منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se
منتديات عظمة هذا اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا إلهي أغث هؤلاء البؤساء، ويا موجدي ارحم هؤلاء الأطفال، ويا إلهي الرّؤوف اقطع هذا السّيل الشّديد، ويا خالق العالم أخمد هذه النّار المشتعلة، ويا مغيثنا أغث صراخ هؤلاء الأيتام، ويا أيّها الحاكم الحقيقيّ سلّ الأمّهات جريحات الأكباد،ع ع

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address:

Delivered by FeedBurner


المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 28 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 28 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 138 بتاريخ 2019-07-30, 07:24
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان


    [/spoiler]

    أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

    الرد على الشبهات 3

    اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    عاطف الفرماوى


    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    من كتاب الفرائد لابى الفضائل


    17. في بيان إنّ البدع في العبادات في الأديان الوثنيّة قد وُجدت أيضاً في الإسلام:

    وأمّا ما كتبه جناب الشيخ في أنه "حدث أخيراً حينما كان يُنقل الصنم من معبد إلى آخر في الصين بوقار وإجلال أن إنبرى بضعة أشخاص من المؤمنين به فناموا في طريق تلك العربة وتحت عجلاتها الحديديّة الثقيلة وفدوا بأرواحهم العزيزة معبودهم الباطل". لو أنّ جناب الشيخ في يوم عاشوراء كان في يزد حاضراً ويرى أهالي البلد وحتى بعض رجال الحكومة معهم مجتمعين في ميدان مسجد مير جغمان وعددهم عشرة الآف شخص وهم ينقلون نخلة عظيمة بكلّ وقار وإجلال من الميدان المذكور إلى ميدان الشاه فأنه لا يجد فرقاً أبداً بين عمل أهل الصين وهذه البدع. والنخلة العظيمة هذه عبارة عن هيكل مربّع قد بنوه من الخشب طول ضلعه عشرة أمتار وإرتفاعه عشرون متراً وقد زيّنوه بصور الأئمّة عليهم السلام وينقلونه وسط إزدحام عظيم من الناس مع تلاوة أشعار وترنّمات وتسبيحات. وفي أيّام عاشوراء يزيّنون جميع التكايا بأنواع الزينة من الصور والتماثيل ويجتمع المئات والألوف جماعات جماعات لابسين الأكفان وقد جرحوا رؤوسهم بالقامات (الخناجر) ويموت الكثيرون من هذه الجراحات. وخلاصة القول لو أنّ جناب الشيخ يرى هذه المشاهد بعينها فإنه لا يندهش أبداً من أعمال أهل الصين ويشاهد خطأ أهل الصين ثواباً لأهل الصواب. وكذلك لو يحضر في مصر إحتفالات المواليد النبويّة ويرى المشايخ فإنه يطّلع على أمور قبيحة محدثة كثيرة ويفهم كيفيّة دخول العبادات الباطلة في الأديان الإلهيّة ويريح نفسه ويريحنا من كتابة هذه الموضوعات الّتي هي من البديهيّات عند أهل العلم. ومع أنه لم يمض بعدُ أكثر من ألف وثلثمائة سنة على نشوء الإسلام ولم يحصل خلالها ما حصل في الديانة البوذيّة والهنديّة بعد ثلاثة الآف سنة من نشوئها. ومع ذلك إبتُدعت في الإسلام أمثال هذه البدع وإختُرعت أمثال هذه الإختراعات فلو لم يظهر قائم آل محمّد وإمتدّ أجل الإسلام إلى ألفين وثلاثة آلاف سنة لرأى إلى أيّ حدّ تنتشر العبادات الباطلة ويتحقّق فيها معنى الوثنيّة بأكمل الوجوه.

    وقد كتب جناب الشيخ: "إنّ حدوث هذه الحوادث هو من نتائج رسوخ العقائد لا من نتائج صحّة الدلائل والبراهين"، نعم ليس هناك من شكّ في أنّ الثبوت والإستقامة تجاه المصائب من نتائج العقائد الراسخة ولكن هناك فرق بين العقائد التقليديّة الراسخة الّتي تّم الإعتقاد بها من دون دليل ورسخت في القلب على مرور الزمان من سماعها من الآباء والأجداد وأصحاب المذهب وبين العقائد الكسبيّة الاجتهاديّة الّتي يبذل المؤمن بها أقصى المساعي ولن يذعن أبداً بصحّتها ما لم يفهم دليلها الّذي تستند إليه. ولن يتجرّد من قميص دينه السابق الّذي يرى خلعه أصعب من كلّ صعب ولهذا نزلت الآية الكريمة في حقّ العقائد التقليديّة الوراثيّة: "إنّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلى أمَّةٍ وَإنَّا عَلَى آثَارهِمْ لَمُقْتَدُونَ" كما نزلت الآية الكريمة في حقّ العقائد الكسبيّة الإجتهاديّة: "الّذينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا" حتى يعرف أهل البصيرة الفرق ويعلموا الضالّ من المهتدي.

    وهذه القصّة الّتي نسبها جناب الشيخ خطأ ً إلى أهل الصين هي في الحقيقة ليست في الصين بل في الهند لأنّ عادة الهنود في مدينة (جكن نات) كانت في نقل الصنم المذكور بالأسلوب الّذي كتبه الشيخ في يوم خاصّ ومن مكان إلى مكان ويفدي البعض أرواحهم تحت عجلاته وهذا الصنم تمثال لأحد أنبياء الهنود الّذي ظهر بين أولئك القوم ويعتبره أهل الهند بمنـزلة أحد الأنبياء ومظاهر أمر الله. ونحن لا نناقش جناب الشيخ لماذا جعل الهند صيناً ولكنّ مقصودنا هو بيان تشابه الأمم وتماثل الأديان لا بيان جهل هذا أو ذاك لأن الّذي لا يعرف الفرق بين دم الشهداء ودم الأشقياء لا عجب إنْ لم يفرّق الشمال عن اليمين أو الهند عن الصين.

    18. في بيان أنّ كلّ أمّة تنكر ديناً حقّاً فإنّها لا تستطيع ردّ شبهات الأمم في دينها بخلاف أهل الإيمان القادرون على دفع كلّ شبهة:

    وأمّا ما كتبه جناب الشيخ: "والأوضح من هذا أنّنا نقول لو نادانا إنسان من الوثنيّين بنداء عام قائلاً: أيّتها الأمّة الإسلاميّة وأيتها الأمّة المسيحيّة وأيّتها الأمّة اليهوديّة ويا أصحاب المذاهب المختلفة لماذا أنتم في طريق الضلال ولماذا لا تسيرون في سبيل الحقّ المستقيم؟ أفلا ترون قدرة أهل الأوثان اليوم على الأرض؟ أفلا تعلمون أنه ليست هناك بينكم من أمّة على وجه الأرض تساوي في عدد نفوسها وفي قوتّها نفوسنا وقوتّنا؟ ففي الصين عندنا اليوم أربعمائة مليون نسمة وليس هذا إلاّ من الغلبة الباطنيّة الكاملة والسيطرة المعنويّة الشاملة الّتي كانت في مؤسّسنا النفيس والّذي أثّرت كلماته الحقّة يوماً فيوماً في القلوب ونفذت فيها حتى وصلنا إلى هذه الدرجة."

