منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se
منتديات عظمة هذا اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا إلهي أغث هؤلاء البؤساء، ويا موجدي ارحم هؤلاء الأطفال، ويا إلهي الرّؤوف اقطع هذا السّيل الشّديد، ويا خالق العالم أخمد هذه النّار المشتعلة، ويا مغيثنا أغث صراخ هؤلاء الأيتام، ويا أيّها الحاكم الحقيقيّ سلّ الأمّهات جريحات الأكباد،ع ع

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address:

Delivered by FeedBurner


المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 34 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 34 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 138 بتاريخ 2019-07-30, 07:24
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان


    [/spoiler]

    أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

    تذكرة الوفاء لحضرة عبد البهاء 4

    اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    عاطف الفرماوى


    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    جناب آقا محمد إبراهيم الملقّب بمنصور

    هو الله

    كان في عداد المجاورين والمهاجرين جناب آقا محمد إبراهيم النحاس الملقب بمنصور. إن رجل الله هذا هو من أهل كاشان، وقد شاهد وهو في عنفوان شبابه تجلي الأنوار، وثمل من جام الظهور وسكر من الكأس التي مزاجها كافور. كانت حالته مرضية، رفيع الذوق، بشوش الوجه. ولما أُوقِدت نار الهداية في زجاجة قلبه وروحه، ظعن من كاشان إلى الزوراء وفاز بشرف اللقاء، وكانت طباعه مألوفة وقريحته وقّادة وفكره سيّالاً، ينظم الشعر كعقود الجمان، وفي بغداد عاش بين العارفين والأبعدين في صلح وسلام يقابل السيئات بالحسنات. وأتى بأخويه من إيران إلى بغداد وأخذ في مزاولة حرفته ورفاهية الغير، وأصبح ضمن الأسرى الذين أُخذوا من الزوراء إلى الحدباء (الموصل) فإلى حيفا، واشتغل آناء الليل وأطراف النهار بالتبتل والتضرع والتذكر والمناجاة مُوقفًا نفسه لخدمة الأحباء في حيفا الزمن الطويل مواظبًا على خدمة المسافرين بكل همة وخضوع وخشوع. تأهّل في حيفا ورزق سلالة طيبة وكان في تجدد روحي مستمر، باسم الثغر يصرف بكمال الرضاء كل أرباحه على الأحباء والمحتاجين. وقد رثى حضرة سلطان الشهداء بعد استشهاده بقصيدة عصماء وتلاها في



    المحضر المبارك، وحقًا إنها كانت مؤثرة بدرجة أبكت السامعين حتى علا نحيبهم. لم تتغير طباعه المألوفة طوال أيام حياته مصيبًا في رأيه ولِهًا مخلصًا في عشقه للحق وعاش ضاحكًا كالوردة مفتحة الأكمام إلى أن لبّى دعوة داعي انتهاء الأجل وهو في حيفا، فعرج إلى العالم العلوي وسرع من البرزخ الأدنى إلى الرفيق الأعلى وصعد من عالم التراب إلى عالم الطهر والنقاء ونصب فيه خيمته وسرادقه.

    طوبى له وحسن مآب، وتغمّده الله برحمته في ظل قباب الغفران وأدخله في روضة الرضوان.



    (32) جناب آقا زين العابدين اليزدي

    هو الله

    كان من جملة المهاجرين جناب آقا زين العابدين اليزدي الذي لبّى دعوة داعي الموت وهو في طريقه إلى الأرض المقدّسة. آمن هذا الشخص المخلص بمجرد سماعه نداء الحق في بلدة منشاد حيث اهتزّت روحه واشتعلت نائرة محبة الله في قلبه بالروح والريحان وأوقدت شموع الهداية في زجاجة روحه وفؤاده. أما العشق الإلهي فقد أوجد الفتنة والاضطراب في أركانه وانفكّ زمام الانجذاب بدرجة جعلت هذا الولهان يترك وطنه ويتوجه إلى أرض المقصود واتصل في طريقه بولديه اللذين رافقاه وكل أمله الوصول إلى ما يبهج قلبه ويسرّ خاطره وكان كلما دخل مدينة أو بلدة أو قرية أو قصبة يختلط بالأحباء غير أن بُعد الشُّقة وطي الوِهاد أغرقه في بحار التعب والمشقات، وأدت به وعثاء الطريق إلى الوهن والمرض، أما قلبه فكان منتعشًا مع كل ما لآقاه من المتاعب فلم يلحقه الكلل ولا الملل، وكان شديد العزم قوي الإرادة وما برح أن أخذ مرضه في الازدياد يومًا غُبّ يوم إلى أن أدركه الحُمّة وطار إلى جوار الرحمة الكبرى وسلّم روحه وهو في غاية من الحسرة على فراق محبوبه. ولو أنه لم يتيسّر له تجرّع كأس الوصال ومشاهدة الجمال المبارك عيانًا في هذه الدار غير أن روحه قد نالت في الحقيقة الروح



    والريحان وأصبح محسوبًا من الفائزين وقدّر له حتمًا أجر اللقاء. كان هذا الشخص الطاهر غاية في الصدق والخلوص والإيمان والإيقان لم يخرج من فمه لفظ بغير الحق ولم يختر غير عبادة الحق ولم يسلك غير طريق المحبة الصرفة واشتهر بحسن النية والصداقة والثبوت على الأمر والاستقامة فيه.

    سقاه الله كأس الوصال في ملكوت الجمال وأدخله في عالم البقاء وقرّت عيناه بمشاهدة الأنوار في عالم الأسرار.



    (34) جناب الحاج ملا مهدي اليزدي
    هو الله
    كان الحاج ملا مهدي اليزدي من زمرة المهاجرين. ولو أن هذا الشخص الفاضل الكامل لم يكن في الظاهر من أهل العلم، غير أنه كان ماهرًا في تتبّع الأحاديث والأخبار، مفوّهًا في تفسير الآيات بقوة بيان لا تُضارَع واشتهر بالتقديس والتنزيه والتهجّد، قلبه نوراني وروحه ربانيّة. يصرف معظم أوقاته في الصلوات وتلاوة الأدعية وإظهار العجز والابتهال إلى الغني المتعال كاشفًا للأسرار وحرمًا للأبرار فصيح اللسان بليغ العبارة في أمر التبليغ يهدي الناس بكل اشتياق يتدفق من فمه سيل الاستشهاد بالروايات والأحاديث المأثورة.

    وعلى الجملة، إنه لما اشتهر في بلدته بالبهائية بين الكبير والصغير والأمير والحقير وأصبح متهمًا بهذا الاسم، رفع ستار الكتمان والتقيّة وافتضح أمره بمعتقده الجديد فقام عليه علماء السوء في مدينة يزد وأفتوا بقتله وشذّ من بينهم حضرة المجتهد المدعو ملا باقر الأردكاني ولم يوافق العلماء الظالمين على فتواهم حيث أجبره على مبارحة موطنه. فعزم على الرحيل إلى بلد المحبوب مصطحبًا ولديه وهما حضرة الشهيد المجيد (جناب ورقاء) وجناب (ميرزا حسين) وكان كلما دخل مدينة أو بلدة أو قرية حرّك لسانه عاجلاً بالتبليغ ونشر أمر الله بآقامة الحجج



    والبراهين والأدلًة الواضحة ورواية الأحاديث والأخبار الدالة على هذا الظهور مع تفسير الآيات وتأويل البيانات ولم يضيع دقيقة واحدة في غير ذلك ولم يهدأ ساعة واحدة في نشر النفحات وتضويع عرف محبة الله وإيصال نفحات القدس إلى مشام العباد وكان يشوّق الأحباء ويحضّهم على نشر كلمة الله ليحرزوا قصب السبق في ميدان العرفان.

    ومختصر القول، إن هذا الشخص كان رجلاً جليلاً دائم التوجه إلى الرب الجميل لا يعبأ بحياة النشأة الأولى في عالم الدنيا صارفًا كل همّه لبلوغ الموهبة في النشأة الأخرى بقلب نوراني وفكر روحاني وروح رباني وهمة سماوية، كابد في رحلته المشاق العديدة مما اعتراه في طريقه من طي للصحاري وتسلق للجبال الشامخات والانحدار من سفوحها، مع كل هذا، كان يلوح من جبينه نور الهداية وفي قلبه تشتعل نار الاشتياق. لهذا اجتاز الحدود والثغور وطوى الوِهاد والوديان مسرورًا كل السرور حتى وصل إلى بيروت وقد تمكّن منه المرض فآقام فيها عدة أيام وتأججت بين ضلوعه نيران الاشتياق وهاج قلبًا وقالبًا. ولما عيل صبره واصل سيره مع شدة مرضه لأنه لم يَقْوَ على الانتظار ببيروت متوجهًا إلى ساحة المقصود سائرًا على الأقدام. ولما كانت نعلاه لا يقيانه من شديد الرمضاء فقد انسلخ قدماه وانجرحت رجلاه واشتدّ عليه المرض الشديد حتى كاد لا يقوى على الحراك ولكنه واصل سيره قليلاً فقليلاً بكل عناء حتى أدرك المكان المعروف بالمزرعة بجوار قصر المزرعة وهناك تجرّع كأس المنون وصعد إلى ملكوت الله ورجعت روحه إلى بارئها بعد أن فرغ من طاقته الصبر وأصبح عبرة للعشاق وانجذب روحه إلى نيّر الآفاق.

    جرّعه الله كأسًا دِهآقا في جنة البقاء وتلألأ وجهه نورًا وإشرآقا في الرفيق الأعلى وعليه بهاءالله. أما قبره المطهر ففي مزرعة عكاء.



    (34) حضرة الكليم يعني جناب آقا ميرزا موسى

    هو الله

    إن حضرة الكليم يعني جناب آقا ميرزا موسى عليه بهاءالله هو الأخ الشقيق للجمال المبارك نشأ من سن الطفولة ونما في حضن تربية جمال القدم – الاسم الأعظم – وامتزجت المحبة الإلهية بلبن الرضاع فكان متعلّقًا تعلّقًا شديدًا بالجمال المبارك وكان دائمًا مورد عناية حضرة الأحدية ومظهر الألطاف الربانية. تربّى بعد وفاة المرحوم والده في كنف الحضرة المباركة وترعرع، وما أن وصل درجة البلوغ حتى ازدادت طاعته وعبوديته للجمال المبارك. كان يمتثل للأوامر في جميع الموارد بعيدًا كل البعد عن التفكير في الدنيا وكان بين أفراد الأسرة المباركة كالسراج الوهاج لم يمل إلى الرتب والمناصب ولم يشغل قلبه بشتى المقاصد. خدمته للجمال المبارك كانت منتهى آماله وغاية مقصده ورجائه مما جعله لا ينفك عن الحضور المبارك آنًا بأية حال. وكلما أظهر بعض أفراد الأسرة جفاءً كان هو مظهر الوفاء، ثملاً من خمر الصفاء إلى أن ارتفع النداء من شيراز فاستنار قلبه بمجرد سماع بعض البيانات من الفم المطهر، وتعطرت مشامّه بنفحة من بستان أوراد الهداية وقام للتو على خدمة الأحباء والتفاني في محبتهم. وكان متعلّقًا بي (يعني بحضرة عبدالبهاء) تعلّقًا



    غريبًا بمعنى أنه كان لا يفارق عبدالبهاء لحظة، واشتغل بترويج الأمر في طهران ليل نهار حتى اشتهر بذلك بين العموم ولا يأتلف في جميع الأحوال إلا مع النفوس المباركة. ولم يرافق جمال القدم أحد من إخوته في رحلة حضرته من طهران إلى العراق إلا حضرة الكليم وأخوه المدعو آقا ميرزا محمد قلي فتركا إيران وأهلها وأغمض عينيهما عن التمتع براحة نفسه وفضّلا البلايا في سبيل محبوب الأرواح دون تردد حتى وصل الركب المبارك أرض العراق. وفي أيام غياب الجمال المبارك في سفره (دون علم أحد) إلى كردستان هال ذلك حضرة الكليم واستولى عليه الخوف والاضطراب إذ أصبح في خطر عظيم وحياته مهددة وكان هذا الحال يتنقل من سيئ إلى أسوأ يومًا بعد يوم ولكنه لبس لكل حالٍ لبوسها ومارس الصبر والتحمل وطرح عوامل الخوف والفزع والهلع وراء ظهره إلى أن عاد جمال القدم من كردستان ولم تتغير أحوال ميرزا موسى وداوم على خدمته للعتبة المقدّسة بكل قواه واشتهر بذلك في الآفاق وذهب في معيّة جمال القدم أيضًا من دار السلام إلى اسلامبول فإلى أدرنه قائمًا بخدمة الجمال المبارك ما استطاع. ولما استشمّ رائحة الخلاف، وهو في أدرنه، من ميرزا يحي (الأزل) أخذ يمحضه النصح ليل نهار ويدله على طريق الصواب لعله يرعوِ، دون جدوى لأن وساوس المدعو السيد محمد قد أثّرت في ميرزا يحي تأثيرًا عجيبًا كتأثير السمّ في الجسد. وفي النهاية يئس حضرة الكليم ومع ذلك لم يهدأ وعمل ما في وسعه لعل ثائرة ذلك الغبار تهدأ ويتخلص ذلك الشخص المعهود (ميرزا يحي) من هذه الورطة المهلكة وتنقشع ضبابة الغمّ الشديد والهمّ الداهم وتنطفئ نار الأسف والأسى واستعمل جميع الوسائل في هذا الصدد ولكنه كان كالضارب في حديد بارد.



    ولما يئس كل اليأس تنحى عن الميدان وقال لميرزا يحي: يا أخي إذا لم يصل الآخرون إلى الحقيقة فإن الأمر لدى كلينا واضح لا شبهة فيه. فهل نسيت ألطاف الجمال المبارك لما كنت أنا وإياك تحت رعاية تربيته؟ فكم كان حضرته يصرف أوقاته في التدريس لك وتعليمك تحسين الخط والإملاء والإنشاء تعليمًا صحيحًا ليل نهار حتى أنه كان يصحح لك الخط بأنامله المباركة ولا يخفى على أحد درجة ألطافه نحوك على الخصوص وكيف كان يربيك في حضن العناية. فهل فعلك هذا هو الشكر على مثل هذه الألطاف بمعنى أنك أصبحت أنت والسيد محمد يدًا واحدة وخرجتما عن ظل المبارك؟ أهذا شرط الوفاء؟ هل هذا جزاء النعمة اللانهاية؟ فلم يثمر كلام حضرة الكليم مع ميرزا يحي بل إن هذا الأخير أخذ يبرز ما يكنّه ضميره يومًا فيومًا بكل وضوح حتى حصل الانفصال.

    ومختصر القول، إن حضرة الكليم سار في الركب المبارك من أرض السر إلى قلعة عكاء وقد حكم عليه، كما جاء في فرمان السلطان، بالسجن المؤبد أما هو فقد كرّس حياته في خدمة حضرة بهاءالله طوال أيام وجوده في السجن فائزًا باللقاء ليل نهار. وكانت تألفه جميع الأحباء إلى أن انتقل من هذا العالم الترابي إلى العالم العلوي الطاهر وهو في حالة التبتل والتضرع والابتهال.

    وحدث، إبان وجود الجمال المبارك في بغداد، أن حضر إلى الساحة المقدّسة ذات يوم المدعو إيلخاني المشهور نجل موسى خان القزويني بصحبة جناب الحاج سيد جواد الطباطبائي الذي جاء ليلتمس الشفاعة لإيلخاني المسمى – علي قلي خان – من جمال القدم وقال: "يا مولاي، ولو أن علي قلي خان مذنب وكان طوال أيام حياته أسير



    الشهوات غير أنه ندم على ما كان منه وجاء الآن إلى المحضر المبارك لإظهار التوبة والإقلاع عن الشهوات النفسانية وأنه بعد اليوم لا يتنفس نفسًا يخالف رضاء المبارك وإني ألتمس من مراحمكم قبول توبته وأن يكون بعد اليوم مشمولاً بألطاف الجمال المبارك". وما كاد يتم حديثه حتى تفضل جمال القدم بقوله: "بما أنك شفيعه لدينا فقد تغاضينا عن زلاّته وسأعمل على رفاهيته وراحته".

    أما إيلخاني هذا فقد كان ذا ثروة طائلة غير أنه بددها على مشتهيات نفسه وهواه حتى بلغت به الحال إلى درجة أنه لم يجسر على مبارحة منزله مخافة أن يهجم عليه دائنوه. هذا، وقد أمره الجمال المبارك أن يذهب إلى والي الشام المدعو عمر باشا ويأخذ منه توصية إلى ذوي الشأن في إسلامبول ثم يذهب إليها. فصدع إيلخاني بأمر الجمال المبارك وتخلص من اليأس ودبّ في روعه عامل الأمل بعد القنوط ولقي من الوالي كل الرعاية وقصد الآستانه ولما وصل إلى مدينة دياربكر كتب إلى الجمال المبارك عريضة توصية بحق تاجرين من الأرامنة يقول فيها: "إن حاملَيّ هذه العريضة عازمان على السفر إلى بغداد وأنهما قد بذلا في حقي كل الرعاية وعملا على راحتي في دياربكر وقد طلبا مني توصية بحقهما لحضرتكم. فما رأيت من ملجأ سوى ألطاف المبارك، وإني ألتمس من ساحة الأقدس أن لا يحرما من عنايتكم". وكتب إيلخاني على المغلّف (الظرف) العنوان الآتي: "حضرة بهاءالله قدوة البابيين".

    وقد سلّما هذه العريضة إلى الجمال المبارك فاستفسر حضرته عن حالهما، فقالا: "إن إيلخاني قد حدّثنا عن هذا الأمر بالتفصيل أثناء وجوده بدياربكر". ودعاهما حضرته إلى الدار المباركة ولما همّ حضرته



    بالدخول إلى الحرم رأى جناب الكليم فقال له: "يا كليم، يا كليم، قد وصل صيت أمر الله إلى دياربكر" وكانت تلوح على طلعة المبارك علائم البشر والسرور المتناهي.

    وخلاصة القول، إن حضرة الكليم كان الشقيق الصادق للجمال المبارك وكان مستقيمًا في جميع الأحوال. عليه التحية والثناء وعليه الروح والبهاء وعليه الرحمة والألطاف.



    (35) جناب الحاج محمد خان

    هو الله

    الحاج محمد خان هو من أهالي سيستان (بشرق إيران) ومن عصبة المهاجرين والمجاورين وكانت هذه الذات المكرمة من أفراد الطائفة المعروفة بالبلوش وقد تلوّه وهو في عنفوان شبابه بمسلك العرفاء واندمج في سلكهم متفانيًا في الدروشة، ثم بارح مسقط رأسه طبقًا لقاعدة الدراويش للبحث عن المرشد الكامل. وكانوا يدعونه، على حسب مصطلح القلندرية، مشتاق پيرمغان (الإله الأكبر عند عبدة النيران). فساح في الأرض ونزل في شتى الأصقاع وجال في كثير من البقاع ولكنه لم يستشم رائحة محبة الله ممن لآقاه من العارفين والحكماء والشيوخ، يعني أنه لم ير في الدراويش غير لحىً مسترسلة ومذلة التكدّي والتسول. فطوى الأرض وهو في زي الدراويش وفي الحقيقة إنه لم يتقيد بما كانوا عليه، قانعًا بالقليل واختلط بالإشراقيين باحثًا عن ضالته فلم يعثر بينهم على شيء غير أقوال تافهة ومباحث غير مجدية وألفاظ مجوفة وعبارات مجازية غامضة. إن الحقيقة كانت مفقودة ودقائق المعاني معدومة لأن الحقيقة هي ما تحصل منها الفضائل أما الحكماء فأمْرهم بالعكس لأنهم عندما يصِلون إلى درجة الكمال يصبحون أسرى الرذائل ويتخبطون خبط عشواء جانحين إلى



    ذميم الخصال عارين بالمرة عن المناقب الإنسانية. وطائفة الشيخية (التي أسسها الشيخ أحمد الأحسائي) قد تجردت عن جوهرها ونزلت إلى الحضيض وضاع من بينها اللباب ولم يبق غير القشور وركنوا إلى المسائل المحشوة بالترّهات.

    لهذا ترى الحاج محمد خان، بمجرد استماعه للنداء الإلهي من الملكوت الأعلى، قال: "لبيك". ومر بنسيم البوادي وقطع المسافات البعيدة حتى طوحت به يد التسيار إلى سجن عكاء فوجد ضالته وفاز بشرف اللقاء وانجذب إلى الحضرة بمجرد مشاهدة الطلعة النوراء. وبعد ذلك عاد إلى إيران واجتمع بأرباب الطرق الصوفية وأصحابه السابقين من طالبي الحقيقة وأجرى بينهم ما فرضته عليه مقتضيات الوفاء والذمة.

    والخلاصة، إنه صمم على أن لا ينفك عن رفاقه وعارفيه حتى يوصل إلى أسماعهم ترنمات الصُور السماوي ونغماته وما ألقى العصا ببلدته حتى هيأ أسباب الراحة والرفاهية لكل أقربائه حتى يعيشوا في كمال البهجة والفرح والسرور، وبعد مدة ودّع أولاده وزوجته وأهله وأقربائه وقال لهم لا تنتظروا عودتي ثم توكأ على عصاه وهام في الصحارى والوديان وأمضى زمنًا بين عارفيه الأقدمين من أهل مشربه. كان قد قابل بمدينة طهران إبّان سفرته الأولى، جناب ميرزا يوسف خان الملقب بستوفي الممالك، وبينما كانا يتحادثان في الأمر قال مستوفي الممالك المذكور: "إنني سأضع ميزانًا يفصل بين الحق والباطل كما يتخيل لي وهو أنني أطلب من صاحب الظهور أن أرزق بولد تفضّلاً منه، وإذا ما تمت هذه الموهبة أصير لا محالة مفتون الجمال المبارك وأسير حبه". فما كان من الحاج محمد خان إلا أن عرض ذلك في الساحة المقدّسة وسمع من الفم المبارك وعدًا صريحًا بإجابة ملتمسه. ولما عاد الحاج محمد خان وقابل مستوفي الممالك إبّان



    سفرته الثانية وجد في حجر هذا الأخير طفلاً يداعبه فقال: "يا جناب الميرزا، الحمد لله قد تم الميزان الذي وضعته وأُعطيت مرسوم السعادة"، فقال المرحوم ميرزا يوسف خان: "إن البرهان قد اتضح لكل ذي عينين وحصل لنا الاطمئنان وإني أرجوك عندما تتشرف في بحر هذه السنة تطلب من عناية الحق أن يدوم هذا الطفل محفوظًا مصونًا في حمايته جلّ وعلا".

    وبالاختصار، فقد ذهب الحاج محمد خان المذكور إلى سيد السعداء حضرة سلطان الشهداء والتمس منه أن يشفع له لدى الحضرة ليأذن له أن يكون حارس العتبة المباركة. فعرض سلطان الشهداء ذلك الملتمَس لدى الحضور المبارك وبالآخرة جاء صاحب الملتمَس إلى سجن عكاء ووفق إلى السكنى بجوار المحبوب الشفيق ردحًا من الزمن متشرفًا في أكثر الأوقات بالملآقاة كلما شرّف الجمال المبارك بستان المزرعة، واستمر ثابت القدم راسخًا على العهد والميثاق بعد صعود حضرة المقصود، روحي لتربته الفداء، بريئًا من أهل النفاق ثم انتقل من منزله إلى حظيرة القدس الموجودة في المسافر خانة أثناء غياب هذا العبد في الأقطار الأوروبية والأمريكانية إلى أن فاضت روحه وهو بجوار المقام الأعلى وطار إلى العالم العلوي. روّح الله روحه بنفحة مسكيّة من جنة الأبهى ورائحة ذكية من الفردوس الأعلى وعليه التحية والثناء. جدثه المنور بحيفا.



    (36) جناب آقا محمد إبراهيم أمير

    هو الله

    دخل في عداد المهاجرين والمجاورين جناب آقا محمد إبراهيم أمير وهذا الوجود المسعود من أهالي نيريز قد تملك منه حب محبوب القلوب العطوف، وهو شاب أمرد، ثم وقع بين أيدي المناوئين وأطبقوا عليه بعد حدوث الصدمات والحوادث المريعة في نيريز وعمد ثلاثة منهم على شد وثاقه بالقوة غير أنه تمكن من فك الوثاق واغتصب خنجر من أحدهم وتخلص من غائلهم وفرّ إلى العراق فتوفق إلى تحرير الآيات وخدمة العتبة المقدّسة، ولازم الحضور ليل نهار بكل ثبات واستقامة، وسار في المعيّة المباركة أثناء السفر من العراق إلى القسطنطينية ومنها إلى أدرنه فالسجن الأعظم. ثم تزوج من خادمة العتبة المباركة أمةالله – حبيبة – وزوّج ابنته – بديعة – للمرحوم آقا القهوجي وعاش في هناء ورفاه.

    والخلاصة، إنه أمضى حياة طيبة ثابتًا على الوجه الأكمل، وبعد صعود مصباح الملأ الأعلى ألمّ به الضعف ووهن منه العظم وانتهى به الحال إلى ترك عالم التراب والانتقال إلى عالم الملكوت.

    نوّر الله مضجعه بشعاع ساطع من الملكوت الأعلى. وعليه التحية والثناء. أما مزاره المنوّر العظيم فبعكاء.



    (37) جناب آقا ميرزا مهدي الكاشاني

    هو الله

    إن جناب آقا ميرزا مهدي الكاشاني من عصبة المهاجرين والمجاورين. هذا الشخص المحترم من أهالي كاشان، درس في مستهل حياته على يد والده بعض العلوم والفنون حتى علا كعبه في قرض الشعر والإنشاء وحسن الخط المعروف عند الفرس ب‍ الشكسته وامتاز بذلك بين أقرانه وكان مستثنىً بين الصبية. علم بظهور الحضرة منذ نعومة أظفاره واشتعل بنار محبة الله وأصبح من شراة يوسف الحقيقي وفي مقدمة طالبي الحق، واندمج في دائرة العاشقين وحرّك لسانه بالتبليغ ببيان بليغ في إثبات الظهور وهدى بعضهم إلى طريق مليك الهداية وعُرف في كاشان بأنه مفتون العشق الإلهي. وقد وجّه إليه عارفوه وغير عارفيه شديد اللوم والتأنيب وأصبح عرضة لشماتة عديمي الوفاء حتى قال بعضهم بأنه واله مجنون وقال آخرون بأنه سيئ الحظ وأخذ أهل الجفاء بمضغه بأفواههم والطعن فيه وصلّط عليه عمال السوء سوط العذاب. ولما أعيته حيلهم وضاق في وجهه الفضاء وقام المناوؤون على معاكسته ومحاربته هجر وطنه المألوف وسار إلى حيث مركز الإشراق بالعراق، وما أن وصل إلى ساحة المحبوب حتى اندمج في زمرة الأحباء ونقر على ناقور المحامد والنعوت بما استطاع من



    نغمات حتى صدر له الإذن المبارك بالعودة إلى كاشان فذهب وآقام بها ردحًا من الزمن ثم هزّه عامل الشوق إلى المحبوب فلم يقوَ على طاقة الفراق فبارح بلده إلى العراق للمرة ثانية مصطحبًا أخته أمةالله المحترمة الحرم الثالث وآقام في بغداد في ظل العناية المباركة إلى أن تحرك الموكب المبارك من العراق إلى القسطنطينية فصدر له الأمر بالبقاء في بغداد للمحافظة على البيت. وكاد أن يحترق من نار الفراق، ولم يهدأ له بال ولم يذق للراحة طعمًا إلى أن استبعدته الحكومة إلى الموصل مع الأحباء بصفة أسرى منفيين ظلمًا وعدوانًا، فتراكمت عليه المِحن والبلايا ووقع أسير الأمراض والعلل ولكنه كان في منتهى الخضوع والتفاني لابسًا جلباب الصبر والتحمل، حامدًا شاكرًا وقورًا حتى عيل صبره ولم يعد في قوس تحمله من منزع. واشتد عليه ألم الفراق فطلب إذنًا بالحضور إلى الساحة المقدّسة فكان له ذلك، فتوجه إلى السجن الأعظم مأذونًا مأجورًا ووصله منهوك القوى، ضعيفًا نحيل الجسم من شدة ما لآقاه من وعثاء الطريق واقتحام المشاق. وكان الجمال المبارك في تلك الأثناء مسجونًا داخل القلعة ومعتقلاً في وسط القشلة (الثكنة) ومضى المذكور أيامًا في تعبٍ مضنٍ ولكنه كان في منتهى السرور، ناعم البال، واعتبر كل بلاءٍ عطاءً من ربه وعدّ التعب رحمة من عند الله، والنقمة عين النعمة لأن كل ما حدث له كان في سبيل الله وابتغاء مرضاته واستمر على ذلك أيامًا ثم اشتدّ عليه المرض وأخذ جسمه في الانحلال يومًا بعد يوم حتى التجأ إلى الله وطار إلى جوار الرحمة الكبرى.

    أما هذا الشخص المكرم فقد كان محترمًا طوال أيام حياته ولم يركن في سبيل محبة الله إلى الظهور والافتخار، وتحمّل جميع ما



    انتابه من بلايا ورزايا، ولم يجنح إلى الشكوى مما أصابه أبدًا وعاش راضيًا بقضاء الله سالكًا سبيل الرضاء والتسليم مشمولاً بنظر العناية والتقرّب من ساحة الكبرياء ولم يتغير حاله من بداية حياته إلى نهايتها إذ كان مستغرقًا في بحر الرضاء وكان دائمًا يقول: "ربِّ أدركني، أدركني" حتى أدركته المنيّة وصعدت روحه إلى جوار الحق.

    عطّر الله مشامّه بنفحات القدس في الفردوس الأعلى، وسقاه شرابًا طهورًا في كأس كان مزاجها كافورا. وعليه التحية والثناء. أما رمسه المعطّر ففي عكاء.



    (38) جناب مشكين قلم

    هو الله

    إن الخطاط الشهير – المير عماد الثاني حضرة مشكين قلم – هو من جملة المهاجرين والمجاورين والمسجونين. كان قلمه مسكيًا حقًا وجبينه منورًا بالنور المبين، يُعتبر في مقدمة العرفاء (العارفين بالله) والظرفاء، وقد بلغ صيت هذا العارف والسالك في سبيل الحق جميع الممالك، وكان في إيران بهجة الخطاطين ومحطّ سرورهم، معروفًا لدى الأكابر والأعيان، وله مكانة سامية لدى الوزراء والأمناء، وعمّت شهرته الفنية أنحاء بلاد الروم، وبهرت عقول الخطاطين مهارته في صناعة الخط وتحسينه إذ كان يتقن مختلف أنواعه، وكان في الكمالات نجمًا ساطعًا واعتنق الأمر بمجرد سماعه نداء الله في مدينة أصفهان، ومن ثمّ قصد مقام المحبوب وطوى الفيافي والقفار والتلال والوِهاد وركب متن البحار إلى أن وصل إلى أرض السرّ (أدرنه) قويًا في إيمانه متينًا في إيقانه فشرب صهباء الاطمئنان واستمع لنداء الرحمن وتمثّل بين يدي الجمال المحبوب ونال العروج إلى أوج القبول فثمل بنسيم العشق وهام من شدة الوله والشوق متيّمًا مفتونًا مضّى على هذا الحال زمنًا بجوار الساحة المقدّسة موْرِدًا للألطاف يومًا بعد يوم قائمًا بزخرفة اللوحات الخطية وتنميقها وكان يكتب الاسم الأعظم "يا بهاء الأبهى" على جملة أشكال وأوضاع وغاية في الإتقان ويبعث به إلى كل الأقطار. وبعد ردح من الزمن، صدر له الأمر بالسفر إلى اسلامبول



    برفقة المدعو السياح، وما أن وصل إلى تلك المدينة العظمى حتى أخذ جميع أكابر الإيرانيين والعثمانيين في تقديم الاحترام الكلي له وأصبحوا مغرمين بخطه المسكي. أما هو فقد حرّك لسانه بالتبليغ غير هيابٍ ولا وجل، غير أن سفير دولة إيران كان له بالمرصاد وألصق به التهمة لدى الوزراء مؤكدًا لهم أن حضرة مشكين قلم شخص موفد من قبل حضرة بهاءالله ليبث روح الفساد في هذه المدينة فضلاً عن إيقاد الفتنة وإثارة الخواطر والضوضاء. وما فتئ السفير المذكور يسخّر أعوانه بهذا الصدد ويقول إن البهائيين يشتغلون خفية بدس الدسائس في الأقطار العثمانية وما جاءوا إلى هذه العاصمة إلا لهذا الغرض بعد أن جعلت حكومة إيران عشرين ألفًا منهم طعمة للسيف ليحطموا عوامل دسائسهم والآن فليكن معالي وزراء مملكة آل عثمان متيقظين وعلى بيّنة من أن نار الفساد ستشتعل عما قريب في هذه الديار وتأتي على الحرث والنسل وتصبح البلاد في حالة اضطراب لا ينادى وليدها، فالفرصة اليوم سانحة لإبادتهم.

    والحال، أن ذلك المظلوم (مشكين قلم) كان يشتغل بفن الخط في عاصمة ملك الروم واشتهر بين القوم بالتقوى والتعبد والسعي في الإصلاح قدر الطاقة، مجتهدًا في تأليف القلوب بين أرباب الأديان المختلفة ورفع التنافر الموجود بين الغرباء عاملاً على تربية أبناء وطنه وكان ملجًا للمساكين والمحتاجين، كنزًا للمعوزين، مرشدًا للتائهين، هدفه وحدة العالم الإنساني، لم تتطرق إلى قلبه العداوة ولم يجنح إلى البغضاء.

    أما سفير إيران بالآستانة فكان ذا نفوذ عظيم وعلاقته بالوزراء متينة، فأثّر على جمع غفير من البارزين في العاصمة التركية ليحضروا



    المجالس والمحافل وينسبوا لأفراد الجامعة البهائية كل فِرْيَة مما أدى بالجواسيس ليحيطوا بجناب مشكين قلم من كل ناحية وبإشارة من السفير قدّم المناوؤون والمغرضون اللوائح البهتانية في حقه لأولي الشأن بإيحاء من سفير إيران المذكور بأن مشكين قلم يشتغل بإشعال نار الفتنة والفساد في البلاد وبأنه طاغية باغية عدوّ للدولة وعاصٍ عتيد. فسبب ذلك في اعتقال مشكين قلم وأدخلوه في عداد المسجونين واستبعدوه إلى غليبولي ومنها إلى جزيرة قبرص ثم إلى سجن عكاء بعد أن أمضى في الجزيرة في قلعة ماغوسا مدة من سنة 1285 إلى سنة 1294 هجرية، وبعد أن خرجت قبرص من يد الأتراك تخلّص من الأسر وآقام أيامًا في ظل عناية الجمال المبارك مشتغلاً بفنه الذي برع فيه في كتابة لوحاتٍ وتنميقها بكمال الإتقان وإرسالها إلى مختلف الأصقاع وعاش في هناء ورغد من العيش مشتعلاً كالشمعة بنار محبة الله سلوة لخواطر جميع الأحباء. واستمر بعد صعود المقصود ثابتًا راسخًا على العهد والميثاق بدرجة لا تضارع، وكان كالسيف المسلول على رقاب الناكثين، لم يجنح إلى المداراة ولا المواربة والمحاباة، صارفًا دقائق حياته في صادق الخدمات غير مقصّر في جميع الموارد بهذا الصدد. ثم سافر إلى بلاد الهند بعد الصعود المبارك بمدة واندمج في زمرة من كانوا على شاكلته في العبادة والانقطاع عما سوى الله حينًا من الدهر تتجدد همّته يوما بعد يوم إلى أن وصل إلى هذا العبد (حضرة عبدالبهاء) خبر ضعفه ووهنه فأرسلت إليه ليحضر. فعاد إلى هذا السجن الأعظم وسعدت بقدومه قلوب الأحباء، وابتهجت منهم الأفئدة، وكان للجميع رفيقًا أنيسًا في كل آناته، مترنمًا بالنغمات الشجية، منجذبًا إلى الحق كل الانجذاب، جامعًا للفضائل متحليًا بأحسن الخصال، مؤمنًا موقنًا مطمئن النفس،



    زاهدًا في الدنيا، ذكي الطباع، لذيذ المشرب، حلو الحديث، وعلى خلق عظيم، يتضوّع عرف شذاه كأوراد الرياض الغناء، نديمًا لا يضارع، وقرينًا لا مثيل له في محبة الله. ترك كل نعيم وأغمض عينيه عن أسباب العزّة الدنيوية لم يركن إلى الراحة واللهو ولم يطلب الثراء ولم يتشبّث بشيء من الأشياء جاعلاً ديدنه حثّ ذويه على ترتيل الآيات والتضرع إلى ذي الجلال في جميع الأوقات وانجذابه جعله هيكلاً مجسمًا لمحبة الله، بشاشته لا تنقطع، وكان في الصداقة والمودة لا نظير له، صبورًا حمولاً للغاية فانيًا نفسه بالكلية وباقيًا بالنفس الرحمانية. ولو لم يكن مفتون الجمال المبارك وقلبه متعلّقًا بملكوت الجلال لتيسّر له كل رفاه، حيث كان رأس ماله العظيم تفننه في كثير من أنواع الخطوط مما لم يسبقه أو يجاريه في مضمارها أحد. والفضائل التي كان متحليًا بها سببت احترامه لدى الأمراء وغيرهم، وهيامه وانجذابه إلى المعشوق الحقيقي جعلاه ينزّه نفسه عن جميع القيود طائرًا في الأوج غير المتناهي وفي النهاية انتقل، أثناء تغيب هذا العبد (عبدالبهاء) من هذا العالم الضيق الظلماني إلى العالم الفسيح النوراني وتمتع بالفيض اللامتناهي بجوار الرحمة الكبرى. عليه التحية والثناء، وعليه الرحمة الكبرى من الرفيق الأعلى.



    (39) جناب الأستاذ علي أكبر النجار

    هو الله

    الأستاذ علي أكبر النجار هو من زمرة المهاجرين والمجاورين، وكان السبّاق بين الأخيار ومن قدماء الأحباء في إيران ومن أجلّة الأصحاب، رفيقًا صدوقًا يترنّم بشجيّ الألحان على علم بالحجج والبراهين الأمرية متتبعًا لآيات النور المبين ومن سجاياه قرض الشعر، وقد جادت قريحته الوقادة وفكره السيال بعدة قصائد في محامد الجمال المبارك وكان في صناعة النجارة لا يجارى، وماهرًا فيها، وقد أبرز الكثير من مصنوعاته الدقيقة وشبّهوه بالصائغ الذي يحكم صنع الخواتيم، فضلاً عن ضلوعه في العلوم الرياضية وله فيها ملاحظات دقيقة.

    وبالإجمال، كان هذا الشخص رفيع المقام من أهالي يزد وسافر إلى العراق وتشرّف بالمثول بين يدي الحضرة وفاز فوزًا عظيمًا وشمله الفيض المبين والعنايات الفائضة من ساحة الجمال المبارك بدرجة يغبط عليها وكان يحظى باللقاء في أكثر الأيام وهو من عصبة الذين تم نفيهم من الزوراء إلى الحدباء (الموصل) ولاقى من وعثاء الطريق ما لاقى وتحمل المتاعب والمشقات وساوره شظَفُ العيش زمنًا ليس بالقليل، وكان يمارس القناعة قدر المستطاع، دائم الشكر والتبتل والتضرع والابتهال. ثم انتقل من الموصل إلى السجن الأعظم واشتغل



    بالتذكر وتلاوة الأنجية في جوار الروضة المقدّسة وكان يحي لياليه بالالتماس وطلب العفو والمغفرة من ساحة ذي الجلال بقلب مشتعل بنار الحب، وعين دامعة وكان منقطعًا عن عالم التراب يتمنى الصعود من هذا العالم راجيًا من الحق الأجر والثواب لأنه لم يطق فراق نيّر الآفاق. واشتاق إلى جنة اللقاء ومشاهدة أنوار الملكوت الأبهى فاستجاب الله دعاءه وصعدت روحه إلى العالم الأبهى – محفل تجلي رب الأرباب .

    عليه صلوات الله وسلامه، وأدخله الله في دار السلام بقوله تعالى: "ولهم دار السلام عند ربهم والله رؤوف بالعباد".



    (40) جناب آقا شيخ علي أكبر المازگاني

    هو الله

    في عداد المهاجرين والمجاورين، كان جناب آقا شيخ علي أكبر المازگاني، وهذا الشخص يعتبر في مقدمة الأحرار وقائد عصبة العاشقين الهائمين. رضع لبن الأمر من ثدي العناية منذ نعومة أظفاره وهو نجل حضرة الفاضل الجليل الشيخ المازگاني الرجل الطاهر النزيه الذي هو من مشاهير مقاطعة كاشان ولا نظير له في الزهد والتقوى، جامع لمحاسن الأخلاق والأطوار المألوفة وخير الطباع ويشهد بذلك العموم واشتهر بحلاوة مشربه بين الناس. خلع العذار في محبة الله وكشف الأسرار فتحفّز عديمو الوفاء من معارفه وغيرهم على قتله. أما هو فقد اشتغل مدة بترويج الدين المبين وجذب قلوب العالم ولم يلقَ زائروه غير الحفاوة والكرم، وما زال ينسج على هذا المنوال حتى طرق صيت إيمانه وإيقانه أسماع أهل الحلّ والعقد فقام أعوانهم بالتطاول عليه حتى أسقوه كأس الشهادة ظلمًا وعدوانًا، فمات ذلك الرجل الجليل في سبيل الرب الجميل.

    أما ابنه العزيز المحبوب لم يطق الآقامة في تلك الديار مخافة أن يصبح، بعد استشهاد والده المبرور، طعمة لسيوف الأعداء، فرحل إلى العراق حيث فاز بشرف اللقاء حينًا من الدهر ثم قفل راجعًا إلى إيران.



    وما لبث أن عاوده الشوق واشتعلت فيه النار لمشاهدة المحبوب، فتأبّط جعبته واصطحب زوجته وطوى هو وحرمه الهضاب والوهاد، طورًا راكبين وطورًا سيرًا على الأقدام، حتى أكلت أقدامهما الرمضاء في الوعور والسهول والسواحل حتى ألقيا عصاهما في البقعة المباركة وحلاّ مكان الأمن والأمان في رحاب الحق في هناء وروح وريحان. وقد استمر ذلك الحبيب ثابتًا راسخًا على العهد والميثاق بعد صعود طلعة المقصود، روحي لأحبائه الفداء، مغمورًا بفيض رحمة الرحمن وكان من سجاياه نظم القريض فنظم من شدة اشتياقه وهيامه بالمحبوب عدة قصائد غراء ومقطّعات غزلية في حبه لمحبوب القلوب وكان لسان حاله يقول:

    ولو أني عارٍ عن السجع والقوافي غير أن فكري دائمًا في حبيبي

    واشتياقي لطلعة المحبوب عين زخري بل ومسكي وطيبي

    وعلى الجملة، فقد صعد هذا الشيخ إلى عالم الرب الغفور، فرحًا مسرورًا محترقًا بنار الشوق، ونصب خيمته الأبدية في العالم العلوي. أمطر الله على جدثه الوابل الهطال من ملكوت الغفران، ومتّعه بالفوز العظيم في فردوس الجنان، وأفاض عليه سجال الرحمة في جنة الرضوان.

    الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى