خاتمـــة
وأخيراً إنتهت الرحلة الممتعة التى عشناها فى رحاب حضرة عبد البهاء وطويت الصفحات التى مهما طالت أوراقها وإمتدت فلن تعدو عن كونها قطرة فى بحر أنوار حضرته الزاخر الفياض0 وتوقفت الحروف العاجزة والكلمات الكليلة , لتترقرق في قلوبنا – بدلا عنها - ينابيع الأحاسيس والمشاعر المختلطة بالنشوة والسعادة والفرح والدموع حبا وحنانا وإجلالا وتعظيما وتقديسا لمن كان مظهر كل فضيلة بهائية00 ولمن بلغ درجة من النبل ليصبح محط الروح القدس0
وآن لنا أن نتوقف قليلا لنتأمل ببصائرنا المغزى العميق الكامن خلف مجريات وأحداث تلك الرحلة الطويلة المحملة بكل الآلام والأحزان والتى كان حضرته – رغم جبروت مشاقها وعنفوان قسوتها – دائم الإبتسام والتفاؤل والإستبشار0 يبدل بسحر كلماته ونفوذ بياناته أشد اللحظات قنوطا ويأساً الى فرح وسرور وإبتهاج , ويغرس فى نفوس المحيطين حوله من المستضعفين والبائسيين بكلماته وأعماله قوى إلهية ترفعهم الى عوالم أعلى من الفهم والإدراك, ويعلمنا بمحبته وتسامحه كيف نخرج من أتون المحن والأزمات بانتصارات أقوى وأعظم ونشاهد بقلوبنا دائما وأبدا إشراقة الأمل تلتمع من بين سحابات الدموع0
ومن المؤكد أنه ستنقضي الآلاف من السنين وتتوالى الآلاف من الأجيال اللاحقة لجيلنا, سوف تتغير الدنيا لتصبح غير الدنيا التى نعرفها وتتبدل الظروف والأحوال والعادات والتقاليد0 لكننا سنظل على الدوام نمجد آثار وعظمة وجلال تلك القوة المُلْهَمَة المشرقة من هيكل حضرة عبد البهاء0وسيبقى حضرتة نجما بازغا ساطعا - فى سماء كل العصور - يطل علينا من أفقه السماوي, يمدنا بتأيداته وإلهاماته ويحمل عنا أثقالنا وهمومنا كما وعدنا, وسيبقى إسمه اللامع الكريم " عبد البهاء " علماً ناصع البياض خفاقاً يرفرف فوق كل قلاع الحب المفتوحة, وستُرَتل مناجاتُه في كل محفل, وستحيا أفعاله وأقواله ورقته وعذوبته ينبوعا فياضا متدفقا لا نفاد له, وقدوة ومنهاجاً خالداً أمام ناظري العالم الإنساني بكامله0
وما أجمل ما عبرت عنه إحدى المنتشيات بمحضرة فقالت : - " 00 أنني أؤمن به من أعماق قلبي وروحي, وآمل أن يخصه كل الذين يسمون أنفسهم بالأحباء بالعظمة كلها والمجد كله والثناء كله لأنه هو, بلا ريب , إبن الله وروح الأب تسكن فيه " 0 (1)
وفى الأخر نختتم الكتاب بمناجاة لحضرة عبد البهاء نجد فيها وصاياه الهامة لعموم الأحباء باعثا بكلماته العذبة الرقيقة كل القوى الكامنة في القلب والضمير والروح0
هو الله
" وانتم يا أحباء الله ثبتوا أقدامكم على أمر الله ثبوتا لا تزلزله اعظم حوادث في الدنيا لا تضطربوا من شئ في حال من الأحوال كونوا كالجبال الراسيات ونجوما بازغة من أفق الكائنات وسرجا لامعة في مجامع التوحيد ونفوسا خاضعة لأحباء الله بقلب سليم 0كونوا آيات الهدى وانوار التقى منقطعين عن الدنيا متشبثين بالعروة الوثقى ناشرين لروح الحيات راكبين على سفينة النجاة مظاهر الجود مطالع أسرار الوجود مهابط الإلهام ومشارق الأنوار مؤيدين بروح القدس منجذبين إلى الحق منزهين عن كل الشئون مقدسين عن أوصاف البشر متخلقين بأخلاق ملائكة السماء حتى تفوزوا بالموهبة الكبرى في هذا القرن العظيم والعصر الجديد " (ع ع )
" سيأتي يوم لن أكون فيه معكم وقد عملت ملء ما أمكنني وخدمت أمر بهاء الله بمنتهى قوتي و أشتغلت ليل نهار طول أيام حياتي والآن أشتاق أن أرى الأحباء يتعاونون على تحمل أعباء هذا الأمر فقد حان الوقت لإعلان الملكوت الأبهى والآن وقت الإتحاد والإتفاق والآن وقت الوفاق الروحاني لأحباء الله أني أوجه أذاني للشرق والغرب لعلى أسمع نغمات المحبة والوفاق ترتفع في مجامع الأحباء فان أيامي أصبحت محدودة ولا يوجد عندي فَرْحُ إلا في ذلك الأمر فكم أحب أن أرى الأحباء متحدين كأنهم عقد لؤلؤة مضىء أو نجم الثريا أو أشعة الشمس الواحدة أو غزلان مرعى واحد فهذا البلبل المعنوي يغرد لهم أفلا يسمعون ؟ وهذه حمامة القدس تغني أفلا ينصتون ؟ وهذا رسول الميثاق يدافع أفلا ينتبهون ؟ إني منتظر لأسمع الأخبار السارة بان الأحباء هم مظاهر الصداقة و المحبة ومطالع الألفة والاتحاد أفلا يُفْرِحُون قلبي ويحققون توسلاتي ألا يسمعون لتمنياتي ويتممون آمالي ويلبون دعائي . ها أنا ذا منتظر منتظر بفروغ الصبر ." (ع ع