منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se
منتديات عظمة هذا اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا إلهي أغث هؤلاء البؤساء، ويا موجدي ارحم هؤلاء الأطفال، ويا إلهي الرّؤوف اقطع هذا السّيل الشّديد، ويا خالق العالم أخمد هذه النّار المشتعلة، ويا مغيثنا أغث صراخ هؤلاء الأيتام، ويا أيّها الحاكم الحقيقيّ سلّ الأمّهات جريحات الأكباد،ع ع

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address:

Delivered by FeedBurner


المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 26 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 26 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 138 بتاريخ 2019-07-30, 07:24
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان


    [/spoiler]

    أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

    تعريف الإنسان البهائى

    اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    عاطف الفرماوى


    عضو ذهبي
    عضو ذهبي

    ما هو البهائيّ

    "لا بدّ وأن يظهر من الإنسان ثمر، لأنّ الإنسان الخالي من الثّمر، كما نطق به حضرة الرّوح "المسيح"، بمثابة الشّجر بلا ثمر – والشّجر بلا ثمر لائق للنّار"
    - بهاءالله –( )

    إنّ هربرت سبنسر قال مرّة أنّه لا يمكن أبدًا لأيّة كيمياء سياسيّة أن تبدّل الغرائز الرصاصيّة إلى أخلاق ذهبيّة. وعلى هذا المنوال لا يمكن الحصول على جامعة بشريّة ذهبيّة من أشخاص طبائعهم رصاصيّة باستعمال أيّة كيمياء سياسيّة. وقد أعلن بهاءالله هذه الحقيقة كما أعلنها جميع الرّسل السّابقين، وعلّم النّاس أنّه من أجل تأسيس ملكوت الله على الأرض يجب أوّلاً تأسيسها في القلوب البشريّة. ولذلك إذا أردنا فحص التّعاليم البهائيّة، علينا أن نبدأ بإرشادات بهاءالله ونصائحه الخاصّة بسلوك الفرد، وعلينا أن نكوّن لأنفسنا صورةً واضحةً عن معنى كون الشّخص بهائيّا.

    الحياة البهائيّة

    لمّا سُئل عبدالبهاء في إحدى المناسبات "ما هو البهائيّ؟" أجاب:

    "لكي تكون بهائيّا يلزمك أن تحبّ العالم وتحبّ الإنسانيّة وأن تجتهد في خدمتها وأن تعمل للسّلام والأخوّة العامّة".

    وفي مناسبة أخرى عرّف البهائيّ:

    "إنّه الشّخص المتحلّي بالكمالات الإنسانيّة في الحياة العمليّة".

    وفي إحدى خطبه في لندن قال بأنّ الإنسان يمكنه أن يكون بهائيّا ولو لم يكن قد سمع باسم بهاءالله ثمّ أضاف قائلاً:

    "إنّ الذّي يعيش طبقًا لتعاليم بهاءالله هو بهائيّ سلفًا، وعلى العكس من ذلك قد يدعو إنسان نفسه بهائيّا مدّة خمسين سنة ولكنّه إذا لم يكن يحيا الحياة البهائيّة فإنّه ليس بهائيّا. والرّجل القبيح ربّما يسّمي نفسه جميلاً، ولكنّه لا يخدع أحدًا"( ).

    ومثل من يكون جاهلاً برسل الله كمثل نبات ينمو في الظّل، فمع أنّه لم ير الشّمس فإنّه مع ذلك متوقّف في وجوده الكلّي عليها. والرّسل العظام شموس روحانيّة. وبهاءالله هو شمس هذا اليوم الذّي نعيش فيه. وقد سبق لشموس الأيّام السّالفة أن منحوا العالم الدّفء والحياة. ولو لم تشرق تلك الشّموس لأصبحت الأرض باردةً ميّتةً. ولكنّ أشعّة شمس هذا اليوم وحدها الكفيلة بإنضاج أثمارها التّي مسّتها الشّموس السّالفة وبعثت فيها الحياة.

    الإخلاص لله

    من أجل أن نحيا حياةً بهائيّة بكامل معناها، لا بدّ لنا من تكوين اتّصالات عقليّة مباشرة واعية مع بهاءالله. فهي ضروريّة لازمة كلزوم أشّعة الشّمس لتفتح الزّنابق والورود. فالبهائيّ لا يعبد الشّخص البشريّ لبهاءالله بل يعبد البهاء الإلهيّ الظّاهر منه. وتراه يحترم المسيح ومحمّدًا وجميع رسل الله السّابقين الذّين جاءوا إلى العالم الإنسانيّ، ولكنّه يعتبر بهاءالله حامل رسالة الله إلى عصرنا الجديد الذّي نعيش فيه، وأنّه هو المعلّم العالميّ العظيم الذّي جاء ليتمّم العمل الذّي بدأه أسلافه من الرّسل ويحقّقه.

    إنّ مجرّد الإذعان الفكري للعقيدة لا يجعل الإنسان بهائيّا، وكذلك لا تستطيع الاستقامة الظّاهريّة في الأخلاق والسّلوك وحدها أن تجعله بهائيّا، بل إنّ بهاءالله يطلب من المؤمنين به إخلاصا قلبيًّا كاملاً وولاءً تامًّا. ويحقّ لله وحده أن يطلب هذا الطّلب من النّاس، ولكنّ بهاءالله يتكلّم باعتباره مظهرًا من مظاهر الله والمعبّر عن إرادته تعالى. وقد كان الرّسل السّابقون صريحين في هذه النّقطة بنفس صراحة بهاءالله فقد قال السّيد المسيح لتلاميذه: "إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني. فإنّ من أراد أن يخلّص نفسه يهلكها، ومن يهلك نفسه من أجلي يجدها"( ).

    وقد قالت المظاهر الإلهيّة جميعها نفس هذا القول بكلمات

    أخرى وطلبت نفس هذا الطّلب من أتباعها. وترينا تواريخ الأديان بكلّ وضوح أنّ هذا الطّلب إذا ما استجيب نمت الأديان وترعرعت بالرّغم من جميع المقاومات الأرضيّة وبالرّغم من جميع ما يصيب المؤمنين من المصائب والاضطهادات والاستشهادات، في حين أنّ الأديان تبدأ بالتّفسخ والانحلال كُلّما زحفت المساومات إلى داخلها، وكلّما أخذ حبّ المنزلة الاجتماعيّة والجاه محلّ حبّ التّضحية التّامّة. وعندما تصبح الأديان مكيّفةً ومحوّرةً لتطابق النّمط العصري الحديث تفقد قوّتها في إنقاذ النّاس وتبديل قلوبهم، وتفقد قوّتها في عمل المعجزات. فالدّين الحقيقي لم يكن يومًا ما مكيّفًا ومحوّرًا ليطابق النّمط العصري الحديث. ولو فرض أن أصبح الدّين يومًا ما مكيّفًا فالواقع أنّه يبقى كما كان الأمر في أيّام المسيح: "الباب الضيّق والطريق الضيّق الذّي يؤدّي إلى الحياة وقليلون هم الذّين يجدونه"( ) والباب الموصل إلى الولادة الرّوحانيّة كالباب الموصل إلى الولادة المادّية يسمح بدخول النّاس واحدًا واحدًا من دون ازدحام. وإذا ما استطاع في المستقبل كثير من النّاس الدّخول فيه أكثر ممّا دخلوا في الماضي، فإنّ هذا لا يعني حدوث أي توّسع في الباب، بل يعود إلى نزعة في النّاس أقوى إلى "استسلام أعظم" لإرادة الله ويعود كذلك إلى أنّ المحن الطّويلة المريرة قد جاءت بهم أخيرًا ليروا سوء عاقبة اختيارهم طريقهم الخاص بدلاً من اختيارهم طريق الله.

    البحث عن الحقيقة

    يحتّم بهاءالله على جميع أتباعه الأخذ بالعدل والإنصاف ويعرّفه لهم ويحدّده لهم بهذه الكلمات:-

    "هو خروج العبد عن الوهم والتّقليد والتّفرّس في مظاهر الصّنع بنظر التّوحيد والمشاهدة في كلّ الأمور بالبصر الحديد"( ).

    فيتحتّم على كلّ فرد أن يرى بنفسه الجمال الإلهيّ المتجلّي في الهيكل البشريّ لبهاءالله ويدركه إدراكًا تامًّا وإلاّ فإنّ الدّين البهائيّ إذا ما اعتنقه يكون له مجرّد اسم بدون معنى. وقد دعت رسل الله النّاس دائمًا أن يفتحوا أعينهم لا أن يغمضوها وأن يستعملوا عقولهم لا أن يخمدوها.

    والأمر الذّي يمكنّهم من اختراق سحب التّعصب وكسر قيود التّقليد الأعمى والوصول إلى حقيقة الدّين الجديد إنّما هو: بصيرتهم الحادّة وتفكيرهم الحرّ لا إذعانهم إذعان هوان وذلّة.

    والمرء الذّي يريد أن يكون بهائيّا، يلزمه أن يكون باحثًا شجاعًا عن الحقيقة، ولكنّه يجب أن لا يقتصر بحثه على الأفق المادّي بل يجب أن تكون قواه الرّوحانيّة الحسّاسة يقظة كما تكون قواه الماديّة يقظة. ويجب عليه أن يستعمل كلّ الملكات التّي وهبها له الله من أجل الوصول إلى الحقيقة، وأن لا يؤمن بشيء دون دليل كاف متين. والباحث الجاد إذا كان قلبه طاهرًا وعقله حرًّا من التّعصب، لن يفشل في تشخيص العظمة الإلهيّة في أيّ هيكل بشريّ تجلّت

    فيه. وفوق هذا كلّه يصرّح بهاءالله في (لوح الطّرازات):

    "الطّراز الأوّل والتّجلي الأوّل الذّي أشرق من أفق سماء أمّ الكتاب في معرفة الإنسان نفسه وما هو سبب لعلّوه ودنوّه وذلّته وعزّته وثروته وفقره". وكذلك يصرّح في (لوح كلمات الحكمة):

    "أصل كلّ العلوم هو عرفان الله جلّ جلاله وهذا لن يحقّق إلاّ بعرفان مظهر نفسه".

    والمظهر الإلهيّ هو الإنسان الكامل والمثل الأعلى للعالم الإنسانيّ، وهو الثّمرة الأولى لشجرة الإنسانيّة، وما لم نعرفه لن نعرف القابليّات الكامنة في أنفسنا. ويخبرنا السيّد المسيح أن نتأمّل الزّنابق كيف تنمو ويصرّح: "إنّه ولا سليمان في كلّ مجده كان يلبس كواحدة منها"( ). فالزّنبقة تنمو من برعم غير جميل في مظهره الخارجي. فإن نحن لم نر الزّنبقة تتفتّح، ولم نمتّع النّظر بجمال أوراقها الذّي لا يدانيه جمال آخر، فكيف نعرف الحقيقة التّي يحتويها ذلك البرعم؟ وقد نشرحها بعناية بالغة، ونفحصها بدّقة متناهية، لكنّنا لن نكتشف الجمال الرّاقد الذّي يعرف البستاني وحده كيف يوقظه أمام أعيننا. وكذلك الأمر إذا لم نر جمال الله المتجلّي في المظهر الإلهيّ، لن نعرف شيئًا عن الجمال الرّوحانيّ الكامن في طبيعة أنفسنا وفي طبيعة رفاقنا البشر. وعن طريق عرفان المظهر الإلهيّ ومحبّته واتّباع أوامره نستطيع شيئًا فشيئًا مشاهدة الكمالات الكامنة في أنفسنا، وحين ذلك فقط يتجلّى أمام أعيننا معنى الحياة ومغزاها ومعنى الكون ومغزاه.

    محبّة الله

    إنّ عرفان مظهر الله يعني محبّته أيضًا. ومن المستحيل أن يتحقّق أحدهما دون تحقّق الآخر، ويقول بهاءالله أنّ الغرض من خلقة الإنسان هو من أجل أن يعرف الله ويعبده، فيقول في أحد الألواح ما ترجمته:

    "إنّ علّة خلق الممكنات كان الحبّ كما ورد في الحديث المشهور: كنت كنزًا مخفيًّا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف".

    ويقول بهاءالله في الكلمات المكنونة:

    "يا ابن الوجود أحببني لأحبّك أن لم تحبنّي لن أحبّك أبدًا فاعرف يا عبد".

    "يا ابن المنظر الأعلى أودعت فيك روحًا منّي لتكون حبيبًا لي لم تركتني وطلبت محبوبًا سوائي".

    ما أبدع "أن تكون محبًّا لله!" إنّ هذا الغرض من الحياة لدى البهائيّ، وحين يتّخذ الله حبيبًا قريبًا ورفيقًا ودودًا ومحبوبًا فريدًا يجد في المثول في محضره منتهى الفرح والابتهاج. وتعني محبّة الله محبّة كلّ شيء وكلّ شخص لأنّ الكلّ من الهأ. والبهائيّ الحقيقي هو المحبّ الكامل. فهو يحبّ كلّ شخص بقلب طاهر حبًا جمًّا، ولا يكره أحدًا، ولا يحتقر نفسًا، لأنّه قد تعلّم أن يرى وجه المحبوب في كلّ وجه ويكتشف آثاره في كلّ مكان. فلا تعرف محبتّه أيّة حدود مذهبيّة أو قوميّة أو طبقيّة أو عرقيّة، فيقول

    بهاءالله في لوح الدّنيا ما ترجمته:

    "قد قيل في السّابق حبّ الوطن من الإيمان لكن لسان العظمة ينطق في يوم الظّهور: ليس الفخر لمن يحبّ الوطن بل لمن يحبّ العالم". وكذلك يقول في الكلمات الفردوسيّة بالنّص:-

    "طوبى لمن اختار أخاه على نفسه إنّه من أهل البهاء". وقد أخبرنا عبدالبهاء بأنّنا يجب أن نكون "كنفس واحدة في أجساد متعدّدة، لأنّنا كلّما ازدننا في حبّ بعضنا ازددنا قربًا إلى الله". كما خاطب جمعًا من الأمريكيين فقال:

    "والأديان الإلهيّة التّي أسّستها المظاهر المقدّسة الإلهيّة كلّها في الحقيقية دين واحد، ولو أنّها تختلف بالإسم والرّسم. ويجب على المرء أن يكون عاشقًا للنّور من أيّ مصدر جاءه، وعليه أن يكون عاشقًا للورد في أيّة تربة نبت، وعليه أن يكون باحثًا عن الحقيقة من أيّ منبع جاءت، فالتعلّق بالمصباح لا يسمّى حبًا للنّور والتّعلق بالأرض لا يغني عن متعة الورد الذّي ترعرع في التّربة اللاّئقة به، والولاء للشّجرة لايفيد إن لم ينتفع بثمرتها. فيجب عليه أن يتمتّع بالفواكه الشهيّة من أيّة شجرة ظهرت، وكلمات الحقّ يجب الإذعان إليها من أيّ لسان خرجت، والحقائق المطلقة ينبغي قبولها في أيّ كتاب دوّنت، وإذا نحن آوينا إلى التّعصب واتخذناه جبلاً يعصمنا، فإنّ ذلك يؤدّي بنا إلى الجهل والحرمان. إنّ النّزاع بين الأديان والأمم والأجناس ينشأ عن سوء التّفاهم، وإذا نحن تحرّينا الأديان في سبيل اكتشاف المبادئ التّي تقوم عليها، فسنجدها جميعًا متّفقة فيما بينها، لأنّ حقيقتها الأساسيّة واحدة، لا تعدّد فيها، وبهذه

    الطّريقة سوف يصل أهل الأديان في العالم إلى ملتقى الوحدة والوئام". ويقول كذلك:

    "يجب على كلّ نفس من الأحبّاء أن يحبّ الآخرين ولايبخل عليهم بماله وروحه ويجهد بكلّ الوسائل في أن يجعلهم مسرورين مبتهجين ولكن هؤلاء الأحبّاء الآخرين عليهم أيضًا أن يكونوا نزيهين ومضحّين حتّى يغمر شروق شمس الحقيقة بأشعّته كلّ الآفاق وتبهج هذه النّغمة المحيية للأرواح كلّ الأمم ويكون هذا الدّواء الإلهيّ علاجًا لكلّ الأمراض وأن تكون روح الحقّ سبب الحياة لكلّ نفس"( ).

    الانقطاع

    إنّ الولاء لله يتطلّب الانقطاع عن كلّ شيء سواه، وهذا يعني الانقطاع عن الشّهوات الأنانيّة الدنيويّة وحتّى المطامع الأخروية. فالطّريق إلى الله يكون من خلال الغنى أو الفقر ومن خلال الصّحة أو المرض ومن خلال القصر أو السّجن ومن خلال الحديقة أو غرفة التّعذيب، ومهما يكن الأمر فالبهائيّ يقبل بما قدّر الله له "بمنتهى التّسليم والرّضاء". ولايعني الانقطاع عدم مبالاة الإنسان بما حوله من الأشياء، أو يعني الإذعان التّام لظروف الشّر التّي تحيط به، أو يعني احتقار الأشياء الطّيبة التّي خلقها الله. فالبهائيّ الحقيقيّ لن يكون جلمودًا قاسيًا، ولا بليدًا فاقدًا للشّعور، ولا ناسكًا متقشّفًا، ولو أنّه يجد في سبيل الله المتعة التّامة والعمل

    الوفير والبهجة الفائقة، لكنّه لن ينحرف قيد شعرة عن طريق الله في سبيل ملاحقة أهوائه، ولن يحوم حول أيّ شيء حرّمه الله. وحينما يصبح المرء بهائيّا، تصبح إرادة الله إرادته، ولن يطيق أن يرى إرادته مباينةً لإرادة الله، ولن تروّعه في سبيل الله أيّة أخطاء، ولن ترعبه أيّة متاعب. فنور الحبّ ينير أظلم أيّامه، ويبدّل آلامه إلى سرور، ويحوّل استشهاده إلى غبطة وانجذاب، ويرتفع بالحياة إلى مستوى البطولة، ويكون الموت له بشارة. ويقول بهاءالله في سورة الهيكل بالنّص:

    "من كان في قلبه أقلّ من خردل حبّ دوني لن يقدر أن يدخل ملكوتي"

    ويقول في الكلمات المكنونة:

    "يا ابن البشر إن تحبّ نفسي فأعرض عن نفسك وإن ترد رضائي فأغمض عن رضائك لتكون فيّ فانيًا وأكون فيك باقيًا"

    وكذلك يقول في الكلمات المكنونة:

    "يا عبدي تخلّص من قيد ما ملكت وتحرّر من سجن نفسك وأعدد الوقت غنيمةً لأنّك لن ترى هذا الوقت من بعد ولن تجد هذا الزّمان قط."( )

    الطّاعة

    إنّ الإخلاص لله يتّضمن الطّاعة التّامة إلى أوامره المنزلة إطاعةً تستمرّ وطيدةً حتىّ ولو لم تعرف أسباب هذه الأوامر. فالملاّح

    يطيع أوامر قائد السّفينة دون أدنى ارتياب، لكنّ قبوله لسلطة القائد لا يسمّى قبولاً أعمى، فهو يعلم حقّ العلم أنّ قائد السّفينة قد جرّب خدماته العديدة، وقدّم البراهين العديدة على كفائته وعلى كونه ملاّحًا ماهرًا، وبغير ذلك تكون خدمة هذا الملاّح تحت لواء القائد غباءً وحماقةً. وكذلكم البهائيّ يجب أن يطيع قائد سفينة نجاته بتمام الثّقة، لكنّه يكون غبيًّا قليل العقل إن هو لم يتأكّد في ابتداء الأمر من أنّ قائد سفينته هو ممّن قامت البراهين العديدة على لياقته وكفائته وحقيقته. وإذا ما توصّل إلى تلك البراهين، فإنّ رفضه الطّاعة له يكون حمقًا وغباءً أعظم، لأنّنا عن طريق هذه الطّاعة المدركة الواعية لأوامر القائد الحكيم نستطيع أن نحصد منافع حكمته، ونكسب هذه الحكمة لأنفسنا، وإذا لم يكن قائد السفينة حكيماً إلى هذه الدرجة من الحكمة، وإذا لم يطعه أحد من البحّارة، فكيف تصل سفينتهم سالمةً إلى ساحل النّجاة؟ أو كيف يتعلّم الملاّحون فنّ الملاحة منه مهما كان هو نفسه حكيمًا؟ وقد أشار السّيد المسيح بكلّ وضوح إلى أنّ هذه الطّاعة هي السّبيل إلى العرفان فقال: "تعليمي ليس لي بل للذّي أرسلني. إن شاء أحد أن يعمل مشيئته، يعرف التّعليم هل هو من الله أم أتكلّم أنا من نفسي"( ).

    وكذلك يقول بهاءالله في لوح التّجلّيات ما ترجمته:

    "إنّ الإيمان باللّه وعرفانه لا يتحقّقان إلاّ بتصديق كلّ ما نزل فيه وكذلك بالعمل بما أمر وبما نزل في الكتاب من القلم الأعلى".

    والطّاعة التّامة المطلقة ليست من الفضائل المألوفة في هذه الأيّام الديمقراطيّة. وفي الواقع إنّ الخنوع التّام لإرادة أيّ إنسان خطر مدّمر ولكنّ وحدة العالم الإنسانيّ ممكنة عن طريق وفاقنا التّام فرادى وجمعًا مع الإرادة الإلهيّة. وما لم يأت دين إلهيّ يوضّح هذه الإرادة فإنّ الحروب والمنازعات سوف تستمر، ويتمادى النّاس في معارضتهم بعضهم بعضًا، وفي تكريس جزء كبير من جهودهم لتفنيد جهود الآخرين ودحضها بدلاً من العمل معًا بوئام من أجل تمجيد الله ومن أجل المصلحة العامّة.

    الخدمة

    إنّ الإخلاص لله يستلزم خدمتنا للنّاس في حياتنا. ولن نستطيع خدمة الله بأيّ طريق آخر. وإذا ولّينا ظهورنا للنّاس فإنّنا نولي ظهورنا لله ويقول السّيد المسيح: "الحقّ أقول لكم بما أنّكم فعلمتوه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم"( )، وكذلك يقول بهاءالله:-

    "يا ابن الإنسان إن تكن ناظرًا إلى الفضل ضع ما ينفعك وخذ ما ينتفع به العباد، وإن تكن ناظرًا إلى العدل اختر لدونك ما تختاره لنفسك."( )

    ويقول عبدالبهاء:

    "إنّ الفنون والعلوم وجميع الحرف تعتبر في الأمر البهائيّ نوعًا

    من أنواع العبادة. فالرّجل الذّي يصنع قطعةً من الورق ويجيد صنعها بأحسن ما يستطيع من قابلياته ويرّكز جميع قواه تركيزًا واعيًا على اتقانها وجودتها إنّما يمجّد الله بعمله. وعلى سبيل الاختصار أن كلّ سعي وجد يبذله الإنسان من كلّ قلبه هو عبادة إذا كان الدّافع له ساميًا يهدف خدمة الإنسانيّة. فخدمة الإنسانيّة والعناية باحتياجات النّاس هو عين العبادة، والخدمة العامّة عبادة. فالطّبيب الذّي يعنى بالمرضى باللّطف والحنان خاليًا من التّعصب ومؤمنًا بوحدة الجنس البشريّ، إنّما يمجّد الله بعمله"( ).

    التّبليغ

    إنّ البهائيّ الحقيقي فضلاً عن إيمانه بتعاليم بهاءالله يجد فيها مرشدًا وملهمًا له في جميع شؤون حياته، وبكلّ فرح وابتهاج يبلّغ غيره بهذه التّعاليم، وبهذا العرفان الذّي هو ينبوع وجوده وبعمله هذا وحده يمكنه أن يحصل على "قوّة الرّوح وتأييداتها" بكلّ معنى الكلمة. نعم إنّ كافّة النّاس لا يقدرون أن يصبحوا خطباء مفوّهين أو كتّابًا قديرين، ولكنّهم جميعًا يقدرون أن يبلّغوا النّاس "بعيشهم الحياة البهائيّة" فيقول بهاءالله:

    "ينبغي لأهل البهاء أن ينصروا الرّب ببيانهم، ويعظوا النّاس بأعمالهم وأخلاقهم، فأثر الأعمال أنفذ من أثر الأقوال... إنّ تأثير الكلام أمر منوط بخلوص نيّة المبلّغ وانقطاعه، فلقد قنع البعض بالأقوال ولكنّ الأعمال شاهد أمين ودليل واضح على صدق

    الكلام. وإنّ مقام الإنسان يظهر ويتجلّى بأعماله وأفعاله. ويجب أن تطابق الأقوال كلّ ما نزل من لسان المشيئة الإلهيّة"( ).

    وليس للبهائيّ في أيّ حال من الأحوال أن يملي أفكاره على الذّين لايريدون سماعها، فهو يجذب النّاس إلى ملكوت الله لا أن يحاول سوقهم إليها سوقًا. فهو كالرّاعي الصّالح يهدي قطيعه ويبهجه بتغنّياته، وليس كالرّاعي الذّي يسوق قطيعه بعصاه وكلبه من خلفه.