    وموجز مقصود جناب الشيخ أنه لو كان دليل الدين هو نفوذه وبقاؤه فإنّ الوثنيّة تستدلّ على حقيّة دينها بهذا الدليل وتردّ علينا به فماذا نقول في الجواب عليها؟ لهذا فإنّ هذا العبد يعرض في خدمته بكلّ وضوح وبصوت عالٍ فصيح أنّك لا تستطيع أبداً إعطاء جواب لهم ولا تستطيع بأيّ وجه من الوجوه إثبات بطلانهم وإثبات حقيّتك لأنّه من المستحيل على أمّة أنكرت ديناً حقّاً أن تثبت حقيّة دينها. وإني سأشرح هذه المسألة حتى يتّضح هذا الموضوع لمطالعي هذه الأوراق. تُرى ماذا سيقول جناب الشيخ في الجواب على الصينيّين؟ إنه سيقول لهم إنّ دينكم باطل بدليل إحترامكم الأصنام وبدليل عباداتكم الباطلة. فلا شكّ أنهم سيقولون لجناب الشيخ: إنّ هذه العبادات الباطلة موجودة بصورة أقبح في دينكم. ألم ير جناب الشيخ وألم يسمع أنّ ولاة الدولة الروسيّة وأمراءها قد منعوا هذه العبادات في عشق آباد وبلاد القفقاس لأنها تخالف المدنيّة والإنسانيّة وعاتبوا مرتكبي هذه الشنائع؟ ولو يقول جناب الشيخ للصينيّين إنّ ديننا حقّ بدليل أنّ نبيّنا عنده معجزات ظاهرة فالصينيّون (بغضّ النظر عن أنّ القرآن الكريم يردّ إدّعاء الشيخ هذا) سيقولون له في الجواب إنّ أنبياءنا عندهم معجزات أيضاً وإذا لا يصدّق جناب الشيخ ولا شاهد كتب البوذيّة والهنود فليرجع على الأقلّ إلى كتاب (دبستان المذاهب) ويرى فيه عقيدة الهنود والزردشتيّين في معجزات أئمّة دينهم ورؤسائهم. ولو يقول جناب الشيخ للصينيّين إنّ ديننا حقّ بدليل أننا نملك كتاب القرآن المجيد فسيقولون له نفس هذا الكلام بأنّ الكتب السماويّة موجودة في ديننا أيضاً. ولو يقول لهم بأنّ ديننا وكتابنا يحتوي على شرائع أدبيّة تؤدّي إلى تربية الأمّة وتمدّنها فسيجيب الصينيّون إنّ كتب كونفشيوس المشرع الصيني العظيم قد ترجمها العلماء إلى اللغات الفرنسيّة والأنكليزيّة والألمانيّة وغيرها ومجّدوا شرائعها وأحكامها الأدبيّة. وخلاصة القول أنه لا يستطيع بأيّ وجه من الوجوه أن يجيبهم جواباً مقنعاً أو يثبت بطلانهم وحقيّته اللهم إلاّ أنه يفرح قلبه بالقول الّذي لا معنى فيه والإدّعاء الّذي لا دليل يؤيّده وهو قوله في آخر إنتقاده: " والحال أنّ بطلان هذا الدين أظهر من الشمس وأبين من الأمس" ولا يعرف على الأقلّ أنّ بطلان دينه عندهم أبين من الأمس كما أنّ بطلان دينهم عنده أظهر من الشمس. نعم هناك دليل واحد مهمّ يثبت به علماء الإسلام حقيّة الدين الإسلامي لسائر الملل ويتغلّبون به على خصمهم إلاّ وهو دليل التقرير بغلبة الإسلام ونفوذ الإسلام وبقاء الإسلام ولكن بما أنكم أنكرتم هذا الظهور الأعظم وما إعتبرتم الغلبة والنفوذ دليلاً لهذا فمن المستحيل عليكم بعد اليوم أن تستطيعوا إثبات حقيّة دينكم لسائر الملل أو تستطيعوا أن تجعلوا إنساناً يذعن لحقيقة الإسلام بالحجّة والبرهان. ولكنّ الوثنيّين لو جاءوا بهذا الإنتقاء علينا نحن أهل البهاء وطلبوا منا الجواب فإننا سنقول في الجواب "نعم إنّ الله جلّ جلاله قد منَّ على جميع الأمم بإرسال الرسل وإنزال الكتب وبتشريع الشرائع وفَتَحَ على كلّ الأمم بالتساوي ومن دون تفاوت سبيل النجاح والفلاح ولكنّكم حيث تركتم السبيل المستقيم لطول الأمد بكم ومزجتم عبادة الأوثان والصور والتماثيل الّتي هي عند الله أقبح من كلّ قبيح بعبادته تعالى وخلطّتم السنن الأصليّة الحسنة بالعوائد القبيحة المخترعة لذا فقد منَّ الله تعالى بإرسال الأنبياء والمرسلين أمثال موسى وعيسى ومحمّد عليهم صلوات الله أجمعين وقام كلّ واحدٍ منهم بقوّة الله على تطهير قطر من أقطار الأرض من عبادة الأوثان ومن البدع الباطلة وفتح على وجوه العباد باب معرفته وعبادته تعالى وكلّ واحد منهم بشّر أمتّه بظهور ذاك الموعود الّذي أنتم له منتظرون وطمأنهم بورود يوم الله ويوم الملكوت حين يتطهّر العالم تماماً عند ظهور ذلك الوجود المبارك من عبادة الأوثان وتزول البدع الباطلة وتتبدّل عداوة الأمم وإختلافاتها بالمحبّة والإتّفاق ولقد آن الأوان لتحقّق هذه الوعود وظهر ذلكم الوجود المبارك. وإنّ برهانه هو عين برهان الأنبياء السابقين وحجّته عين حجّة وأدلّة الظهورات السابقة وإنّ نفوذ وغلبة أمره يطابق نفوذ وغلبة الشرائع الماضية بل إنّ حجّته أقوى ودليله أتمّ وسبيله أقوم [لا مانع لحكمه ولا رادع لحجّته ولا مقاوم لنفوذ أمره. تلك حجّة الله قد أتتهم بغتة فلا يستطيعون ردّها ولا هم يُنصَرون]".

    19. في إثبات أنّ شهادة الشهداء وتحمّل البلايا يمكنها أن تثبت حقيّة أهلها:

    والآن بعد أن إتّضحت الموضوعات السابقة أشرع بالكلام حول هذه المسألة: إنّ الحقّ جلّ جلاله في كتاب الإيقان الشريف إعتبر شهادة الشهداء دليلاً على صدق الإيمان وبرهاناً على صدقه وصحّته وجناب الشيخ ينكر هذا الدليل ولا يرى في شهادة الشهداء دليلاً يثبت حقيّتهم. ويرى فداء الأرواح والمال والإستقامة في المصائب غير مثمرة وبعبارة أوضح يعتبر الإستشهاد الفعلي الّذي تكفي كلمة الشهيد لبيان معانيه والّذي هو عند أولي البصائر أتمّ وأكمل جميع أنواع الشهادات شيئاً كأن لم يكن. وهذا العبد لا يتكلّم في هذا المقام في معنى الشهادة وعلوّها وسموّها ورفعتها ولا يبسط البحث بإقامة الدليل الحِلّي لأنه اذا لم تكف المعاند المكابر كلّ البيانات الرشيقة والعبارات الرشيقة اللطيفة الّتي نزلت في كتاب الإيقان الشريف في فوائد دماء الشهداء وآثارها ولم تسكته فما عسى هذا العبد أن يقول أو يكتب؟ لذلك أغضّ النظر عن الدليل الحِلّي وأشرع بإقامة الدليل الإلزامي وأعرض في خدمة أهل الإنصاف إنّ الحقّ جلّ جلاله إستدلّ في القرآن المجيد على صدق إدّعاء رسوله الكريم بهذه الآية: "أوَلَمْ يَتَفَّكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّّةٍ إنْ هُوَ إلاّ نَذِيرٌ مُبِينْ" وكيفيّة الإستدلال الإلهي في هذه الآية هو أنّ الله تعالى يعني "لا يفكّر الكفّار إنّ رسول الله فيه جنون أي أنّ الإنسان العاقل لا يعرّض نفسه للخطر أبداً ولا يدّعي إدّعاء يؤدّي إلى عداء جميع الخلق وإعراضهم وهياجهم إذاً فرسول الله مع إمتلاكه كامل عقله قد تحمّل كلّ المشقة والأخطار وجعل الناس حتى أقرباءه أعداء له وهذا دليل على صدق قوله أنه مرسل ومأمور من الله تعالى ولا مفرَّ له من تحمّل هذه المشقة الّتي تفوق طاقة البشر". والآن أطلب الإنصاف من أهل البصيرة وأقول ما هو الفرق الآن بين إستدلال القرآن المجيد هذا وإستدلال كتاب الإيقان الشريف؟ فإن كان تحمّل المشقّة بدون الإستشهاد دليلاً على حقيّة رسول الله فبأيّ إنصاف لا يكون تحمّل المشقّة والإستشهاد برهاناً على صدق إدّعاء حضرة الباب الأعظم؟ أفلو كان جناب الشيخ موجوداً في زمان رسول الله ألم يكن ينتقده بنفس هذا الإنتقاد؟ وأليس إنتقاده بأنّ فداء الروح والمال وتحمّل المشقّة والبلاء لا يكوّن دليلاً على صدق الإدّعاء - بالنظر لتحمّل أصحاب المذاهب الباطلة أمثالها- إنتقاد ينطبق على القرآن المجيد؟ فاعتبروا يا أهل الإنصاف.
    ومن عجائب أحوال رؤساء المسلمين في هذه السنوات الاخيرة أنهم لم يُشعلوا أبداً ناراً إلاّ وأظلم دخانها أوّلاً وقبل كلّ شيئ أفق الإسلام المنير ولم يرموا سهماً إلاّ وأصاب قبل الهدف صدور أئمّة الهدى الطاهرين ولم تُرم قنبلة من مدافع الدفاع إلاّ وهدمت أوّلاً ركناً من أركان الإسلام العظيم.

    وورد في إنجيل متّى الإصحاح العاشر أنّ حضرة المسيح تفضّل لتلاميذه الّذين أرسلهم لتبشير دعوته لليهود: "ها أنا أرسلكم كغنمٍ في وسط ذئاب فكونوا حكماء كالحيّات وبسطاء كالحمام ولكن إحذروا من الناس لأنهم سيسلّمونكم إلى مجالس وفي مجامعهم يجلدونكم وتُساقون أمام ولاة وملوك من أجلي شهادة لهم وللأمم" فتلاحظون أنّ حضرة عيسى عليه السلام قد قرّر بأنّ سجلّ أصحابه وجلدهم وحبسهم شاهد حقيّتهم ودليل صدق دينهم فكيف لا يكون حبس وأسر وقتل النقطة الأولى والجمال الأقدس الأبهى عزّ إسمهما وآلاف النفوس من المؤمنين بهم دليل حقيّتهم وشاهد صدق قولهم؟ ومهما كان الشيخ فاقداً للبصيرة ولا يستطيع فهم معنى الشهادة وإدراك الآثار الباهرة للدماء المسفوكة في سبيل الله فإنه يستطيع على الأقلّ أن يفهم إنّ قتل غير المؤمنين كزراعة بذور فاسدة لا تؤدّي أبداً إلى إنبات ولن ينتج عنها أيّ أثرٍٍ ولكنّ شهادة أهل الإيمان وبذلهم أموالهم وأرواحهم في سبيل الرحمن كزراعة بذور طيّبة تؤدّي إلى ظهور "سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ" وهي تنتج زيادة المؤمنين وغلبة الكلمة الإلهيّة ومثلاً لو فدى عشرة أو مائة نفس بل لو فدى مائة ألف نفس من الوثنيّين أنفسهم تحت العجلات الحديديّة أو فدى مثل ذلك العدد من المسلمين أنفسهم في جرح الرؤوس بالقامات (الخناجر) في مجامع التعازي في شهر محرّم فإنه لن يدخل أحداً في دينهم ولن يزداد عددهم أبداً بل يؤدّي ذلك إلى فقدان تلك النفوس من هيئتهم الإجتماعيّة وعلى العكس من ذلك أهل الإيمان فإنّ شهادة نفس واحدة تؤدّي إلى إنتباه نفوس كثيرة وتزيد في عداد أهل الإيمان والإيقان "واللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ واللهُ واسِعٌ عَلِيمْ" .

    20. في بيان أنّ المذاهب المختلفة كلّها على حدّ سواء:

    ومن الموضوعات الّتي تستلزم التدقيق والتأمل الموضوع التالي وهو: عندما قال المناظر البهائي في جواب الشيخ "إنّ المذاهب الباطلة في العالم قد وُجدت وإضمحلّت" فإعتبر جناب الشيخ هذا القول مثبتاً لخيالاته الباطلة وقاس هذا الأمر الأعظم كذلك بالمذاهب الباطلة وإعتبره أمراً مضمحلاً قبل إضمحلاله وأطلق لسانه بالشكر لله وحمده قائلاً "الحمد لله الّذي أجرى الحقّ على لسان الخصم وأثبت بدليله ما ندّعي ثبوته ووقوعه" فنقول بل يا شيخ إنّ بطلان فرق الإسماعيليّة أو الكيسانيّة أو الزيديّة لم يكن من أجل إسماعيليّتها أو زيديّتها أو كيسانيّتها بل من أجل تفرّقها وإختلافها وتشعّبها بحكم الآية الكريمة: "‏إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" والآية المباركة: "وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ. ‏مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ" فقد حُرمت من الحقيقة الجامعة ودخلت في مصاف الأحزاب والفرق التي نهى الله جلّ جلاله عنها. وجميع الفرق الإسلاميّة شريكة في هذا الحكم وتدخل في مصاف الفرق المختلفة سواء أكانت شيعيّة أو إسماعيليّة أو زيديّة أو غيرها. ومن أجل هذا فإننا أهل البهاء نعتبر جميع الفرق الإسلاميّة بأيّ إسم سمّيت ما دامت معترفة بوحدانيّة الله تعالى وخاضعة لنبوّة خاتم الأنبياء وعاملة بأحكام القرآن المجيد جميعها حتى ظهور النقطة الأولى الّذي هو ظهور قائم آل محمّد داخلةًً تحت كلمة الإسلام وإنّ نجاة أو عدم نجاة كلّ فرد من أتباع تلك الفرق أمر يعود إلى حكم المظهر الموعود. وخلاصة المقصود إنّ سبب بطلان الفرق الكيسانيّة وغيرها هو لمجرّد تفرّقها وإختلافها وهذا أمر يشترك فيه الجميع بدون تمييز أو تخصيص لأنّ الله تعالى خاطب رسوله الكريم في الآية السابقة الأولى الّتي يعني بها ان الّذين يفرّقون دينهم شيعاً وطوائف لا نصيب لهم منك وإنّ أمرهم يعود إلى الله وسوف يخبرهم تعالى بما كانوا يفعلون. وفي الآية السابقة يخاطب الأمّة الإسلاميّة: "أن لا تكونوا من المشركين الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً وطوائف كلّ طائفة مبتهجة بما عندها". ويفهم أهل البصيرة من صريح هاتين الآيتين اللتين لا تقبلان التأويل أنّ كلّ فرقة تعتبر نفسها حقّاً وغيرها باطلاً إنما هي محرومة من الحقيقة المحمّدية الجامعة وفي عداد الأحزاب المذكورة في الآية لأنّ الديانة الإسلاميّة هي حقيقة جامعة نورانيّة نزلت بكاملها على خاتم الأنبياء عليه وآله أطيب التحيّة والبهاء وقد أبلغها عليه السلام لكلّ الانام ولم يكن لأحد حتى زمان ظهور القائم الموعود حقّ في تغيير سُنّة من سننها ولم يكن لأحد إذن في تفرقة الأمّة وإختلافها. وكلّ من يسبّب التفرقة والإختلاف محروم من إدراك الحقيقة ويدخل في مصاف الأحزاب المردودة. وهذا ما كان يقصده العارف البالغ بقوله شعراً مترجماً: "أعذر الإثنين والسبعين ملّة في حربها فيما بينها فإنها لما لم تر الحقيقة سارت في طريق القصص الخياليّة" إذاً إتّضح بعد هذا أنّ جناب الشيخ لم يفهم عبارة المناظر البهائي وإعتبرها مثبتةًً لخيالاته الفاسدة وإبتهج بعد ذلك بسراب أوهامه.

    21. في بيان أنّ المقصود من الدعوة الباطلة الّتي وعد الله تعالى بإبطالها هو الدعوة المستقلّة وليس المذاهب المنشعبة:

    نعم إنّ من الأمور المتّفق عليها هو أنّ المدّعين الصادقين والمدّعين الكاذبين كانوا موجودين في الدنيا وسيكونون. والمقصود بالمدّعين الكاذبين ليس رؤساء المذاهب المختلفة أمثال الزيديّة أو الإسماعيليّة أو الكيسانيّة أو غيرها لأنّ المذاهب كما علمت متساوية جميعها وإنّ رؤساء المذاهب لم يدّع أحدهم إدّعاءً مستقلاً ولم يدّع أحدهم وحياً سماويّاً بل المقصود بالمدعي الكاذب هو الّذي يدّعي إدّعاءً مستقلاً بدون إذن الله ويدّعي نزول الوحي الإلهي ويشرّع شريعة جديدة مستقلّة ففي هذه الحال يشتبه أمر المدّعي الصادق على الناس ويظلم فضاء الأمر بدخان الشبهات الّذي يمنع رؤية أهل الإرتياب وينفتح باب الشبهة والتشكيك على مصراعيه. ولو أنّ أمثال هؤلاء الناس موجودون في كلّ زمان كما تعلن ذلك التواريخ ولكنّ ظهور هؤلاء المدّعين الكاذبين يكثر في زمان الظهورات الحقّة الإلهيّة ويؤدّي وجودهم إلى ظلمة أفق الأمر كما ظهر (تورا) السوري و(يهودا) الجليلي في قرن عيسى عليه السلام وإدّعى النبوّة والرسالة مسيلمة الكذاب وطليحة الأسدي وسجاج في زمان ظهور خاتم الأنبياء. وإدّعى مقام الظهور الكلّي في هذا القرن جماعة كثيرة من قبيل السيّد عَلاّوْ في العراق والحاج الملا هاشم بن المرحوم فاضل النراقي وأحمد الكرماني والخفّاش اليزدي وغيرهم.

    وسبب ظهور هؤلاء الأشخاص هو أنّ بعض المغرورين إعتبر تشريع الشرائع من نتاج العقول البشريّة وظنّ مقام التشريع أمراً سهلاً وظنّ الحقّ تعالى غافلاً ذاهلاً وتصوّر مظاهر أمر الله مثل أنفسهم لهذا قاموا بالإدّعاء وظنّوا بعقولهم الناقصة أنهم يستطيعون أن يؤسّسوا شريعة، وفتحوا لجناب الشيخ وأمثاله طريق الإنتقاد والشبهات على الأمر الإلهي والداعي الحقيقي. ولكن حاشا ثمّ حاشا أن تترك القدرة الإلهيّة باطلاً يغلب وينتصر أو كلمة كاذبة تنفذ وتبقى خمسين أو أربعين سنة بل حتى وعشر سنوات. وخلاصة القول لما كان في علم الله ظهور أشخاص من هذا النوع يؤدّي إلى إرتياب الخلق وإلى إمتحانهم وتمحيصهم والتمييز بين الخبيث والطيّب ولهذا فقد أخبر تعالى في الكتب السماويّة بمثل هذه الحوادث وبيّن بطريقة التمثيل والتصريح الفارق بين الحقّ والباطل كما ذكرناه في المبحث الأوّل في مقالة الأدلّة بكلّ وضوح.

    22. في بيان أنّ المظلوميّة والنفي والتشتيت ليست دليل البطلان بل دليل الأحقيّة:

    وأعجب من كلّ شيئ وأوضح دليل على قلّة علم جناب الشيخ بالأديان والمذاهب بل الأحاديث والأخبار بل القرآن والتفسير هو أنه إعتبر شهادة النقطة الأولى وتشتّت أصحابه دليلاً على بطلانه، وقاس أمر الظهور الكلّي الجديد بالمذاهب المتفرّقة وإعتبر الإستشهاد والقتل والأسر والحرق والصبر في البلايا الّتي هي دليل حقيّته برهاناً على بطلانهم فنقول يا جناب الشيخ ألم يرد في القرآن إن الرجع مثل البدء بحكم الآية الكريمة: "كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ‏فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ" فكذلك تجدّدت المظالم والتعدّيات السابقة في ظهور القائم الموعود بحكم وإجازة شياطين الأنس وعلماء هذا العهد. وألم يرد في الحديث المتفّق عليه بين أهل التشيّع والتسنّن بأنّ كلّ ما وقع في الأمم السابقة سيقع في الأمّة الإسلاميّة كذلك ويتحقّق؟ وألم يتفرّق أصحاب عيسى عليه السلام في جميع البلاد بعد صعود ذلك الجمال المعبود من ظلم اليهود وإبتلوا في كلّ بلد على يد اليهود والرومان بالظلم والقتل والحبس والأسر وقاموا مدّة ثلثمائة سنة على نشر الأمر الإلهي بنهاية الذلّة والتشتّت؟ وألم يرد في الإنجيل المقدّس أنّ أمثال هذه الحوادث بل أشدّ ستحدث في أيّام النـزول الثاني لحضرته وتعود آثار البدء في الرجع؟ وألم يرد في الأحاديث الكثيرة أنّ أصحاب القائم سيُذلّون وسوف يبتلي أتباعه بالقتل والحرق وأنواع المظالم وسوف يسبهم مظاهر الشيطان ويلعنونهم ويطردونهم؟ نعم يا سيّدي الشيخ لقد قال الله تعالى: "لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ" وانّ كلّ ما تراه ذلّةًً وتشتّتاً وطرداً وسبياً وقتلاً فإنّنا نراه عين الرحمة والنعمة والسعادة والهداية ونعتبره سبب نفوذ أمر الله في الدنيا والبلوغ إلى أنفس الرغائب ولكنّ هذا المقام العالي لا تراه إلاّ البصائر النيّرة وإنّ هذه الحقائق لا يدركها كلّ متوهّم مكفوف البصر ورحم الله الكاتب الإدريسي حيث قال:

    أتَحْسَبُنا إذا قُلنا بُلينا بَلَيْنا إوْ يَرومُ القلبُ لِينا
    نَعَمْ لِلْمَجْدِ نَقْتَحِمُ الدَّواهي ويَحْسَبُ خَامِلٌ أنّا دُهِينا
    تُناوشُنا فَنَقْْهَرُها خُطوبٌ تَرى ليْثَ العَرين ِلها قَرِينا
    سَواءٌ حَرْبُها والسِلمُ إنّا أُنَاسٌ قَبْلَ هُدْنَتِها هُدينا

    وإستمع إلى نشيد الأديب الشيرازي في هذا المقام حيث يقول مترجماً: "لقد وهبتُ قلبي إلى حبيبٍ يقتل العشاق مرضيٍّ في سجاياه ومحمودٍ في خصاله ولقد غنّى منصور فوق أعواد المشنقة هذه النكتة البديعة: لا تسأل من الشافعي أمثال هذه المسائل".

    [وقد علم أولو النُهى أنّ المصائب والرزايا في سبيل الله بحرٌ موّاج وأوقيانوسٌ متلاطم عَجاج يفر منه بنو الدنيا ولا يتقرّب إليه أهل الهوى ولا يصل إلى شواطئه إلاّ أهل البهاء أصحاب السفينة الحمراء والراية المقدّسة البيضاء الّذين نصروا الله بدمائهم وأعلوا كلمته بمهجهم ونفوسهم وحيّروا الملل في موارد الشدائد بسكونهم وقرارهم وأدهشوا الأمم في هجوم الخطوب بثبوتهم وإصطبارهم كما أخبر عنهم الحسن بن علي عليهما السلام في حديث علي بن مَهْزيار بقوله "خَصَّهُم الله باحْتِمَالِ الضَيْمِ في الدُنْيَا لِيَشْمَلَهُمْ إتِّسَاعُ العِزِّ في دَارِ القَرَارِ".]

    23. في بيان أنّ جناب الشيخ لقّب مناظره بلقب منافق ومخادع:

    وبعد أن إتّضحت هذه المسائل بصورة مفصّلة وإمتاز الحقّ عن الباطل نتكلّم الآن في مسألة أنّ جناب الشيخ سمّى مناظره منافقاً ومخادعاً. وهذا العبد لَيحار عندما يفكّر ما هي الحيلة والخديعة الّتي إحتال بها جناب المناظر على جناب الشيخ غير المخادع بحيث أخرجه عن منهج الأدب القويم وأجبره على كتابة هذا الهراء والهذيان؟ لأنّ أهل البهاء مشهورون لدى كافّة الملل بالصدق والإخلاص ومعروفون في جميع البلاد بالنـزاهة والإستقامة ويكفي لإثبات هذه الدعوى أنّ شهادتهم مقبولة في دوائر الحكومة ومجالس القضاء بدون قسم ويمين وهذا دليل على عدم إتّهامهم في أقوالهم وبَقيتُ في حيرة من أمر هذه التهم إلى أنّ عثرت على السرّ في ذلك في الصحيفة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة من رسالة جناب الشيخ المطبوعة وإطّلعت على أسباب هذه التهمة بل هذا الإفتراء. وإجمال ذلك أنه قد نزل في كتاب الإيقان الشريف في معنى الغلبة والنصرة أنّ المقصود بالغلبة هذ نفوذ كلمة الله مغلبة أمر الله والإحاطة الروحانيّة والسلطنة الدينيّة الّتي هي دائماً من خصائص الأنبياء والمرسلين ومظاهر أمر حضرة ربّ العالمين. وليس الغلبة الظاهريّة والسلطنة الدنيويّة وفتوحات البلاد. وقد تفضّل لإثبات هذا المعنى بالإستشهاد وبمظلوميّة سيّد الشهداء وشهادة حضرته وبأنّ حضرته مع كونه من أعظم الجنود الإلهيّة وأنه موعود بالغلبة وبالنصرة بحكم الآية الكريمة: "إنَّ جُنْدَنَا لَهُمْ الغَالِبُونَ" ومع هذا فقد نال رتبة الشهادة بمنتهى المظلوميّة ولكنّ هذه المظلوميّة صارت لدى أهل البصيرة دليلاً على السلطنة الحقيقيّة الإلهيّة وصارت في العالم سبباً في إثبات كلمة الله وقوّة دين الله ورسوخه وإتّضح وتجلّى المعنى الإلهي المقصود بغلبة أمر الله. وقد أجاب جناب الشيخ في رسالته الأولى في عبارته الّتي نقلنا نصّها إنّ القتلَ ليس دليل الحقيّة وإنّ فداء المال والروح والصبر والإستقامة في البلايا ليست برهاناً على صدق الإدّعاء لأنّ جماعة كثيرة من أتباع معاوية ويزيد قد قُتلوا أيضاً كما أنّ الوثنيّين وأصحاب المذاهب الباطلة يبذلون في سبيل مقاصدهم المال والروح ولا يبخلون بكلّ تضحية في هذا السبيل ولهذا لا يمكن القول بأنّ هذه الأشياء دليل الحقيّة بل يستلزم إثبات الحقيّة دليلاً ظاهراً وبرهاناً قاهراً. ولو أنّ مقصود جناب الشيخ هو في غاية الوضوح وهو يريد دفع دليل شهادة النقطة الأولى ومظلوميّته عن حقيّة حضرته ولكنّه غفل عن أنّ هذه النقطة تنتهي بنفي دلالة شهادة سيّد الشهداء على حقيّة حضرته وستكون هذه النقطة ردّاً صريحاً على جميع علماء المسلمين الّذين إعتبروا شهادة حضرته أدلّ الدلائل على حقيّته. لأنّ جميع المحقّقين من علماء أهل التسنّن والتشيّع قد إتّفقوا على أنّ الخلفاء الأمويّين قد أدخلوا في قلوب المسلمين بغض أهل البيت الّذين هم مرجع ومآب المسلمين بحكم الحديث الصحيح المتّفق عليه بين الطرفين: "إنّي تَارِكٌ فِيكُمْ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللهِ وَعِتْرَتِي". وقد جعلوا سبّ أئمّة الهدى ولعنهم سنّة مؤكّدة إعتياديّة وظنّوا أنّهم بهذا يحرمون الأمّة نهائيّاً عن مرجعها الحقيقي فتُشيح بوجهها عن مبيّن الكتاب الإلهي وتغوص في الشرك والجهل والضلالة لكنّ شهادة سيّد الشهداء سبّبت إنتباه الأمّة ويقظتها وأثبتت ضلالة الأمويّين وحقيّة العترة الطاهرة وآوت الحقيقة الإسلاميّة إلى كهف الحفظ والحراسة من يوم شهادة حضرته إلى يوم القيامة. وحيث أنّ جناب الشيخ وشبهته (في أنّ القتل وفداء الروح لن تكون دليل الحقيّة) إنتقاد ينافي على خط مستقيم هذا الأساس المكين وينكر بصورة صريحة دلالة الشهادة على حقيّة الشهيد لهذا قام جناب المناظر البهائي ونبّه الشيخ بكلّ أدب إلى هذه النقطة قائلاً "من العجيب أن يعتبر جناب الشيخ شهادة الشهداء في مصاف قتل الأشقياء ولا يعرف من فداء المال والروح دليل حقيّة وبطلان أيّ الطرفين من أصحاب سيّد الشهداء واتباع يزيد". وفي الحقيقة إنّ الشيخ قد إعتبر الدليل المقبول لدى كافّة المحقّقين من العلماء مردوداً. ولما شاهد الشيخ هذا الإنتقاد قام السداد والإستحكام وما وجد نفسه قادرا على ردّ هذا الإعتراض لهذا فقد لجأ إلى المغالطة وتشبّث بحبل الخشونة وبذئ القول سلاح الجهلاء والمغالطة سبيل فرار العاجزين عن إقامة الدليل والبرهان. وإنّ هذا العبد يذكر عبارتيهما ويترك الحكم عليهما بعد الجواب إلى أرباب الألباب. فقد كتب جناب المناظر البهائي: "لقد ذُكر في الإيقان فداء حضرة سيّد الشهداء ماله وروحه وعياله في سبيل الله وأنّ حضرته كان من الجند الإلهي. فالآن جاء جناب الشيخ وكتب هذا الإنتقاد على ما جاء في الإيقان وهذا يعني أنّ تضحية حضرته روحه وأرواح أصحابه لا يمكن أن نقول أنها في سبيل الله ودليل على الحقيّة". ثم ذكر معاوية ويزيد وأتباعهما بأنّهم أيضاً قد ضحّوا في سبيل حقيّتهم.

    وكتب جناب الشيخ: "أترون مبلغ الإفك والإحتيال والخداع الّذي تجرّأ به؟ وسوف أسمّيه فيما بعد دائماً بإسم "المناظر المخادع" لأنّ عبارات رسالتي موجودة وقد شاهدها أولو المعرفة وعرفوا في مقابل أيّ شيئ كان إعتراضي لكنّ المناظر المخادع حرّف كلامي بطريق الإحتيال إلى ناحية أخرى كأنني قلت أنّ إعتراضي هو على فداء حضرة سيّد الشهداء روحه وماله في كربلاء وكأنني لم أعرف التفاوت بين أتباع حضرته وأتباع يزيد. ويريد بهذا الإحتيال والخداع أن يجعل نفسه من أنصار المذهب الشيعي ويجعلني مخالفاً لهم ومنتقداً إيّاهم. سبحان الله إنّه لا يخجل أبدا حين ينكر في سبيل عقيدته السخيفة ضروريّات الدين الإسلامي الّتي إتّفق عليها كلّ أهل الإيمان ويغيّرها مثل خاتميّة حضرة الرسول وصوم شهر رمضان والحجّ وغيرها وبعد ذلك يتظاهر بالإسلام وبمناصرة المذهب الشيعي وهذا القول والسلوك هو في الحقيقة من صفات المنافقين: "بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأنَّ لَهُمْ عَذَاباً ألِيماً" "‏مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا" وكذلك يذكر خلال كتابته إسم حضرة الرسول والأئمّة الطاهرين بالإحترام بينما يريد في الباطن هدم دينهم ومذهبهم من أساسه "‏يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ" إنتهى.

    نعم يا شيخ إنّ كلّ إنسان يفهم أنك كتبت إعتراضك مقابل البابيّة وكان مقصودك أنّ شهادة حضرة الباب الأعظم وإنفاق أصحابه أرواحهم وأموالهم ليست دليلاً على حقيّته ولكنّك غفلت عن أنّ كلامك ينطبق كذلك على دلالة شهادة سيّد الشهداء وأصحابه على حقيّتهم بل إنّ كلامك إعتراض على القرآن المجيد كما سبق ان عرضنا في بداية هذه المناظرة. فلو ينظر منصف في الآية الكريمة: "‏قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ " ليرى بكلّ وضوح أنّ إعتراضك الّذي إعترضت به على الإيقان ينطبق بعينه على القرآن المجيد. وأسباب نزول هذه الآية الكريمة هو أنّ اليهود في زمان خاتم الأنبياء لما إفتخروا على أصحابه قائلين إنّنا شعب مقدّس إختصنا الله بشريعة كاملة وأولانا نعمته الإلهيّة لذا نزل الأمر لرسول الله من الله جلّ جلاله أنْ قُلْ لليهود تبكيتاً لهم وإثباتاً لبطلان دعواهم إنّكم لو ظننتم أنفسكم أولياء لله من دون الناس فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين. فيتّضح من هذا أنّ مقصوده تعالى هو أنّ ميزان معرفة أولياء الله من غير أوليائه هو تفضيلهم الموت في سبيل الله على البقاء بدون إيمان كما ظهر من أولياء الله أيام الظهورات الكلّية مثل ظهور موسى وظهور عيسى عليهما السلام. والآن نسأل أهل الإنصاف هذا السؤال: أليس ما كتبه جناب الشيخ "بأنّ فداء الروح والمال ليس بدليل" يؤلّف إعتراضاً على هذه الآية الكريمة أم لا؟ نعم إنّ مقصود جناب الشيخ هو الإعتراض على كتاب الإيقان الشريف ولكن لسوء الحظّ إنطبق إعتراضه على حضرة سيّد الشهداء وعلى القرآن وعلى الإنجيل لأننا عرضنا من قبل أنّ المحقّقين من علماء الإسلام إعتبروا شهادة حضرة سيّد الشهداء ومظلوميّته تثبت حقيّة حضرته وبطلان يزيد والأمويّين. ولاحظتم كذلك في القرآن المجيد أنّ الله قد قرّر تمنّي الموت فارقاً بين الحقّ والباطل. وكذلك رأيتم في الإنجيل الشريف أنّ عيسى عليه السلام قرّر أنّ الحبس والإضطهاد والمظلوميّة شاهدٌ على حقيّة أصحابه. وبناءً على هذا فقد إتّضح كالشمس في رابعة لنهار أنّ الحقّ مع مناظر جناب الشيخ في أنّ جنابه إعتبر شهادة سيّد الشهداء وأصحابه في مصاف مقتل أتباع يزيد ومعاوية وليس فيهما دليل على الحقيّة. ولهذا عرضتُ سابقاً أنّ المعارضين لهذا الظهور الأعظم لم يرموا قنبلة من مدافع الدفاع إلاّ وهدمت أوّلاً ركناً من أركان الإسلام ولم يصوّبوا سهماً من قوس الإعتراض إلاّ وأصاب قبل الهدف صدور أئمّة الهدى الطاهرين وهذه المسألة واضحة تماماً ولا تقبل بأيّ وجه من الوجوه المغالطة والخشونة وبذئ الاقوال. وأعرض في الحقيقة أنّ هذا العبد لا يقصد الدفاع عن المناظر البهائي أو إلتزام جانبه لأنّ جناب المناظر من أصحاب الأعمال والتجارة لا من أهل العلم وأرباب القلم ومن الممكن أن يوضح موضوعاً بأسلوب مختصر ويفسح بذلك مجال المغالطة لجناب الشيخ فيتصوّر نفسه غالباً ولكن هيهات أن يبقى الحقّ مستوراً ويَغلب الباطل ببذئ القول وخشن الكلام. ولهذا أسأل أهل الإنصاف: هل يمكن تسمية مثل هذا المناظر مخادعاً بعد أن أوضح بكلّ لطف وملاحة سخف إعتراض جناب الشيخ؟ وهل يجوز أن يقال للشخص البهائي الّذي إعترف بدينه بكلّ استقامة وثبات مذبذباً؟ وقد كتب جناب الشيخ رسالته بأسلوب خاص بحيث لا يُعرف منها أهو من أهل التسنّن أم من أهل التشيّع حتى إذا ما اُفحم من جانبٍ إنهزم إلى الجانب الآخر حتى أضطرّ مناظره إلى أن يسأله: "على أيّ طريق مستقيم أنتم؟". ومع هذا لم ير من مصلحته أن يكتب وينفي عن نفسه هذا التذبذب الظاهر وقد غفل عن أنّ حجّة هذا الأمر قائمة على جميع الفرق وأنّ برهان الظهور الجديد غالب على الملل الغابرة.

    24. في بيان أنّ جناب الشيخ إعتبر البابية عدوّة للإسلام ومنكرة للضروريّات في حين أنّ أعداء الأسلام هم علماء الأمّة كما ورد ذلك في الأحاديث:

    وأمّا ما كتبه جناب الشيخ في "إن أهل البهاء منكرون للضروريّات الدينيّة مثل خاتميّة رسول الله وخاتم النبيّين وصوم شهر رمضان والحجّ وغيرها" فحيث أنّ الإجابة على هذه المسألة ستأتي بصورة مفصّلة حين الإجابة على شبهاته وحيث أنّنا سوف نثبت بعون الله بصريح آيات القرآن وبالأحاديث الصحيحة أنّ القائم الموعود يظهر بشريعة جديدة وكتاب جديد وعدل سماوي وإنّ التمسّك بالضروريّات سيكون سبباً في إعراض متكبّري هذه الأمّة عن القائم الموعود كما كان سبباً في إعراض اليهود عن عيسى عليه السلام وعن رسول الله عليه السلام لهذا فإنّنا سنصرف النظر عن شرح هذه المسألة ونشرع الآن في الإجابة على ما كتبه جناب الشيخ في "أنّ أهل البهاء يذكرون رسول الله والأئمّة الطاهرين بكلّ إحترام في الظاهر ولكنّهم في الباطن يريدون هدم دينهم ومذهبهم من أساسه" فنقول: من العجيب أنّ جناب الشيخ لم ينتبه حتى الآن إلى أنّه سوف لا يبقى من الإسلام إلاّ إسمه بحكم الحديث الصحيح المقبول عند الطرفين: "سَيَأتِي زَمَانٌ عَلَى أمَّتِي لا يَبْقى مِنَ الإسْلامِ إلاّ إسْمُهُ وَلا مِنَ القُرْآنُ إلاّ رَسْمُهُ". وقد مضى زمن طويل لم يبق فيه من الدين الإسلامي المقدّس ومن البنيان الرفيع الّذي بناه سيّد الأنام غير شعائر مندرسة وأعلام منكّسة ومعارف مطموسة وأحكام مقلوبة وأطراف منهوبة وقوّاة مغلوبة حتى يأتي البابيّون فيهدمونه من أساسه ويخرّبونه. فمن ذا الّذي يخرِّب الخرائب؟ ومن ذا الّذي يسلب رداءً من العاري؟

    يا أولي الأبصار المنيرة! يا أصحاب القلوب المدركة! أنظروا إلى خمسمائة حديث رُويت عن طريق أهل التسنّن وأهل التشيّع وفيها بيّن رسول الله وخاتم الأنبياء وأئمّة الهدى بصورة صريحة علامات آخر الزمان. وإنّ جميع أحوال الأمّة الإسلاميّة وكلّ ما ترونه اليوم بأعينكم من ضعف المسلمين ومغلوبيّتهم وتفرّق مذاهبهم وتشتّت قلوبهم كلّه مبيّن في هذه الأحاديث. وقد صُرّح في أكثر هذه الأحاديث بأنّ سبب ضعف الإسلام وإضطراب أحوالهم هم العلماء والفقهاء والرؤساء الّذين ينحرفون عن سبيل التقوى ويكون همّهم طلب الرئاسة وإكتساب المناصب الدنيويّة وعدم الإجتناب عن الشهوات الدنيئة والتقرّب من الظالمين. فقد ذكر في الحديث الّذي ذكرنا لكم أوّله: "فُقَهَاءُ ذَلِكَ الزَّمَانِ أشَرُّ الفُقَهَاءِ تَحْتَ ظِلِّ السَّمَاءِ مِنْهُمْ خَرَجَتِ الفِتْنَةُ وَإلَيْهِمْ تَعُودْ".
    ومن الأحاديث الّتي تليق بالمسلمين أن يفكّروا فيها قليلاً هذا الحديث الشريف الّذي رواه المجلسي عليه الرحمة في باب العلامات من مجلّد الغيبة من بحار الأنوار: عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال حججت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم حجّة الوداع فلمّا قضى النبيّ عليه السلام ما إفتُرض عليه من الحجّ أتى مودّعاً الكعبة فلزم حلقة الباب ونادى برفع صوته: "أيُّهَا النَّاسْ" فإجتمع أهل المسجد وأهل السوق فقال: "إسْمَعُوا فَإنِّي قَائِلُ مَا هُوَ بَعْدِي كَائِنُ فَلْيُبَلِّغُ شَاهِدَكُمْ غَائِبَكُمْ". ثم بكى رسول الله حتى بكى لبكائه الناس فلمّا سكت من بكائه قال: "إعْلَمُوا رَحِمَكُمْ الله إنَّ مَثَلُكُمْ في هَذَا اليَوْمِ كَمَثَلِ وَرَقٍ لا شَوْكَ فِيهِ إلى أرْبَعِينَ وَمَاءَةَ سَنَةٍ. ثُمَّ يَأتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ شَوْكٌ وَوَرَقٌ إلى مَائَتَيْ سَنَةِ ثُمّ يَأتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ شَوْكٌ لا وَرَقَ فِيهِ حَتّى لا يُرى فِيهِ إلاّ سُلْطَانٌ جَائِرٌ أوْ غَنِيٌّ بَخِيلٌ أوْ عَالِمٌ رَاغِبٌ في الْمَالِ أوْ فَقِيرٌ كَذَّابٌ أوْ شَيْخٌ فَاجِرٌ أوْ صَبِيٌّ وَقِحٌ أوْ إمْرَأةٌ رَعْنَاءْ" ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآله فقام إليه سلمان الفارسي وقال يا رسول الله أخبرنا متى يكون ذلك فقال: "يَا سَلْمَانْ إذَا قَلَّتْ عُلَمَاؤكُمْ وَذَهَبَتْ قُرَّائُكُمْ وَقَطَعْتُمْ زَكَاتَكُمْ وَأظْهَرْتُمْ مُنْكَرَاتَكُمْ وَعَلَتْ أصْوَاتُكُمْ في مَسَاجِدِكُمْ وَجَعَلْتُمْ الدُنْيَا فَوْقَ رُؤوسِكُمْ وَالعِلْمَ تَحْتَ أقْدَامِكُمْ وَالكَذِبَ حَدِيثُكُمْ وَالغَيْبَةَ فَاكِهَتُكُمْ وَالْحَرَامَ غَنِيمَتُكُمْ وَلا يَرْحَمُ كَبِيرُكُمْ صَغِيرَكُمْ وَلا يُوَقِّرُ صَغِيرُكُمْ كَبِيرَكُمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَنْزِلُ اللَعْنَةُ عَلَيْكُمْ وَيُجْعَلُ بَأسُكُمْ بَيْنَكُمْ وَبَقِيَ الدِّينُ بَيْنَكُمْ لَفْظاً بِألْسِنَتِكُمْ فَإذَا اُوتِيتُمْ هَذِهِ الْخِصَالَ تَوَقَّعُوا الرِيحَ الْحَمْرَاءَ أوْ مَسْخاً أوَ قَذْفاً بِالْحِجَارَةِ وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ في كِتَابِ اللهِ "‏قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيات لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ" ".

    وكتب الشيخ حسن العدوي الحمزاوي من علماء أهل السنّة والجماعة في كتابه (مشارق الأنوار) في أشراط الساعة الصغرى أي قيام المهدي: "ومنها رفع الأسافل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "لا تَقُومَ السَّاعَةُ حَتّى يَكُونَ أسْعَدُ النَّاسِ بِالدُّنْيَا لُكَعَ بنْ لُكَع ٍ وَمَا مِنْ عَالِمٍ إلاّ وَالّذي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتّى تُلْقُوا رَبَّكُمْ" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "إذا فَعَلَتْ أمَّتِي خَمْسَةَ عَشَرَ حَلَّ بِهَا البَلاءُ" قيل وما هي يا رسول الله؟ قال: "إذا كانَ الْمَغْنَمُ دُوُلاً وَالأمَانَةُ مَغْنَماً وَالزَّكَاةُ مَغْرَماً وَأطَاعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ وَعَقَّ أُمَّهُ وَجَفَا أبَاهُ وَارْتَفَعَتِ الأصْوَاتُ في الْمَسَاجِدِ وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أرْذَلَهُمْ أُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَة َ شَرِّهِ وَشُرِبَتِ الْخُمُورُ وَلُبِسَ الحَريرُ واتُّخِذَتِ القَيناتُ وَالْمَعَازِفُ ولَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأمَّةِ أوَّلَهَا فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحاً حَمْراءْ أوْ مَسْخاً أوْ خسفاً" وفي الحديث "وتُعِلِّمَ العِلْمُ لِغَيْرِ الدِّينِ وَسَادَ فَاسِقُهُمْ وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أرْذَلَهُمْ" وفي الحديث "إنَّ اللهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ إنْتِزَاعاً وَلَكِنْ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ حَتّى إذا لَمْ يَبْقَ عَالِمُ إتَّخَذَ النَّاسُ رُؤسَاءَ جُهَّالاً فَأفْتُوا بِغَيْرِ عِلْمٍٍ فَضَلّوا وَأضَلّوا".

    وخلاصة القول لو إنّ هذا العبد يريد أن يذكر الأحاديث الّتي أدّت إلى ضلال الأمّة وضعف الملّة وشرور أصحاب الرئاسة فإنّه يجب أن يشتغل بتأليف كتاب ضخم ولكنّ أهل البصيرة يستطيعون أن يدركوا ممّا ذكرناه مَنْ هو عدوّ المسلمين وما هو سبب ضعف الدين. ولو ينظر الإنسان الفاحص بنظر دقيق ليرى بوضوح أنّ مَثل هؤلاء الّذين يدّعون محبّة الإسلام وخاتم النبيّين كمثل اليهود في أدّعائهم محبّة شريعة التوراة وموسى عليه السلام. نعم إنّ مما لا شكّ فيه أنّ اليهود قد رسّخوا في قلوبهم حبّ موسى عليه السلام وشريعة التوراة وإعتبروا عدم جواز نسخ أحكام التوراة أم تغييرها من ضروريّاتهم الدينيّة مثل حفظ السبت والذبيحة وحجّ البيت المقدس والصوم والأعياد المخصوصة وتراهم حتى يومنا هذا يتحمّلون جميع الشدائد والآلام من أجل حفظ هذه الشريعة ولكن تُرى هل أنّ هذا الحبّ مقبول عند الله بقدر ذرّة أو يعتبره حبّاً حقيقيّاً؟ أم إنّ حبّ موسى عليه السلام بصورة صحيحة كان يملكه أتباع عيسى الّذين رضوا بتغيير الأحكام الفرعيّة ولكنّهم رسّخوا حبّ موسى عليه السلام في قلوب جميع أهالي أوروبّا؟ إذ من الواضح أنّ جميع أهالي أوروبّا كانوا وثنيّين قبل ظهور عيسى عليه السلام ولم يكن لهم إيمان بحقيّة نبوّة موسى عليه السلام ولكنّهم بعد إنتصار الديانة النصرانيّة على أوروبّا صدّقوا عيسى عليه السلام وإعترفوا كذلك بحقيّة نبوّة موسى وأتّخذوا التوراة كتاباً من الله وإعتبروا حبّ موسى عليه السلام وسيلة للتقرّب إلى الله. وهكذا اليوم حال مدّعي محبّة الإسلام وحال أهل البهاء. ومهما كان الشخص فاقداً للبصيرة ولا يستطيع فهم فوائد كتاب الإيقان الشريف وهو مفتاح معضلات الكتب السماويّة ومبيّن غوامض الآيات الإلهيّة فإنه يستطيع أن يفهم أنّ تلاوة نفس هذا الكتاب جعلت الكثيرين من الزردشتيّين الّذين ما كانوا يعتقدون بموسى وعيسى ومحمّد عليهم السلام يؤمنون بهم ودخلوا جنّة الإيمان وهكذا جماعة كثيرة من اليهود الّذين إمتزجت كراهيّة عيسى ومحمّد عليهم السلام بقلوبهم وأرواحهم قد تبدّلت اليوم كراهيتهم بالمحبّة وكفرهم بالهداية بقوّة بيان كتاب الإيقان وصاروا يهتفون كالطيور المغردة بدلائل وبراهين حقيّة عيسى عليه السلام وخاتم النبيّين وأئمّة الهدى عليهم السلام [وذلك فضل الله يؤتيه مَنْ يشاء].

    وخلاصة القول فقد إتّضح ممّا عرضناه جوابنا على جميع إنتقادات جناب الشيخ على الأمر المبارك وحضرة الباب الأعظم وإنكشفت كيفيّة تشريع الأديان وإنشقاق المذاهب وحدوث الإختلافات الّتي هي من المسائل المهمّة العلميّة والتاريخية. وقد ثبت أنّ أصول الأديان والشرائع جميعها كانت من عند الله وأنّ المذاهب الوثنيّة هي بِدَعٌ باطلة لا زالت تدخل الأديان الإلهيّة سواء أكانت هذه الوثنيّة وعبادة الأصنام قبل نوح عليه السلام أو بعد نوح من فلاسفة اليونان والرومان أو م

    الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى