيق حتى قضى أجل الكتاب وطفلت شموس العزة والنعم الممنوحة للاغتراب. وفي ذلك آيات لأولى الألباب.

    الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى