منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se
منتديات عظمة هذا اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا إلهي أغث هؤلاء البؤساء، ويا موجدي ارحم هؤلاء الأطفال، ويا إلهي الرّؤوف اقطع هذا السّيل الشّديد، ويا خالق العالم أخمد هذه النّار المشتعلة، ويا مغيثنا أغث صراخ هؤلاء الأيتام، ويا أيّها الحاكم الحقيقيّ سلّ الأمّهات جريحات الأكباد،ع ع

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address:

Delivered by FeedBurner


المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 32 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 32 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 138 بتاريخ 2019-07-30, 07:24
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان


    [/spoiler]

    أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

    مكاتيب حضرة عبد البهاء 3

    اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    عاطف الفرماوى


    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    و علّمهم تأويل آياته. لذا ينبغی ان أذ?ر بعض ما أراد اللّه
    فی هذه الآية الغيبيّة و الرنّة المل?وتيّة و النغمة
    اللاهوتيّة و أقول انّ الروم هو الشؤون الّتی ترجع
    و تنتسب الی الحقائق ال?ونيّة و صرف الانية و الحجب
    الساترة و الظلمات الصادرة عن تعينّات الوجود
    و تشخصّات الموجود. و هذه تغلب و تضمحل عند شروق
    الاشعّة الساطعة عن شمس الحقّ فلمّا انتهی ?ور الروح
    خبت مصابيح الهدی و ر?دت نسائم التقی و انقطعت
    أرياح الوفاء و ?لّت ألسن بلابل الأحديّة فی حديقة
    الولاء و تبدّلت الجنّة الغنّاء و الروضة الغلباء
    بالفلاة الجدباء و صاح البوم فی أغصان شجرة الزقّوم
    اذاً هبّت نسائم ربيع ربّ? الرحمن من الوادی الايمن
    البقعة المبار?ة و طلعت شمس الأحديّة عن مطلع ارادة
    ربّ? الرحمن الرحيم و ارتفعت سحاب الفضل و فاضت
    علی الافئدة و القلوب و الحقائق و النفوس و اخضرّت
    أراضی القابليات و الانّيّات و أنبتت أرض المعرفة
    و نبتت الشجرة المبار?ة الّتی منها سمع النداء بان

    ص ٦٩
    "يا موسی انّ? بالوادی المقدّس طوی" و ظهرت نار
    الحقيقة فی تل? الزيتونة الّتی لا شرقيّة و لا غربيّة ي?اد
    زيتها يضیء ولو لم تمسسه نار نور علی نور يهدی اللّه لنوره من
    يشاء اذاً غنّ عندليب المعانی علی الافنان بفنون الالحان
    و قال "غلبت الروم فی أدنی الأرض" فأی أرض أدنی
    من حقائق الاشياء و تعينّاتهم. ثمّ أخبر لسان القدم
    و ال?لمة الاعظم بانّ المل? الحيّ القيّوم قدرّ ل?لّ أمر
    أجلاً محتوماً. فسوف فی انتهاء هذا الدور يأتی ايّام تغرب
    هذه الشمس الساطعة فی خلف سحاب مترا?مة
    و ينتهی هذا الربيع الروحانی الی الخريف الظلمانی و تتبدّل
    هذه الجنّة العالية و تنقعر أشجارها و تتناثر أوراقها
    و تس?ن أرياحها و تنقطع أنهارها و يبيد صفاؤها
    و هذه من سنّة اللّه و لن تجد لسنّته تبديلاً و لا تحويلا.ً
    اذاً يا ايّها السائل فانظر بالبصر الّذی خلق اللّه خلف
    بصر? الظاهر هل يقتدر المنصف ان يقول انّ معانی
    ?لمات اللّه التامّات موجودة عند هؤلاء الّذين لا يميزون
    يمينهم عن شمالهم. لا فو الّذی انطق الورقاء بذ?ره بين

    ص ٧٠
    الأرض و السماء بل يتيقّن بانّ المعانی ملهمة فی أفئدة
    صافية مل?وتيّة. لو أراد اللّه يقيم أحداً من احبّائه الواقفين
    علی مر?ز الهدی بين ملأ الانشاء و يفسرّ بعونه
    و قوّته حقائق آياته بمعان ما اطّلع به الّا اللّه و الراسخون
    فی علمه. اذاً فاقبل الی ربّ? بوجه ناضر و بصر ناظر
    و قل ای ربّ ثبّت قدمی علی أمر? و علّمنی من
    علم? الم?نون و سرّ? المخزون و عرّجنی الی
    مل?وت? الأعلی و رفيق? الأبهی و عرّفنی معانی
    آيات? لأظهر عن أفق مشيّت? ??و?ب الصبح بانوار
    علم? و معرفت? و اظهر للناس سبيل? القويم و صرا ط?
    المستقيم الّذی من سل? فيه لوصل الی مشرق الآثار
    و مطلع الانوار لانّ هذا ما يبيض وجهی عند مشاهدة
    آيات? ال?بری و ملاحظة آثار تجلّيات? العليا. أی ربّ
    وفّقنی علی هذه الموهبة ال?بری و الرحمة العظمی
    لانّ هذا أملی من? و مقصدی و رجائی يا مال?ی و منائی
    فی ?لّ أحوالی و فرح قلبی و سلوة فؤادی فی ليالی و أيّامی
    انّ? أنت المعطی الباذل الرؤف الرحيم و فی مقام

    ص ٧١
    الانفس تری لهذه الآية الربّانيّة . معانی قدسيّة لاهوتيّة
    منها أراد اللّه ب?لمة الروم جنود النفس و الهوی
    و شعوب الجهل و العمی بما ايّد عند ظهور حبيبه جنود
    العقل و النهی بشديد القوی حتّی رأی من آيات ربّه ال?بری
    و سمع النداء الاحلی عن الافق الأعلی و شرب
    الرحيق المختوم من يد ساقی الوفاء و أخذه س?ر خمر ذ?ر
    ربّه الأعلی. علی شأن استغرق فی بحور محبّة اللّه اذاً فنی
    حقيقة النفس و الهوی مع الشؤون و القوی عند ظهور آثار
    الحقيقة المطلقة الالهيّة و غلبت و اضمحلت من سطوات
    آيات بارئها و ل?ن ?انت مغلوبيّتها مبدأ لقدرتها و قوّتها
    و علوّها و عزّتها لانّها ز?ت و اطمئنّت فی ذ?ر ربّها
    و بذل? غلبت علی ?لّ شیء و أحاطت بقدرة موجدها
    و مبدعها حقائق المل?وت علی ما هی عليها و أدر?ت أسرار
    بارئها و مصوّرها. فايّ غلبة أعظم من هذا لو ?ان الناس
    ببصر الحقّ ينظرون. و انّهم لو يطيرون بجناح الروح فی سماء
    العرفان ليشهدون بانّ هذا هو القدرة القاهرة و القوّة
    الباهرة و السطوة البالغة و السلطنة الغالبة و ل?ن

    ص ٧٢
    لما تواروا خلف حجب الغفلة و نسوا ما ذ?روا به ضرب
    اللّه علی أعينهم غشاوة و علی آذانهم وقراً اذاً يا ايّها السائل
    الجليل قم بقوّة علی ذ?ر ربّ? بين ملأ الأرض و قل الی
    متی تقنعون بقطرة منتنة آسنة عن البحر الاعظم الأبهی
    الّذی تموّج لذاته بذاته و جعل اللّه برشح منه ?لّ الوجود
    حيّاً باقياً ?ما قال و قوله الحقّ "و جعلنا من الماء ?لّ شیء
    حيّ" و فی مقام أراد اللّه ب?لمة الروم النفوس الّتی
    استضائت وجوههم عند شروق شمس القدم عن مشرق
    اسمه الاعظم و صفت مرايا أفئدتهم و قابلت أشعّة نيّر
    الا?رم لانّ اسم الروم فی عرف اللغی وضعت لطائفة
    بيضاء و امّة حميراء و النفوس الصافية الّتی ناظرة الی ربّها
    بوجوه ناضرة مبيضّة مستبشرة فبهذا يحصل المشابهة
    و المناسبة و أمّا المراد بقوله عزّ اسمه "غلبت الروم"
    أی غلبت فی عوالم الجسمانی تل? النفوس الز?يّة الّتی فنت
    عن صفاتها و حدودها عند ظهور مجلّيها حتّی اتّصفت
    بصفات رحمانيّة و ظهرت بآثار مل?وتيّة. أرسل اللّه عليهم
    أرياح الامتحان و الافتتان و القاهم تحت مخالب المن?رين

    ص ٧٣
    الّذين ما استنشقوا رائحة الحياء و تر?وا النهی و تمسّ?وا
    بالهوی. و ل?ن لما ?انوا غالبين من حيث الروح ?ذل?
    سيغلبون من حيث الجسد علی أعدائهم بقدرة بارئهم لأنّ
    اللّه جعل ?لّ الخير لأحبّائه فی ?لّ عالم من العوالم حتّی فی عالم
    الجسم و الذ?ر. اما تشهد بذ?رهم ملئت الآفاق و باسمهم
    رفعت رايات الوفاق و بهم اشتعل العالم و استضائت
    المم?نات بنور الوجود من العدم و بهم انشقّت الاحجار
    و تفجّرت الانهار و تموّجت البحار و شرعت الشوارع
    و صفت الموارد و نزلت الموائد و رفعت الامراض
    و حيّت الاموات و زلزلت الأرض و انفطرت السماء
    و نسفت الجبال و أزلفت الجنان و اثمرت الاشجار
    و ظهرت الاسرار و هت?ت الاستار و لاحت الانوار
    و شاعت الآثار اذاً قل فسبحان اللّه موجد هذه الشهب
    الثاقبة و النجوم الساطعة و ال?لمات التامّة و النفوس
    العالية و العقول المجرّدة و الارواح الهائمة فی اللّه ربّها
    و قل أی ربّ ادخلنی فی ظلّ شجرة رحمانيّت? و اغمسنی
    فی لجج عزّ فردانيّت? و قدّسنی عمّا سوا? و خلّصنی من

    ص ٧٤
    غمرات النفس و الهوی حتّی أقوم ?ما أقمتهم علی خدمت?
    و أستقيم علی أمر? بحول? و قوّت? انّ? أنت المعطی
    لمن تشاء بيد? الخير و انّ? لعلی ?لّ شیء قدير.
    و فی مقام أراد اللّه بهذه ال?لمة الفرقانيّة شرائع
    اللّه و سننه و حدود اللّه و ح?مه لانّ الناس فی ايّام الفترة
    تر?وا أوامر اللّه وراء ظهورهم و نسوا ح?م اللّه نسياً
    منسياً بحيث وضعوا و أسّسوا أساس سياسة جهلية و قنّنوا
    أصولا و قوانين رسومية و رفعوا أعلام أح?ام ظلميّة
    ظنّيّة بحيث تر?وا العلم و الهدی و تمسّ?وا باذيال الوهم
    و الهوی هبطوا من سماء العقل و النهی و س?نوا فی
    در?ات الضلالة و العمی اتّخذوا سبيل المفسدين و ظنّوا
    انّه صراط مستقيم، اعت?فوا علی أصنام مترفيهم و جهلوا
    مفسديهم من مصلحيهم. و بذل? خبت مصابيح العدل
    و الانصاف و اشتدّت قواصف الاعتساف، استولت
    آية الظلم و محت آثار الانوار و ابتلی الناس بطوارق
    الليل و جوارح النهار بما تر?وا أوامر اللّه و سننه
    و حرّفوا أح?ام اللّه و حدوده و بذل? غلبت الشرائع

    ص ٧٥
    المقدّسة الربّانيّة بين الناس و ل?ن بقدرة اللّه و قوّته عند
    طلوع صبح الهدی من أفق البقاء فتقت سحاب الظنّ
    و الغوی و ارتقت سماء العلم و التّقی، لاحت آية النور ومحت
    ظلمات الديجور ظهر الصراط القويم و نصب القسطاس
    المستقيم، امتدّت العروة الوثقی الّتی لا انفصام لها و هبّت
    لواقح ربيع العدل و الح?مة من مهبّ عناية الربّ القديم
    و ألبست أشجار الهيا?ل الانسانيّة بأوراق العلم و الح?م
    الربّانيّة. غرست الشجرة الطيّبة الّتی أصلها ثابت فی
    الأرض و فرعها فی السماء و تؤتی أ ?لها فی ?لّ حين
    و امتدّت أغصانها و أفنانها فی الآفاق و آوت و و?رت
    عليها طيور الوفاق و غنّ عليها عندليب الاريب بذ?ر
    الحبيب و رنّت فی أفنانها حمامة الودود بمزامير آل داود
    علی شأن اهتزّت الارواح و انشرح الصدور و قرّت
    الاعين و طابت النفوس و صار الام?ان حديقة الرضوان
    أما تری بأنّه ظهر بين أمّة متوحّشة ذليلة و طائفة جاهلة
    ممقوتة بين ?لّ الأمم و ?ان جهلهم علی درجة ما ?انوا يميّزون
    اليمين عن اليسار و ي?تبون علی صفحات الماء و يأتون ?لّ

    ص ٧٦
    فاحشة و يعملون ما يتنفّر منه الحيوان ف?يف الانسان
    ول?ن لمّا ظهر بينهم الحبيب الاعظم و النور الافخم
    و آية القدم و الصبح الابسم و آووا فی ?هف تربيته
    ما مضی ايّام معدودة و سنين محدودة الّا و ترقّت هذه
    الطائفة الجاهلة من حضيض الجهل الی أوج العلم و الح?مة
    و برعت فی الفنون و المعارف و فرعت علی أعلام العلوم
    و العوارف و اشتهرت بين الخلائق بخصائص الانسانيّة
    و صفات الرحمانيّة حتّی صارت معدن ال?مال و العرفان
    و محور دائرة المفاخر و الاحسان. و بذا انتصرت علی
    الآفاق و تسلّطت علی ?لّ القبائل و الشعوب من البرايا
    فصارت الناس يأتون من ?لّ فجّ عميق الی بلادهم حتّی
    يتعلّموا العلوم و الح?م و يتزينّوا بحلل الفضل و ال?مال
    و ?لّ ذل? ما ?ان الّا بفضل اللّه و رحمته بما بعث فيهم
    خير البريّة بقوّة عجزت عنها الخلائق أجمعون.
    و فی مقام أراد اللّه ب?لمة الروم الحقائق المم?نة
    المتجلّيّة بأسماء اللّه و صفاته المصطلية من نار الأحديّة الموقدة
    فی البقعة المبار?ة فی بحبوحة الجنّة الظاهرة المشهودة علی

    ص ٧٧
    أربعة أر?ان قدميّة المؤسّسة بزبر الالوهيّة و الربوبيّة القائمة
    بجوهر الفردانيّة. فيا ليت فتح الرحمن عن فم هذا الغلام
    ختام الحفظ و ال?تمان حتّی أبيّن ل? يا حبيب مقامات
    نار الأحديّة و الشجرة المبار?ة و أغصانها و أوراقها
    و شؤون بقعة الفردوس الّتی سترها اللّه عن أعين ال?لّ
    الّا الّذين طاروا بجناح النجاح فی هواء يظهر فيه
    الافراح للأرواح و استنشقوا رائحة الوفاء عن قميص
    البهاء، المرشوش بالدّم الحمراء بما فعل المشر?ون بجماله
    المشرق المنير بعد ما أخذ اللّه العهد منهم فی ?لّ ?تب
    و صحف و زبر عند اشراق ?لّ نور من أنواره و طلوع
    ?لّ نيّر فی آفاقه بأن يعترفوا بقدرته و سلطانه و يسجدوا
    له يوم يأتيهم فی ظلل من غمامه و يفدوا أنفسهم حين
    ظهوره فداء للقائه. فوا حسرتا عليهم و أسفاً لهم بما
    فرّطوا فی جنب اللّه فسوف يأتيهم نبأ ما ?انوا عنه غافلين
    اذاً اقشعرّت جلودهم و استدمت أ?بادهم و ذابت
    قلوبهم و ناحت أرواحهم و تأوّه سرّهم وعضّوا أناملهم
    حسرة و ندامة علی ما فعلوا و حرّموا علی أنفسهم مائدة

    ص ٧٨
    الحياة النازلة من سماء رحمة ربّهم العزيز الغفور.
    فلنرجع الی ذ?ر ما ?نّا فيه من بيان ?لمة الروم
    فقلنا بانّ المراد منها حقائق الاشياء و ماهياتها و سعة
    الم?نات و قابلياتها. و المراد من غلبت أی عمّت الفيوضات
    الرحمانيّة و التجلّيات الصمدانيّة حقائق المم?نة المستفيضة
    من النور القديم و شملتهم و غلبت عليهم و احاطتهم من
    ?لّ الجهات ظاهراً و باطناً اليوم الّذی أشرقت شمس القدم
    من شطر الآفاق. لانّ فی مثل ذل? اليوم المبار? الموعود
    لا ينظر الحقّ الی سعة الحقائق الموجودة و استعدادهم
    بل يفيض عليهم من بحور فضله و احسانه ولو لم ي?ن لهم
    سعة قطرة من انهاره بحيث تری يلبس الفقير ثوب
    غنائه ويتردّی المس?ين الذليل رداء عزّه و علائه. ?ما قال
    و قوله الحقّ "و نريد أن نمنّ علی الّذين استضعفوا
    فی الأرض و نجعلهم أئمّة و نجعلهم الوارثين". ان يا أيّها
    الطائر فی هواء محبّة اللّه و السائح فی بحار الفضل قم
    عن رقد الاوهام و افتح بصر? لتشهد بانّ جمال القدم
    ?يف مشرق علي? و علی المم?نات من أفق الفضل

    ص ٧٩
    و يلوح وجهه بين السماء و الأرض و تری شمول فضل
    مولا? و عميم احسانه علی المقبلين و تبصر ?يف يتموّج
    طمطام رأفته ال?بری عن يمين ارادته و تهبّ روائح
    الرحمة العظمی من مهبّ عنايته لتعلم بانّ هذا يوم لو أراد
    الذباب ان يستنسر و القطرة ان يستبحر فی ظلّ هذا
    الجمال ليقدر بعون اللّه و قوّته ?ما قال و قوله الحقّ
    "لو أرادت نملة ان تتصرّف فی القرآن و باطنه و باطن باطنه
    فی ح?م سواد عينها لتقدر لانّ سرّ الصمدانيّة قد تلجلج فی
    حقائق المم?نات" اذاً قل تبار? الّذی أظهر قدرته و سلطانه
    و رحمته و احسانه فی هذه الايّام علی الخلائق أجمعين
    و أمّا قوله تعالی "و هم من بعد غلبهم سيغلبون" أی
    يأتی ايّام فيها تغرب شمس الأحديّة فی مغرب البقاء و تر?د
    نسمات الروح عن شطر الوفاء و تخبو سراج المحبّة فی
    صدور ذوی الحجی و تخمد نار الشوق فی قلوب أولی النهی
    و تنقطع مائدة العرفان من سماء الايقان و يمنع سحاب
    القدس عن بذل الامطار و بحر الأحديّة عن قذف درر
    الاسرار و ينتهی هذا النعيم الاوفر و الحظّ الا?بر

    ص ٨٠
    و ينقلب هذا اليوم الانور بالليل الاليل. فاذا وجدت
    الام?ان علی هذه الاحوال فاعلم و أيقن بأن قرب صباح
    الايقان و دنی طلوع فجر الرحمن من مشرق الام?ان
    و مجی ربّ? فی ظلل من الغمام اذاً فارفع يدي? مقبلاً الی
    مولا? و قل ل? الحمد و الش?ر يا ربّی الأبهی بما خلقتنی
    و بعثتنی فی اليوم الّذی لاح وجه? و ظهر جمال?
    و اشرقت طلعت? و سبقت رحمت? و سبغت نعمت?
    و أحاطت قدرت? و ظهرت آيات? و علت ?لمت?
    و ثبت برهان?. فوعزّت? لو أثنی علي? بدوام سلطنت?
    لن أستطيع اداء ?لمة من ش?ر? و ل?ن لمّا رأيت من عميم
    فضل? و عظيم جود? و احسان? تقبل القطرة من عباد?
    مقام البحر و تحسب الذرّة مقام الشمس لذا قدّمت بين يدي?
    بضاعة ش?ری الّتی لم ت?ن الّا ?رنّة بعوضة فی الواد
    أو ?دبيب نملة علی الاصفاد و انّ? أنت الغفور الرحيم.
    و منها أراد اللّه بهذه ال?لمة القرآنيّة مقام النظر
    و الاستدلال و اقامة الادلّة القاطعة و البراهين الناطقة
    علی وحدانيّة الحقّ و فردانيّته و عزّته و قدرته و سلطانه

    ص ٨١
    ?ما شهدت و رأيت فی ايّام الّتی مضت قبل ظهور نيّر
    الاعظم عن مشرق اسمه الم?رّم. بحيث ما ?ان لأحد
    سبيل اليه و لا دليل عليه الّا ما دلّت العقول و الانظار
    من ظهور آياته و بروز آثاره و ?ان الناس يستدلّون بها
    علی وجوده و تنزّهه عمّا سواه. و ل?ن لمّا طلعت شمس
    الآفاق عن مطلع القدم فی الهي?ل الم?رّم و استضاء
    الوجود بالاشعّة الساطعة علی ?لّ موجود خرقت حجبات
    النظر و الاستدلال و سقطت رايات الدلائل و الاشارات
    و رفعت أعلام الم?اشفة و الشهود علی اعلام القلوب
    و الابصار و فاز الاحرار بلقاء ربّهم يوم زلزلت الأرض
    و نسفت الجبال اذاً قل فتبار? اللّه المل? العزيز الجبّار
    الّذی أتی فی ظلل من الانوار بسلطان عظيم غلبت الروم
    أی اضمحلت قطرات مياه النظر و الاستدلال عند تموّج
    ابحر الم?اشفة و الشهود بعد الّذی ?ان برد لوعة الطالبين
    و رواء غلّتهم و شفاء علّتهم و انعدمت و اضمحلت ?ان
    لم ت?ن الّا أوهام و ظنون و قياس و تصوّرات لانّ مثل
    الادّلة عند ربّ? ?مثل الظلّ عند طلوع الشمس. و لو ?ان

    ص ٨٢
    دليلاً عليها لم ي?ن لها وجود عند ظهورها و لا له بقاء
    تلقاء سطوع شعاعها. بل هو محجوب عنها و لو دلّ عليها
    و عند الّذين شربوا سلسال الرحيق المختوم من يد عناية
    اسمه القيّوم أعظم حجبات العباد ان يعتمدوا علی الظلّ
    الفانی لمعرفة شمس القدم أو يتّ?ئوا علی الآثار و يستدلّوا
    به علی وجود موجد الانوار. و مع ذل? يحسبون انّهم
    وصلوا الی مر?ز الهدی و ساروا فی افلا? النهی ?لّا
    انّهم فی غمرات الظنون يخوضون و فی بيداء الاوهام
    يتيهون اذاً قم بقدرة من اللّه و قوّة من سلطانه و خاطب
    الغافلين و قل الی متی تر?ضون فی برّيّة الجهل قد سطع
    برق المعانی فی سماء الروح و اشتعل الآفاق بنار اللّه الموقدة
    الّتی ظهرت عن سدرة سيناء فی طور البقاء. ألا يا معشر
    المشتاقين تقربوا اليها حتّی تصطلوا منها و تهتدوا بها و تتوقدّوا
    من جذواتها و تسمعوا زفيرها. و قل قد قرّت عيون
    الاشياء بلقاء ربّها و أنتم لا تبصرون، قد انتبهت المم?نات
    و أنتم غافلون، قد قامت الموجودات و أنتم فی فراش
    الغفلة ترقدون، نطقت ألسن ?لّ شیء بذ?ر ملي? الاسماء

    ص ٨٣
    و أنتم تصمتون. ان لم تتوجّهوا الی ذل? الجمال فبأيّ جمال
    تنظرون و ان لم تنتبهوا من هذا النداء فبايّ نداء تنتبهون
    و ان لم تهتزّوا من هذا الروح فبايّ روح تتحرّ?ون. هل
    تحسبون أنفس?م أحياء ?لّا انّ?م من أصحاب القبور
    أتزعمون بأنّ?م تبصرون أو تسمعون بل صمّ ب?م عمی فلا
    تفقهون. هل الرحمة ما سبقت أم النعمة ما سبغت أو الحجّة
    ما ?ملت و البراهين ما ظهرت و الآيات ما نزلت و ال?لمة
    ما تمّت و حمامات الفردوس ما غنّت و الجنّة ما أزلفت
    و الشجرة المبار?ة ما أثمرت و بحور الاسرار ما تموّجت. بل
    وقعت الواقعة العظمی و ظهرت الطامّة ال?بری و حشر
    ?لّ شیء فی محضر اللّه المهيمن القيّوم ولو ?ان المشر?ون فی
    س?رتهم يعمهون و منها أراد اللّه بهذه ال?لمة التامّة
    الشؤون الجسمانيّة و الحقائق الناسوتيّة و عوارضها و خصائصها
    فی عالمها و حيّزها و المراد من قوله عزّ شأنه "غلبت
    الروم" أی فنت الشؤون الجسمانيّة عند ظهور الآيات
    الروحانيّة و فاضت انهار الحقيقة علی أراضی الافئدة الصافية
    عند استواء الرحمن علی العرش الاعظم بين الا?وان. لأنّ

    ص ٨٤
    الجنود الروحانيّة تبطش و تصول علی الاحزاب يوم
    الاياب بقوّة ربّ الارباب لذا تغلب الجسمانيّات و ي?ون
    الح?م للروحانيّات و فی ذل? لآيات للمتبصّرين.
    و منها أراد اللّه بهذه ال?لمة المح?مة الثابتة مقام
    الظنون و الاوهام فی أفئدة العوام. لانّ فی ايّام أفول شمس
    العلم و الح?م تشهد الوهم و الظنّ هو السلطان الاعظم بين ملأ
    الا?وان. فتری انّما يعتمد ال?لّ فی المسائل و المعارف
    علی الظنّ حتّی الشرائع و السنن فلا يقتدرون ان يسبحوا
    فی بحور العلم ويخوضوا فی طمطام الح?مة و ل?ن عند
    شروق شارق اليقين من أفق مبين تزهق أشعّة جمال المعلوم
    ظلمات الوهم و الظنون اذاً ينطق لسان الابداع بأن جاء
    الحقّ و زهق الباطل انّ الباطل ?ان زهوقا. أن يا حبيب
    قل بلسان بديع ل? الفضل و المنّ و الرحمة و الاحسان
    علی هذا الرقيق الّذی لا يليق بشیء فی مل?? بما نجّيتنی من
    تيه الظنون و آويتنی فی افنان سدرة العلوم بل أغنيتنی
    عن العلوم بما وفّقتنی علی معرفة جمال? المعلوم. أی ربّ ثبّتنی
    علی حبّ? و أقمنی علی اظهار أمر? و اثبات ح?م? و اجعلنی

