إنّ بهاءالله لم يطلب من أيّ شخص أن يقبل أقواله ودلائله قبولاً أعمى بدون تحقيق، بل بالعكس من ذلك، وضع في مقدّمة تعاليمه إنذارشديدة لكلّ من يقبل أيّة سلطة قبولاً أعمى، وحثّ الجميع على أن يفتحوا أعينهم وآذانهم، ويحكموا بأنفسهم بدون خوفٍ، وبتمام الحريّة والاستقلال، حتّى يعرفوا الحقيقة. وهو يدعو إلى التّحري التّام، ولم يخفِ نفسه مطلقًا، بل جعل البرهان الأعلى على رسالته نفس كلماته وأعماله وأثارها في تغيير أخلاق النّاس وحياتهم. وإنّ الأدلّة التّي ذكرها هي التّي وضعها سلفه العظماء من الرّسل، فقال موسى في التوراة: وإن قلت في قلبك كيف نعرف الكلام الذّي لم يتكلّم به الرّب؟ فما تكلّم به النّبي باسم الرّب ولم يحدث ولم يصر فهو الكلام الذّي لم يتكلّم به الرّب، بل بطغيان تكلّم به النّبي فلا تخف منهوبمثل ذلك قرّر المسيح دليله بوضوح وبيّن البرهان على دعوته بقوله:احترزوا من الأنبياء الكذبة يأتونكم بثياب الحملان ولكنّهم من داخل ذئاب خاطفة. من ثمارهم تعرفونهم. هل يجنون من الشّوك عنبًا، أو من الحسك تينًا؟ هكذا كلّ شجرة جيّدة تصنع أثمارًا جيّدة، وأمّا الشّجرة الرّديئة فتصنع أثمارًا رديئة. لا تقدر شجرة جيّدة أن تصنع ثمارًا رديئة، ولا شجرة رديئة أن تصنع أثمارًا جيّدة، كلّ شجرة لا تصنع ثمرًا جيّدًا تقطع وتلقى في النّار، فإذن من ثمارهم تعرفونهم
(( كتاب بهاء الله والعصر الجديد ))
(( كتاب بهاء الله والعصر الجديد ))