    ويقول بهاءالله في الكلمات المكنونة:

    "يا ابن التّراب إنّ حكماء العباد هم الذّين لا ينسبون ببنت شفة إلاّ إذا وجدوا سميعًا. مثلهم كمثل السّاقي لا يقدّم الكأس إلاّ إذا وجد له طالبًا، والعاشق لا يصيح من أعماق قلبه إلاّ إذا فاز بجمال المعشوق. إذًا فانثر حبّات الحكمة والعلم في أرض القلب الطيّبة واسترها حتّى تنبت سنبلات الحكمة الإلهيّة من القلب لا من الطّين"( ).

    ومرّة أخرى يقول في لوح الإشراقات:

    "يا أهل البهاء كنتم ولا زلتم مشارق محبّة الله ومطالع عنايته، فلا تدّنسوا ألسنتكم بسبّ أحد ولعنه، وغضّوا أبصاركم عمّا لا يليق بها. أظهروا ما عندكم، فإنّ قبل فالمقصود حصل، وإلاّ فالتعرّض باطل. ذروه بنفسه مقبلين إلى الله المهيمن القيّوم. ولا تكونوا سببًا في حزن أحد، فضلاً عن الفساد والنّزاع، عسى أن تتربّوا في ظلّ

    سدرة العناية الإلهيّة، وتعملوا بما أراده الله. كلّكم أوراق شجرة واحدة وقطرات بحر واحد"( ).

    الأدب والاحترام

    يقول بهاءالله في لوح الدّنيا ما ترجمته:

    "يا حزب الله أوصيكم بالأدب فهو في المقام الأوّل سيّد الأخلاق طوبى لنفس تنوّرت بنور الأدب وتزيّنت بطراز الاستقامة. فصاحب الأدب صاحب مقام عظيم. أرجو أن يكون هذا المظلوم وأنتم جميعًا قادرين متمسّكين ومتشبّثين به وناظرين إليه. فهذا هو الحكم المحكم الذّي جرى ونزل من قلم الاسم الأعظم".

    وكذلك يقول مرارًا وتكرارًا:-

    "فلتعاشر أمم العالم بعضها بعضًا بالرّوح والرّيحان. عاشروا يا قوم مع الأديان بالرّوح والرّيحان".

    ويقول عبدالبهاء قي لوح إلى أحد الأحبّاء الأمريكيّين ما ترجمته:-

    "إيّاكم إيّاكم أن تكدّروا قلبًا،
    "إيّاكم إيّاكم أن تؤذوا أحدًا،
    "إيّاكم إيّاكم أن تعاملوا إنسانا بغير المحبّة،
    "إيّاكم إيّاكم أن تكونوا سببًا في يأس مخلوق،
    "وإنّ أيّ إنسان يحزن قلبًا أو يكون سببًا في قنوط أحد خير له أن يطمر نفسه تحت أطباق الثرى من أن يعيش فوق سطح الأرض".

    وهو يعلّمنا أنّ روحًا من الله يكمن في قلب كلّ إنسان مهما كان ذلك الإنسان قاسيًا جافيًا بشعًا في ظاهره، كما تكمن الزّهرة في برعمها. ولهذا فالبهائيّ الحقيقي هو الذّي يعامل كلّ إنسان كما يرعى البستاني شجرةً نادرةً جميلةً، وهو يعلم أنّ أيّ تدخل مستعجل من جانبه لا يمكن أن يؤدّي إلى تفتّح أكمامها من براعهما، لكنّ أشّعة شمس الله وحدها تستطيع تحقيق ذلك. ولهذا فإنّ هدفه هو إيصال أشعّة الشمس الواهبة للحياة إلى جميع القلوب والبيوت المظلمة. ومرّة أخرى يقول عبدالبهاء:-

    "إنّ أحد تعاليم بهاءالله يستلزم من المرء أن يكون آية عفو الله في جميع الأحوال والأوضاع، وأن يعتبر عدّوه صديقًا والمسيء إليه محبًّا لخيره، لا أن يعتبر إنساناً عدوًا له ويكنّ له الكراهيّة ثمّ يبدأ بمداراته ومراوغته حسب الظّاهر. إنّ هذا هو النّفاق بعينه وليس المحبّة الحقيقة، بل عليه أن يرى العدوّ صديقًا والمبغض محبًّا وأن يسلك معه سلوكه مع رفيق أنيس وحبيب ودود. ويجب أن تكون المحبّة والشّفقة صميميّة لا مجرّد مداراة. وحينما تكون المحبّة غير صادرة عن القلب والإخلاص فإنّها لا شكّ نفاق"( ).

    وتبدو لنا هذه النّصيحة بادئ ذي بدء غامضة ومتناقضة إلى أن يتّضح لنا أنّ في كلّ إنسان ناحية خارجيّة شهوانيّة قد تكون مبغضةً تكره خير النّاس كما أنّ فيه أيضًا ناحيةً داخليّة روحانيّةً هي الإنسان الحقيقيّ الذّي منه تصدر المحبّة وحسن النيّة. وإلى مثل هذا الإنسان الحقيقيّ الكائن في كلّ واحد من جيراننا وإخواننا البشر

    يجب أن نوّجه أفكارنا ومحبّتنا حتّى إذا استيقظ هذا الإنسان الحقيقيّ أي استيقظت النّاحية الداخليّة من الإنسان فإنّ الناحية الخارجيّة منه سوف تتجدّد وتتحوّل.

    التستّر على الخاطئين

    لا يوجد في التّعاليم البهائيّة أمر أشد تأكيدًا وأكثر بعدًا عن أيّة مساومات من أمرها بابتعاد المؤمن عن البحث في عيوب النّاس. وقد تكلّم السّيد المسيح بشدّة في هذا الموضوع لكنّنا أصبحنا الآن نرى النّاس يعتبرون خطابة المسيح على الجبل تتضّمن "نصائح من الكمالات" لايمكن أن نتوقّع من الرّجل المسيحيّ العادي أن يسلك في أطوار حياته على مقتضاها. وقد بذل بهاءالله وعبدالبهاء الجهد في إيضاح أنّهما يقصدان ما يقولانه من القوانين الإلزاميّة حول هذا الموضوع. ففي الكلمات المكنونة نقرأ:-

    "يا ابن الإنسان لا تَنَفَّس بخطأ أحد ما دمت خاطئًا وإن تفعل بغير ذلك ملعون أنت وأنا شاهد بذلك".

    "يا ابن الوجود لا تنسب إلى نفس ما لا تحبّه لنفسك هذا أمري عليك فاعمل به".

    ويأمرنا عبدالبهاء أن:-

    "نصمت عن أخطاء الآخرين وأن ندعو لهم وأن نساعدهم بشفقتنا على تصحيح أخطائهم.

    "وأن ننظر دومًا إلى الحسن لا إلى القبيح، وإذا كانت لإنسان عشرة أعمال حميدة وعمل واحد قبيح، فعلينا أن ننظر إلى الأعمال العشرة الحميدة وننسى العمل القبيح. وإذا كانت له عشرة صفات

    ذميمة وصفة واحدة حميدة، فعلينا أن ننسى الصّفات العشر الذّميمة وننظر إلى الصّقة الواحدة الحميدة.

    "وأن لا ننطق بكلمة جارحة واحدة في حقّ شخص ولو كان ذلك الشّخص عدوّنا"( ).

    وكتب إلى أحد المؤمنين الأمريكيّين:-

    "إنّ أسوأ خلق إنسانيّ وأكبر ذنب بشريّ هو غيبة النّاس وخاصّة إذا صدرت الغيبة عن أحبّاء الله. ولو أمكن سدّ أبواب الغيبة سدًّا تامًّا وأطلق أحبّاء الله ألسنتهم بمدح غيرهم، فحينذاك تنتشر تعاليم حضرة بهاءالله وتصير القلوب نورانيّة والأرواح ربّانيّة وينال العالم الإنسانيّ السّعادة الأبديّة"( ).

    التّواضع

    في الوقت الذّي يأمرنا فيه بهاءالله بغضّ النّظر عن أخطاء الآخرين وبالنّظر إلى فضائلهم، نراه يأمرنا من النّاحية الأخرى أن نبحث عن أخطاء أنفسنا وأن نتناسى فضائلنا، فيقول بهاءالله في الكلمات المكنونة بالنّص:-

    "يا ابن الوجود كيف نسيت عيوب نفسك واشتغلت بعيوب عبادي من كان على ذلك فعليه لعنة منّي".

    "أيّها المهاجرون جُعل اللّسان لذكري فلا تدّنسوه بالغيبة. فإن غلبت النّفس النّاريّة، فاشتغلوا بذكر عيوب أنفسكم لا

    باغتياب خلقي، لأنّ كلاً منكم بنفسه أبصر وأعرف منه بنفوس عبادي"( ).

    ويقول عبدالبهاء:-

    "لتكن حياتكم كلّها اقتباس للفضائل من ملكوت المسيح. فالمسيح ما جاء ليكون مخدومًا بل خادمًا... وفي دين بهاءالله يكون الكلّ عبيدًا وإماءً للرّحمن وإخوانًا وأخوات. وبمجرّد أن يشعر إنسان أنّه أحسن حالاً أو أعلى مقامًا من الباقين فإنّ مركزه يكون في خطر عظيم. وما لم يجتث جذور هذه الفكرة، فإنّه لن يكون أداةً صالحةً لخدمة الملكوت.

    "إنّ عدم رضاء الإنسان عن نفسه علامةً من علامات الرّقي، والذّي يرضى عن نفسه إنّّه مظهر الشّيطان، والذّي لا يرضى عن نفسه إنّه مظهر الرّحمن. ولو كانت للإنسان ألف صفة حميدة فعليه أن لا ينظر إليها بل يجتهد في البحث عن عيوبه ونقائصه... ومهما ارتقى الإنسان فإنّه يبقى ناقصًا، لأنّ هنالك نقطة أرقى أمامه. وحالما ينظر إلى تلك النّقطة يشعر بنقص نفسه وبعدم رضائه عنها، ويطمح في الوصول إلى تلك النّقطة. وإذا مدح الإنسان نفسه، فإنّ في ذلك علامة الأنانيّة"( ).

    ومع أنّنا مأمورون بتشخيص عيوبنا وبالنّدم عليها بكلّ إخلاص، فإنّ الاعتراف أمام القُسُس وغيرهم ممنوع منعًا باتًّا. فيقول بهاءالله في لوح البشارات:-

    "يجب على العاصي أن يطلب العفو والمغفرة حينما يجد نفسه منقطعًا عن سوى الله. ولا يجوز الاعتراف بالخطايا والمعاصي عند العباد، لأنّ ذلك لم يكن ولن يكون سببًا للغفران أو العفو الإلهيّ، بل الاعتراف لدى الخلق سبب للذلّة والهوان، ولا يحبّ الحق جلّ جلاله ذلّة عباده (إنّه هو المشفق الكريم). ينبغي للعاصي أن يطلب الرّحمة من بحر الرّحمة فيما بينه وبين الله، ويسأل المغفرة من سماء الكرم"( ).

    الصّدق والأمانة

    يقول بهاءالله في لوح الطّرازات:

    "إنّ الأمانة باب الاطمئنان لمن في الإمكان وآية العزّة من لدى الرّحمن، من فاز بها فاز بكنوز الثّروة والغنى. إنّ الأمانة هي الوسيلة العظمى لراحة الخلق واطمئنانهم. لم يزل ولا يزال قوام كلّ أمر من الأمور منوطًا بها، وبها تستنير وتستضيء عوالم العزّة والرّفعة والثّروة... يا أهل البهاء إنّها أحسن طراز لهياكلكم وأبهى إكليل لرؤوسكم، خذوها أمرًا من لدن آمر خبير"( ).

    وكذلك يقول في كلمات الحكمة بالنّص:-

    "رأس الإيمان هو التقلّل في القول والتّكثر في العمل، ومن كانت أقواله أزيد من أعماله، فاعلموا أنّ عدمه خير من وجوده، وفناءه أحسن من بقائه".

    ويقول عبدالبهاء:-

    "إنّ الصّدق هو أساس جميع الفضائل الإنسانيّة، وبدون الصّدق يكون الفلاح والنّجاح مستحيلاً لأيّ إنسان في جميع العوالم. وعندما تتمكّن هذه الصّفة المباركة في الإنسان، فإنّ جميع الصّفات الإلهيّة الأخرى تحصل لديه"( ).

    وكتب عبدالبهاء كذلك:-

    "فليشرق نور الأمانة من وجوهكم بحيث يعلم الجميع أنّ كلمتكم في العمل أو في غير العمل هي كلمة يوثق بها ويعول عليها، ولتنسوا أنفسكم ولتعملوا من أجل صالح الجميع."( )

    معرفة الإنسان نفسه

    يدعو بهاءالله الإنسان دائمًا إلى معرفة الكمالات المودعة فيه وإلى إظهارها إظهارًا تامًّا، فإنّها هي نفسه الباطنيّة الحقيقيّة، التّي تختلف عن نفسه الظّاهريّة المحدودة التّي هي هيكله والتّي هي في الغالب سجن الإنسان الحقيقي. ففي الكلمات المكنونة يقول بالنّص:-

    "يا ابن الوجود صنعتك بأيادي القوّة وخلقتك بأنامل القدرة وأودعت فيك جوهر نوري، فاستغن به عن كلّ شيء، لأنّ صنعي كامل وحكمي نافذ، لا تشك فيه ولا تكن في مريبًا."

    "يا ابن الرّوح خلقتك غنيًّا كيف تفتقر، وصنعتك عزيزًا بم

    تستذل، ومن جوهر العلم أظهرتك لم تستعلم عن دوني، ومن طين الحبّ عجنتك، كيف تشتغل بغيري، فارجع البصر إليك لتجدني فيك قائمًا قادرًا مقتدرًا قيومًا".

    "يا عبدي إنّما مثلك كمثل السّيف المرصّع بالجوهر أغمد في قِراب كَدِرٍ فظلّ قدره عن الجوهريين مستورًا، إذًا فاخرج من غلاف نفسك وهواك حتّى يبدو جوهرك للعالمين ويتجلّى."( )

    "يا حبيبي أنت شمس سماء قدسي فلا تلطّخ نفسك بكسوف الدّنيا. اخرق حجاب الغفلة حتّى تدلف من خلف السّحاب بلا تستّر ولا حجاب، وتخلع على جميع الموجودات خلعة الوجود."( )

    وخلاصة القول إنّ الحياة التّي يدعو بهاءالله أتباعه إليها هي من النّبل والسموّ بحيث لا يمكن وجود حياة أسمى وأجمل منها يمكن أن يطمح إليها الإنسان في جميع أفق الإمكانيّات البشريّة الوسيع. فعرفانًا للنّفس الباطنيّة الرّوحانيّة فينا يعني عرفاننا للحقيقة السّامية القائلة بأنّنا من الله وإنّنا سنعود إليه، وهذه العودة إلى الله هي الهدف الأسمى لدى البهائيّ. لكنّ الوصول إلى هذا الهدف لا يكون إلاّ بطريق واحد هو الطّاعة لرسل الله المختارين وبصورة خاصّة إلى رسوله الذّي أتى في زماننا الذّي نعيش فيه وهو بهاءالله رسول العصر الجديد.

    الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى