إذا نظرنا إلى الأمراض المتفشية في العالم. نجد أن العديد من الأفراد ينادون بضرورة توفير الأدوية والعقاقير لجميع أفراد البشر. وبالمقابل هناك بلدان تقوم بإنتاج هذه الأدوية ولكنها تحتفظ بحق ملكيتها فيموت آلاف البشر لأنهم فشلوا في الحصول على الدواء الموجود أصلا والذي كان بإمكانه إنقاذهم والذي يستطيع أن يحصل عليه أفراد آخرون في العالم. في هذا العام هناك 5000 أفريقي يموت يوميا بسبب الإيدز، أي 35 ألف وفاة في الأسبوع، 147 وفاة في الشهر، وهذا يعني أكثر من 4 ملايين وفاة في العام.
ما يجب أن نضعه نصب أعيننا هو أن تصنيفنا للدول على أنها دول فقيرة، دول غنية، دول عالم أول، دول عالم ثالث، دول متقدمة ودول نامية، كل هذه العبارات جديدة في قاموس المصطلحات التاريخية وليست طبيعية فالأمور لم تكن هكذا دوما. هناك فقط عالم واحد حصل كل جزء منه على خصائص ومميزات تختلف عن الآخر. دعونا نتخيل العالم كهيكل إنسان فإذا تركزت قدرة النمو في بعض الأجزاء أو الأعضاء وحرمت الأعضاء الأخرى من الموارد وفيما إذا استمر هذا الخلل في النمو لفترة طويلة فإن الأعضاء التي حصلت على أكثر من نصيبها من الموارد تتشوه وتتضخم أما الأعضاء التي حرمت من الموارد فإنها تضمر ولن يكون بإمكانها القيام بوظائفها. وما لم نقم بمعالجة سوء توزيع المواد الغذائية هذا فإن المرض سيزداد سوءا. وهذا هو حال العالم الذي نعيش فيه. إنه عالم مريض، وهو يعاني من المرض منذ مدة طويلة. وجميع الجهود التي بذلت لعلاجه باءت بالفشل لأننا لم ندرك طبيعة المرض. عندما نسمع عن الحرب في ليبيريا أو أثيوبيا أو رواندا أو البوسنة فهل نفكر فيها على أنها حربهم الناتجة عن تعصبهم؟ الحرب في أنغولا لم يختارها الناس هناك وما زالت مستمرة منذ 25 عاما. في السودان يوجد مليوني شخص ماتوا وخمسة ملايين تشردوا بسبب الحرب التي استمرت 40 عاما. في عام 1997 اشتعلت نيران الحرب في الكونغو وفي العامين الماضيين مات ثلاثة ملايين شخص بسببها كان معظمهم من غير المقاتلين. لقد أزاحت بقية دول العالم بوجهها عن جميع هؤلاء مدعية بأنها مشكلتهم. ولكنها في الواقع مشكلة الجميع ليس بسبب إنسانيتنا المشتركة فحسب بل لأن الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لجميع الدول ترتبط ارتباطا وثيقا ببعضها البعض. الداء الذي لا تتم معالجته يستفحل وتنتشر أعراض المرض في الأجزاء غير المصابة في الجسم والتي لم تبد عليها علامات المرض من قبل.
إن الأحداث الأخيرة التي حصلت في الولايات المتحدة والهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمي والبنتاغون وما تسببه ذلك في موت العديد من الأبرياء يعبر عن مأساة حقيقية تستلزم حتما معاقبة المرتكبين. ولكن هذا وحده لن يكون كافيا. لن يكون بإمكاننا أن ندرك أهمية القضاء على الإرهاب في العالم قطعيا إلا إذا أدركنا حقيقة أن السبب الرئيس وراء الإرهاب بشكل عام يرتبط ارتباطا وثيقا بالسبب الرئيسي للحروب والنزاعات التي تحصل في العالم ألا وهو التنمية غير المتوازنة لدول العالم على مدى القرون الماضية. ليس من الضروري أن يكون العالم كما صنعناه، بما أننا كبشر أوجدنا هذه الأحوال فبإمكاننا أن نغيرها. وعلينا جميعا كأفراد أن نقوم بذلك. فباستطاعتنا تغيير أحوال العالم عندما نغير من أعمالنا فيه. لنعود إلى لعبة "المونوبولي" التي ذكرت سابقا. في الواقع نحن لا نحتاج إلى ثورة حتى نجعل اللعبة أكثر إنصافا. ما نحتاجه فقط هو تغيير الطريقة التي نلعب بها. باستطاعتنا أن نقوم بهذا في العالم الحقيقي. بإمكاننا أن نغير القوانين حتى تصبح عادلة في نظر الجميع. مثلا: إسقاط الديون عن الدول الفقيرة، او المساواة في التصويت في الأمم المتحدة، أو فرض الضرائب على الصفقات المالية العالمية واستخدام المبالغ في تنمية البنية التحتية للدول الفقيرة في العالم. تشير الإحصائيات إلى أن هناك 345 بليونيرا في العالم تبلغ مجموع ثرواتهم أكثر من إجمالي الإنتاج المحلي لبعض الدول التي يشكل مجموع عدد سكانها ما يعادل نصف سكان الكرة الأرضية. من الممكن فرض الضرائب على الصفقات المالية لهؤلاء الأثرياء واستخدام المبالغ لمد يد العون للدول التي تعاني مشاكل اقتصادية وسيظل الأثرياء بخير وسيظلون مرتاحين ماديا، وسنكون أكثر أمانا. إننا كأفراد عاديين لدينا قدرة عظيمة لجعل العالم أكثر إنصافا. إننا كالخلايا والأعصاب والعظام التي تتحد مع ببعضها البعض في نظام واحد ألا وهو العالم الذي نعيش فيه. ولأعمالنا تأثير أبعد من أنفسنا فقط. إننا نملك القدرة كمستهلكين، إذا اخترنا ذلك، أن نخلق ظروف عمل أكثر إنصافا لمنتجي البضائع التي نستهلكها. كما أنه لدينا القدرة كمواطنين في مجتمع ديموقراطي، إذا أردنا استخدام الديموقراطية، أن ننتخب قادة لديهم القدرة على تغيير الأوضاع غير المتوازنة التي يعاني منها العالم. ولن يكون بإمكاننا اتخاذ مثل هذه الخطوة إلا إذا أدركنا تماما بأننا جزء لا يتجزأ ممن العالم حيث لن يكون بمقدورنا أن نغير العالم إلا إذا غيرنا أنفسنا وطريقة تفكيرنا أولا.
فكروا في عملية إلغاء الرق. لقد كان لانتشار الرقيق الأفريقيين الأثر الكبير في إيجاد حالة عدم التوازن التي يعاني منها العالم اليوم. ومنذ وقت ليس ببعيد جدا كان الناس يظنون أن الرق هو شيء طبيعي ولا يمكن اجتنابه، تماما كما يبدو لنا حاليا أن حالة عدم التوازن التي تعم العالم هي شيء طبيعي ومحتوم. لكن في ذلك الوقت ظهر أشخاص أدركوا بأن الرق ليس أمرا طبيعيا ومقبولا وقرروا تغييره فقاموا بمبادرات لم تكن في صالحهم وبدأوا بحرب أفكار قائلين بأن ما يقبله الناس كأمر طبيعي وأخلاقي هو في الواقع غير طبيعي وغير أخلاقي. غيروا من طريقة تفكيرهم وغيروا من أعمالهم في العالم. وبالتالي تغير العالم. نستطيع أن نقوم بالشيء نفسه فنقرر بأن وجود الغناء الفاحش والفقر المدقع في العالم لا يعد أمرا مقبولا. ونستطيع أن نتدخل بشكل منظم في تغيير هذه الظروف من خلال مساهمتنا في الاقتصاد وفي الحكومة وفي حياة المجتمع ككل. هذه هي قدراتنا وهذه هي مسئوليتنا ولا أحد يستطيع أن يحرمنا من الاستفادة من قدراتنا إذا أدركنا أننا نمتلكها فعلا. قد يبدو الأمر صعبا ولكنه ليس مستحيلا إنما يحتاج إلى الصبر والعزيمة وقوة الإرادة. وفقنا الله جميعا لما فيه الخير والصلاح للعالم أجمع.
ترجمة: نسرين جابري
من كتابات في الانترنت كتبه الشباب البهائي في امريكا
ما يجب أن نضعه نصب أعيننا هو أن تصنيفنا للدول على أنها دول فقيرة، دول غنية، دول عالم أول، دول عالم ثالث، دول متقدمة ودول نامية، كل هذه العبارات جديدة في قاموس المصطلحات التاريخية وليست طبيعية فالأمور لم تكن هكذا دوما. هناك فقط عالم واحد حصل كل جزء منه على خصائص ومميزات تختلف عن الآخر. دعونا نتخيل العالم كهيكل إنسان فإذا تركزت قدرة النمو في بعض الأجزاء أو الأعضاء وحرمت الأعضاء الأخرى من الموارد وفيما إذا استمر هذا الخلل في النمو لفترة طويلة فإن الأعضاء التي حصلت على أكثر من نصيبها من الموارد تتشوه وتتضخم أما الأعضاء التي حرمت من الموارد فإنها تضمر ولن يكون بإمكانها القيام بوظائفها. وما لم نقم بمعالجة سوء توزيع المواد الغذائية هذا فإن المرض سيزداد سوءا. وهذا هو حال العالم الذي نعيش فيه. إنه عالم مريض، وهو يعاني من المرض منذ مدة طويلة. وجميع الجهود التي بذلت لعلاجه باءت بالفشل لأننا لم ندرك طبيعة المرض. عندما نسمع عن الحرب في ليبيريا أو أثيوبيا أو رواندا أو البوسنة فهل نفكر فيها على أنها حربهم الناتجة عن تعصبهم؟ الحرب في أنغولا لم يختارها الناس هناك وما زالت مستمرة منذ 25 عاما. في السودان يوجد مليوني شخص ماتوا وخمسة ملايين تشردوا بسبب الحرب التي استمرت 40 عاما. في عام 1997 اشتعلت نيران الحرب في الكونغو وفي العامين الماضيين مات ثلاثة ملايين شخص بسببها كان معظمهم من غير المقاتلين. لقد أزاحت بقية دول العالم بوجهها عن جميع هؤلاء مدعية بأنها مشكلتهم. ولكنها في الواقع مشكلة الجميع ليس بسبب إنسانيتنا المشتركة فحسب بل لأن الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لجميع الدول ترتبط ارتباطا وثيقا ببعضها البعض. الداء الذي لا تتم معالجته يستفحل وتنتشر أعراض المرض في الأجزاء غير المصابة في الجسم والتي لم تبد عليها علامات المرض من قبل.
إن الأحداث الأخيرة التي حصلت في الولايات المتحدة والهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمي والبنتاغون وما تسببه ذلك في موت العديد من الأبرياء يعبر عن مأساة حقيقية تستلزم حتما معاقبة المرتكبين. ولكن هذا وحده لن يكون كافيا. لن يكون بإمكاننا أن ندرك أهمية القضاء على الإرهاب في العالم قطعيا إلا إذا أدركنا حقيقة أن السبب الرئيس وراء الإرهاب بشكل عام يرتبط ارتباطا وثيقا بالسبب الرئيسي للحروب والنزاعات التي تحصل في العالم ألا وهو التنمية غير المتوازنة لدول العالم على مدى القرون الماضية. ليس من الضروري أن يكون العالم كما صنعناه، بما أننا كبشر أوجدنا هذه الأحوال فبإمكاننا أن نغيرها. وعلينا جميعا كأفراد أن نقوم بذلك. فباستطاعتنا تغيير أحوال العالم عندما نغير من أعمالنا فيه. لنعود إلى لعبة "المونوبولي" التي ذكرت سابقا. في الواقع نحن لا نحتاج إلى ثورة حتى نجعل اللعبة أكثر إنصافا. ما نحتاجه فقط هو تغيير الطريقة التي نلعب بها. باستطاعتنا أن نقوم بهذا في العالم الحقيقي. بإمكاننا أن نغير القوانين حتى تصبح عادلة في نظر الجميع. مثلا: إسقاط الديون عن الدول الفقيرة، او المساواة في التصويت في الأمم المتحدة، أو فرض الضرائب على الصفقات المالية العالمية واستخدام المبالغ في تنمية البنية التحتية للدول الفقيرة في العالم. تشير الإحصائيات إلى أن هناك 345 بليونيرا في العالم تبلغ مجموع ثرواتهم أكثر من إجمالي الإنتاج المحلي لبعض الدول التي يشكل مجموع عدد سكانها ما يعادل نصف سكان الكرة الأرضية. من الممكن فرض الضرائب على الصفقات المالية لهؤلاء الأثرياء واستخدام المبالغ لمد يد العون للدول التي تعاني مشاكل اقتصادية وسيظل الأثرياء بخير وسيظلون مرتاحين ماديا، وسنكون أكثر أمانا. إننا كأفراد عاديين لدينا قدرة عظيمة لجعل العالم أكثر إنصافا. إننا كالخلايا والأعصاب والعظام التي تتحد مع ببعضها البعض في نظام واحد ألا وهو العالم الذي نعيش فيه. ولأعمالنا تأثير أبعد من أنفسنا فقط. إننا نملك القدرة كمستهلكين، إذا اخترنا ذلك، أن نخلق ظروف عمل أكثر إنصافا لمنتجي البضائع التي نستهلكها. كما أنه لدينا القدرة كمواطنين في مجتمع ديموقراطي، إذا أردنا استخدام الديموقراطية، أن ننتخب قادة لديهم القدرة على تغيير الأوضاع غير المتوازنة التي يعاني منها العالم. ولن يكون بإمكاننا اتخاذ مثل هذه الخطوة إلا إذا أدركنا تماما بأننا جزء لا يتجزأ ممن العالم حيث لن يكون بمقدورنا أن نغير العالم إلا إذا غيرنا أنفسنا وطريقة تفكيرنا أولا.
فكروا في عملية إلغاء الرق. لقد كان لانتشار الرقيق الأفريقيين الأثر الكبير في إيجاد حالة عدم التوازن التي يعاني منها العالم اليوم. ومنذ وقت ليس ببعيد جدا كان الناس يظنون أن الرق هو شيء طبيعي ولا يمكن اجتنابه، تماما كما يبدو لنا حاليا أن حالة عدم التوازن التي تعم العالم هي شيء طبيعي ومحتوم. لكن في ذلك الوقت ظهر أشخاص أدركوا بأن الرق ليس أمرا طبيعيا ومقبولا وقرروا تغييره فقاموا بمبادرات لم تكن في صالحهم وبدأوا بحرب أفكار قائلين بأن ما يقبله الناس كأمر طبيعي وأخلاقي هو في الواقع غير طبيعي وغير أخلاقي. غيروا من طريقة تفكيرهم وغيروا من أعمالهم في العالم. وبالتالي تغير العالم. نستطيع أن نقوم بالشيء نفسه فنقرر بأن وجود الغناء الفاحش والفقر المدقع في العالم لا يعد أمرا مقبولا. ونستطيع أن نتدخل بشكل منظم في تغيير هذه الظروف من خلال مساهمتنا في الاقتصاد وفي الحكومة وفي حياة المجتمع ككل. هذه هي قدراتنا وهذه هي مسئوليتنا ولا أحد يستطيع أن يحرمنا من الاستفادة من قدراتنا إذا أدركنا أننا نمتلكها فعلا. قد يبدو الأمر صعبا ولكنه ليس مستحيلا إنما يحتاج إلى الصبر والعزيمة وقوة الإرادة. وفقنا الله جميعا لما فيه الخير والصلاح للعالم أجمع.
ترجمة: نسرين جابري
من كتابات في الانترنت كتبه الشباب البهائي في امريكا