يَا ابْنَ الإِنْسانِ
لا تَحْزَنْ إِلاّ فِي بُعْدِكَ عَنَّا،
وَلا تَفْرَحْ إِلاّ فِي قُرْبِكَ بِنا وَالرُّجُوعِ إِلَيْنا
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
افْرَحْ بِسُرُورِ قَلْبِكَ،
لِتَكُونَ قابِلاً لِلِقائِي وَمِرآةً لِجَمالِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
لا تُعَرِّ نَفْسَكَ عَنْ جَميلِ رِدائِي
وَلا تَحْرِمْ نَصِيبَكَ مِنْ بَديعِ حِياضِي؛
لِئَلاَّ يَأْخُذَكَ الظَّمَأُ فِي سَرْمَدِيَّةِ ذاتِي.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
اعْمَلْ حُدُودِي حُبّاً لِي،
ثُمَّ انْهِ نَفْسَكَ عَمّا تَهْوى طَلَباً لِرِضائِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
لا تَتْرُكْ أَوامِرِي حُبّاً لِجَمَالِي،
وَلا تَنْسَ وَصايايَ ابْتِغاءً لِرِضائِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
ارْكُضْ فِي بَرِّ الْعَماءِ ثُمَّ أَسْرِعْ فِي مَيْدانِ السَّمآءِ. لَنْ تَجِدَ الرَّاحَةَ إِلاَّ بِالخُضُوعِ لأَِمْرِنا وَالتَّواضُعِ لِوَجْهِنا.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
عَظِّمْ أَمْرِي لأُِظْهِرَ عَلَيْكَ مِنْ أَسْرارِ العِظَمِ،
وَأُشْرِقَ عَلَيْكَ بِأَنْوارِ الْقِدَمِ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
كُنْ لِي خاضِعاً لأَِكُونَ لَكَ مُتَواضِعاً،
وَكُنْ لأَِمْري ناصِراً لِتَكُونَ فِي المُلْكِ مَنْصُوراً.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
اذْكُرْنِي فِي أَرْضِي لأَِذْكُرَكَ فِي سَمائِي؛
لِتَقَرَّ بِهِ عَيْنُكَ وَتَقَرَّ بِهِ عَيْنِي.
يَا ابْنَ العَرْشِ
سَمْعُكَ سَمْعِي فَاسْمَعْ بِهِ،
وَبَصَرُكَ بَصَرِي فَأَبْصِرْ بِهِ؛
لِتَشْهَدَ فِي سِرِّكَ لِي تَقْدِيساً عَلِيّاً،
لأَِشْهَدَ لَكَ فِي نَفْسي مَقاماً رَفِيعاً.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
اسْتَشْهِدْ فِي سَبِيلي رَاضِياً عَنّي وَشاكِراً لِقَضائِي،
لِتَسْتَريحَ مَعِي فِي قِبابِ العَظَمَةِ
خَلْفَ سُرادِقِ الْعِزَّةِ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
فَكِّرْ فِي أَمْرِكَ وَتَدَبَّرْ فِي فِعْلِكَ.
أَتُحِبُّ أَنْ تَمُوتَ عَلَى الْفِراشِ
أَوْ تُسْتَشْهَدَ فِي سَبِيلِي عَلَى التُّرابِ،
وَتَكُونَ مَطْلِعَ أَمْرِي وَمَظْهَرَ نُوري فِي أَعْلَى الْفِرْدَوْسِ،
فَأَنْصِفْ يا عَبْدُ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
وَجَمالِي تَخَضُّبُ شَعْرِكَ مِنْ دَمِكَ
لَكانَ أَكْبَرَ عِنْدي عَنْ خَلْقِ الكَوْنَيْنِ وَضِياءِ الثَّقَلَيْنِ،
فَاجْهَد فِيهِ يا عَبْدُ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
لِكُلِّ شَيْءٍ عَلامَةٌ؛
وَعَلامَةُ الْحُبِّ الصَّبْرُ فِي قَضَائِي وَالاصْطِبارُ فِي بَلائِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
الْمُحِبُّ الصَّادِقُ يَرْجُو الْبَلاءَ
كَرَجاءِ الْعاصِي إِلَى الْمَغْفِرَةِ وَالمُذْنِبِ إِلَى الرَّحْمَةِ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
إِنْ لا يُصيبُكَ البَلاءُ فِي سَبِيْلِي
كَيْفَ تَسْلُكُ سُبُلَ الرَّاضِينَ فِي رِضائِي،
وَإِنْ لا تَمَسُّكَ المَشَقَّةُ شَوْقاً لِلِقائِي
كَيْفَ يُصِيبُكَ النُّورُ حُبّاً لِجَمالِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
بَلاَئِي عِنايَتي، ظاهِرُهُ نارٌ وَنِقْمَةٌ وَباطِنُهُ نُورٌ وَرَحْمَةٌ.
فاسْتَبِقْ إِلَيْهِ لِتَكُونَ نُوراً أَزَلِيّاً وَرُوحاً قِدَمِيّاً،
وَهُوَ أَمْري فَاعْرِفْهُ.
يَا ابْنَ البَشَرِ
إِنْ أَصَابَتْكَ نِعْمَةٌ لا تَفْرَحْ بِها،
وَإِنْ تَمَسَّكَ ذِلَّةٌ لا تَحْزَنْ مِنْهَا،
لأَنَّ كِلْتَيْهِما تَزُولانِ فِي حِين وَتَبِيدانِ فِي وَقْتٍ.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
إِنْ يَمَسَّكَ الفَقْرُ لا تَحْزَنْ،
لأَِنَّ سُلْطانَ الغِنى يَنْزِلُ عَلَيْكَ فِي مَدَى الأَيَّامِ.
وَمِنَ الذِّلَّةِ لا تَخَفْ،
لأَِنَّ الْعِزَّةَ تُصِيبُكَ فِي مَدَى الزَّمانِ.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
إِنْ تُحِبَّ هذِهِ الدَّوْلَةَ الباقِيَةَ الأَبَدِيَّةَ
وَهذِهِ الْحَياةَ الْقِدَمِيَّةَ الأَزَلِيَّةَ،
فَاتْرُكْ هذِهِ الدَّوْلَةَ الْفانِيَةَ الزَّائِلَةَ.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
لا تَشْتَغِل بِالدُّنْيا؛ لأَِنَّ بِالنَّارِ نَمْتَحِنُ الذَّهَبَ،
وَبِالذَّهَبِ نَمْتَحِنُ العِبادَ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
أَنْتَ تُريدُ الذَّهَبَ وَأَنا أُريدُ تَنْزيهَكَ عَنْهُ،
وَأَنْتَ عَرَفْتَ غَنَاءَ نَفْسِكَ فِيهِ،
وَأَنَا عَرَفْتُ الْغَناءَ فِي تَقْدِيسِكَ عَنْهُ.
وَعَمْري هَذا عِلْمِي وَذلِكَ ظَنُّكَ؛
كَيْفَ يَجْتَمِعُ أَمْرِي مَعَ أَمْرِكَ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
أَنْفِقْ مالِي عَلى فُقَرائِي
لِتُنْفِقَ فِي السَّمآءِ مِنْ كُنُوزِ عِزِّ لا تَفْنى
وَخَزائِنِ مَجْدٍ لا تَبْلى؛
وَلكِنْ وَعَمْري إِنْفاقَ الرُّوحِ أَجْمَلُ
لَوْ تُشاهِدْ بِعَيْني.
يَا ابْنَ البَشَرِ
هَيْكَلُ الْوُجُودِ عَرْشي، نَظِّفْهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ
لاِسْتِوائِي بِهِ وَاسْتِقْرارِي عَلَيْهِ.
يَا ابْنَ الوُجُود
فُؤادُكَ مَنْزِلِي قَدِّسْهُ لِنُزُولِي،
وَرُوحُكَ مَنْظَرِي طَهِّرْها لِظُهُوري.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِي
لأَِرْفَعَ رَأْسي عَنْ جَيْبِكَ مُشْرِقاً مُضِيئاً.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
اصْعَدْ إِلى سَمائِي لِكَيْ تَرى وِصالِي؛
لِتَشْرَبَ مِنْ زُلالِ خَمْرٍ لا مِثالَ وَكُؤُبِ مَجْدٍ لا زَوالَ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
قَدْ مَضى عَلَيْكَ أَيَّامٌ،
وَاشْتَغَلْتَ فِيها بِمَا تَهْوى بِهِ نَفْسُكَ مِنَ الظُّنُونِ وَالأَوْهَامِ.
إِلى مَتى تَكُونُ راقِداً عَلَى بِساطِكَ.
ارْفَعْ رَأْسَكَ عَنِ النَّوْمِ؛
إِنَّ الشَّمْسَ ارْتَفَعَتْ فِي وَسَطِ الزَّوالِ،
لَعَلَّ تُشْرِقُ عَلَيْكَ بِأَنْوارِ الْجَمالِ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
أَشْرَقْتُ عَلَيْكَ النُّورَ مِنْ أُفُقِ الطُّورِ،
وَنَفَخْتَ رُوحَ السَّناءِ في سِيناءِ قَلْبِكَ؛
فَأَفْرِغْ نَفْسَكَ عَنِ الحُجُباتِ وَالظُّنُوناتِ،
ثُمَّ ادْخُلْ عَلَى البِساطِ لِتَكُونَ قابِلاً لِلْبَقاءِ وَلائِقاً لِلِّقاءِ،
كَيْ لا يَأْخُذَكَ مَوْتٌ وَلا نَصْبٌ وَلا لَغُوبٌ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
أَزَلِيَّتي إِبْداعِي أَبْدَعْتُها لَكَ، فَاجْعَلْها رِداءً لِهَيْكَلِكَ.
وَأَحَدِيَّتي إِحْداثي اخْتَرَعْتُها لأَِجْلِكَ،
فَاجْعَلْها قَمِيصَ نَفْسِكَ لِتَكُونَ مَشْرِقَ قَيُّومِيَّتِي إِلى الأَبَدِ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
عَظَمَتِي عَطِيَّتِي إِلَيْكَ، وَكِبْرِيائِي رَحْمَتِي عَلَيْكَ،
وَما يَنْبَغِي لِنَفْسِي لا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ وَلَنْ تُحْصِيَهُ نَفْسٌ؛
قَدْ أَخْزَنْتُهُ فِي خَزائِنِ سِرِّي وَكَنائِزِ أَمْرِي
تَلَطُّفاً لِعِبادِي وَتَرَحُّماً لِخَلْقِي.
يَا ابْناءَ الْهُوِيَّةِ فِي الْغَيْبِ
سَتُمْنَعُونَ عَنْ حُبِّي وَتَضْطَرِبُ النُّفُوسُ مِنْ ذِكْرِي؛
لأَِنَّ الْعُقُولَ لَنْ تَطيقَنِي وَالْقُلُوبَ لَنْ تَسَعَني.
يَا ابْنَ الْجَمالِ
وَرُوحِي وَعِنايَتِي ثُمَّ رَحْمَتِي وَجَمالِي،
كُلُّ ما نَزَّلْتُ عَلَيْكَ مِنْ لِسانِ الْقُدْرَةِ وَكَتَبْتُهُ بِقَلَمِ القُوَّةِ
قَدْ نَزَّلْناهُ عَلى قَدْرِكَ وَلَحْنِكَ لا عَلى شَأْنِي وَلَحْني.
يَا أَبْناءَ الإِنْسانِ
هَلْ عَرَفْتُمْ لِمَ خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ واحِدٍ؛
لِئَلاَّ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ عَلى أَحَدٍ.
وَتَفَكَّرُوا فِي كُلِّ حِينٍ فِي خَلْقِ أَنْفُسِكُم؛
إِذاً يَنْبَغِي كَما خَلَقْناكُم مِنْ شَيْءٍ واحِدٍ
أَنْ تَكُونُوا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ، بِحَيْثُ تَمْشُونَ عَلى رِجْلٍ واحِدَةٍ،
وَتَأْكُلُونَ مِنْ فَمٍ واحِدٍ، وَتَسْكُنُونَ فِي أَرْضٍ واحِدَةٍ؛
حَتَّى تَظْهَرَ مِنْ كَيْنُوناتِكُمْ وَأَعْمالِكُمْ وَأَفْعالِكُمْ
آياتُ التَّوْحِيدِ وَجَواهِرُ التَّجْرِيدِ.
هذا نُصْحِي عَلَيْكُم يا مَلأَ الأَنْوارِ،
فَانْتَصِحُوا مِنْهُ لِتَجِدُوا ثَمَراتِ القُدْسِ مِنْ شَجَرِ عِزٍّ مَنيعٍ.
يَا أَبْناءَ الرُّوحِ
أَنْتُمْ خَزائِني، لأَِنَّ فِيكُم كَنَزْتُ لآلِئَ أَسْرارِي وَجَوَاهِرَ عِلْمِي،
فَاحْفَظُوها لِئَلاَّ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا أَغْيارُ عِبادِي وَأَشْرارُ خَلْقِي.
يَا ابْنَ مَنْ قامَ بِذاتِهِ فِي مَلَكُوتِ نَفْسِهِ
اعْلَمْ بِأَنِّي قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ رَوائِحَ الْقُدْسِ كُلَّها،
وَأَتْمَمْتُ الْقَوْلَ عَلَيْكَ وَأَكْمَلْتُ النِّعْمَةَ بِكَ
وَرَضِيتُ لَكَ ما رَضِيتُ لِنَفْسِي،
فَارْضَ عَنِّي ثُمَّ اشْكُرْ لِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
اكتُبْ كُلَّ ما أَلْقَيْنَاكَ مِنْ مِدادِ النُّورِ عَلَى لَوْحِ الرُّوحِ.
وَإِنْ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى ذلِكَ فاجْعَلِ المِدادَ مِنْ جَوْهَرِ الفُؤادِ،
وَإِنْ لَنْ تَسْتَطِيعَ فَاكْتُبْ مِنَ المِدَادِ الأَحْمَرِ الَّذِي سُفِكَ فِي سَبيلي؛
إِنَّهُ أَحْلَى عِنْدِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، لِيَثْبُتَ نُورُهُ إِلَى الأَبَدِ
لا تَحْزَنْ إِلاّ فِي بُعْدِكَ عَنَّا،
وَلا تَفْرَحْ إِلاّ فِي قُرْبِكَ بِنا وَالرُّجُوعِ إِلَيْنا
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
افْرَحْ بِسُرُورِ قَلْبِكَ،
لِتَكُونَ قابِلاً لِلِقائِي وَمِرآةً لِجَمالِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
لا تُعَرِّ نَفْسَكَ عَنْ جَميلِ رِدائِي
وَلا تَحْرِمْ نَصِيبَكَ مِنْ بَديعِ حِياضِي؛
لِئَلاَّ يَأْخُذَكَ الظَّمَأُ فِي سَرْمَدِيَّةِ ذاتِي.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
اعْمَلْ حُدُودِي حُبّاً لِي،
ثُمَّ انْهِ نَفْسَكَ عَمّا تَهْوى طَلَباً لِرِضائِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
لا تَتْرُكْ أَوامِرِي حُبّاً لِجَمَالِي،
وَلا تَنْسَ وَصايايَ ابْتِغاءً لِرِضائِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
ارْكُضْ فِي بَرِّ الْعَماءِ ثُمَّ أَسْرِعْ فِي مَيْدانِ السَّمآءِ. لَنْ تَجِدَ الرَّاحَةَ إِلاَّ بِالخُضُوعِ لأَِمْرِنا وَالتَّواضُعِ لِوَجْهِنا.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
عَظِّمْ أَمْرِي لأُِظْهِرَ عَلَيْكَ مِنْ أَسْرارِ العِظَمِ،
وَأُشْرِقَ عَلَيْكَ بِأَنْوارِ الْقِدَمِ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
كُنْ لِي خاضِعاً لأَِكُونَ لَكَ مُتَواضِعاً،
وَكُنْ لأَِمْري ناصِراً لِتَكُونَ فِي المُلْكِ مَنْصُوراً.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
اذْكُرْنِي فِي أَرْضِي لأَِذْكُرَكَ فِي سَمائِي؛
لِتَقَرَّ بِهِ عَيْنُكَ وَتَقَرَّ بِهِ عَيْنِي.
يَا ابْنَ العَرْشِ
سَمْعُكَ سَمْعِي فَاسْمَعْ بِهِ،
وَبَصَرُكَ بَصَرِي فَأَبْصِرْ بِهِ؛
لِتَشْهَدَ فِي سِرِّكَ لِي تَقْدِيساً عَلِيّاً،
لأَِشْهَدَ لَكَ فِي نَفْسي مَقاماً رَفِيعاً.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
اسْتَشْهِدْ فِي سَبِيلي رَاضِياً عَنّي وَشاكِراً لِقَضائِي،
لِتَسْتَريحَ مَعِي فِي قِبابِ العَظَمَةِ
خَلْفَ سُرادِقِ الْعِزَّةِ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
فَكِّرْ فِي أَمْرِكَ وَتَدَبَّرْ فِي فِعْلِكَ.
أَتُحِبُّ أَنْ تَمُوتَ عَلَى الْفِراشِ
أَوْ تُسْتَشْهَدَ فِي سَبِيلِي عَلَى التُّرابِ،
وَتَكُونَ مَطْلِعَ أَمْرِي وَمَظْهَرَ نُوري فِي أَعْلَى الْفِرْدَوْسِ،
فَأَنْصِفْ يا عَبْدُ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
وَجَمالِي تَخَضُّبُ شَعْرِكَ مِنْ دَمِكَ
لَكانَ أَكْبَرَ عِنْدي عَنْ خَلْقِ الكَوْنَيْنِ وَضِياءِ الثَّقَلَيْنِ،
فَاجْهَد فِيهِ يا عَبْدُ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
لِكُلِّ شَيْءٍ عَلامَةٌ؛
وَعَلامَةُ الْحُبِّ الصَّبْرُ فِي قَضَائِي وَالاصْطِبارُ فِي بَلائِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
الْمُحِبُّ الصَّادِقُ يَرْجُو الْبَلاءَ
كَرَجاءِ الْعاصِي إِلَى الْمَغْفِرَةِ وَالمُذْنِبِ إِلَى الرَّحْمَةِ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
إِنْ لا يُصيبُكَ البَلاءُ فِي سَبِيْلِي
كَيْفَ تَسْلُكُ سُبُلَ الرَّاضِينَ فِي رِضائِي،
وَإِنْ لا تَمَسُّكَ المَشَقَّةُ شَوْقاً لِلِقائِي
كَيْفَ يُصِيبُكَ النُّورُ حُبّاً لِجَمالِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
بَلاَئِي عِنايَتي، ظاهِرُهُ نارٌ وَنِقْمَةٌ وَباطِنُهُ نُورٌ وَرَحْمَةٌ.
فاسْتَبِقْ إِلَيْهِ لِتَكُونَ نُوراً أَزَلِيّاً وَرُوحاً قِدَمِيّاً،
وَهُوَ أَمْري فَاعْرِفْهُ.
يَا ابْنَ البَشَرِ
إِنْ أَصَابَتْكَ نِعْمَةٌ لا تَفْرَحْ بِها،
وَإِنْ تَمَسَّكَ ذِلَّةٌ لا تَحْزَنْ مِنْهَا،
لأَنَّ كِلْتَيْهِما تَزُولانِ فِي حِين وَتَبِيدانِ فِي وَقْتٍ.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
إِنْ يَمَسَّكَ الفَقْرُ لا تَحْزَنْ،
لأَِنَّ سُلْطانَ الغِنى يَنْزِلُ عَلَيْكَ فِي مَدَى الأَيَّامِ.
وَمِنَ الذِّلَّةِ لا تَخَفْ،
لأَِنَّ الْعِزَّةَ تُصِيبُكَ فِي مَدَى الزَّمانِ.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
إِنْ تُحِبَّ هذِهِ الدَّوْلَةَ الباقِيَةَ الأَبَدِيَّةَ
وَهذِهِ الْحَياةَ الْقِدَمِيَّةَ الأَزَلِيَّةَ،
فَاتْرُكْ هذِهِ الدَّوْلَةَ الْفانِيَةَ الزَّائِلَةَ.
يَا ابْنَ الوُجُودِ
لا تَشْتَغِل بِالدُّنْيا؛ لأَِنَّ بِالنَّارِ نَمْتَحِنُ الذَّهَبَ،
وَبِالذَّهَبِ نَمْتَحِنُ العِبادَ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
أَنْتَ تُريدُ الذَّهَبَ وَأَنا أُريدُ تَنْزيهَكَ عَنْهُ،
وَأَنْتَ عَرَفْتَ غَنَاءَ نَفْسِكَ فِيهِ،
وَأَنَا عَرَفْتُ الْغَناءَ فِي تَقْدِيسِكَ عَنْهُ.
وَعَمْري هَذا عِلْمِي وَذلِكَ ظَنُّكَ؛
كَيْفَ يَجْتَمِعُ أَمْرِي مَعَ أَمْرِكَ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
أَنْفِقْ مالِي عَلى فُقَرائِي
لِتُنْفِقَ فِي السَّمآءِ مِنْ كُنُوزِ عِزِّ لا تَفْنى
وَخَزائِنِ مَجْدٍ لا تَبْلى؛
وَلكِنْ وَعَمْري إِنْفاقَ الرُّوحِ أَجْمَلُ
لَوْ تُشاهِدْ بِعَيْني.
يَا ابْنَ البَشَرِ
هَيْكَلُ الْوُجُودِ عَرْشي، نَظِّفْهُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ
لاِسْتِوائِي بِهِ وَاسْتِقْرارِي عَلَيْهِ.
يَا ابْنَ الوُجُود
فُؤادُكَ مَنْزِلِي قَدِّسْهُ لِنُزُولِي،
وَرُوحُكَ مَنْظَرِي طَهِّرْها لِظُهُوري.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِي
لأَِرْفَعَ رَأْسي عَنْ جَيْبِكَ مُشْرِقاً مُضِيئاً.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
اصْعَدْ إِلى سَمائِي لِكَيْ تَرى وِصالِي؛
لِتَشْرَبَ مِنْ زُلالِ خَمْرٍ لا مِثالَ وَكُؤُبِ مَجْدٍ لا زَوالَ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
قَدْ مَضى عَلَيْكَ أَيَّامٌ،
وَاشْتَغَلْتَ فِيها بِمَا تَهْوى بِهِ نَفْسُكَ مِنَ الظُّنُونِ وَالأَوْهَامِ.
إِلى مَتى تَكُونُ راقِداً عَلَى بِساطِكَ.
ارْفَعْ رَأْسَكَ عَنِ النَّوْمِ؛
إِنَّ الشَّمْسَ ارْتَفَعَتْ فِي وَسَطِ الزَّوالِ،
لَعَلَّ تُشْرِقُ عَلَيْكَ بِأَنْوارِ الْجَمالِ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
أَشْرَقْتُ عَلَيْكَ النُّورَ مِنْ أُفُقِ الطُّورِ،
وَنَفَخْتَ رُوحَ السَّناءِ في سِيناءِ قَلْبِكَ؛
فَأَفْرِغْ نَفْسَكَ عَنِ الحُجُباتِ وَالظُّنُوناتِ،
ثُمَّ ادْخُلْ عَلَى البِساطِ لِتَكُونَ قابِلاً لِلْبَقاءِ وَلائِقاً لِلِّقاءِ،
كَيْ لا يَأْخُذَكَ مَوْتٌ وَلا نَصْبٌ وَلا لَغُوبٌ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
أَزَلِيَّتي إِبْداعِي أَبْدَعْتُها لَكَ، فَاجْعَلْها رِداءً لِهَيْكَلِكَ.
وَأَحَدِيَّتي إِحْداثي اخْتَرَعْتُها لأَِجْلِكَ،
فَاجْعَلْها قَمِيصَ نَفْسِكَ لِتَكُونَ مَشْرِقَ قَيُّومِيَّتِي إِلى الأَبَدِ.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
عَظَمَتِي عَطِيَّتِي إِلَيْكَ، وَكِبْرِيائِي رَحْمَتِي عَلَيْكَ،
وَما يَنْبَغِي لِنَفْسِي لا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ وَلَنْ تُحْصِيَهُ نَفْسٌ؛
قَدْ أَخْزَنْتُهُ فِي خَزائِنِ سِرِّي وَكَنائِزِ أَمْرِي
تَلَطُّفاً لِعِبادِي وَتَرَحُّماً لِخَلْقِي.
يَا ابْناءَ الْهُوِيَّةِ فِي الْغَيْبِ
سَتُمْنَعُونَ عَنْ حُبِّي وَتَضْطَرِبُ النُّفُوسُ مِنْ ذِكْرِي؛
لأَِنَّ الْعُقُولَ لَنْ تَطيقَنِي وَالْقُلُوبَ لَنْ تَسَعَني.
يَا ابْنَ الْجَمالِ
وَرُوحِي وَعِنايَتِي ثُمَّ رَحْمَتِي وَجَمالِي،
كُلُّ ما نَزَّلْتُ عَلَيْكَ مِنْ لِسانِ الْقُدْرَةِ وَكَتَبْتُهُ بِقَلَمِ القُوَّةِ
قَدْ نَزَّلْناهُ عَلى قَدْرِكَ وَلَحْنِكَ لا عَلى شَأْنِي وَلَحْني.
يَا أَبْناءَ الإِنْسانِ
هَلْ عَرَفْتُمْ لِمَ خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ واحِدٍ؛
لِئَلاَّ يَفْتَخِرَ أَحَدٌ عَلى أَحَدٍ.
وَتَفَكَّرُوا فِي كُلِّ حِينٍ فِي خَلْقِ أَنْفُسِكُم؛
إِذاً يَنْبَغِي كَما خَلَقْناكُم مِنْ شَيْءٍ واحِدٍ
أَنْ تَكُونُوا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ، بِحَيْثُ تَمْشُونَ عَلى رِجْلٍ واحِدَةٍ،
وَتَأْكُلُونَ مِنْ فَمٍ واحِدٍ، وَتَسْكُنُونَ فِي أَرْضٍ واحِدَةٍ؛
حَتَّى تَظْهَرَ مِنْ كَيْنُوناتِكُمْ وَأَعْمالِكُمْ وَأَفْعالِكُمْ
آياتُ التَّوْحِيدِ وَجَواهِرُ التَّجْرِيدِ.
هذا نُصْحِي عَلَيْكُم يا مَلأَ الأَنْوارِ،
فَانْتَصِحُوا مِنْهُ لِتَجِدُوا ثَمَراتِ القُدْسِ مِنْ شَجَرِ عِزٍّ مَنيعٍ.
يَا أَبْناءَ الرُّوحِ
أَنْتُمْ خَزائِني، لأَِنَّ فِيكُم كَنَزْتُ لآلِئَ أَسْرارِي وَجَوَاهِرَ عِلْمِي،
فَاحْفَظُوها لِئَلاَّ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا أَغْيارُ عِبادِي وَأَشْرارُ خَلْقِي.
يَا ابْنَ مَنْ قامَ بِذاتِهِ فِي مَلَكُوتِ نَفْسِهِ
اعْلَمْ بِأَنِّي قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ رَوائِحَ الْقُدْسِ كُلَّها،
وَأَتْمَمْتُ الْقَوْلَ عَلَيْكَ وَأَكْمَلْتُ النِّعْمَةَ بِكَ
وَرَضِيتُ لَكَ ما رَضِيتُ لِنَفْسِي،
فَارْضَ عَنِّي ثُمَّ اشْكُرْ لِي.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ
اكتُبْ كُلَّ ما أَلْقَيْنَاكَ مِنْ مِدادِ النُّورِ عَلَى لَوْحِ الرُّوحِ.
وَإِنْ لَنْ تَقْدِرَ عَلَى ذلِكَ فاجْعَلِ المِدادَ مِنْ جَوْهَرِ الفُؤادِ،
وَإِنْ لَنْ تَسْتَطِيعَ فَاكْتُبْ مِنَ المِدَادِ الأَحْمَرِ الَّذِي سُفِكَ فِي سَبيلي؛
إِنَّهُ أَحْلَى عِنْدِي مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، لِيَثْبُتَ نُورُهُ إِلَى الأَبَدِ