* وما جاء فى ثلاثة إصحاحات من سفر دانيال *
سنتكلم اليوم على هذه المائدة عن بعض البراهين والاستدلالات. لو كنت أتيت الى هذه البقعة المباركة أيام ظهور النور المبين ومثلت تلقاء الحضور وشاهدت ذلك الوجه النورانى لرأيت ان ذلك الجمال وذاك البيان ماكانا فى حاجة الى أى برهان فكم من نفوس آمنت وايقنت بمجرد التشرف باللقاء وما احتاجت بعدئذ الى اى أى برهان حتى أن الذين كانوا فى نهاية البغض والانكار أقروا بعظمة حضرة بهاء الله بمجرد الملاقاه قائلين "إن هذا الشخص جليل ولكنه مع الأسف يدعى مثل هذا الادعاء وكل ما يقوله مقبول عدا هذا " أما وقد غاب ذلك النور الحقيقى صار الكل فى حاجة الى الاستدلال والبرهان ولذا كنا تحدثنا بالبراهين العقلية وها نحن نقدم برهانا عقليا آخر. وهو وحده كاف لأهل الأنصاف ولا يستطيع أحد إنكاره ذلك أن حضرة بهاء الله رفع لواء أمره وهو فى السجن الاعظم ( سجن عكاء ) وبهر نوره العالم وذاع صيته ووصل نداؤه الأعظم الى الشرق والغرب ومثل هذا لم يحدث فى قطر ما حتى الآن. أليس هذا بكاف لو كان هناك أنصاف غير أنه توجد نفوس لو سمعت جميه البراهين لما انصفت . فمثلا أن الدول والملل بكامل قوتها لم تقدر على مقاومته بل قام بتنفيذها أراد وهو فريد وحيد مسجون مظلوم * إنى لا أذكر معجرات حضرة بهاء الله فلربما يقول السامع بانها رواية ، والرواية تحتمل الصدق والكذب فمثلا فى الأنجيل روايات عن معجزات السيد المسيح ذكرها الحواريون دون سواهم ولكن اليهود ينكرونها ولو اردت ان احصى خوارق العادات التى ظهرت من حضرة بهاء الله فهى كثيرة وهذا مسلم به فى الشرق حتى عند بعض غسر البهائيين ولكن هذه الروايات ليست حجة ولا برهانا قاطعا يقبله الجميع ولربما يقول السامع ان هذا غير حقيقى اذ تروى جميع الطوائف أيضا معجزات أئمتها وقادتها فمثلا ان أمة البراهمة تنسب معجزات لبراهمت فأنى لنا ان ندرك صدق هذه وبطلان تلك واذا كانت هذه روايه فتلك أيضا رواية وان كانت هذه متواترة فتلك أيضا متواترة ولهذا فالروايات ليست بالبرهان القاطع . نعم قد تكون برهانا لمن حضر وشاهدها ومع ذلك ربما داخله الريب فى انها ليست بمعجزة بل سحرا إذ يروى عن بعض السحرة أيضا إنهم قاموا بأمور عجيبة* وخلاصة القول أن حضرة بهاء الله أظهر أمورا عدة خارقة للعادة ولكننا لا نرويها لأنها ليست حجة أو برهانا * إن أكثر المعجزات المروية عن الأنبياء لها معان تخالف الظاهر فمثلا جاء فى الأنجيل عن شهادة حضرة المسيح أن الظلمة احاطت وزلزلت الارض وانشق حجاب الهيكل وقام الأموات من القبور ، فلو اخذت هذه على ظاهرها لكانت واقعة عظيمة ولوجب تسجيلها فى التاريخ ولكانت سببا فى اضطراب القلوب ولا أقل من أن الجند كانوا ينزلون حضرة المسيح من على الصليب أو يهربون مع أن هذه الوقائع لم يرد ذكرها فى تاريخ ما اذا ليس المقصود ظاهر العبارة بل لا بد لها من معنى وليس مقصدنا لأنكار بل المراد أن هذه الروايات ليست براهين قاطعة ولكن لها معان أخرى. وهذا هو المقصود لذا نرجع اليوم الى البيانات والاستدلالات النقلية من الكتب المقدسة وما ذكر حتى الآن إنما كان من قبيل الدلائل العقلية وبما أننا فى مقام التحرى عن الحقيقة والبحث عن الواقع وهذا مقام يتلهف فيه الظمآن المحترق لماء الحياة وبه تصل الحيتان المضطربة الى البحر والمريض الى الطبيب الحقيقى ويفوز بالشفاء الألهى وتهتدى القافلة الضالة الى طريق الحق وتصل السفينة التائهة الحائرة الى ساحل النجاة . لذا يجب على الطالب أن يتصف بصفات عدة فأولا يجب أن يكون منصفا ومنقطعا عما سوى الله وأن يتوجه بكل قلبه الى الأفق الاعلى ويتخلص من أسر النفس والهوى لآن هذا يحول دون الوصول وفضلا عن هذا يجب عليه أن يتحمل كل بلاء وأن يكون فى نهاية التنزية والتقديس وان يغض الطرف عن حب جميع ملل العالم أو بغضها لأن حبه لجهة ربما يحول دون تحقيقه حالة جهة أخرى وكذلك بغضه لجهةمعينة ربما يمنعه من معرفة حقيقتها وهذا مقام الطلب فيجب على الطالب أن يتصف بهذه الاخلاق والصفات والا فلن يهتدى الى شمس الحقيقة * وللموضوع باقية