إشمعني البهائيين ؟!
إقبال بركة
لا أوافق علي قرار وزيرالداخلية الذي استثني البهائيين وجعل من حقهم وضع شرطة مكان خانة الديانة في بطاقات الرقم القومي الخاصة بهم . هذا القرار سوف يغضب حبايبنا "إياهم " مندوبي العناية الإلهية علي الأرض وحملة مباخر الفضيلة ومكارم الأخلاق ، ويحرمهم من متعة " شق قلب" كل مواطن للتفتيش عن معتقداته الدينية ،
ثم إنه تمييز لطائفة كان بعض موظفي الدولة من المتعصبين يتلذذون بإحراج أفرادها ومرمطتهم بين المصالح والهيئات والمحاكم ، خاصة بعد أن أفتي صحفي لم نقرأ له حرفا من قبل بأنهم كفرة- والعياذ بالله - وبالتالي يحق حرقهم وإبادتهم من علي وجه البسيطة .لن أعترض علي رأي سيادته حتي لا يغلق باب نقابة الصحفيين بالجنزير ويمنعني من دخولها ، بعد أن وضع سيادته نفسه حارسا علي باب النقابة لا يسمح بأن يشوط كائن من كان هدفا في مرماها بدون موافقة سيادته .
ولأني من أصحاب السوابق ، فقد طالب محاميان من قبل بفصلي من النقابة ومن اتحاد الكتاب ومن دار الهلال ومنعي من الكتابة والتنفس وياريت كمان من الوجود في الحياة ، فقد تعلمت الأدب ، إلا أنني لم أتوقف عن التعبير عن رأيي الذي كثيرا - بل دائما - ما يثير سخط " أحبابنا إياهم " ولكن ما باليد حيلة.. فالحرية إدمان من الصعب علي من تعاطاها مرة أن يقلع عنها ، بل تجده يسعي لإفشائها بين معارفه وقرائه وربما حاول مع أعدائه أيضا ..
ومن أخطائي التي لن أتوب عنها أنني كتبت أطالب بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي ، وسوف أظل علي موقفي لأنني أري انها لا تتفق مع مقومات الدولة المدنية الحديثة وأن الرقم القومي لكل مواطن ملف خاص يحتوي علي تفاصيل حياته بالكامل ؛ تاريخ ومحل الميلاد وأسماء الأبوين والديانة والحالة الاجتماعية ....ألخ وبضغطة واحدة علي هذا الرقم في لوحة الكومبيوتر تظهر علي الشاشة كل البيانات الخاصة به أمام من يهمه الأمر .
تفاءلنا عام 2000 مع إدخال نظام الرقم القومي عبر الحاسب الآلي في مصر ، ولكن مثل كل شيء علي أرض المحروسة لا بد أن يحدث ما ينغص علينا عيشتنا ويحرمنا من تذوق مباهج التكنولوجيا فبدلا من أن تنتهي مشكلة خانة الديانة ، تحولت الي معضلة . زمان أيام البطاقات الورقية كان المصريون البهائيون يتمتعون بالحق في اختيار إما إثبات اعتناقهم للبهائية ، أو ترك خانة الديانة خالية أو كتابة كلمة (أخري) أمامها ، وبعد أن تقدمنا للأمام وأصبح لدينا بطاقات رقمية تنبه مسئولو مصلحة الأحوال المدنية الي ذلك الخطأ الفاحش ، وقرروا إجبار البهائيين علي التسجيل كمسيحيين أو مسلمين في البطاقة الجديدة. يعني بصراحة طلبوا منهم أن يكذبوا علنا و علي أوراق رسمية ..! واحتار البهائيون كيف يرتكبون ماتطالبهم به المصلحة بينما هم يحملون أوراقا رسمية أخري تذكر ديانتهم الحقيقية مثل شهادات الميلاد وبطاقات تحقيق الشخصية القديمة وجوازات السفر ..الخ . وأصبحوا بين نارين إما أن يصبحوا كذابين ومنافقين ومزورين أو يقيموا دعاوي ضد المصلحة أمام القضاء الإداري . ويبدو أن السيد وزير الداخلية قد تنبه الي هذا التناقض الغريب فأصدر قراره الذي يستثني البهائيين من كتابة ديانتهم في بطاقة الرقم القومي ، وهو ما يعد تمييزا لمواطنين علي مواطنين . وأخشي ما أخشاه أن تتجمع مجموعة من "أحبابنا إياهم " علي سلم نقابة الصحفيين رافعين لافتات وبوسترات وأعلام الإحتجاج والشجب والاستنكار ، أو أن ينبري أحد المحامين إياهم من هواة الشهرة والبحث عن المشاكل برفع قضية بعدم دستورية هذا الاستثناء بدعوي أنه تمييز لطائفة مصرية دون بقية المصريين .
من الواضح أن الشرطة- بفتحة فوق الشين - تعني "الديانة : بهائي" والا لكتب فيها مسلم أو مسيحي أو يهودي ..الخ . إذن هذاالاستثناء لم يحل مشكلة المتحولين من دين لدين، التي مازالت قائمة وستظل مستمرة ، وبما أن المودة هذه الأيام بين المصريين هي المظاهرات السلمية والاعتصام - فقد يقفون هم أيضاعلي سلالم نقابتنا العزيزة حاملين لافتات تقول بالبنط العريض " اشمعني البهائيين " .
ولنواجه الأمر بصراحة ..إن وضع خانة لتحديد الديانة في بطاقة الرقم القومي يتناقض مع مبدأ المواطنة وحقوق المواطن المنصوص عليها في الدستور المصري الذي يكفل المساواة بين كل المواطنين والحق في حرية العقيدة ، وفي عدم التعرض للتمييز علي أساس الدين أو المعتقد ، كما يتعارض مع بنود المعاهدات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان التي تحث علي الغاء جميع أنواع التمييز بين أبناء الوطن الواحد التي وقعت عليها مصر.
إذن فالحل الوحيد في رأيي المتواضع هو أن يشمل قرار السيد وزير الداخلية كل المصريين ، ويصبح من حق كل مواطن مصري أن يختار إما أن يذكر ديانته أو يضع شرطة مكانها في بطاقة الرقم القومي ، سواء كان مسلما أو مسيحيا أو غير ذلك .
أما إذا رغب أحد من حبايبنا إياهم أن يمارس هواية التفتيش علي أفكارومعتقدات مواطن آخر فعليه أن يردد أكثر من مرة الآية الكريمة التي تنصح رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بأن يقول للمجوس والوثنيين وغيرهما " لكم دينكم ولي دين" ، وسيشفي تماما من علته .
إقبال بركة
لا أوافق علي قرار وزيرالداخلية الذي استثني البهائيين وجعل من حقهم وضع شرطة مكان خانة الديانة في بطاقات الرقم القومي الخاصة بهم . هذا القرار سوف يغضب حبايبنا "إياهم " مندوبي العناية الإلهية علي الأرض وحملة مباخر الفضيلة ومكارم الأخلاق ، ويحرمهم من متعة " شق قلب" كل مواطن للتفتيش عن معتقداته الدينية ،
ثم إنه تمييز لطائفة كان بعض موظفي الدولة من المتعصبين يتلذذون بإحراج أفرادها ومرمطتهم بين المصالح والهيئات والمحاكم ، خاصة بعد أن أفتي صحفي لم نقرأ له حرفا من قبل بأنهم كفرة- والعياذ بالله - وبالتالي يحق حرقهم وإبادتهم من علي وجه البسيطة .لن أعترض علي رأي سيادته حتي لا يغلق باب نقابة الصحفيين بالجنزير ويمنعني من دخولها ، بعد أن وضع سيادته نفسه حارسا علي باب النقابة لا يسمح بأن يشوط كائن من كان هدفا في مرماها بدون موافقة سيادته .
ولأني من أصحاب السوابق ، فقد طالب محاميان من قبل بفصلي من النقابة ومن اتحاد الكتاب ومن دار الهلال ومنعي من الكتابة والتنفس وياريت كمان من الوجود في الحياة ، فقد تعلمت الأدب ، إلا أنني لم أتوقف عن التعبير عن رأيي الذي كثيرا - بل دائما - ما يثير سخط " أحبابنا إياهم " ولكن ما باليد حيلة.. فالحرية إدمان من الصعب علي من تعاطاها مرة أن يقلع عنها ، بل تجده يسعي لإفشائها بين معارفه وقرائه وربما حاول مع أعدائه أيضا ..
ومن أخطائي التي لن أتوب عنها أنني كتبت أطالب بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي ، وسوف أظل علي موقفي لأنني أري انها لا تتفق مع مقومات الدولة المدنية الحديثة وأن الرقم القومي لكل مواطن ملف خاص يحتوي علي تفاصيل حياته بالكامل ؛ تاريخ ومحل الميلاد وأسماء الأبوين والديانة والحالة الاجتماعية ....ألخ وبضغطة واحدة علي هذا الرقم في لوحة الكومبيوتر تظهر علي الشاشة كل البيانات الخاصة به أمام من يهمه الأمر .
تفاءلنا عام 2000 مع إدخال نظام الرقم القومي عبر الحاسب الآلي في مصر ، ولكن مثل كل شيء علي أرض المحروسة لا بد أن يحدث ما ينغص علينا عيشتنا ويحرمنا من تذوق مباهج التكنولوجيا فبدلا من أن تنتهي مشكلة خانة الديانة ، تحولت الي معضلة . زمان أيام البطاقات الورقية كان المصريون البهائيون يتمتعون بالحق في اختيار إما إثبات اعتناقهم للبهائية ، أو ترك خانة الديانة خالية أو كتابة كلمة (أخري) أمامها ، وبعد أن تقدمنا للأمام وأصبح لدينا بطاقات رقمية تنبه مسئولو مصلحة الأحوال المدنية الي ذلك الخطأ الفاحش ، وقرروا إجبار البهائيين علي التسجيل كمسيحيين أو مسلمين في البطاقة الجديدة. يعني بصراحة طلبوا منهم أن يكذبوا علنا و علي أوراق رسمية ..! واحتار البهائيون كيف يرتكبون ماتطالبهم به المصلحة بينما هم يحملون أوراقا رسمية أخري تذكر ديانتهم الحقيقية مثل شهادات الميلاد وبطاقات تحقيق الشخصية القديمة وجوازات السفر ..الخ . وأصبحوا بين نارين إما أن يصبحوا كذابين ومنافقين ومزورين أو يقيموا دعاوي ضد المصلحة أمام القضاء الإداري . ويبدو أن السيد وزير الداخلية قد تنبه الي هذا التناقض الغريب فأصدر قراره الذي يستثني البهائيين من كتابة ديانتهم في بطاقة الرقم القومي ، وهو ما يعد تمييزا لمواطنين علي مواطنين . وأخشي ما أخشاه أن تتجمع مجموعة من "أحبابنا إياهم " علي سلم نقابة الصحفيين رافعين لافتات وبوسترات وأعلام الإحتجاج والشجب والاستنكار ، أو أن ينبري أحد المحامين إياهم من هواة الشهرة والبحث عن المشاكل برفع قضية بعدم دستورية هذا الاستثناء بدعوي أنه تمييز لطائفة مصرية دون بقية المصريين .
من الواضح أن الشرطة- بفتحة فوق الشين - تعني "الديانة : بهائي" والا لكتب فيها مسلم أو مسيحي أو يهودي ..الخ . إذن هذاالاستثناء لم يحل مشكلة المتحولين من دين لدين، التي مازالت قائمة وستظل مستمرة ، وبما أن المودة هذه الأيام بين المصريين هي المظاهرات السلمية والاعتصام - فقد يقفون هم أيضاعلي سلالم نقابتنا العزيزة حاملين لافتات تقول بالبنط العريض " اشمعني البهائيين " .
ولنواجه الأمر بصراحة ..إن وضع خانة لتحديد الديانة في بطاقة الرقم القومي يتناقض مع مبدأ المواطنة وحقوق المواطن المنصوص عليها في الدستور المصري الذي يكفل المساواة بين كل المواطنين والحق في حرية العقيدة ، وفي عدم التعرض للتمييز علي أساس الدين أو المعتقد ، كما يتعارض مع بنود المعاهدات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان التي تحث علي الغاء جميع أنواع التمييز بين أبناء الوطن الواحد التي وقعت عليها مصر.
إذن فالحل الوحيد في رأيي المتواضع هو أن يشمل قرار السيد وزير الداخلية كل المصريين ، ويصبح من حق كل مواطن مصري أن يختار إما أن يذكر ديانته أو يضع شرطة مكانها في بطاقة الرقم القومي ، سواء كان مسلما أو مسيحيا أو غير ذلك .
أما إذا رغب أحد من حبايبنا إياهم أن يمارس هواية التفتيش علي أفكارومعتقدات مواطن آخر فعليه أن يردد أكثر من مرة الآية الكريمة التي تنصح رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بأن يقول للمجوس والوثنيين وغيرهما " لكم دينكم ولي دين" ، وسيشفي تماما من علته .