في يوم الجمعة الموافق 27 تشرين الأول 1911 ألقى حضرة عبد البهاء هذه الخطبة أمام الذين معه في منزل مسيو دريفوس بباريس
هو الله
لما كانت تعاليم حضرة بهاء الله تدعو إلى توحيد جميع البشر و إيجاد منتهى الألفة و الاتحاد فيما بينهم لذلك يجب أن نبذل كل ما في وسعنا كي يزول سوء التفاهم القائم بين الملل. كما يجب أن نبحث قليلا في سوء التفاهم الواقع بين الأديان حتى إذا ما زال سوء التفاهم هذا تم الاتحاد الكلي و حصل منتهى الألفة بين جميع الملل.
إن السبب الأصلي لهذا الاختلاف و الجدال هو علماء الملل.ذلك لأن كل فريق من هؤلاء قد أفهموا رعيتهم أن الله غضب على سائر الملل فحرمها من رحمة الرحمن.
لقد اتفق لي و أنا بطبرية أن أسكن بجوار معبد لليهود إذ كان المنزل الذي أنزل فيه مشرفاً عليه. و رأيت حاخام اليهود يعظ و يقول : يا أمة اليهود! أنتم شعب الله و بقية الأمم شعب غيره. خلقكم الله من سلالة إبراهيم ووهب لكم الفيض و البركة, و فضلكم على سائر العالمين. اختار منكم اسحق و بعث يعقوب و اصطفى يوسف و أرسل موسى و هارون و سليمان و داود و اشعياء و إيليا. و جميع هؤلاء الأنبياء من شعبكم. و من أجلكم أغرق آل فرعون و شق البحر و أنزل لكم مائدة من السماء, و أجرى لكم من الصخر ماء. فأنتم عند الله مقربون. إنكم أبناء إسرائيل أي أبناء الله الممتازون على جميع الملل و سوف يأتي المسيح الموعود و عندئذ تعتزون و تحكمون جميع ملل العالم. و أما سائر الملل فيرتدون مخذولين مرذولين, و فد فرح اليهود من قوله هذا و سروا سرورا لا يمكن وصفه.
و كذلك الحال بالنسبة لجميع الملل. فسبب اختلافهم و نزاعهم و جدالهم هو علماؤهم. و لكن لو تحرى هؤلاء عن الحقيقة لحدث الاتفاق و الاتحاد بلا شك . ذلك لأن الحقيقة واحدة لا تقبل التعدد.
فيا طالبي الحقيقة
إن كل ما سمعتموه حتى الآن من الروايات في حق سيد الكائنات سيدنا محمد عليه السلام كان منبعثاً عن الغرض و التعصب الجاهل.و لم يكن مطابقاً للحقيقة قط. و ها أنا اليوم أبين لكم الحقيقة الواقعة. و لن نروي لكم الروايات و لكننا سنتحدث بميزان العقل ذلك لان وقائع الازمنه السابقه لا بد من وزنها بميزان العقل . فإن قابلته قبلت و إلا كانت غير أهل لأن تعتمد.
أولاً إن ما تقرءونه من طعن بسيدنا الرسول عليه السلام في كتب الكهنة يشبه الكلام الذي يقال في السيد المسيح في كتب اليهود. لاحظوا ماذا قيل في السيد المسيح و هو برغم ما هو عليه من العظمة و الجلال و في الوقت الذي بعث فيه بوجه صبيح و نطق فصيح.
يلاحظ اليوم أن نصف أهل العالم من عبدة الأصنام و النصف الآخر قسمان: القسم الأعظم من المسيحيين و القسم الثاني من المسلمين أما بقية الملل الأخرى فقليلة. و لذلك فهذان القسمان هما المهمان. و لقد استمر النزاع و الجدال ألفا و ثلاثمائة سنة بين المسلمين و المسيحيين في حين أن سوء التفاهم هذا يمكن أن يزول بأمر يسير و تحل محله الألفة فلا يبقى جدال و لا نزاع و لا قتال. و هذا ما نريد أن نبينه.
عندما بعث سيدنا محمد عليه السلام اعترض أول ما اعترض على عشيرته الأقربين إذ لم يؤمنوا بالتوراة و الإنجيل. و هذا منصوص في القرآن و ليس من الروايات التاريخية. قال لم لم تؤمنوا بجميع النبيين و لماذا لم تؤمنوا بالنبيين الثمانية و العشرين الذين ورد ذكرهم في القرآن. و القرآن ينص على أن التوراة و الإنجيل من كتب الله, و أن سيدنا موسى كان نبياً عظيماً و أن السيد المسيح ولد من روح القدس و إنه كلمة الله, و أن السيدة مريم مقدسة . لا بل أن القرآن ينص على أن السيدة مريم لم تكن مخطوبة لأحد , و أنها كانت معتكفة منزوية في قدس الأقداس بأورشليم , و أنها كانت منقطعة للعبادة ليل نهار , و أن مائدة من السماء كانت تأتي إليها . و كان كلما دخل إليها زكريا أبو يحيى المحراب ووجد عندها رزقاً فيسألها من أين لك هذا يا مريم فتجيب مريم هو من عند الله من السماء. و نص القرآن أيضاً على أن السيد المسيح تكلم في المهد و أن الله اصطفى مريم و فضلها على نساء العالمين . هذه هي نصوص القرآن حول السيد المسيح .
و قد لام سيدنا محمد عليه السلام قومه ووبخهم إذ لم يؤمنوا بالمسيح و موسى. فقالوا إذا آمنا بالمسيح و موسى و التوراة و الإنجيل فماذا نفعل بآبائنا و أجدادنا الذين نفتخر بهم؟ فقال سيدنا محمد من لم يؤمن بالمسيح و موسى فهو من أهل النار. هذا نص القرآن و ليس من روايات التاريخ. بل أنه قال لا تستغفروا لآبائكم و دعوا أمرهم لله فإنهم لم يؤمنوا بالسيد المسيح و لا بالإنجيل , هكذا لام محمد قومه.
و قد بعث سيدنا محمد في وقت لم يكن فيه لدى هذه الأقوام مدنية و لا تربية و لا إنسانية و بلغ توحشهم درجة أنهم كانوا يدفنون بناتهم أحياء, و كانت النساء لديهم أحط من الحيوان و كانوا يتعطرون ببول الإبل و يشربونه. بين هؤلاء الناس بعث سيدنا محمد. فربى هذه الأقوام الجاهلة بحيث تفوقوا على سائر الطوائف في زمن قصير. فأصبحوا علماء من أهل المعرفة و الدراية و الصناعة. و نص القرآن يقول بأن النصارى أوداؤكم , و لكن عليكم أن تمنعوا بشدة عبدة الأصنام من العرب عن عبادة الأصنام و الهمجية. هذه هي حقيقة الإسلام . فلا تنظروا إلى أفعال بعض أمراء الإسلام .ذلك لأن أعمالهم لا صلة لها بسيدنا محمد. إقرأوا التوراة لتجدوا كيف كانت الأحكام. ثم انظروا ماذا فعل ملوك اليهود. و اقرأوا الإنجيل ترون أنه رحمة بحتة . فقد منع السيد المسيح الناس جميعاً من الحرب و القتال. و حين سل بطرس سيفه أمره السيد بأن يعيد السيف إلى غمده. أما الأمراء المسيحيون كم سفكوا من الدماء و كم ظلموا الناس كذلك حكم الكثير من القساوسة بما يخالف تعاليم السيد المسيح.
مقصدي من هذا هو أن المسلمين يعترفون بأن السيد المسيح هو روح الله و كلمة الله و أنه مقدس واجب التعظيم, و أن موسى كان نبياً عظيم الشأن و صاحب آيات باهرات, و أن التوراة كتاب الله.
و خلاصة القول أن المسلمين يكنون للمسيح و لموسى أقصى التمجيد و التقديس. فلو قابل المسيحيون نبي الإسلام بالمثل فقدسوه و مجدوه إذن لزال هذا النزاع.فهل ينتكس إيمان المسلمين؟ استغفر الله ماذا لحق بالمسلمين من أذى أو ضرر لتمجيدهم السيد المسيح؟ و أي ذنب اقترفوا؟ إنهم على العكس أصبحوا مقربين إلى الله لأنهم إذ انصفوا و قالوا أن السيد المسيح روح الله و كلمة الله. ثم أليست نبوة محمد ثابتة بالدلائل الباهرة.
من بين البراهين على نبوة سيدنا محمد القرآن الذي أوحى الله به إلى شخص أمي و إحدى معجزات القرآن أنه حكمة بالغة, و أنه يقيم شريعة في غاية الإتقان كانت بمثابة روح لذلك العصر. و فضلاً عن ذلك فقد بين من المسائل التاريخية و المسائل الرياضية ما خالف القواعد الفلكية التي سادت في ذلك الزمان.ثم ثبت أن منطوقه كان حقاً.
في زمان محمد كانت قواعد بطليموس الفلكية مسلماً بها في الآفاق و كان كتاب المجسطي هو أساس القواعد الرياضية عند جميع الفلاسفة إلا أن منطوقات القرآن جاءت مخالفة لتلك القواعد الرياضية المسلم بها.و لهذا عم الاعتراض بأن آيات القرآن هذه دليل على عدم الاطلاع. إلا أنه بعد مرور ألف سنة اتضح من تحقيق الرياضيين و تدقيقهم أن كلام القرآن مطابق للواقع, و أن قواعد بطليموس التي كانت أساسا لأفكار آلاف الرياضيين و الفلاسفة في اليونان و الرومان و إيران باطلة.
فمثلا بين مسائل القرآن الرياضية تصريحه بحركة الأرض و قد كانت قواعد بطليموس تقرر أن الأرض ساكنة. و كان الرياضيون القدامى يقولون بأن الشمس تتحرك حركة فلكية. فجاء القرآن و بين أن حركة الشمس محورية,و قال بأن جميع الأجسام الفلكية و الأرضية متحركة. و لهذا فإنه حين قام الرياضيون المحدثون بالتحقيق و التدقيق في المسائل الفلكية و اخترعوا الآلات و الأدوات لهذه الغاية ,و كشفوا الأسرار ثبت و تحقق أن منطوق القرآن الصريح صحيح، و أن جميع الفلاسفة و الرياضيين القدامى كانوا على خطأ.
و الآن لابد من الإنصاف , ماذا يعني أن يخطئ آلاف الحكماء و الفلاسفة و الرياضيين من الأمم المتمدنة رغم الدرس و التحصيل في المسائل الفلكية , و أن يتوصل شخص أمي من قبائل بادية العرب الجاهلية،-لم يسمع باسم الرياضيات-إلى حقيقة المسائل الفلكية الغامضة و يحل مثل هذه المشكلات الرياضية رغم أنه نشأ و ترعرع في الصحراء بواد غير ذي زرع! لاشك أن هذه القضية خارقة للعادة. و أنها حصلت بقوة الوحي.
و لا يمكن الإتيان ببرهان أشفى من هذا و لا أكفى. و هذا غير قابل للإنكار.
هو الله
لما كانت تعاليم حضرة بهاء الله تدعو إلى توحيد جميع البشر و إيجاد منتهى الألفة و الاتحاد فيما بينهم لذلك يجب أن نبذل كل ما في وسعنا كي يزول سوء التفاهم القائم بين الملل. كما يجب أن نبحث قليلا في سوء التفاهم الواقع بين الأديان حتى إذا ما زال سوء التفاهم هذا تم الاتحاد الكلي و حصل منتهى الألفة بين جميع الملل.
إن السبب الأصلي لهذا الاختلاف و الجدال هو علماء الملل.ذلك لأن كل فريق من هؤلاء قد أفهموا رعيتهم أن الله غضب على سائر الملل فحرمها من رحمة الرحمن.
لقد اتفق لي و أنا بطبرية أن أسكن بجوار معبد لليهود إذ كان المنزل الذي أنزل فيه مشرفاً عليه. و رأيت حاخام اليهود يعظ و يقول : يا أمة اليهود! أنتم شعب الله و بقية الأمم شعب غيره. خلقكم الله من سلالة إبراهيم ووهب لكم الفيض و البركة, و فضلكم على سائر العالمين. اختار منكم اسحق و بعث يعقوب و اصطفى يوسف و أرسل موسى و هارون و سليمان و داود و اشعياء و إيليا. و جميع هؤلاء الأنبياء من شعبكم. و من أجلكم أغرق آل فرعون و شق البحر و أنزل لكم مائدة من السماء, و أجرى لكم من الصخر ماء. فأنتم عند الله مقربون. إنكم أبناء إسرائيل أي أبناء الله الممتازون على جميع الملل و سوف يأتي المسيح الموعود و عندئذ تعتزون و تحكمون جميع ملل العالم. و أما سائر الملل فيرتدون مخذولين مرذولين, و فد فرح اليهود من قوله هذا و سروا سرورا لا يمكن وصفه.
و كذلك الحال بالنسبة لجميع الملل. فسبب اختلافهم و نزاعهم و جدالهم هو علماؤهم. و لكن لو تحرى هؤلاء عن الحقيقة لحدث الاتفاق و الاتحاد بلا شك . ذلك لأن الحقيقة واحدة لا تقبل التعدد.
فيا طالبي الحقيقة
إن كل ما سمعتموه حتى الآن من الروايات في حق سيد الكائنات سيدنا محمد عليه السلام كان منبعثاً عن الغرض و التعصب الجاهل.و لم يكن مطابقاً للحقيقة قط. و ها أنا اليوم أبين لكم الحقيقة الواقعة. و لن نروي لكم الروايات و لكننا سنتحدث بميزان العقل ذلك لان وقائع الازمنه السابقه لا بد من وزنها بميزان العقل . فإن قابلته قبلت و إلا كانت غير أهل لأن تعتمد.
أولاً إن ما تقرءونه من طعن بسيدنا الرسول عليه السلام في كتب الكهنة يشبه الكلام الذي يقال في السيد المسيح في كتب اليهود. لاحظوا ماذا قيل في السيد المسيح و هو برغم ما هو عليه من العظمة و الجلال و في الوقت الذي بعث فيه بوجه صبيح و نطق فصيح.
يلاحظ اليوم أن نصف أهل العالم من عبدة الأصنام و النصف الآخر قسمان: القسم الأعظم من المسيحيين و القسم الثاني من المسلمين أما بقية الملل الأخرى فقليلة. و لذلك فهذان القسمان هما المهمان. و لقد استمر النزاع و الجدال ألفا و ثلاثمائة سنة بين المسلمين و المسيحيين في حين أن سوء التفاهم هذا يمكن أن يزول بأمر يسير و تحل محله الألفة فلا يبقى جدال و لا نزاع و لا قتال. و هذا ما نريد أن نبينه.
عندما بعث سيدنا محمد عليه السلام اعترض أول ما اعترض على عشيرته الأقربين إذ لم يؤمنوا بالتوراة و الإنجيل. و هذا منصوص في القرآن و ليس من الروايات التاريخية. قال لم لم تؤمنوا بجميع النبيين و لماذا لم تؤمنوا بالنبيين الثمانية و العشرين الذين ورد ذكرهم في القرآن. و القرآن ينص على أن التوراة و الإنجيل من كتب الله, و أن سيدنا موسى كان نبياً عظيماً و أن السيد المسيح ولد من روح القدس و إنه كلمة الله, و أن السيدة مريم مقدسة . لا بل أن القرآن ينص على أن السيدة مريم لم تكن مخطوبة لأحد , و أنها كانت معتكفة منزوية في قدس الأقداس بأورشليم , و أنها كانت منقطعة للعبادة ليل نهار , و أن مائدة من السماء كانت تأتي إليها . و كان كلما دخل إليها زكريا أبو يحيى المحراب ووجد عندها رزقاً فيسألها من أين لك هذا يا مريم فتجيب مريم هو من عند الله من السماء. و نص القرآن أيضاً على أن السيد المسيح تكلم في المهد و أن الله اصطفى مريم و فضلها على نساء العالمين . هذه هي نصوص القرآن حول السيد المسيح .
و قد لام سيدنا محمد عليه السلام قومه ووبخهم إذ لم يؤمنوا بالمسيح و موسى. فقالوا إذا آمنا بالمسيح و موسى و التوراة و الإنجيل فماذا نفعل بآبائنا و أجدادنا الذين نفتخر بهم؟ فقال سيدنا محمد من لم يؤمن بالمسيح و موسى فهو من أهل النار. هذا نص القرآن و ليس من روايات التاريخ. بل أنه قال لا تستغفروا لآبائكم و دعوا أمرهم لله فإنهم لم يؤمنوا بالسيد المسيح و لا بالإنجيل , هكذا لام محمد قومه.
و قد بعث سيدنا محمد في وقت لم يكن فيه لدى هذه الأقوام مدنية و لا تربية و لا إنسانية و بلغ توحشهم درجة أنهم كانوا يدفنون بناتهم أحياء, و كانت النساء لديهم أحط من الحيوان و كانوا يتعطرون ببول الإبل و يشربونه. بين هؤلاء الناس بعث سيدنا محمد. فربى هذه الأقوام الجاهلة بحيث تفوقوا على سائر الطوائف في زمن قصير. فأصبحوا علماء من أهل المعرفة و الدراية و الصناعة. و نص القرآن يقول بأن النصارى أوداؤكم , و لكن عليكم أن تمنعوا بشدة عبدة الأصنام من العرب عن عبادة الأصنام و الهمجية. هذه هي حقيقة الإسلام . فلا تنظروا إلى أفعال بعض أمراء الإسلام .ذلك لأن أعمالهم لا صلة لها بسيدنا محمد. إقرأوا التوراة لتجدوا كيف كانت الأحكام. ثم انظروا ماذا فعل ملوك اليهود. و اقرأوا الإنجيل ترون أنه رحمة بحتة . فقد منع السيد المسيح الناس جميعاً من الحرب و القتال. و حين سل بطرس سيفه أمره السيد بأن يعيد السيف إلى غمده. أما الأمراء المسيحيون كم سفكوا من الدماء و كم ظلموا الناس كذلك حكم الكثير من القساوسة بما يخالف تعاليم السيد المسيح.
مقصدي من هذا هو أن المسلمين يعترفون بأن السيد المسيح هو روح الله و كلمة الله و أنه مقدس واجب التعظيم, و أن موسى كان نبياً عظيم الشأن و صاحب آيات باهرات, و أن التوراة كتاب الله.
و خلاصة القول أن المسلمين يكنون للمسيح و لموسى أقصى التمجيد و التقديس. فلو قابل المسيحيون نبي الإسلام بالمثل فقدسوه و مجدوه إذن لزال هذا النزاع.فهل ينتكس إيمان المسلمين؟ استغفر الله ماذا لحق بالمسلمين من أذى أو ضرر لتمجيدهم السيد المسيح؟ و أي ذنب اقترفوا؟ إنهم على العكس أصبحوا مقربين إلى الله لأنهم إذ انصفوا و قالوا أن السيد المسيح روح الله و كلمة الله. ثم أليست نبوة محمد ثابتة بالدلائل الباهرة.
من بين البراهين على نبوة سيدنا محمد القرآن الذي أوحى الله به إلى شخص أمي و إحدى معجزات القرآن أنه حكمة بالغة, و أنه يقيم شريعة في غاية الإتقان كانت بمثابة روح لذلك العصر. و فضلاً عن ذلك فقد بين من المسائل التاريخية و المسائل الرياضية ما خالف القواعد الفلكية التي سادت في ذلك الزمان.ثم ثبت أن منطوقه كان حقاً.
في زمان محمد كانت قواعد بطليموس الفلكية مسلماً بها في الآفاق و كان كتاب المجسطي هو أساس القواعد الرياضية عند جميع الفلاسفة إلا أن منطوقات القرآن جاءت مخالفة لتلك القواعد الرياضية المسلم بها.و لهذا عم الاعتراض بأن آيات القرآن هذه دليل على عدم الاطلاع. إلا أنه بعد مرور ألف سنة اتضح من تحقيق الرياضيين و تدقيقهم أن كلام القرآن مطابق للواقع, و أن قواعد بطليموس التي كانت أساسا لأفكار آلاف الرياضيين و الفلاسفة في اليونان و الرومان و إيران باطلة.
فمثلا بين مسائل القرآن الرياضية تصريحه بحركة الأرض و قد كانت قواعد بطليموس تقرر أن الأرض ساكنة. و كان الرياضيون القدامى يقولون بأن الشمس تتحرك حركة فلكية. فجاء القرآن و بين أن حركة الشمس محورية,و قال بأن جميع الأجسام الفلكية و الأرضية متحركة. و لهذا فإنه حين قام الرياضيون المحدثون بالتحقيق و التدقيق في المسائل الفلكية و اخترعوا الآلات و الأدوات لهذه الغاية ,و كشفوا الأسرار ثبت و تحقق أن منطوق القرآن الصريح صحيح، و أن جميع الفلاسفة و الرياضيين القدامى كانوا على خطأ.
و الآن لابد من الإنصاف , ماذا يعني أن يخطئ آلاف الحكماء و الفلاسفة و الرياضيين من الأمم المتمدنة رغم الدرس و التحصيل في المسائل الفلكية , و أن يتوصل شخص أمي من قبائل بادية العرب الجاهلية،-لم يسمع باسم الرياضيات-إلى حقيقة المسائل الفلكية الغامضة و يحل مثل هذه المشكلات الرياضية رغم أنه نشأ و ترعرع في الصحراء بواد غير ذي زرع! لاشك أن هذه القضية خارقة للعادة. و أنها حصلت بقوة الوحي.
و لا يمكن الإتيان ببرهان أشفى من هذا و لا أكفى. و هذا غير قابل للإنكار.
( خطب عبد البهاء في أوروبا و أمريكا ص 100-105 )