    ص ٨٥
    علماً علی اعلام? بين عباد? لا?ون مهبط الهام? و مؤيّداً
    بآثار? انّ? أنت المقتدر علی ?لّ شیء بقدرت? و سلطان?
    يا محبوب العالمين و منها أراد اللّه بهذه ال?لمة الجامعة
    مقامات النفس و مراتبها و درجاتها و علوّها و اضمحلالها
    و صعودها و سقوطها من فضل بارئها و نعمة موجدها (١)
    و بطش مبدعها فاعلم بانّ النفس لها مراتب شتّی
    و درجات لا تحصی. ل?ن ?لّيّاتها فی مراتب الوجود
    معدودة و محدودة بنفس جماديّة معدنيّة و نفس نامية نباتيّة
    و نفس حيوانيّة حسّاسيّة و نفس ناسوتيّة انسانيّة و نفس
    امّارة و نفس لوّامة و نفس ملهمة و نفس مطمئنّة و نفس
    راضية و نفس مرضيّة و نفس ?املة و نفس مل?وتيّة و نفس
    جبروتيّة و نفس لاهوتبّة قدسيّة فامّا النفس المعدنيّة
    عبارة عن مادّة جوهربّة فی المعادن و هی ?مالها و صفاؤها
    و التأثيرات الظاهرة منها فانظر الی الاحجار الثمينة
    المعدنيّة ?يف تنطبخ فی معدنها حتّی تصل الی ?مالها و جمالها
    بظهور نفسها فيها و بروز جوهريّتها بها و أمّا النفس
    -------------------------------------------------
    (١) و فی بعض النسخ و نقمة موجدها

    ص ٨٦
    النامية النباتيّة فهی عبارة عن الجوهر الّذی تقوم به القوّة
    النباتيّة الّتی بها تنبت و تنمو الحبوب و الاوراق و الاغصان
    و الاشجار بحيث تأخذ من الموادّ و الاسطقسّات و تعطی
    الاشجار و النباتات حتّی آناً فآناً تترقّی و تمتدّ أغصانها و تعطی
    ثمارها و أزهارها و أوراقها و أمّا النفس الحيوانيّة هی
    عبارة عن الجوهر الّذی قائم به القوی الحسّاسة
    للمحسوسات الجسمانيّة و أمّا النفس الانسانيّة عبارة
    عن النفس الناطقة أی الجوهر الّذی به تقوم قوی الانسان
    و الحواسّ الظاهرة و الباطنة و ال?مالات و المعارف الربّانيّة
    و العلوم الالهيّة و الفنون الصمدانيّة و الح?م الغيبيّة
    و ?ذل? معرض لشؤون الشهوات الظلمانيّة و النقائص
    الناسوتيّة فسبحان اللّه من هذه الآية العجيبة و النقطة
    العظيمة و ال?لمة الجامعة فی صحيفة الام?ان بحيث تری لها
    شؤوناً مختلفة و مراتب متنوّعة متضادّة و درجات متعدّده ممّا
    لا نهاية. لها و لها استعداد أن ت?ون مرآة لظهور حقائق
    لاهوتيّة و مجلّی لبروز صفات ?املة ربّانيّة. و لها تنزّلات
    فی ظلمات ?ونيّة و احتجابات بحجب ?ثيفة ناشئة من

    ص ٨٧
    حدودها و تعيّنها مانعة لوصولها الی مبدئها و مرجعها
    و ساترة عنها آيات موجدها المودعة فيها بفضل بارئها
    و لأجل ترقّياتها الی مراتب القرب و الوصال و تنزّلاتها
    فی مهال? البعد و الضلال تتقمّص فی ?لّ مرتبة و مقام
    بثياب أخری غير الأولی. لذا تعبّر فی ?لّ مرتبة بعبارة
    مثلاً فی مقام تنزّلاتها فی أسفل مراتب الشهوات الحيوانيّة
    و اشتغالها بزخارف الدنيا الدنيّة و شغفها فی مشتهياتها الخبيثة
    الفانية و انجمادها من برودة الام?ان و انخمادها عن
    حرارة حبّ ربّها العزيز الوهّاب و سقوطها و هبوطها
    فی ورطة الضلال و غلوّها و انهما?ها فی المن?ر و الطغيان
    فاعتبرت بنفس أمّارة ?ما قال و قوله الحقّ "انّ النفس
    لامّارة بالسوء الّا ما رحم ربّی" ثمّ تترقّی من هذا المقام
    الهائل و الدر? السافل الی مقام يأتيها أحيانا نبأ خوضها
    فی ورطة المهال? و انغماسها فی لجج الغفلة و سلو?ها فی
    تل? المسال? و انحجابها عن اللّه ربّها و غفلتها عن بارئها
    و حيرتها فی تيه الضلالة و الهوی و نسيانها ذ?ر اللّه
    المل? العزيز الأعلی. تارة تمرّ عليها نسيم التبصّر فی أمرها

    ص ٨٨
    و تتيقّظ اقلّ من الشیء فتلوم ذاتها بما تراها خائضة فی
    غمرات الغفلة و الغيّ و تشمتها بما تشهدها (١) هائمة فی بيداء
    المن?ر و البغی. تتأسّف لدنوّها وسقوطها و هبوطها فی
    أسفل درجات الذلّ و الشهوات المهل?ة و انحجابها خلف
    حجبات مترا?مة الّتی تمنعها عن الصعود الی الدرجات
    العالية الروحانيّة و تشغلها عن ذ?ر اللّه بهذه الوساوس
    الباطلة االشيطانيّة. فلاسفها و ندمها فی هذا المقام و لومها
    ذاتها تعتبر بنفس لوّامة ?ما قال جلّ اسمه "و لا
    أقسم بالنفس اللوّامة" و لمّا ارتقت من هذا المقام الادنی
    الأذلّ الأوحش و صعدت الی م?من الاعزّ الاقرب
    الاوفر و أيّدت بتأييد اللّه و ألهمت مضمون ?تابها ?ما
    قال "اقرأ ?تاب? ?فی بنفس? اليوم علي? حسيبا"
    و أتتها آيات الالهام و ظهرت لها حقيقة الليل من النهار
    و دعيت الی شاطئ بحر العرفان و رزقت بموائد القدس
    من جنّة الرضوان و جنّت من أثمار شجرة الاحسان
    و سقيت من أنهر الفضل و الا?رام و تنعّمت بنعم البقاء
    -------------------------------------
    (١) فی نسخة تراها

    ص ٨٩
    و ذاقت حلاوة الآلاء و عرفت علوّها و دنوّها و صعودها
    و هبوطها و طلوعها و أفولها ?ما هو حقّه و تبصّرت فی
    أمرها و تيسر لها عسرها و صارت تميل من الفانيات الی
    الباقيات و تغمض النظر عن الموجودات و تقلبه الی
    ساحة العزيز الجبّار و ترتقب النداء من الملأ الأعلی
    و تلتفت الی الشؤون الّتی ترقّيها حتّی توصلها الی عرش
    الاطمئنان و ?رسی الامتنان. فتصير مهبطاً لموارد الالهام
    بين الانام و تجد من سعيها و مجاهدتها الفوائد الّتی توصلها
    الی مقصدها و مطلبها اذاً تعتبر بنفس ملهمة لانّها
    ألهمت بفجورها و تقواها ?ما قال تبار? و تعالی "و نفس
    و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها" و فی مقام تنبّهها
    بذ?ر ربّها و تيقّظها بنداء بارئها عن رقد الاوهام و تذ?ّرها
    بذ?ر اللّه العزيز العلّام و صعودها و عروجها الی مقامات
    الحبّ و الاطمينان و انغماسها فی طمطام الايقان
    و مشاهدتها آيات اللّه من مشارق الام?ان و آفاق الا?وان
    و أنفس الرحمن و ظهور آية التوحيد من مطلع الجنان
    و دخولها و خلودها فی بحبوحة الجنان و فورانها من

    ص ٩٠
    حرارة حبّ ربّه العزيز المنّان و سيرها و سلو?ها الی اللّه
    المقتدر المل? الحنّان و جلوسها علی عرش الس?ينة
    و الاستقرار و شربها من ?أوس الاستقامة و الثبوت
    فی ?لّ الاحيان تعتبر بنفس مطمئنّة لانّها اطمئنّت فی
    الايمان و س?ن اضطرابها و قلقها و رويت غلّتها و بردت
    لوعتها و رقّت و ان?شفت حجباتها و تبدّلت بالنور ظلمتها
    و زالت بطالتها و ?مل نقصانها و خرقت أستارها و هت?ت
    أسبالها و ظهرت أسرارها و زلزلت أرضها و أخرجت
    أثقالها و حدثت أخبارها بانّ ربّ? أوحی لها. فسبحان اللّه
    هاديها و ناجيها و منوّرها و مصوّرها عن ?لّ ما يقول
    الجاهلون. و اذا وصلت الی هذا المقام الاعزّ الاوفی و المورد
    الاعذب الاصفی الاحلی و شربت من هذا المنهل الارقّ
    من الصبا تفوز بمقام التسليم و الرضی و تر? الطلب
    و الاقتضاء و تفوض الامور الی اللّه المل? العزيز القيّوم
    و تتو?ّل عليه و تتّ?أ علی وسادة فضله و احسانه و لا تری
    فی هذا المقام ما يخالف رضاها و لا تختار الراحة ال?بری
    علی المصيبة العظمی بل انّها راضية ب?لّ ما قضی اللّه لها

    ص ٩١
    فتراها فرحة مسرورة عند نزول البليّات و شا?رة ممنونة
    لدی تموّج أبحر المصيبات و الرزيّات ولو يأتيها من سحاب
    القضاء سهام الشدائد و البأساء و تنزل عليه أمطار البثّ
    و الضرّاء لتراها رطب اللسان بش?ر ربّها المستعان و فصيح
    البيان فی ذ?ر المل? المنّان. و هذا مقام لو فزت به لتصل
    الی سرور لا يتبعه الاحزان و فرح لا يتلوه الا?دار
    و فرج و سعة لا ينتهی الی الضن? و الشدّة و يسر لا يعاقبه
    عسر و محنة لانّ أزمّة الامور فی قبضة قدرة ربّ? و الأرض
    جميعاً قبضته يوم القيامة و السموات مطويّات بيمينه
    سبحانه و تعالی عمّا يشر?ون بحيث لا تتحرّ? ورقة علی
    شجرة و لا تسقط ثمرة الّا بارادة ربّ? الرحمن الرحيم
    و السال? فی ذل? المقام الأعلی لا يبقی له ارادة و س?ون
    و حر?ة و قدر و قضاء الّا باللّه بل تفنی ذاته و صفاته و ?ينونته
    و أنيّته ?لّها بسطوات آيات التوحيد ?ما تزول الاظلال عند
    شروق شارق القديم فمتی فنت و اضمحلّت ارادته فی ارادة
    الحقّ فصارت ارادته عين ارادته و رضائه عين رضائه و ارتفع
    الحجاب و زال النقاب و اضمحلّ الشر? فی حقيقة الفؤاد

    ص ٩٢
    ظهرت فی النفس آية الرضاء اذاً لرضائها بقضاء بارئها
    و تسليمها لامر خالقها اعتبرت بنفس راضية فبما
    أدر?ها سوابق الفضل و الرحمة و احاطتها الآلاء و النعمة
    و شملتها ثياب الجود و الاحسان و أقمصها اللّه قميص الانقياد
    و الرضوان يخاطب من الملأ الأعلی طوبی ل? بما قطعت
    السبيل و طويت الطريق حتّی وردت شريعة الوفاء و شربت
    زلال التسليم و الرضاء و تر?ت هوا? و رضيت بقضاء
    مولا? و انفقت ما ل? و علي? و فديت روح? و قلب?
    و فؤاد? فی سبيل مولا? و هذا قرّة عين? و بذل?
    تنال الی المقام الأعلی و الرفيق الأبهی و تصير مرضيّة
    مقبولة عند اللّه ربّ? و مستظلّا فی ظلّ فضل مولا?
    مستبشرة مسرورة مهتزّة بمنّه و احسانه انّ فضله بعباده
    المخلصين عظيم فلأجل صعودها بوسائط الرضا الی المعارج
    المرضيّة عند اللّه ربّها و مقبوليّتها فی فناء موجدها اعتبرت
    بنفس مرضيّة و لمّا طارت بأجنحة القدس فی فضاء
    هذا الفردوس و ذاقت حلاوة مقامات الانس فی حديقة
    الافريدوس و اجتمع فيها هذه المقامات العلّية النورانيّة

    ص ٩٣
    و تصاعدت الی هذه المراتب الرفيعة الروحانيّة و تفجرّت
    من شواهق حقيقتها ينابيع ح?م الصمدانيّة و صارت مهبطاً
    لموارد الالهام و مطلعاً لسطوع أنوار هذا الاشراق
    و اطمأنّت بذ?ر اللّه المهيمن المنّان و صارت راضية
    بقضائه و مرضيّة فی فناء بابه لذا عبرّت بنفس ?املة
    لاتّصافها بهذه ال?مالات الروحيّة الرحمانيّة و اشتمالها
    لهذه الصفات الجوهريّة الربّانيّة اذاً استحقّت و استعدّت
    للدخول فی حديقة مل?وت اللّه الّتی ?انت جنّة الابرار
    و مأوی الاحرار الّذين استنارت وجوههم ببشارات اللّه
    و ظهرت فيها نضرة الرحمن و آية المنّان و الی هذه المقامات
    أشار بقوله عزّ ?بريائه "يا أيّتها النفس المطمئنّة ارجعی
    الی ربّ? راضية مرضيّة فادخلی فی عبادی و ادخلی جنّتی"
    لانّ جنّة المأوی و حديقة ال?بريا و الروضة العليا
    و الفردوس الأعلی هی رياض مل?وت اللّه الّتی فتحت
    اليوم أبوابها و انبسطت أرضها و أشرقت أنوارها و أثمرّت
    أشجارها و تفتحت أزهارها و جرت أنهارها و تموّجت
    بحارها و تفجّرت ينابيعها و رقّ نسيمها و دقّ أديمها و غنّت

    ص ٩٤
    ورقائها و تبسّمت ثغورها و تبلّج سحورها و سطع
    بروقها و أنار شروقها و سجعت طيورها و تزينّت قصورها
    و آن حبورها اذاً قم بقوّة من اللّه و قل باعلی النداء
    فاسرعوا يا ايّها المشتاقون الی مطلع هذا النيّر الساطع اللامع
    القديم و أقصدوا هذا الملاذ الشامخ المنيع. و النفس
    اذا دخلت هذه الجنّة العالية و الحديقة الباقية و استهدت
    الی فجر هذا اليوم الانور و وردت هذا المورد الاعذب
    الاصفی الاطهر و ا?تسبت ال?مالات و اقتبست أنوار
    جواهر الاسماء و الصفات و شربت من هذه ال?أس
    الّتی ?انت مزاجها ?افورا و ساحت خلال هذه الديار
    و خاضت عمق هذه البحار و اهتدت الی هذه النار
    الموقدة المشتعلة فی فاران الحبّ تثبت فی حقّها ?لمة التوحيد
    و تستقرّ فی ذاتها آية التجريد و تفوز بحياة أبديّة و عيشة
    سرمديّة و تتلذّذ من النعماء الّتی لم تر عين مثلها و ما سمعت اذن
    شبهها و تشرب من الينابيع الصافية الّتی تجری عن يمين
    عرش الحقيقة و تذوق من اثمار الشجرة المنبتّة فی بحبوحة
    الفردوس المهتزّة من نفحات الّتی تأتی من شطر الجمال

    ص ٩٥
    و يحيی بها قلوب الموحّدين و تهتزّ منها أوراق أفنان أفئدة
    المخلصين و تفوز و تصل الی مر?ز البقاء فی ظلّ وجه ربّها
    الأعلی بحيث لا تواريها شائبة الفناء و لا يطرق عليها طوارق
    الانعدام و الاضمحلال ?ما قال و قوله الحقّ "?لّ من عليها
    فان و يبقی وجه ربّ? ذو الجلال و الا?رام" و النفس
    اذا نشرت أجنحة الروح و انجذبت من جذبات اللّه
    و طارت الی الافق الأعلی و قصدت رفيق الأبهی ترتقی
    الی مقام الجبروتيّة الرحمانيّة و تؤيّد بالقوّة القاهرة و القدرة
    الباهرة و السرّ المنمنم القديم و الرمز الم?رّم العظيم و تطّلع
    علی خفيات الحقائق الم?نونة المستورة الغيبيّة الّتی احترقت
    فی حسرتها قلوب العارفين و تنطبع من الاشعّة الساطعة
    من شمس الحقّ و آثارها و تح?ی عن ظهورها و أنوارها
    فی ?لّ الشؤون و الاطوار و تتعارج الی مقام جعله اللّه
    منزّهاً عن ادرا? المدر?ين لانّ هذا المقام خلق من أر?ان
    القدرة و القوّة و العزّة و السطوة و السلطنة و الاقتدار
    و الهيمنة و الاستقلال لا يشوبه شیء من الحدود و ال?ثرات
    بل هو جوهر التوحيد و ساذج التفريد و التجريد و نور

    ص ٩٦
    الانوار و سرّ الاسرار و سدرة المنتهی و الدرجة العليا
    و المر?ز الأعلی و المسجد الاقصی و غاية القصوی فی عالم
    الخلق ولو انّ ال?مالات لا بداية لها و لا نهاية و لن تحدّ
    بحدّ فهنيئا لمن دخل هذا المقرّ المقدّس الم?رّم العظيم.
    فامّا النفس الالهيّة هی عبارة عن الحقيقة ال?لّيّة
    الجامعة للحقائق اللاهوتيّة الربّانيّة و الدقائق الصمدانيّة
    الظاهرة بالنور القديم و الباطنة بالسرّ الاعظم العظيم
    النقطة الأحديّة الّتی منها ظهرت الاشياء و اليها أعيدت
    و منها بدئت و اليها رجعت ف?انت أحديّة الذات
    و واحديّة الصفات ثمّ ت?ثّرت بالظهور و الآثار و تشعّبت
    و تفصّلت و تفنّنت و تلألأت فامتلأت و تنورّت منها
    الانفس و الآفاق فی يوم الميثاق و اهتزّت بها هيا?ل
    التوحيد و تحرّ?ت و نشئت منها أفنان سدرة التفريد
    و تقمّصت بالطراز الأوّل و النور الا?مل و ظهرت من
    آية منها ?لّ الاسماء المدر?ة للحقائق الانسانيّة و نشئت
    من سمة منها ?لّ الصفات الحقيقة الغيبيّة فهی مر?ز دائرة
    الوجود بظهور لا اله الّا اللّه و قطب فل? البقاء الّذی يدور

    ص ٩٧
    عليه ?و?ب التفريد و التوحيد بحيث يدور ?لّ الحقائق
    الغيبيّة حول هذه النقطة الأحديّة اللاهوتيّة و تقتبس ?لّ
    ال?ينونات اللطيفة النورانيّة من هذه النار المشتعلة الملتهبة
    الناطقة فی سدرة الانسانيّة بانّه لا اله الّا هو العزيز المقتدر
    القيّوم و هذه النفس عبارة عن حقيقة الهيا?ل المقدّسة
    و الاعراش الحقيقيّة لا تقدر ان تجول فوارس عقول
    البشرية فی هذا المضمار و لا تطرق طيور ادرا?ات البريّة
    هذه الديار انّما للمخلصين منهم الحظّ الاوفر من أشعّة هذا
    النور الانور عند مسارعتهم و وفودهم الی فناء باب ملي?
    مقتدر. تبّا و سحقاً لقوم يظنّون انّهم ادر?وا علاهم مع انّهم
    لم يحوموا حول حماهم ?يف يقتدر ذباب الفناء ان يزاحم عنقاء
    مشرق البقاء و انّی للقطرة المنتنة الملح الاجاج ان تقتحم بحر
    العذب الصافی الموّاج. ?لّما يتعارج المتعارجون الی أعلی
    مقامات العرفان أو يتصاعد الموحّدون الی اسمی مشاعر
    مراتب الايقان انّما يقرءون أحرف ?تاب انفسهم
    و يصلون الی الآية المتجلّية المودعة المندمجة الم?نونة فی
    حقائق ?ينوناتهم و يدورون حول مرا?ز دوائر ذاتيّاتهم

    ص ٩٨
    و أمّا مراتب الّتی فوق عوالمهم و مدار?هم لن يقتدروا
    ان يستنبؤا منها و لا يستطيعوا ان يدر?وها. فانظر بعين
    الحقيقة الی الم?وّنات الخارجيّة تشهد ?لّ مادون لن
    يقدر ان يدر? ما فوقه ولو يترقّی فی مقامه الی أعلی ذروة
    الايجاد ?ما تشهد انّ الجماد ?لّما يرتقی و يتعارج الی سموّ
    ال?مال لن يقتدر أن يعرف و يدر? مقام النبات و ?ذل?
    ?لّ ما يزداد النبات بهجة و نموّاً لا يستطيع ان يطّلع علی
    حقيقة الحيوان و بمثل ذل? الحيوان ?لّما يست?ثر الحسن
    و الزهو و الاعتدال لن يتم?ّن له معرفة هويّة الانسان
    و حقائقه و شؤونه و صفاته اذاً فاعلم بانّ النفوس علی
    اختلا ف مراتبهم و شئونهم و درجاتهم يجری عليهم هذا
    الح?م بحيث لن يستطيع أحد ان يتجاوز حدّه و شأنه و لا
    الطير يقتدر ان يطير فوق منتهی أوج طيرانه. فاذا ?ان
    الحال علی هذا المنوال بين الاشياء الم?وّنة المم?نة الخارجة
    الّتی تشتمل علی المناسبات و المشابهات ف?يف اذاً بين
    مقامات الام?ان و مقامات الحقائق اللاهوتيّة الّتی
    ذهلت العقول عن ادرا?ها و تحيّرت النفوس فی عرفانها

    ص ٩٩
    و عجزت الالسن عن بيانها و ?لّت أجنحة طيور القلوب
    و الاف?ار عن الطيران فی سماء تبيانها فلنرجع الی ما ?نّا
    فيه من مقامات النفس و مراتبها و شؤونها و علوّها و دنوّها
    و سموّها فقلنا هذه الآية ال?بری فی مقام تدلّ
    علی النفس و مراتبها و تقلّبها من مرتبة الی مرتبة و من
    مقام الی مقام لانّها فی ?لّ مرتبة تتر? حدودها و شئونها
    و تغلب من سطوات آيات مرتبة الّتی فوقها و تضمحلّ
    من صدمات شؤون الّتی تز?يها و تلطّفها و تطهّرها و تنزّهها
    عمّا لا يليق بها فی سبيل بارئها و اذا خلصت و نجت من
    ?لّ مرتبة دانية و صعدت باعانة موجدها و مصوّرها الی
    مرتبة عالية تنتصر علی قوی المراتب السافلة و تغلب جنود
    حقائق الشؤون الدانية اذاً فاعرف ما قال جلّ ذ?ره "غلبت
    الروم" أی غلبت و اضمحلّت و فنت نفس الامّارة بالسوء
    من الصواعق النازلة عليها من عوالم المل? و المل?وت
    و الشهب الثاقبة الواردة عليها من م?امن العزّ و الجبروت
    اذا ايّدت بجنود النصر و الهدی و نصرت بملائ?ة
    الروح و التقی و انتبهت من نومها و غفلتها و انتهت من

    ص ١٠٠
    خوضها و هبوطها و سقوطها و شهدت نزولها و دنوّها
    ثمّ تذ?ّرت فی أمرها و دقّت بصرها و صفت نظرها
    حتّی عرفت ما هی عليها و الّذی حجّبها و منعها و صار سببا
    لبعدها و ن?رها و غفلتها و س?رها. اذاً تمسّ?ت باذيال
    الفضل و الرحمة و ابتهلت الی اللّه و لاذت بحضرته حتّی
    صعدت و نجت من ذل? المقام و المرتبة و دخلت المقام الأعلی
    و ?ذل? تتقلّب فی المقامات و المراتب و تغلب و تغلب حتّی
    تعود الی مبدئها و ترجع الی مر?زها و تتردّی برداء ?مالها
    و تدخل فی ظلّ ربّها مقعد صدق عند ملي? مقتدر.
    ان يا ايّها المشتعل الملتهب من نار محبّة اللّه فاعلم بأنّ هذا
    العبد لو يريد ان يفسّر هذه الآية اللاهوتيّة ب?لّ المقامات
    الغيبيّة و الحقائق الالهيّة و المراتب الجبروتيّة و المل?وتيّة
    و الحقائق ال?ونيّة و العوالم الغيبيّة و الشهوديّة و الظهورات
    الأحديّة و الشّئونات الواحديّة و ال?ينونات الروحيّة
    و الار?ان القلبيّة و المشاعر الحقيقيّة و النفسيّة و توابعها
    و لواحقها بأتمّ بيان و أ?مل تبيان لأقدر بعون اللّه و قوّته
    و فضله و تأييده ول?نّ النفوس لن يقتدروا و لن يستطيعوا

    ص ١٠١
    ان يسمعوها و يدر?وها لذا أمس?نا القلم عن البيان و الجريان
    و اعطيت? مفاتيح التبيان فافتح بقوّة مولا? ?لّ الابواب
    المسدودة علی الوجوه لتطّلع علی اسرار اللّه الغيبيّة المستورة
    الم?نونة المخفيّة و تشهد و تجتلی مواقع السرّ المستسرّ المصون
    و تسيح و تسير فی هذا المل?وت الواسع العظيم و تخوض
    فی هذا البحر الزاخر الموّاج و هذا الطمطام العظيم الثجّاج
    و تلتقط من دراری النور بفضل مال? الظهور. فو ربّ
    غفور و جمال مش?ور مشهور لو أحد من المخلصين يتوجّه
    الی اللّه فی هذا اليوم الا?بر و ينظر بالبصر الاطهر ليعرف
    ?لّ الحقائق و المعانی من ?لّ ?لمة من آيات اللّه المهيمن القيّوم
    بل فی ?لّ حرف و فی ?لّ نقطة لانّ الحقائق و المعانی بتمامها
    سارية جارية فی باطنها و تتفجر منها أنهارها و تتموّج فيها
    بحورها فهنيئا للواصلين. و هذه المعانی الّتی أوردناها تظهر
    و تنجلی من هذه الآية المبار?ة اذا قرئنا "غلبت الروم"
    أی بصيغة المجهول و ل?ن اذا قرأناها بصيغة المعلوم يظهر
    منها معان اخر لا يسعنا اليوم بيانها و اظهارها و ?شف
    رموزها و اسرارها و تر?ناها لوقت معلوم و علی اللّه نتو?لّ
    فی ?لّ الامور و بحبل رحمته و فضله نتوسّل انّه معطی السائلين و مغنی المفتقرين .

    الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى