للنمل نظام إجتماعي عادل حيث يكون جميع أفراد المستعمرة متساوين في الحقوق ولا تتميز نملة عن أخرى وكل نملة تحتافظ على المصلحة العامة ، ثم إن النملة تعرف صديقها من عدوها بلمسة من قرنيها ، حيث وجد بالملاحظة أن لنمل
كل مجموعة علامات خاصة به يتعرفون بها على بعضهم ولا يمكن السماح لنملة من مجموعة أخرى بالدخول إلى المستعمرة .
ومن خلال تتبع الباحثين وعلماء السلوك لحياة النمل لاحظوا أن النمل يعتني بضعيفه ويدافع عنه بكل قوة ، وقد ذكر أحد العلماء أثناء ملاحظته للنمل أن نملة أقتربت من أخرى ولامستها بقرونها وهي مشغولة ببناء المسكن فأسرعت
الأخرى في جلب الغذاء وقدمته إليها في فمها ثم لامستها بقرونها مرة أخرى ، أليس هذا سلوكا يستحق منا التأمل ، فسبحان من خلق وهدى .
وتتميز مستعمرة النمل بحرية كل فرد منها حيث تعمل كل نملة ما تشاء بمفردها ولكن عندما يكون هناك ضرورة لعمل جماعي تجد النمل يتجمع بسرعة لتأدية هذا العمل ، ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما ستلاحظه عندما تراقب نملة وجدت
لها طعاما لا تستطيع حمله فإنها تبدأ تتحرك يمينا وشمالا ، ثم تعود بسرعة إلى المسكن لتخرج ومعها جماعة من النمل متجهة إلى مكان الطعام ، ويتجمع هناك عدد كبير من النمل ، ثم تبدأ المحاولات لحمل الطعام ، وستلاحظ أن بعض النمل يقف دون مساعدة ، وبعضه يعود للمسكن ، وهذا ناتج عن تقديره أن العمل لا يتطلب من الجميع المشاركة فيه .
ويتواصل أفراد المحموعة الواحدة من النمل فيما بينهم بعدة وسائل أهمها : الروائح التي تطلقها من غدد خاصة في جسمها ، وتختلف الروائح حسب الوضع الذي تكون عليه النملة ، وكذلك حسب الأمر أو المعلومة التي تريد نقلها ،
فمثلا عند التعرف على الطريق يقوم النمل بإتباع طريق واحد بواسطة إتباع الرائحة الكيميائية التي يفرزها قائد المجموعة ، وكذلك لاحظ أحد العلماء أن هناك رائحة خاصة تفرزها الملكة أثناء الرغبة في في التزاوج لجذب الذكور ، وقد قام هذا العالم بقطع الجزء الخلفي للملكة الذي يحتوي على غدة الرائحة فلاحظ أن الذكور تنجذب لهذا الجزء فقط وتترك الجزء الآخر من النملة ، وللتأكد من ذلك قام أحد العلماء بتمرير عود قصير على مؤخرة النملة أثناء إفراز وأخفى النملة فلاحظ أن الذكور تنجذب نحو هذا العود .
وكذلك عندما تموت النملة تستمر في إفراز بعض الروائح التي تشعر بقية النمل أنها ما زالت حية ولكن بعد مرور يوم أو يومين على موتها تتفسخ ويخرج منها رائحة أخرى فيبادر النمل بإخراجها ووضعها في مكان بعيد عن المسكن
، وللتأكد من ذلك قام أحد العلماء بعزل رائحة النمل النيت ووضعها على بعض أفراد النمل الحي فمنعهم بقية النمل من الدخول إلى المسكن واستمر الحال كذلك حتى تلاشت الرائحة منهم .
إن معرفتنا لهذا السلوك الإجتماعي البديع يجعلنا نسبح الله بديع السماوات والأرض ، ويدعونا لمزيد من التأمل في أرجاء الكون ، والتفكر في عظمة الخالق سبحانه وبديع صنعه ، وكمال حكمته وتقديره فتبارك الله أحسن الخالقين .