منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se
منتديات عظمة هذا اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا إلهي أغث هؤلاء البؤساء، ويا موجدي ارحم هؤلاء الأطفال، ويا إلهي الرّؤوف اقطع هذا السّيل الشّديد، ويا خالق العالم أخمد هذه النّار المشتعلة، ويا مغيثنا أغث صراخ هؤلاء الأيتام، ويا أيّها الحاكم الحقيقيّ سلّ الأمّهات جريحات الأكباد،ع ع

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address:

Delivered by FeedBurner


المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 33 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 33 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 138 بتاريخ 2019-07-30, 07:24
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان


    [/spoiler]

    أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

    في بيان مقصود أهل البهآء والأدلّة المثبِتة لدعواهم

    اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    عاطف الفرماوى


    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    من كتاب الفرائد لأبى الفضائل

    [إعلم أيها المناظر الجليل أيّدك الله بروح منه] إنّ عقيدة أهل البهاء هي أن جميع الصحف الإلهيّة والكتب السماويّة الموجودة في العالم ناطقة بهذه البشارات العظيمة ومتّفقة عليها وهي أنّ العالم يصل إلى درجة البلوغ بسبب طلوع نيّرين أعظمين في سماء أمر الله في آخر الزمان وتنطوي دورة الأوهام والخرافات وتزول من عالم الوجود ظلمة الإختلافات الدينيّة والمذهبيّة ويستقرّ العالم على كلمة واحدة ودين واحد وتُمحى الضّغائن الكامنة في الصّدور وتتبدّل العداوة والتنافر بين الأمم بالمحبّة والأخوّة وينهدم بنيان الحرب والقتال بل تتبدّل آلات الحرب بأدوات الزراعة والصناعة وتظهرُ الحقائقُ المودَعَة في الكتب وتتقدّم المعارف والعلوم وتتنوّر جميع الأقطار بأنوار التمدّن الحقيقي الّذي يسمّى "بالدّين" بلُغة الأنبياء ويهبّ نسيم الرّحمة ويظلّل غمام العدل وتهطل أمطار الفضل ويركد غبار الظلم والجور في جميع أقطار العالم. وخلاصة القول تنطوي سموات الأديان المختلفة ويتزيّن العالم بزينة جديدة وتحيا عظام الدين الرميمة بحياة جديدة ونشأة جديدة ويتجلّى معنى الآية: "يَوْمَ تَبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرُ الأرْضِ" وتنكشف حقيقة "وَأشْرَقَتِ الأرْضُ بِنورِ رَبِّها" ويظهر تفسير "والأمْرُ يَوْمَئذٍ لله" .

    وقد عبّرت التوراة المقدّسة عن هذا اليوم العظيم والقرن الفخيم بعبارة "يوم الربّ" و "يوم الله" وعَبّرت عن هذين الظهورين الكريمين بعبارة "نزول إيليّا" أي إلياس و "ظهور الله". وعبّر الإنجيل الجليل عن هذا اليوم العظيم بعبارة "يوم الربّ" و"يوم الملكوت" وعبّر عن الظهورين بعبارة "رجعة يحيى" و "النـزول الثاني لحضرة روح الله من السماء".

    وعبّر القرآن المجيد عن هذا اليوم العظيم بعبارة "يوم الله" و "يوم الجزاء" و "يوم الحسرة" و "يوم التلاق" و "القيامة" و "السّاعة" وأمثالها. وعبّرت الأحاديث النبويّة المبيّنة للقرآن عن الظهور الأوّل بظهور "المهدي" وعبّرت عن الظهور الثاني بقيام "روح الله" وعبّرت أحاديث أئمّة الهدى عن الظهور الأوّل بظهور "القائم" وعن الظهور الثاني بظهور"الحسين".

    ومقصودهم جميعاً كما سنشرحه ونبرهنه يومان عظيمان وظهوران كريمان كما قيل ["عباراتنا شتّى وحُسنك واحد"]. ومع أنّنا نستطيع أنْ نفهم من الشواهد الكثيرة أنّ رجال الله في طول هذا الليل الحالك مجهول الإبتداء قد بشّروا طلاب الهدى وطمأنوهم وبرهنوا لهم بلوغ العالم رتبة الكمال المبين إلاّ أنّ العقل المنير يشهد كذلك بصدق هذه الوعود وبلزوم تحقّق ظهور الموعود لأنّ العالم إنْ لم يصل إلى رتبة البلوغ فإنّ كتاب تكوين الوجود يبقى ناقصاً وتصبح شجرة الخلق عديمة الثمر.

    2. في بيان تحقق الوعود بظهور النقطة الأولى والجمال الأقدس الأبهى:

    هذا وإنّ إتّفاق الملل على الحشر الأعظم وعلى زوال الإختلافات الدّينيّة من عالم الوجود شاهدٌ أمين على هذه المسألة وبرهان متين عليها وأوّل شخص زيّن صفحات الألواح بهذه البشارات وأكّد ورود "يوم الله" كان السيّد العظيم موسى الكليم وبعده أنبياء بني إسرائيل الّذين بشّروا قومهم خلال ألف وخمسمائة سنة بالبشارات المذكورة وقوّوا قلوبهم بحتميّة زوال الظلمة من العالم إلى أنْ لَمَعَ برْقُ روح القدس من الأراضي المقدّسة وطلعت شمس جمال عيسى من أفق بيت المقدس وارتفع نداء "تُوبُوا فَقَدْ إقْتَرَبَ مَلَكُوتُ الله" الّذي زيّن العالم وطمأن قلوب الموحّدين بقرب إنقضاء هذه الليلة الدّهماء وبطلوع شمس الهدى. ودارت أرض المعارف حول هذا المحور مدّة ستّمائة وإثنين وعشرين عاماً إلى أن ظهر نور الصّبح من جهة يثرب وقام خاتم الأنبياء الّذي هو أوّل أشراط يوم الجزاء: سيّد الأصفياء عليه وآله أفضل التحيّة والثناء وأحاط نداءُ "أتَى أمْرُ الله فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ" بجميع الآفاق وأحاطت العالم صيحة "إقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ في غَفْلَةٍ مُعْرِضُونْ" وطمأن الحديث الشريف "أنَا عَلَى نَسَمِ السَّاعَةِ" قلوبَ طلاب الهدى بقرب ورود السّاعة وانقضاء دور أرباب الظلم والجور والشرور وامتلأت الكتب والألواح ببشارات وعلامات " يوم الله" وإستقرّت القلوب على هذا الأمل المنشود مدّة ألف ومائتين وستّين عاماً إلى أنْ طلع ذلكم النّجم الدّري الإلهي من أفق فارس واشتعلت شعلة نار الحقيقة النورانيّة من شيراز وظهرت تباشير الصبح الصادق وارتفعت من جميع البلاد صيحة ظهور القائم الموعود وأحاط الآفاق نداءٌ محيي للأرواح بأنْ ["بُشْرى بُشْرى صُبْحُ الهُدى تَنَفَّسْ "] وفي مدّة دعوته الّتي دامت سبع سنين وهي مدّة تطابق أصحّ الأحاديث وأكثرها قام بالرّغم من إبتلائه بالنّفي والحبس وتحمّلَ الأهوالَ الشديدة والمصائبَ الكثيرة بنشر ألواح مقدّسة بشّر بها العالم وطمأنه بقرب ظهور الموعود بإسم "مَنْ يُظْهِرُهُ الله" وخصوصاً في الباب الثالث من الواحد السادس من كتاب البيان الشريف حيث نصّ وصرّح بظهور "مَنْ يُظْهِرُهُ الله" في مدّة "واحدٍ واحدٍ" بمعنى تسعة عشر عاماً وبعد إنقطاع السّنوات السّبع من أيّام قيامه نال رتبة الشهادة في مدينة تبريز وفقاً للحديث المشهور "لا بُدَّ لَنَا مِنْ آذَرْبِيجَانْ" وصعد إلى الرّفيق الأعلى.

    وأخيراً بعد شهادة حضرته حلّ الميعاد واقترب "يومُ الله" و "يومُ الملكوت" وطلعت شمس الحقيقة وأشرق النيّر الأعظم وقام بأمر الله الجمال الأقدس الأبهى جلّ إسمه الأعلى وتحقّقت بقيامه المقدّس وعودُ جميع الأنبياء والمرسلين وبشارات الأولياء والمقرّبين وبعد أن حلّت به مصائبُ عديدة وحدثت له حوادث خطيرة موكول تفصيلها إلى الكتب التاريخيّة لا إلى الرسائل الإستدلاليّة إنتهى نفي ذلكم الوجود الأقدس بحكم أولياء الأمور في الدولتين العليّتين العثمانيّة والإيرانيّة إلى مدينة عكّاء المنوّرة فكملت بهذا النّفي بشارات الأنبياء والأئمّة عليهم السّلام الخاصّة بالأراضي المقدّسة وتمّت النّبوّات وتحقّقت جميع الأحاديث والأخبار وعاش في هذه المدينة المنوّرة أربعة وعشرين عاماً ومع إحاطته بعواصف المصائب وهيجان زوابع الشدائد أبلغ النّداء الإلهي عن طريق ألواحه المقدّسة إلى ملوك الأرض ورؤساء الملل وبلغت صيحة ["قدْ ظَهَرَ الموْعود وَتَمَّ الوَعْدُ"] مسامعَ الصغير والكبير والجليل والحقير وجرى زلال الحقائق من قلمه المبارك وإنسابت أنهار المعارف من بيانه المقدّس وإمتدّت المائدة السماويّة الّتي تجلس حولها جميع الملل وشرّع الشريعة المقدّسة الّتي لا يمكن بدونها تصوّر إصلاح العالم وتمدّن الأمم ونزل من قلمه الأعلى الكتاب الأقدس الّذي هو الدرياق الأكبر لدفع أمراض العالم والمغناطيس الأعظم لجذب قلوب الأمم وظهور السبيل المقدّس الّذي وعد به النّبيون. وشُرّعت في هذه الشريعة المقدّسة جميع لوازم الدّيانة وآدابها من عبادات ومعاملات من طهارة ونظافة وصوم وصلاة وآداب زواج وحقوق متبادلة بين الأزواج والزوجات والمواريث وغيرها بأتقن وضع ٍ وأحسن وجهٍ وأمَرَ الكلّ بإطاعة الدّولة وإتّباع القوانين في كلّ مملكة وبالإنقياد للأنظمة الدّولية وعدم المداخلة في الأمور السّياسية وأمَرَ الجميع بإحترام الملوك والأمراء وحفْظِ مقام أرباب الفضل والعلماء ونهاهم نهياً أكيداً عن الحرب والقتال والمبارزة والنـزال وحتى عن حمل السلاح بدون إذن الحكومة، وأوصى الكلّ بإكتمال محامد الصّفات ومكارم الأخلاق من قبيل الصّدق والصّفاء والمحبّة والوفاء والعفّة والعصمة والأمانة والتقوى ونهاهم عن قبائح الأفعال ومخازي الخصال كالكذب والإفتراء والغيبة والنميمة والسرقة والخيانة والزنا، وأمَرَ أهل البهاء بمحبّة أهل العالم ومودّة جميع الأمم على حدّ سواء وأبطل ومحا كلّ موجبات التباعد والتنافر والمجانبة، فمثلاً قد أمَرَ أنْ لا يُزعج إنسانٌ أنساناً بقولٍٍ خشنٍٍ وأنْ لا تجري على لسانه كلمة طعن ٍ أو لعن ٍ أو ما يتكدّر به الإنسان وأنْ لا يجعل الإختلافات الدّينيّة والمذهبيّة سبباً للمنافرة والمجانبة وأن يرى الكلّ أوراق شجرة الإنسانيّة وأنْ يعتبر الجميع أزهارَ غصن البشريّة وأنْ يتّخذ جميع الملل إخواناً له وأن لا يفتخر على إنسانٍٍ وأنْ يقوم على خدمة العالم وأنْ يعتبر إزالة الضغائن الدّينيّة والمذهبيّة الّتي هي ولا شكّ مؤديّة إلى خراب العالم وهلاك الأمم وشقائها من أهمّ واجباته وأكّد على توسيع دائرة المعارف والعلوم وإتقان المهن والفنون تأكيداً لا شبيه له في الشرائع الماضية، فمثلاً قد فرض على كلّ إمرئٍٍ تربية أبنائه من الذكور والإناث بالعلم والخط والآداب الرفيعة حتى لا يبقى إنسانٌ عامّي غير مهذّب وتحيط العالم أنوار العلم والتمدّن وأشعّة الكمال والتقدّم وتتحقّق بشارة الآية المباركة "لِكُلِّ امْرِئ ٍ يَوْمَئِذٍ شَأنٌ يُغْنِيهِ" وإذا أهمل إنسانٌ تربية أبنائه أو تهاون في ذلك فعلى الحكومة أن تربّي أبنائه بالآداب المذكورة وأن تأخذ مصروف ذلك من والدهم وإذا كان فقيراً وجب على الحكومة إحتسابَ هذه المصروفات من حقوق الله. ومجمل القول أنّه أوضح جميع لوازم السعادة وموجبات تقدّم النوع البشري وردّ الأحكام والعبادات والمسائل المنصوصة إلى الكتاب الأقدس كما ردّ المسائل غير المنصوصة والسياسيّة إلى بيوت العدل. وفي آخر حياته المباركة رَقمَ بخطه كتاب عهده ونصّ وخصّص وأكّد وأثبت مركز عهده وميثاقه وسَطرَ مرّة ثانية في هذا الكتاب الجليل جميع لوازم نجاح الأمم وفلاحها. وفي اليوم الثاني من شهر ذي القعدة سنة (1309) هجرية الموافق للثامن والعشرين من مايس سنة (1892) ميلاديّة إنطوى سجلّ اللقاء وصعد إلى الأفق الأعلى والمقصد الأسمى.

    وقد إتّضح مما كتبناه إلى أنّ معتقد أهل البهاء هو إنّ ظهور حضرة الباب الأعظم النقطة الأولى وظهور الجمال الأقدس الأبهى جلّ ذكرهما وعزّ إسمهما ظهوران بشّرت بهما جميع الأنبياء عليهم ألاف التحيّة والثناء، وأثبتوا وقائعهما وعلاماتهما بكمال الوضوح والصّراحة في الكتب السّماوية، وحيث أن إصلاح العالم ووفاق الأمم منوط بهذين الظهورين الأعظمين فقد أخذ الله على الأمم عهد ذلك من حيث الزّمان والمكان بصورة مؤرّخة ومعيّنة في جميع الكتب الإلهيّة ووفقاً لمصطلحات الإسلام الّذين نوجّه الخطاب إليهم سُمّي الظهور الأوّل بظهور القائم الموعود وسُمّي الظهور الثاني بالظهور الحسيني لدى الشيعة وبإسم "المهدي" و "روح الله" لدى أهل السنّة والجماعة.

    فلمّا إتّضح وجهُ الدّعوى وتبيّن مَدْعى أهل البهاء فإنّنا نعطف زمام القلم نحو ذِكْر الأدلّة والبراهين على ذلك ونسأل الحقّ جلّ جلاله التأييد إنّه خير موفّق ومعين، ونعرض على سبيل المقدّمة وقبل كلّ شيئ أنّه ولو أنّ أدلّة الظهور في أوان ظهور المظاهر الإلهيّة وطلوع شموس الحقيقة كثيرة جدّاً وأنّ الشواهد على الطلوع لا تحصى بل إنّ الذرات بإعتقاد أهل الفؤاد تدلّ على ظهورهم والأحجار والحصى تشهد بحقيقتهم لكن حيث أنّ الكثيرين بسبب تمسّكهم بالأوهام الواهية ورسوخهم في العقائد الباطلة عاجزون عن مشاهدة أدلّة حقيقة أنبياء الله وقاصرون عن إدراك عظمة أمْر الله كما يدلّ على هذا بقاء أهالي الأديان القديمة على معتقداتهم الفاسدة وإصرارهم على تكذيب الأنبياء والمرسلين بعد مرور ألفين أو ثلاثة آلاف سنة لهذا فإنّنا نقتصر في إثبات هذا الأمر الأعظم على الإستدلال بالبراهين الأربعة الّتي هي أقوى وأظهر البراهين وهي: آيات الكتاب والبشارات السابقة ودليل التقرير والمعجزات، ونبيّن كيفيّة الإستدلال بها في غضون أربعة فصول.


    3. في بيان كيفيّة الإستدلال والإحتجاج بآيات القرآن الكريم:

    إعلم أيها الشهم الفاضل أيّدكم الله وإيّانا باتّباع الحقّ ومجانبة الباطل أنّ أعظم الأدلّة وأقوى البراهين الّتي بقيت من لدنّ الأنبياء والّتي بها تحدّوا كلّ المعاندين وإحتجّوا على كلّ المكابرين هو الكلام الربّاني والوحي السماوي، وفي القرآن المجيد دعا الله هذا الدّليل دليلاً كافياً وحجّةً بالغةً وآياتاً إلهيّةً وبيّنةَ الصّحفِ السّماويةِ وخصَّصَ به نفوذَ كلمةِ الله وأوْكَلَ غلبةَ أمرِ الله بهذه الحجّة وحدها ووَعَدَ المكابرين والمكذّبين بها بعذاب أليم وسخط عظيم "يُرِيدُ اللهُ أنْ يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكافِرِينْ" . وهذا الدليل هو عبارة عن المعاني والحقائق الّتي نزلت بواسطة الروح الأمين على قلبه المقدّس وتجلّت على هيئة كلمات وظهرت في قوالب ألفاظ على لسانه المبارك ونتيجة لظهورها وصدورها ونزولها وإنتشارها إكتسب العالم الهرم قوّة الشباب وحلّ الرّبيعُ الروحاني وتجدّدت الشرائع والطقوس والسّنن والآداب وتجلّت حقيقة الأمطار السماويّة الّتي تَنْزل من غمام الهياكل الطيّبة وتهِب الحقائق الإنسانيّة، الّتي هي أشجار إلهيّة، نُضرةًً ورونقاً وبهاءً وتشرق على العالم بطلوع النيّر الأعظم أشعةُُ شمس الظهور بحكم "الله نُورُ السَّمَواتِ والأرْضِ" فتزيل ظلمة الأوهام والخرافات من قلوب النفوس المستعدّة.

    وموجز القول إنّ الكلام الإلهي هو أعظم حجّة إستدلّ بها الحقّ على حقّية رسالة خاتم الأنبياء وصرّح بكفاءتها دون سائر المعجزات ويشهد العقل المنير على عظمة هذه الحجّة من عدّة وجوه ويرجّح دلالتها فوق دلالة سائر المعجزات. (فالوجه الأوّل) هو إنّ الكتاب أثر باقٍ دائم بينما سائر المعجزات آثار زائلة غير باقية لأنّ الحاضرين الموجودين في زمان الظهور والغائبين وغير الموجودين يستطيعون في كلّ قرن وزمان أنْ يتناولوا الكتاب الإلهي بأيديهم ويتوصّلوا عن طريق الأثر إلى المؤثّر وينتفعوا به لكنّ إحياء الميّت والصّعود إلى السماء وإنطاقُ الحجر والشجر وأمثالها أمورٌ لا تبقى ولا تتوصّل إليها كلّ يد وليس من الممكن وصولها إلى بلاد نائية وأقطار شاسعة ولهذا سُمّي القرآن بالحجّة البالغة والمعجزة الباقية وإعتُبر أعظمَ الآيات وأكبرَ المعجزات، (والوجه الثاني) هو إنّ العلم والكتاب أشرف جميع الأشياء الّتي يمكن أن تكون حجّة لأشرف المخلوقات وبرهاناً لسيّد الموجودات وهو الإنسان ولو رجع المنصف إلى عقله لَشهد أنّه لا شيئ من أشياء العالم يملك شرافة العلم والكتاب ولا شيئ يساويه في العلوّ وليس في العالم شيئ مثمر ومفيد مثل العلم والكتاب، (والوجه الثالث) هو أنّه يمكن أن تُدوّن في الكتاب شرائع وآداب ومواعظ وإنذارات تؤدّي إلى حصول الترقيات الرّوحانية والمدنيّة ويمكن بها تأديب أهل العالم وتمدينهم ولكن أيّة فائدة تحصل من إحياء الميّت ومحادثة العنب ونمو النّخل على ظهور الجمال؟ وأية ثمرة تترتّب على ذلك لأهل العالم؟ (والوجه الرابع) هو أنّ آيات الكتاب تؤدّي إلى الحياة والهداية والتذكرة والرّحمة بخلاف الآيات المقترَحة أي المعجزات الّتي يطلبها القوم من نبيّهم ويوقّفون إيمانهم على ظهور تلك المعجزات كما سنثبته بالآيات تفصيلاً إنْ شاء الله في فصل المعجزات حيث يصرّح تعالى إنّ آيات الكتاب تؤدّي إلى الإطمئنان والهداية بينما تؤدّي الآيات المقترحة إلى زيادة الشكوك والغضب الإلهي والهلاك.

    ومجمل القول إنّ فيما عرضناه كفاية لكلّ منصف في إثبات أنّ الآيات أشرف وأعظم دليل. ولنتأمّل الآن قليلاً في القرآن الكريم الّذي هو الدليل المتين والسراج المنير والفارق بين الحقّ والباطل ولننظر كيف يستدّل به الرّسول الأكرم وخاتم النبيّين عليه آلاف التحيّة والثناء في إثبات رسالته، وأيّة حجّة عُظمى يستند إليها؟ وعندما يمعن الإنسان البصير نظره في جميع الآيات القرآنيّة من البداية إلى النهاية يشاهد أنّ الله جلّ جلاله لم يستدّل في إثبات حقيّة رسوله الأكرم بغير القرآن المجيد ولم يتّخذ حجّة وبرهاناً أبداً غير آيات الكتاب وصرّح بوضوح أنّ الأنس والجنّ عاجزون عن إتيان سورة من مثله وجميع أهل الأرض قاصرون دون الإتيان بشبهه، فالباطل لا يستطيع الوقوف تجاهه والقدرة الإلهيّة لا تمهل كلّ مختلق ومفتر على الله يختلق شَبَه آيات الله، فمن ذلك ما ورد في سورة العنكبوت قوله تعالى: " وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٍ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إنَّما الآيات عِنْدَ اللهِ وإنَّمَا أنَا نَذيرٌ مُبِينْ. أوَلَمْ يَكْفِهِمْ إنَّا أنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلى إنَّ في ذَلِكَ لَرَحْمَةًً وَذِكْرى لِقَوْمٍٍ يؤْمِنُونْ" .

    ويُستفاد من هذه الآيات فائدتان: (أوّلهما) إنّ حضرة الرّسول لم يستدلّ بالمعجزات أي لم يأتِ بمعجزة بحيث أنّ الكفّار صرخوا قائلين إنْ كان محمّد نبيّاً فلماذا لا يؤْتِهِ الله معجزة؟ و(ثانيهما) إنّ الكتاب دليل كافٍ وبرهان وافٍ وفيه قد سُترت هداية العباد الّتي هي المقصود الوحيد من إرسال الرّسل وبه أُنيط تذكّر الأمم وإنتباهها وهذه الآية المباركة وحدها تكفي العالم لو يكون للإنسان قلب مدرك وصدر منشرح ولكن ما العمل والناس يكتفون بتلاوة القرآن دون فهمه ويتمسّكون بأوهامهم الباطلة مثل الأمم الماضية.

    وكذلك قال تعالى في سورة طه "وَقَالُوا لَوْلا يَأتِينَا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أوَلَمْ تَأتِهِمْ بَيِّنَةُُ مَا في الصُّحُفِ الأولى" . ومضمون هذه الآية الكريمة هي أن كفّار مكّة قالوا لماذا لا يأتهم الرّسول بمعجزة من ربّه؟ فنـزل في جواب سؤالهم ألم نُنـزل لهم بيان الصّحف الأولى أي القرآن الّذي هو بيان التوراة والإنجيل وسائر الكتب السماويّة؟ ويستفاد من الآية المباركة أنّ حضرة الرسول بالرغم من إستدلاله على حقيّته بالقرآن الكريم فإنّه لم يجب ما سأله القوم من إظهار إحدى المعجزات.

    وكذلك قال تعالى في سورة البقرة: "وَإنْ كُنْتُمْ في رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلى عَبْدِنا فأتوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وادْعُوا شُهَدَائكُمْ مِنْ دُونِِ الله إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينْ فَإنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الّتي وُقُودَهَا النَّاسُ والحِجَارَةِ أُعِدَّتْ لِلْكافِرين" .

    وكذلك قال تعالى في سورة يونس: "وَمَا كَانَ هَذا القُرْآنُ أنْ يُفْتَرى مِنْ دُون ِ اللهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الّذي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلُ الكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِين أمْ تَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأتوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِِ الله إنْ كُنْتُمْ صَادِقِين" .

    وأمثال هذه الآيات الكريمة كثير وقد إقتصر المؤلّف على هذا القليل رعاية للإختصار وكلّها يصرّح بأنّ المنكرين إنْ كانوا في شكٍّ من الكلام الإلهي في القرآن وظنّوا في أنفسهم أنّ الرّسول تكلّم به من نفسه ونسبه إلى الله بهتاناً فليتّفقوا جميعاً وليستعينوا بعلمائهم وفصحائهم وعظمائهم وليأتوا بسورة مثله والواقع أنّهم لن يأتوا بمثله ولن يستطيعوا ذلك بل إنّه تعالى قال في سورة بني إسرائيل "قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتِ الأنْسُ والجِنُّ عَلَى أنْ يَأتُوا بِمِثْلِِ هَذا القُرْآنِِ لا يَأتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍٍ ظَهِيراً" .

    فيُفهم من هذا كلّه أنّ الله جلّ جلاله إتّخذ آيات الكتاب أعظمَ حجّةٍ وبرهان ولم يأتِ أحد في الدنيا مثلها بالباطل بل جاء في الصحف الإلهيّة إنّ إنساناً لو قال من نفسه كلاماً ونسبه إلى الله إفتراءً فإنّ الله جلّ جلاله يأخذه بيمين قدرته ويهلكه ولا يمهله ويبيده هو وكلامه فقال تعالى في سورة الحاقّة "وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأقَاوِيل ِ لأخَذْنَا مِنْهُ باليَمِينِِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِينَ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينْ وإنَّهُ لَتَذْكَرَة ٌ لِلْمُتَّقِينْ" . وهذه الآية صريحة بأنّ الله لا يمهل إنساناً ينسب كلاماً له كذباً أو يسمّي كتاباً يصنفه بنفسه ويطلق عليه إسمَ الوحي والآيات الإلهيّة [تعالى الله عما يقول الظالمون علوّاً كبيراً.]

    فلمّا تمّ الإطّلاع على عظمة آيات الكتاب وعلوّ مقام كلام ربّ الأرباب وأذعنت القلوب المنيرة إلى عظمة هذا البرهان القويم والدليل المتين والحجّة الباقية والوسيلة الوحيدة أعرضُ أنّ من الواضح لدى الصغير والكبير والأمير والحقير إنّ حضرة الأعلى في مدّة سبع سنين وإنّ الجمال الأقدس الأبهى في مدّة تقارب الأربعين سنة قد تمسّكا بهذا البرهان نفسه وقاما بإعلان أمر الله وفقاً لهذا الدليل نفسه وبصورة خاصّة صرّح حضرة بهاء الله من يوم خروجه من دار السلام بغداد حتى يوم صعوده في ألواحه الكثيرة الّتي أحصاها المؤرّخون بأكثر من ألف لوح أنّ هذه الكلمات الواردة فيها كلمات إلهيّة وأنّ هذه الصحف آيات سماويّة وإنّه لا يقولها من نفسه ولا يتكلّم بغير ما أذن الله له. فمن الألواح لوح السلطان المغفور له والمدرج في سورة الهيكل نزل قوله: "كُنْتُ نائِماً عَلى مَضْجَعي مَرَّتْ عَلَيَّ نَفَحاتُ رَبّيَ الرَّحْمَن ِ وَأيْقَظَتْني مِنَ النَّوم ِ وَأمَرَني بِالنِّداءِ بَيْنَ الأرْضِِ والسَّماء لَيْسَ هَذا مِنْ عِنْدي بَلْ مِنْ عِنْدِهِ وَيَشْهَدُ بِذلِكَ سُكّانُ جَبَروتِهِ وَمَلَكوتِهِ وَأهْلُ مَدائِن ِ عِزِّهِ، فَوَنَفْسِهِ الحَقُّ لا أجْزَعُ مِنَ البَلايا في سَبيلِهِ وَلا عَن ِ الرَّزايا في حُبِّهِ وَرَضائِهِ وَقَدْ جَعَلَ الله البَلاءَ غادِيَة ً لِهَذِهِ الدَّسْكَرَةِ الخَضْراءِ وَذِبالَة ً لِمِصْباحِهِ الّذي بِهِ أشْرَقَتِ الأرْضُ وَالسَّماء".

    ومنها ديباجة لوح أمبراطور ممالك روسيا الأعظم الّتي تزينت بهذه الآية المباركة: "يا مَلِكِ الرّوسْ إسْمَعْ نِداءَ اللهِ المَلِكِ القُدّوس ثُمَّ أقْبِلْ إلى الفِرْدَوْسِِ المَقَرِّ الّذي فيهِ إسْتَقَرَّ مَنْ سُمِّيَ بِالأسْماءِ الحُسْنَى بَيْنَ مَلأ الأعْلى وَفي مَلَكوتِ الإنْشاءِ بِإسْمِِ الله البَهِيِّ الأبْهى. إيَّاكَ أنْ يَحْجِبُكَ هَوَاكَ عَنْ التَّوَجُّهِ إلى وَجْهِ رَبِّكَ الرَّحْمَنِِ الرَّحِيمْ".

    وهكذا صرّح في أكثر الألواح المقدّسة الّتي هي أشبه بدرر منيرة لمعت وإشتهرت في كلّ الأقطار وأشبه بزهور معطِّرة إنتشرت وتناثرت في كافة البلاد بأنّها ألواح إلهيّة نسبها إلى الله وسلب نسبتها لنفسه وقد سمعت الملل كلمته المباركة: "تالله إنَّ البَهَاءَ ما يَنْطُقُ عَنِِ الهَوَى" ووصل إلى كلّ قطر من أقطار الدنيا هذا النداء الأحلى: "هَذا يَوْمٌ بَشَّرَ بِهِ مُحَمَّدٌ رَسولَ الله وَمِنْ قَبْلِهِ الرّوحُ وَمِنْ قَبْلِهِ الكَليمُ" حتى أن جناب الشيخ نفسه أيضاً مع عدم إطّلاعه الكافي بألواح هذا الظهور الأعظم وآثاره قد كتب في رسالته أن البابيّة تعتبر كتاب الإيقان مثل القرآن أي تذعن إلى كونه وحياً سماويّاً، ففي هذه الحال الّتي يعرف الإنسان فيها أن الله جلّت قدرته وجلّت عظمته قاهر وقادر ومحيط بالأشياء وحاضر ويعرف الآيات الإلهيّة الّتي وردت في القرآن المجيد بخصوص إزهاق الباطل وإعدام المفتري على الله ويعرف ذلك وعداً من الله وكلام الله فإنّه لا مفرّ له إلاّ بأن يعترف بحقّية هذه الآيات ويطأطئ الرأس تجاه عظمتها ولا يعارض حجّة الله ولا يغالب قضاءه ولا يحسد نعمته ولا يعرّض نفسه لغضب الله وسخطه مثل الأمم الطاغية [وكذلك كانت حجّة الله على خلقه في جميع الأزمنة والقرون] "فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ الله وَآيَاتِهِ يُؤمِنُونْ" .

    ولو نظر إنسان إلى آثار الأنبياء السابقين ثم أمعن النظر في آثار هذين الظهورين العظيمين وقارن بينهما بصورة دقيقة لشهد بعظمة آثار هذا الظهور ولرأى آيات السّابقين إذا ما قُورنت بآيات هذين الظهورين تبدو كالقطرة تجاه البحر.

    فمثلاً القرآن الكريم الّذي هو في الواقع إذا ما قورن بسائر آثار الأنبياء يبدو متلئلأً ومشرقاً كالشمس بين النّجوم فمع أنّ الرّسول الأكرم وخاتم النبيّين قد بُعث بالرسالة في الأربعين من عمره وفي أعرق القبائل في الفصاحة والعروبة ومع ذلك فإنّ القرآن الكريم نزل منجماً على حضرته في أجزاء متفرّقة في حين أن حضرة الباب النقطة الأولى عزّ إسمه الأعلى مع أنّه شاب فارسيّ اللسان لم يتعلّم أبداً في المدارس كما نسب إليه ألدّ أعدائه الجهل بكتبهم التاريخيّة ونفوا عن ذلك الوجود الأقدس معرفة تصريف (قالَ يقولُ) الّتي يعرفها أطفال المدارس قد قام بأمر الله في السّن الخامسة والعشرين وخلال السنين السبع الّتي قضاها كلّها في النفي والحبس قد ترك للعالم أضعاف القرآن من تفاسير الآيات الكريمة وحلّ غوامض العقائد الدينيّة وجواب الأسئلة العلميّة وغيرها من خُطَبٍ ومناجاة وشؤون علميّة وآيات وآثار مباركة ونشرها في جميع الأقطار بالرغم من منع المعارضين الشديد والمقاومة القويّة للمعاندين حتى أنّ ذلك الوجود المبارك كتب الكثير من تلك الألواح في محضر الأمراء والعلماء بناءً على طلبهم وبدون تأمّل أو تفكّر أو توقّف في جريان قلمه الأعلى في الجواب على أسئلتهم العلميّة فأدهش العالم بإظهار هذه الآية الكبرى وأفحمه.

    وكذلكم الجمال الأقدس الأبهى جلّ إسمه الأعلى مع أن وجوده المبارك كان محاطاً في كلّ الأحيان بأمواج البلايا الشديدة ومبتلياً بمصائب كبيرة من النفي والسجن الّذي لا يفهم معنى صعوبتها أولئك المتنعّمون والجالسون على وسادة العزّة والمناصب الرفيعة فإنّه نوّر العالم بآثار قلمه الأعلى شرقاً وغرباً وأظهر مصداق وعده تعالى: "سَأرِيكُمْ آيَاتي فَلا تَسْتَعْجِلُون" ، فنجد من آثاره المباركة المدوَّنة ما يعادل جميع الكتب السماويّة لكافّة الملل وقد إنتشرت مجلّدات كبيرة من آياته الكريمة إلى جميع الأقطار والبلاد [فلينصف المنصفون ولينتبه الراقدون ولينتبه الغافلون وليعلموا أنّهم سوف يُسألون عما هم يقترفون.]

    4. في بيان كيفيّة الإستدلال والإحتجاج بالأحاديث والبشارات:

    [إعلم أيها الحبر النبيل والسيّد الكبير وفقك الله لحسن النظر في هذا الأمر الخطير] أن الأحاديث كثيرة والأخبار متظافرة في البشارة بظهور "المهدي" الموعود ونزول "روح الله" في كتب الحديث لدى أهل السنّة وأهل الشيعة قد دُوّنت فيها علامات قبل الظهور ووقائع بعد الظهور بصورة مفصّلة لكنّ كثرة إختلافات الأحاديث وتناقض الرواة بلغ إلى حدّ يصعب فيه التوفيق بينها كما صرّح به حضرة الشيخ الأمجد الأكبر الشيخ أحمد الإحسائي في كتابه (شرح الزيارة) وكما صرّح العلامة المجلسي في مجلّد الغيبة من كتابه (بحار الأنوار) ولهذا السبب جمعا في كتبهما الأحاديث المذكورة على إختلافها وتناقضها. وهذا العبد حينما كنت في سمرقند ألّفتُ كتاب (فصل الخطاب) إجابة لسؤال أحد أفاضل آذربيجان وشرحت بصورة مفصّلة في فصل الإستدلال بالأحاديث والأخبار وطرق جمعها وتطبيقها وقلت إنّ الأحاديث الصحيحة يمكن تمييزها وتشخيصها عند مطابقتها للآيات القرآنيّة ولهذا فإنني سوف أكتفي في هذا الموجز بإيراد بعض الأحاديث الصحيحة المتّفق عليها بين أهل السنّة وأهل التشيّع والمنطبقة على القرآن المجيد وإذا أراد إنسان تفصيلاً أكثر فليرجع إلى ذلك الكتاب.

    5. في بيان الأحاديث والآيات الواردة في تعيين زمان ظهور الموعود:

    فمن الأحاديث الدالّة على ميعاد الظهور الحديث المشهور لأبي لبيد المخزومي الّذي ذكره المرحوم فيض في تفسير الصافي في تفسير بداية سورة البقرة وكذلك ذكره المجلسي عليه الرحمة في مجلّد الغيبة من كتاب (بحار الأنوار) وهو:

    ومن الحديث ما رواه العيّاشي عن أبي لبيد المخزومي قال قال أبو جعفر عليه السلام "يَا أبَا لَبِيدْ إنَّهُ يَمْلِكُ مِنْ وَلَدِ العَبَّاسِ إثْنَيْ عَشَرَ يُقْتَلُ بَعْدَ الثَّامِنِ مِنْهُمْ أرْبَعَةٌ تُصِيبُ أحَدُهُمْ الذَّبْحَةُ فَتَذْبَحُهُ هُمْ فِئَةٌ قَصِيرَةٌ أعْمَارَهُمْ خَبِيثَةٌ سُرَّتُهُمْ مِنْهُمْ الفُوَيْسِقُ المُلَقَّبِ بِالْهَادِي وَالنَّاطِقِ وَالغَاوِي. يَا أبَا لَبِيدْ إنَّ لِي في حُرُوفِ القُرْآنِ الْمُقَطَّعَةِ لَعِلْماً جَمّاً: إنَّ الله تعالى أنْزَلَ (ألم ذَلِكَ الكِتَابُ) فَقَامَ مُحَمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمْ حَتَّى ظَهَرَ نُورُهُ وَثَبُتَتْ كَلِمَتُهُ وَوُلِدَ يَوْمَ وُلِدَ وَقَدْ مَضَى مِنَ الألْفِ السَّابِعِ مِئَةُ سَنَةٍ وَثَلاث سِنِينَ" ثم قال "وَتِبْيَانُهُ في كِتَابِ الله في الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ إذَا عَدَدْتَهَا مِنْ غَيْرِ تِكْرَارٍ وَلَيْسَ مِنْ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ حَرْفٌ تَنْقَضِي أيَّامُهُ إلَّا وَقَائِمٌ مِنْ بَنِي هَاشِمَ عِنْدَ إنْقِضَائِهِ" ثمّ قال "الألِفْ وَاحِدٌ وِاللامُ ثَلاثُونَ وَالْمِيمُ أرْبَعُونَ وَالصَّادُ تِسْعُونَ فَذَلِكَ مَائَةٌ وَوَاحِدٌ وَسِتُّونَ ثُمَّ كَانَ بِدْءُ خُرُوجِ الْحُسِيْن عَلَيْهِ السَّلامْ (ألم الله لا إله) فَلَمَّا بَلَغَتْ مُدَّتُهُ قَامَ قَائِمُ وَلَدِ العبَّاسِ عِنْدَ ال (مص) وَيَقُومُ قَائِمُنَا عِنْدَ إنْقِضَائِهَا ب (ألمرا) فَافْهَمْ ذَلِكَ وَعُدَّ وَاكْتِمْهُ".

    ووفقاً لهذا الحديث الشريف عندما إنقضت إحدى وسبعون سنة على قيام حضرة الرسول خاتم الأنبياء بأمر الله قام سيّد الشهداء عليه التحيّة والبهاء وفاز برتبة الشهادة ولما إنقضت مائة وإثنتان وأربعون سنة على قيام سيّد الرسل قام قائم آل العباس عبد الله السفّاح بأمر الخلافة الهاشميّة وبقيامه زالت الخلافة الأمويّة وإنقرضت وعندما تحسب الحروف المقطّعة في أوائل السور من (ألم ذَلِكَ الكِتَابُ) إلى (ألمرا) وفقاً لأمر أبي جعفر عليهما السلام يكون مجموعها ألفاً ومائتين وسبعاً وسبعين، وهذا العدد يطابق يوم طلوع النيّر الأعظم من أفق فارس ولا يخفى أن التواريخ المذكورة في هذا الحديث تبدأ من يوم قيام رسول الله بإعلان دعوته وكما جاء في جميع كتب السيرة النبويّة إنّ ذلك الإعلان كان في السابعة قبل الهجرة بدعوة قريش علانيّة وكان عليه السلام قبل قيامه بالإعلان يخفي أمر بعثته وبأخذ هذه الزيادة بنظر الإعتبار يكون العدد مطابقاً لسنة 1260 هجريّة الّتي هي سنة ظهور النقطة الأولى عزّ إسمه الأعلى.

    وهذا هو بالذات المقصود كذلك في حديث المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام أنّه قال في ميعاد ظهور "المهدي" الموعود: "وفي سَنَةِ السِتّينِ يَظْهَرُ أمْرُهُ وَيَعْلُو ذِكْرُهُ".

    وجاء في كتاب (اليواقيت والجواهر) الّذي ألفه السيّد عبد الوهاب الشعراني من أئمّة علماء أهل السنّة والجماعة في المبحث الخامس والستّين من هذا الكتاب:

    "المبحث الخامس والستّون في بيان أنّ جميع أشراط الساعة حقّ لا بدّ أن تقع كلّها قبل قيام الساعة وذلك بخروج الدجّال ثم نزول عيسى وخروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها ورفع القرآن وفتح سدّ يأجوج ومأجوج حتى لو لم يبق من الدنيا إلاّ مقدار يوم واحد لوقع ذلك كلّه. قال الشيخ تقي الدين بن أبي المنصور في عقيدته: "وكلّ هذه الآيات تقع في المائة الأخيرة من اليوم الّذي وعد به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم امّته بقوله: "إنْ صَلُحَتْ أمَّتِي فَلَهَا يَوْمٌ وَإنْ فَسُدَتْ فَلَهَا نِصْفَ يَوْمٌ" يعني من أيّام الربّ المشار إليها بقوله تعالى "وَإنَّ يَوْمٌ عِنْدَ رَبُّكَ كَألْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّون" .

    وهذا الحديث النبوي يعني إن تكن أمّتي صالحة فإنّها تملك يوماً واحداً وإن تفسد فإنّها تملك نصف يوم وكلّ يوم عند الله ألف سنة من السنين الّتي تحسبون بها الزمن.

    والحديث "إنْ صَلُحَتْ أمَّتي فَلَها يَوْمٌ" ذكره المجلسي عليه الرحمة أيضاً في مجلّد الغيبة من كتاب (بحار الأنوار) وقد قاله الرسول الأكرم بعد نزول الآية الكريمة: "لِكُلِّ أمَّةٍ أجَلٌ فَإذَا جَاءَ أجَلُهُمْ لا يَسْتَأخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُون" وحيث أنّ هذه الآية تدلّ على أنّه قد قُدّر لبقاء كلّ أمّة في العالم أجل محدود ومدّة معيّنة بحيث لا يزيد ولا ينقص ساعة واحدة ولا يتقدّم ولا يتأخّر لذلك إستفسر الصحابة من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ما هو أجل أمّة الإسلام وبقاء عزّة هذا الدين في العالم فتفضّل: "إنْ صَلُحَتْ أمَّتي فَلهَا يَوْمٌ وإنْ فَسُدَتْ فَلَها نِصْفُ يَوْمٍ وَإنَّ يَوْمٌ عِنْدَ رَبُّكَ كَألْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّون" .

    ومصدر هذه الأحاديث المبيّنة لميعاد ظهور الموعود ومنبعها آيتان كريمتان في القرآن المجيد الّذي إحتوى "تبياناً لكلّ شيئ" ونزلت فيه جميع الحقائق الدينيّة "ما فَرَّطْنَا في الكِتَابِ مِنْ شَيئ" ولم يترك فيه بيان أشراط هذا اليوم العظيم وعلاماته وحوادثه ووقائعه ولهذا ورد عن أئمّة الهدى عليهم السلام قولهم "كُلَّما بَلَغَكُمْ عَنّا مِنْ حَدِيثٍ إعْرِضُوهُ عَلَى القُرْآن الشَّرِيفِ فَإنْ وَجَدْتُمْ لَهُ مَأخَذاً مِنَ القُرْآن فَاقْبَلُوه وَإلاّ فَرِدّوه" (فالآية الأولى) الّتي تبيّن ميعاد الظهور هذه الآية الكريمة في سورة السجدة حيث قال تعالى: "يُدَبِّرُ الأمْرَ مِنَ السَّماءِ إلى الأرْضِ ثُمَّ يَعْرِجُ إلَيْهِ في يَوْمٍ كَانَ مِقْدارُهُ ألْفَ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّون" وهذه الآية تعني أنّ الله جلّ جلاله ينـزل أمر الدين المبين أوّلاً من السماء إلى الأرض وبعد إكمال النـزول والتدبير تزول أنوار الدين في مدّة ألف سنة شيئاً فشيئاً خلال هذه المدّة وتصعد إلى السماء مرّة أخرى.

    ومن المعلوم أنّ نزول أنوار الدين من السماء إلى الأرض لا يُعقل ولا يُتصور إلاّ بالوحي النازل على سيّد المرسلين وبالإلهامات النازلة على الأئمّة الطاهرين، وهذه الأنوار نزلت من السماء إلى الأرض تماماً خلال مئتين وستّين سنة من هجرة خاتم الأنبياء إلى إنقطاع أيّام أئمّة الهدى وأنزلت المائدة السماويّة للأمة الإسلاميّة تماماً بنـزول القرآن وببيانات أئمّة الدين الّذين هم المبيّنون والمفسّرون الشرعيّون للكتاب عليهم السلام ولما توفّي الحسن بن علي العسكري عليهما السلام سنة مائتين وستّين هجريّة وحلّت أيّام الغيبة وتحوّل أمر الدين إلى آراء العلماء وأنيط بأنظار الفقهاء ظهرت شيئاً فشيئاً إختلافات الآراء وتشتّت الأهواء في أقوال وأفعال رؤساء الملّة البيضاء وإزداد أفق أمر الله ظلاماً يوماً فيوماً حتى لم يبق من الأسلام إلاّ إسمه وتبدّلت عزّته ونصره بذلّة ومغلوبيّة، وبعد إنقضاء ألف سنة تماماً من الغيبة طلعت شمس الحقّ سنة (1260) هجريّة من أفق فارس وتحقّقت بالتمام بشارة القرآن والحديث كلّها. (والآية الثانية) جاءت في سورة الحجّ: "وَيَسْتَعْجِلونَكَ بالعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ وَعْدَهُ وَإنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَألْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدّون" وهذه الآية تعني أنّ الله تعالى وعد بنـزول العذاب في يوم القيامة وأنّ هناك ألف سنة حتى يأتي اليوم الموعود وقد قدّر إعدام أهل الطغيان وإنقراض أرباب الشرك والكفر بورود هذا اليوم العظيم المهيب. وقد نزلت هذه الآية الكريمة حينما كان الكفّار بسبب تمسّكهم الشديد بعقائدهم الوثنيّة يعتبرون أمر الرسول الأعظم والعياذ بالله واهياً وباطلاً وموهوناً وإعتمدوا على دينهم وقالوا جرأة: "اللَّهُمَّ إنْ كَانَ هَذا هُوَ الحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَامْطِرْ عَلَيْنا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أوْ آتِنَا بِعَذابٍ ألِيمْ" ولهذا نزلت الآية الكريمة في الجواب على طلبهم وإتّضح منها لأهل الفؤاد ميعاد بقاء دين الإسلام وظهور القائم وورود يوم الله، وورد ذلك الوعد أيضاً في سورة سبأ قوله تعالى: "وَيَقُولُونَ مَتَى هَذا الوَعْدُ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينْ قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً ولا تَسْتَقْدِمُون" .

    وخلاصة القول، يكفي هذا المقدار من الآيات والأحاديث الّتي عُرضت في إثبات أنّ وقت ظهور الموعود قد حلّ وأن الوعود الإلهيّة قد تحقّقت، إنْ لم يكن الإنسان من أهل المكابرة يسعى في هلاك نفسه وهلاك قومه مثل المكابرين السالفين.

    وحينما كان المؤلّف سنة (1305) هجريّة مقيماً في بلاد أراك إيران ذكر بصورة مفصلة – في رسالة ألفها بإسم (شرح الآيات المؤرّخة) بناء على طلب أحد الأمراء الإيرانيّين- الآيات الواردة في التوراة والانجيل والقرآن وصحف الديانة الفارسيّة، وهذه الرسالة موجودة في أكثر البلاد حتى في القفقاس ولمن أراد مزيد الإيضاح والبيان أن يرجع إلى تلك الرسالة.


    6. في بيان الأحاديث الدالّة على حداثة سنّ القائم الموعود وشبابه حين ظهوره:

    ومن الأحاديث الدالّة على حداثة عمره المبارك وظهور تلك الحضرة في سنّ الشباب وحداثة العمر ما ذكره المجلسي عليه الرحمة في مجلّد الغيبة من كتاب (بحار الأنوار) في باب كيفيّة ظهور القائم عن أبي بصير عن أبي عبدااله عليه السلام أنّه قال: "إنَّهُ لَوْ خَرَجَ القَائِمُ لَقَدْ أنْكَرَهُ النَّاسُ: يَرْجِعُ إلَيْهِمْ شَابَّاً مُوَفَّقاً فَلا يَلْبَثُ عَلَيْهِ إلاّ كُلُّ مُؤْمِنٍ أخَذَ الله مِيثَاقَهُ في الذَّرِّ الأوَّلِ" وقال أيضاً عليه السلام "وَمِنْ أعْظَمِ البَلِيَّةِ أنْ يَخْرُجَ إلَيْهِمْ صَاحِبُهُمْ شَابّاً وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ شَيْخَاً كَبِيراً".

    وكما جاء في هذا الحديث الشريف، لما ظهر حضرة النقطة الأولى عزّ إسمه في بداية الشباب وفي غضاضة غصنه قام أولو القلوب المريضة في الحال على تكذيبه لأنّهم ظنّوا القائم رجلاً معمّراً عمره ألف سنة لا شابّاً عمره خمس وعشرون سنة، ولهذا لما إرتفع نداء قائميّته إرتفع صخب الجهّال الّذين بيدهم زمام أمور الناس قائلين واديناه واشريعتاه! إن الحجّة عليه السلام صار له ألف سنة في مدينة جابلقا المستورة وهذا الشاب الشيرازي الّذي ولد في هذا القرن أنظروا ماذا يقول! وكيف يسمّي نفسه القائم الموعود!

    وكذلك ورد في (كتاب الكافي)، الّذي هو أوثق كتاب لدى الفرقة الإثني عشريّة، الحديث الشريف الّذي ذكره محمّد بن يعقوب الكليني عليه الرحمة بإسناده عن الحكم بن أبي نعيم أنّه قال: أتيت أبا جعفر عليه السلام وهو بالمدينة فقلت له "نِذْرٌ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ إنْ أنَا لَقِيتُكَ أنْ لا أخْرُجَ مْنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى أعْلَمَ أنَّكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدْ أمْ لا". فلم يجبني بشيئ فأقمتُ ثلاثين يوماً ثم إستقبلني في طريقٍ فقال "يَا حَكَمْ وَإنَّكَ لَهَهُنَا بَعْدُ؟" فقلت "إنِّي أخْبَرْتُكَ بِمَا جَعَلْتُ لله عَلَيَّ فَلَمْ تَأمُرُنِي وَلَمْ تَنْهَنِي عَنْ شَيْئٍ وَلَمْ تُجِبْنِي بِشِيْئٍ" فقال: "بَكِّرْ عَلَيَّ غُدْوَةَ المنْزِلِ" فَغَدَوْتُ عليه فقال عليه السلام: "سَلْ عَنْ حَاجَتِكَ" فقلت "إنِّي جَعَلْتُ للهِ عَلَيَّ نِذْراً وَصِيَاماً وَصَدَقةً بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِِ إنْ أنَا لَقِيتُكَ أنْ لا أخْرُجَ مِنَ الْمَدِينَةِِ حَتَّى أعْلَمَ أنَّكَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدْ أمْ لا فَإنْ كُنْتَ أنْتَ رَابَطْتُكَ وَإنْ لَمْ تِكُنْ أنْتَ سِرْتُ في الأرْضِ وَطَلَبْتُ المَعَاشَ" فقال "يَا حَكَمْ كُلّنَا قِائِمٌ بِأمْرِ الله" قلت "فَأنْتَ الْمَهْدِيّ؟" قَالَ كُلّنَا مَهْدِيٌّ إلى الله" قُلْتُ "فَأنْتَ صَاحِبُ السَّيْفِ؟" قال "كُلّنَا صَاحِبُ السَّيْفِ وَوَارِثُ السَّيْفِ" قُلْتُ فَأنْتَ الّذي يَقْتِلُ أعْدَاءَ اللهِ وَيُعَزُّ بِكَ أوْلِياءُ اللهِ وَيَظْهَرُ بِكَ دينُ الله؟" فقال "يا حَكَمْ كَيْفَ أكُونُ أنَا وَقَدْ بَلَغْتُ خَمْساً وأرْبَعِينَ وَإنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْرَ أقْرَبُ عَهْداً بِالّلبَنِ مِنّي وَأخَفُّ عَلَى ظَهْرِ الدّابَةِ".

    فتأمّلوا قليلاً في هذا الحديث الشريف الّذي فيه يصرّح أبو جعفر عليه السلام بأنّ القائم عندما يقوم يكون عمره المبارك أقلّ من خمس وأربعين سنة ويكون في ريعان الشباب وعنفوان العمر قريب عهدٍ بالرضاعة، ولهذا السبب يُسمّى حضرته في كثير من الأحاديث بأسم "الصبيّ" أو بأسم "الغلام" أو بإسم "الشاب".

    وكذلك روى المجلسي عليه الرحمة في كتاب بحار الأنوار في باب كيفيّة خروج القائم: عن الأزدي عندما وفد مع أبي بصير وعلي بن عبد العزيز على أبي عبدالله عليه السلام وتشرّفوا بحضوره أنّه قال: "قُلْتُ لَهُ أنْتَ صَاحِبُنَا؟" فقال "إنّي لَصَاحِبُكُمْ؟" ثم أخذ جلدة عضده ومدّها فقال "إنّي شَيْخٌ كَبِيرٌ وَصَاحِبُكُمْ شَابٌّ حَدَثٌ".

    وكذلك روي في هذا الكتاب عن أبي بصير أنّ أبا عبدالله عليه السلام قال: "لَيْسَ صَاحِبَ هَذَا الأمْرِ مَنْ جَاوَزَ الأرْبَعِينَ".

    وكذلك روى المجلسي عليه الرحمة في هذا الكتاب في باب صفات القائم عن يحيى بن سالم أنّ أبا جعفر عليه السلام قال: "إنَّ صَاحِبَ هَذَا الأمْرِ أصْغَرُنَا سِنّاً وَأجْمَلُنَا شَخْصاً" قلت "متى يكون؟" قال "إذَا سَارَتِ الرّكْبَانُ بِبِيْعَةِ الغُلامِ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُ كُلُّ ذِي صَيْصَئَةٍ لِوَاءً" .

    وكذلك روى المجلسي عليه الرحمة في هذا البحار في باب ما روي عن الباقر عليه السلام عن أمّ هاني الثقفيّة أنّها قالت: "غَدَوْتُ عَلَى سَيِّدِي مُحَمَّدْ بِنْ عَلِيّ البَاقِرْ عَلَيْهِ السَّلام فَقُلْتُ لَهُ يَا سَيِّدِي آيَةٌ في كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَرَضَتْ بِقَلْبِي أقْلَقَتْنِي وَأسْهَرَتْنِي" قال "فَاسْألِي يَا أمَّ هَانِي" قُلْتُ "قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ‏فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ‏الْجَوَارِ الْكُنَّسِ " قَالَ: "نِعْمَتِ الْمِسْألَةِ سَألْتِنِي يَا أمَّ هَانِي هَذَا مَوْلُودٌ في آخِرِ الزَّمَانِ هُوَ الْمَهْدِيُّ مِنْ هَذِهِ العِتْرَةِ تَكُونُ لَهُ حَيْرَةٌ وَغَيْبَةٌ يَضِلُّ فِيهَا أقْوَامٌ وَيَهْتَدِي فِيهَا أقْوَامٌ فَيَا طُوبَى لَكِ إنْ أدْرَكْتِهِ وَيَا طُوبَى لِمَنْ أدْرَكَهُ".

    ويكفي أولي الألباب اليقِظة هذا المقدار من الأحاديث الّتي عرضناها ولو أراد المؤلّف أن يذكر الأحاديث الأخرى الصريحة في قضيّة أنّ حداثة سنّ القائم تكون سبباً لإمتحان القوم وإعراضهم فإنّه يجب أن يفرد لذلك كتاباً كبيراً.

    ومن العجيب كيف لا ينتبه الأشخاص الّذين يعشقون مدنية المتمدّنين الأوروبيّين إلى أن جهود هؤلاء المتمدّنين أنفسهم في الجغرافيا قد أنارت مذهب أهل الشيعة وأوضحت عدم وجود مدينة (جابلقا)، الّتي إعتبرها العلماء الأعلام محلّ غيبة القائم عليه السلام، وضوحاً بيّناً كالشمس في رابعة النهار، ومع ذلك فلا زال الكثير من كتب كبار علماء الشيعة يذكر بأسانيد طويلة عريضة أخباراً عن أنّ فلاناً الصالح الصادق القول قد دخل مدينة (جابلقا) وتشرّف فلان الثقة صحيح الخبر في مدينة (جابلقا) بحضور الإمام وخدمته. وقد دوّنوا هذه الأخبار الكاذبة بكلّ جسارة وجرأة في كتبهم وقيّدوا قومهم المساكين مدّة ألف سنة بقيود الأباطيل حتى أشرقت شمس العلوم الحديثة فأزالت هذه الظلمة وهدم سيل المعارف الجارف بنيان الخرافات، ومع كلّ هذا فالقوم لا يزالون مرتبطين بح

    الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى