منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se
منتديات عظمة هذا اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا إلهي أغث هؤلاء البؤساء، ويا موجدي ارحم هؤلاء الأطفال، ويا إلهي الرّؤوف اقطع هذا السّيل الشّديد، ويا خالق العالم أخمد هذه النّار المشتعلة، ويا مغيثنا أغث صراخ هؤلاء الأيتام، ويا أيّها الحاكم الحقيقيّ سلّ الأمّهات جريحات الأكباد،ع ع

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address:

Delivered by FeedBurner


المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 34 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 34 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 138 بتاريخ 2019-07-30, 07:24
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان


    [/spoiler]

    أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

    قصة الحضارة ول ديورانت (6)

    اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    عاطف الفرماوى


    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    قصة الحضارة ول ديورانت (6)

    الأخلاق الاجتماعية

    طبيعة الفضيلة والرذيلة - الجشع - الخيانة - العنف - القتل - الانتحار - انخراط


    الفرد في جماعة - الإيثار - الكرم - أوضاع السلوك - تحديد القبيلة


    للأخلاق - الأخلاق البدائية بالقياس إلى الأخلاق الحديثة - الدين والأخلاق


    من بين واجبات الوالدين أن ينقلوا إلى الأبناء تشريع الأخلاق، لأن الطفل أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان؛ وإنه ليتلقى إنسانيته شيئاً فشيئاً كلما تلقى جانباً من التراث الخلقي والعقلي الذي خلفه له الأسلاف؛ والطفل من الوجهة البيولوجية سيئ الإعداد للمدنية، لأن غرائزه تهيئه للمواقف الرئيسية والتقليدية ولا تشتمل إلا على الاستجابة للمثيرات التي توافق الغابة أكثر من موافقتها للمدنية؛ كل رذيلة كانت يوماً ما فضيلة ضرورية في تنازع البقاء، ولم نسمها رذيلة إلا لأنها تلكأت في وجودها بعد زوال الظروف التي كانت تستلزم وجودها- فليست الرذيلة- إذن- ضربا من السلوك الراقي، بل هي في العادة ارتداد بالإنسان إلى سلوكه القديم الذي حل مكانه سلوك جديد؛ فمن الغايات التي ينشد تحقيقها التشريع الخلقي أن يوائم نزوات الطبيعة البشرية التي لم تتغير- أو التي تتغير ببطء- مع حاجات الحياة الاجتماعية وظروفها المتغيرة.
    لبث الجشع وحب التملك والخيانة والقسوة والعنف أمورا نافعة للحيوان وللإنسان مدى أجيال بلغت في طولها حداً تعذر معه على كل ما لدينا من قوانين وتربية وأخلاق ودين أن تزيلها إزالة تامة؛ ولا شك أن لبعضها- حتى في يومنا هذا- قيمة في حفظ البقاء، فالحيوان يتخم نفسه طعاماً لأنه لا يعلم متى


    عساه أن يجد القوت مرة أخرى، وهذا الارتياب في ظروف المستقبل هو منشأ الجشع؛ فالرجل من قبيلة "ياقوت" يأكل أربعين رطلا من اللحم في يوم واحد وكذلك تروا قصص كهذه- وأن تكن أقل منها بطولة - عن الإسكيمو والسكان الأصليين في استراليا، وأن الاطمئنان الاقتصادي الذي هو من نتائج المدنية لمن حداثة العهد بحيث يتعذر عليه أن يزيل هذا الجشع الطبيعي في الإنسان، الذي لا يزال يظهر في حب التملك الذي لا يشبع، حتى لتراه يدفع الرجل الحديث أو المرأة الحديثة إذ هما في قلق من الحياة، أن يَخزُنا الذهب أو غيره من السلع التي يمكن تحويلها إلى طعام إذا ما طرأ طارئ مفاجئ؛ وليس الجشع للشراب كالجشع للطعام لأن معظم الجماعات الإنسانية قد احتشدت حول ينابيع الماء؛ ومع ذلك فشراب المسكرات يوشك أن يعم الإنسان جميعاً، وهم لا يطلبونه عن جشع بقدر ما يطلبونه ليدفئوا في أنفسهم برودة يحسونها، أو ليمحوا من ذاكرتهم هما يشقيهم- وقد يطلبونه لمجرد أن ما تحت أيديهم من الماء لا يصلح شراباً.
    والخيانة ليست عريقة القدم كالجشع، ذلك لأن الجوع أسبق إلى الوجود من الملكية؛ ولعل"الهمج" البدائيين في أبسط صورهم أكثر الناس أمانة "فالكلمة يقولونها مقدسة" كما يقول "كولبن" Kolben عن قبيلة الهوتنتوت "وهم لا يصطنعون شيئاً مما تعرفه أوروبا من وسائل الفساد والخيانة"؛ لكن هذه الأمانة الساذجة زالت بتقدم وسائل المواصلات التي ربطت أجزاء الأرض بعضها ببعض، لأن وسائل أوروبا استطاعت بعدئذ أن تعلم هذا الفن الدقيق للهوتنتوت؛ فالخيانة بصفة عامة تنشأ مع المدنية؛ لأنه في ظل المدنية يزداد المجال الذي يتطلب دهاء السياسة أتساعاً، إذ تزداد الأشياء التي تغري الإنسان بالسرقة، وتربيتنا لأبنائنا تنشئهم على المهارة في ذلك؛ فإذا ما تقدمت الملكية بين البدائيين جاءهم في أثرها الكذب والسرقة.


    وأما جرائم الافتئات والاعتداء فهي قديمة قدم الجشع؛ فتقاتل الناس على الطعام والأرض والمرأة قد روى الأرض بدماء البشر، ولم ينج من ذلك جيل واحد من الأجيال وغشى نور المدنية الواهن المتقطع ببطانة من ظلام؛ كان الإنسان البدائي قاسياً إذ كان حتماً عليه أن يكون كذلك؛ فقد علمته الحياة أن تكون ذراعه على استعداد للضرب دائماً، وأن يكون له قلب يستسيغ " القتل الطبيعي " وأسْوَدُ الصحائف التي تصادفكَ وأنت تقرأ علم الأجناس البشرية، هي تلك التي تروي لك عن التعذيب الذي يسود الحياة البدائية، وعن الفرح الذي ينتشي به كثير من البدائيين رجالا ونساء - فيما يظهر - إذا ما أنزلوا بأحد ألما، وكثير من هذه القسوة كان من لوازم الحرب، ففي حدود القبيلة الواحدة، تجد أساليب التعامل أقل وحشية، فيعامل بعضهم بعضا - بل يعاملون عبيدهم - برقة لا تقل في شيء عما تعهده المدنية في ذلك لكن لما كان الناس مضطرين اضطراراً أن يقتلوا أبان القتال، فقد علمهم هذا أن يقتلوا كذلك أيام السلم؛ وكممن البدائيين لا يرون وسيلة لفظ النزاع إلا إن مات أحد المتنازعين؛ وكثير من القبائل لا يرتاع أبناؤها إذا أغتال إنسان إنساناً - حتى إن كان القتيل من أبناء العشيرة نفسها - بمثل الجزع الذيكنا نحن المحدثين نقابله به؛ فأهل "فويجي" Fuegians لا يعاقبون القاتل بأكثر من نفيه حتى ينسى زملاؤه جريمته؛ وقبائل الكفير تعد القاتل نجساً، ويطالبونه بتسويد وجهه بالفحم، ولكنه بعدئذ أن غسل جسده ومضمض فمه وصبغ جلده بلون بني قبلوه في الجماعة من جديد، وأما همج "فوتونا" Futuna فهم - مثلنا - يعدون القاتل بطلا؛ وفي بعض القبائل ترفض المرأة أن تتزوج من رجل لم يقتل أحدا في قتال، سواء في ذلك أكان القتال سليم الأساس أم فاسدة؛ ومن هنا نشأت عادة اصطياد الرءوس التي لا تزال باقية في الفلبين حتى اليوم؛ وعند قبيلة "دياك" Dyak يكون للرجل الذي يعود من مثل هذا الصيد البشري بأكبر عدد من الرءوس،


    أن يختار من يشاء من بنات القرية، والبنات يشتهينه زوجا لأنهن يدركن أنهن قد يصبحن - بلقاء مثل هذا الزوج - أمهات لرجال شجعان أقوياء .
    حيث يغلو الطعام ترخص الحياة، فأبناء الإسكيمو لا مندوحة لهم عن قتل والديهم إذا ما أصبح هؤلاء من الشيخوخة بحيث لا يقوون على شيء، ولا يصلحون لشيء فالامتناع عن قتلهم في مثل هذه الحالات يعتبر مجافاة لواجب البنوة، وحياة الرجل البدائي رخيصة على نفسه لأنه يقتل نفسه في اندفاع لا ينافسه فيه إلا اليابانيون؛ وإذا ما أسئ إلى شخص فأنتحر أو أنزل بنفسه الأذى، فالمسيء لا بد أن يجري مجراه في ذلك وإلا عُدَّ منبوذاً من المجتمع، وما أقدم الانتحار تخلصا من الدنس والعار؛ وكل شيء قد يكفي سبباً للانتحار، فقد أنتحر بعض الهنديات من شمالي أمريكا لأن أزواجهن قد استباحوا لأنفسهم لومهن، وأنتحر شاب من جزيرة "تروبرياند" لأن زوجته دخنت كل ما كان لديه من تبغ.
    وأخذت المدنية على نفسها فيما أخذت أن تحول الجشع عند الإنسان إلى اقتصاد، والاعتداء إلى حجاج، والاغتيال إلى مقاضاة، والانتحار إلى فلسفة؛ وما كان أعظمه من تقدم للإنسان حين رضى القوي أن يأكل الضعيف بوساطة القانون؛ وأن الجماعة لتفنى إذا ما سمحت لأبنائها أن يقف بعضهم من بعض نفس الموقف الذي يشجعهم أن يقفوه جماعةً إزاء غيرها من الجماعات، فالتعاون الداخلي هو أول قانون للتنافس الخارجي، وتنازع البقاء لا ينتهي بتعاون الأفراد بعضهم مع بعض، إنما هو ينتقل إلى الجماعة بعد أن كان للفرد، ولو تساوت الظروف في جماعتين إلا في أن إحداهما يستطيع أعضاؤها من أسر وأفراد أن يتحد بعضهم مع بعض، فهي التي تستطيع أن تسبق الأخرى في ميدان


    التنافس سبقا يتناسب مقداره. مع مقدار ما بداخلها من تعاون؛ ومن هنا كان لكل جماعة تشريع أخلاقي تلقنه لأفرادها، وتبني لهم في أفئدتهم ميولا اجتماعية تقلل من الحرب الطبيعية التي هي من شأن الأحياء، وإنما تفعل الجماعة ذلك لأن هؤلاء الأفراد هم حلفاؤها وأركانها المستورة؛ وهي تؤيد طائفة من الخصال أو العادات في الفرد من شأنها أن تعود بالنفع على الجماعة، ولذا تسميها فضائل؛ كما تنفر النفوس من أضدادها بأن تسميها رذائل؛ وبهذه الطريقة ينخرط الفرد - في ظاهرة إلى حد ما - في سلك الجماعة، والحيوان فيه يصبح مواطنا.
    لم يكن - أو كاد ألا يكون - توليد العواطف الاجتماعية في نفس "الهمجي" بأصعب من إثارة هذه العواطف اليوم في قلب الإنسان الحديث، فلئن كان تنازع الحياة قد شجع على قيام الشيوعية، فقد عزز تنازع الملك الشعور بالفردية؛ وربما كان الإنسان البدائي أسرع من الإنسان المعاصر استعداداً للتعاون مع زملائه فقد كان أيسر عليه من الإنسان المعاصر أن يتماسك اجتماعياً مع زملائه لأن الأخطار والمصالح التي كانت تربط بالجماعة كانت أقوى منها الآن، كما كانت أملاكه أقل من أن تجعله يتفَّرد بمصالح من دون زملائه؛ لقد كان الإنسان البدائي عنيفاً جشعاً، لكنه كان كذلك رحيما كريما، مستعداً لاقتسام ما معه حتى مع الغرباء، ولتقديم الهدايا لأضيافه فكل قارئ يعرف كرم البدائيين كيف كان يدفعهم في قبائل كثيرة إلى حد تقديم زوجة المضيف أو ابنته إلى نزيل بيته، ورفض مثل هذه التحية أثناء الضيافة يعتبر عندهم إيذاء شديدا لشعورهم: لشعور المضيف وشعور المرأة في آن معاً، وإن ذلك لمن المشكلات التي يصادفها المبشرون؛ والمعاملة التي يعامل بها الضيف إبان إقامته تتوقف على الطريقة التي عالج بها أمثال هذه التبعات في أول قدومه؛ ويظهر أن الإنسان البدائي قد كان يشعر نحو امرأته شعور الغيرة على ملكه لا شعور الغيرة الجنسية، فلا يسيء إليه أن تكون زوجته قد "عرفت" رجالا غيره قبل زواجها منه، ولا يؤذيه أنها


    الآن تضاجع ضيفه، لكنه يثور بالغضب - باعتباره مالكا لا باعتباره عاشقاً - إذا ما رآها تضاجع رجلا بغير استئذانه؛ وبعض الأزواج في أفريقيا يعيرون زوجاتهم إلى الغرباء لتسهيل أمور لهم عند هؤلاء.
    إن قواعد المجاملة كانت من التعقد لدى معظم الشعوب الساذجة بمثل ما عليه لدى الأمم الراقية فكل جماعة لها طرائقها الرسمية في الاستقبال والتوديع، فإذا ما التقى شخصان فقدي تحاكان بالأنوف أو يتشمم أحدهما الآخر، أو يضرب كل منهما زميله ضرباً رقيقا ولكن هؤلاء الناس - كما أسلفنا - يستحيل أن يقبل أحد منهم أحداً؛ وبعض القبائل الغليظة كانت أحسن أدبا من متوسط الإنسان الحديث، فصيادو الرءوس البشرية من قبيلة " دياك " يقال عنهم أنهم"وديعون مسالمون" في حياتهم المنزلية، وهنود أمريكا الوسطى يعتبرون حديث الرجل الأبيض بصوت عال وسلوكه الغليظ من علامات سوء تربيته وثقافته البدائية.
    إن كل الجماعات البشرية تقريبا تكاد تتفق في عقيدة كل منها بأن سائر الجماعات أحط منها؛ فالهنود الأمريكيون يعدون أنفسهم شعب الله المختار، خلقه "الروح الأعظم" خاصة ليكون مثالا يرتفع إليه البشر، وقبيلة من القبائل الهندية تطلق على نفسها "الناس الذين لا ناس سواهم" وأخرى تطلق على نفسها "الناس بين الناس" وقال "الكاربيون" "نحن وحدنا الناس"، وكان الإسكيمو يعتقدون أن الأوربيين إنما ارتحلوا إلى جرينلندة لينقلوا عنهم طرائق العيش الصحيحة والفضائل ونتيجة ذلك أن الإنسان البدائي لم يكن يدور في خلده أن يعامل القبائل الأخرى ملتزما نفس القيود الخلقية التي يلتزمها في معاملته لبني قبيلته، فهو صراحة يرى أن وظيفة الأخلاق هي تقوية جماعته وشد أزرها تجاه سائر الجماعات، فالأوامر الخلقية والمحرمات لا تنطبق إلا على أهل قبيلته، أما الآخرون فما لم يكونوا ضيوفه، فمباح له أن يذهب في معاداتهم إلى الحد المستطاع.


    ليس التقدم الخلقي في التاريخ متمثلا في تحسن التشريع الخلقي بمقدار ما هو متمثل في توسيع الدائرة التي يطبق فيها، فأخلاق الإنسان الحديث ليست بالضرورة أسمى من أخلاق البدائي، ولو أن التشريعيين الخلقيين قد يختلفان فيما بينهما اختلافا بيناً من حيث المضمون والتنفيذ والأداء، لكن الأخلاق الحديثة في الأيام العادية تتسع نطاقا بحيث تشمل عدداً أكبر من الناس عن ذي قبل- ولو أن هذا التوسع قد أخذ يقل تدريجيا ذلك أنه لما جعلت القبائل تحتشد في وحدات أكبر تسمى دولاً، فاضت قواعد الأخلاق عن حدود القبيلة؛ ثم لما اتصلت الدول بوسائل المواصلات أو بالخطر المشترك، تسللت الأخلاق من دولة إلى دولة خلال الحدود، وطفقَ فريق من الناس يطبق قواعده الخلقية على الأوروبيين جميعا، ثم على الجنس الأبيض كله، ثم أخيراً على البشر أجمعين، وربما لم يخل عصر من العصور من أصحاب المثل العليا الذين تمنوا أن يحبوا الناس جميعا حبهم لجيرانهم، وربما كانت أصواتهم دائما صيحات في واد بلقع من قوميات وحروب؛ لكن عدد هؤلاء الناس أو حتى نسبتهم العددية إلى غيرهم، قد زادت اليوم على الأرجح، ولئن خلت السياسة من الأخلاق، فهنالك أخلاق في التجارة الدولية لسبب بسيط هو أن هذه التجارة يستحيل قيامها بغير شيء من القيود والقانون والثقة، فإن بدأت التجارة في القرصنة، فقد صعدت إلى قمة الأخلاق.
    ذلك لأن الجماعات الإنسانية قد ارتضت أن تقيم تشريعاتها الخلقية على أساس من المنفعة الاقتصادية والسياسية الصريحة، إذ الفرد لم تهيئه طبيعته بميول التي تميل به نحو إخضاع مصالحه الشخصية لمصالح المجتمع، أو نحو طاعة القوانين المحرجة للصدور إذا لم يكن ثمة من الوسائل المنظورة ما يفرضها عليه بالقوة؛

    فلكي تقيم المجتمعات على الأفراد حارساً غير منظور، ولكي تقوي فيهم الدوافع الاجتماعية ضد الدوافع الفردية بما تثيره فيهم من آمال قوية ومخاوف قوية، فإنها استخدمت الديانة وإن لم تخترعها، ولقد عبر الجغرافي القديم "سترابو" عن أكثر الآراء تقدماً في هذا الموضوع منذ تسعة عشر قرنا فقال:
    إنك في معاملتك لحشد من النساء، على أقل تقدير، أو معاملتك لأية مجموعة من الناس اجتمعت كما اتفق، لا تستطيع بالفلسفة أن تؤثر فيهم، أنك لا تستطيع أن تؤثر فيهم بالعقل أو أن تقنعهم إقناعا بضرورة الوقار والورع والأيمان كلا، بل لا بد لهم من الخوف الديني أيضاً. ولا يمكن إثارة هذا الخوف في نفوسهم بغير الأساطير والأعاجيب؛ فالصواعق والدروع والصولجانات والمشاعل ورماح الآلهة، كل هذه الأساطير، وكذلك منها اللاهوت القديم من أوله إلى آخره؛ لكن مؤسسي الدول حرصوا على هذه الأشياء باعتبارها عفاريت يُفزعون بها السُّذج من الناس؛ ولما كانت هذه طبيعة الأساطير )الميثولوجيا( ثم لما احتلت الأساطير مكانتها في إطار الحياة المدنية والاجتماعية كما احتلت مكانتها كذلك في تاريخ الوقائع الملموسة، فقد تمسك القدماء بنظمهم في تربية أطفالهم وطبقوها حتى سن النضوج، وآمنوا بأنهم يستطيعون بوساطة الشعر أن يهذبوا أية فترة من فترات الحياة عند الناشئ؛ أما اليوم، وبعد أن مرَ هذا الزمن الطويل، أصبح التاريخ وأصبحت الفلسفة في مقدمة ما يربى به النشء؛ مع أن الفلسفة لا تصلح إلا للقليل، بينما الشعر أصلح منها للشعب بصفة عامة".
    إذن فسرعان ما تسبغ العقيدة الدينية على الأخلاق لونا من التقديس، لأن ما هو فوق الطبيعة يضيف أهمية يستحيل أن تكتسبها من تلقاء نفسها الأشياء التي نعرفها بالتجربة الحسية والتي نفهما بردها إلى أصولها، فالخيال أيسر وسيلة من العلم في حكم الناس؛ ولكن هل كانت هذه الفائدة الخلقية هي أصل العقيدة الدينية وأساسها؟





    الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى