بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
حمداً لمن تقدّس بذاته عن مشابهة مخلوقاته
و تنزّه بصفاته عن مماثلة م?وّناته و تعزّز بأسمائه عن
شؤون مبدعاته و تجلّل بأفعاله عن الحدود و القيود
و الهندسة فی جميع مخترعاته، المتجلّی علی الا?وان فی
هذا ال?ور الجديد بأنّه فعّال لما يريد، الظاهر فی عوالم
الانشاء بحقيقة يفعل مايشاء و هذا صريح ال?تاب
المبين تنزيلا من ربّ العالمين لأنّ الحصر و الحدّ
و القيود أمور تعتری علی الحقائق المتناهية بشهادة
انّ ?لّ متناه محدود و ?لّ محدود محصور و ?لّ محصور
مجبور و ?لّ مجبور محتار. فسبحان ربّ? المختار عن
هذه القيود و الآثار. بل جلّت مشيئته و تعالت
و تسامت قدرته و عزّت و تفاخمت سلطنته و علت
و تشامخت عزّته و عظمت و تباذخت حقيقة آياته ان
يح?م عليها سلطان الهندسيات و قوّة الاشارات و نفوذ
حدود الموجودات، المت?وّنة ب?لمته العليا و آيته
ال?بری بل آية مل?ه الظاهرة فی نقطة التراب
لا ت?اد تتقيّد بالقيود و تنحصر تحت سلطان الحدود
و لو لا هذه العزّة المقدّسة ل?ان عزّه و سلطانه و قدرته
و برهانه ظلّاً غير ظليل أو أوهام معترية علی العليل
و لا يبرد منه غليل و النفحة المس?ية الالهيّة الساطعة
من رياض التحيّة تهدی الی الحقيقة النورانيّة و الجذبة
الصمدانيّة و ال?ينونة الرحمانيّة و الجوهرة اللاهوتيّة
و القوّة المل?وتيّة الّتی خرقت ?لّ حجاب و فتقت
?لّ سحاب و ?سرت ?لّ سلاسل و عتقت ?لّ رقاب
و آله الّذين سطعت أنوار علومهم فی زجاجات قلوب
القوم بحسب استعدادهم و مدار?هم و مقتضی الام?نة
و الازمنة و قوابلهم ?ما قيل لا ?لّ ما يعلم يقال و لا ?لّ
ما يقال حان وقته و لا ?لّ ما حان وقته حضر اهله.
ايّها السّيّد الجليل و الشهم النبيل، الموجّه الوجه للّذی
فطر السموات و الأرض. قد وصلت عريضت? الناطقة
بخلوص? للّه الحقّ و اشتعال? بنار محبّة اللّه و انجذاب?
من آيات اللّه و تعرّض? لنفحات اللّه. بشری ل? ثمّ
بشری من هذا الفضل الّذی أحاط الآفاق أنواره
و شاع فی السبع الطباق آثاره و تشرّف الوجود
بالسجود له و تباهی الملأ الأعلی بالوفود عليه و اطّلعت
بمضامين تل? القصيدة الغرّآء بل الخريدة الفريدة
النورآء و استنشقت رائحة الرحمن من رياض معانيها
و ارتشفت سائغاً شراباً من حياض مبانيها. لانّها ?لمات
دالّة علی بصيرت? و ناطقة بسريرت?. نحمد اللّه علی
ما ?شف الغطاء و جزل العطاء و هدی المقبلين الی
مناهل التوحيد و أورد المخلصين الی شوارع التفريد
و ايّد الموحّدين علی هدم ?لّ سدّ مانع و هت? ?لّ ستر
حاجز دون الوصول الی حقيقة الأمر و سرّه الم?نون
و جوهره المخزون. فللّه درّهم ما منعتهم سبحات اهل
الاشارات و لا زخرف قول المحتجبين باظلم الحجبات
بل اهتدوا الی العذب الصافی من ماء معين و شربوا
من عين اليقين و لم ي?ترثوا بما لفقوّه اهل الحجبات
و حرّروا أعناقهم من اغلال اهل الاشارات و أيقنوا
بانّ اللّه مقتدر علی ما يشاء و من حدّه عدّه و أشر?
بسلطانه فی مل?وت الانشاء. هيهات ?يف تتّسع بحورا
زاخرة حوصلة قطرة خاسرة و ?يف تدر? ذرّة هاوية
حقيقة شمس سامية و أنی لها ان تجعل لها قوانين
تحصرها مع عظيم سلطانها و قويم برهانها ?فاها سقوطها فی هاوية هبوطها.
و انّ? أنت يا ايّها الطير المتغنّی علی سدرة العرفان
فی رياض رحمة ربّ? الرحمن. دع المحتجبين بسبحات
المتشابهات من البيان و تمسّ? بمح?مات الآيات من
المسائل الالهيّة فی عالم التبيان لأنّ الناس همج رعاع
اتباع ?لّ ناعق يميلون ب?لّ ريح و اذا جاء هم الحقّ بالحجّة
و البرهان يضعون أصابعهم فی الآذان و يقولون
انّا وجدنا آباءنا علی أمّة و انّا علی آثارهم لمقتدون. هذا
شأنهم ذرهم فی خوضهم يلعبون ان يروا سبيل الرشد
لا يتّخذوه سبيلاً و ان يروا سبيل الغيّ يتّخذوه سبيلاً
و انّی لمّا اطّلعت علی مضمون ?تاب جناب الشيخ
غدوت متف?ّراً متحيّراً و ما أظنّ لمثله رجل متتبّع فی ?لمات
اللّه يخفی عليه ألامر بشأن يتمسّ? بقواعد و قوانين أوهن
من بيوت العن?بوت شاغلة له عن العروة الوثقی الّتی
لا انفصام لها فی عالم المل?وت و لا ش?ّ انّ جنابه لا ير?ن
الی تل? الشبهات و لا يتقيّد بهذه الاشارات بل ناقل
علی مذاق القوم و القوم فی س?رات و نوم بل مقصده
الشريف البحث و الحثّ فی تشريح المسائل الّتی حجبت
الأبصار و البصائر عن مشاهدة البدر الطالع الباهر.
فانّنا اذ انظرنا الی النصوص الظاهرة و الآيات الواضحة
من ?تاب اللّه نری النصّ الصريح بانّ اللّه خاطب بوضوح
نبی اللّه نوح "انّه ليس من اهل? انّه عمل غير صالح"
و قال بلفظ صريح من غير تلويح انّ ابراهيم قال لأبيه
آزر "ما هذه التماثيل الّتی أنتم لها عا?فون" و ?ذل?
لما قال "و من ذرّيتی قال لا ينال عهدی الظالمين"
ای الظالمين منهم و ?ذل? "فخلف من بعدهم خلف
أضاعوا الصلاة و اتّبعوا الشهوات" و عند ما أشرقت
الأرض بنور ربّها و تنسّمت نسائم الفضل و فاضت
سحاب العدل و انحدرت سيول الجود و تجدّد قميص
?لّ موجود و تزينّت البطحاء بظهور خير الوری،
المؤيّد بشديد القوی اعترض اليهود و النصاری بانّ
سلسلة النبوّة مسلسلة ?عقود الجمان أو قلائد العقيان
فی ذرّية اسحق و تل? بر?ة ممنوحة مخصوصة لتل?
الذرّية الطاهرة و السلالة الباهرة بنصوص من التوراة
و لا خلاف و لا شقاق و هذه الذرّية تلألأت بانوار
التوحيد ?ال?وا?ب الدرّية ف?يف انتقلت النبوّه
العظمی و المنحة ال?بری من تل? الاصلاب
الطاهرة الز?يّة الی صلب عبد مناف و بحسب زعمهم اسمه
دالّ علی ما ?ان عليه من الخلاف فأنزل اللّه ردّاً
لقولهم و تب?يتاً لهم و لمن يحومون حولهم "اللّه أعلم حيث
يجعل رسالته" لانّ العناصر الجسمانيّة و الطبائع الترابيّة
لا عبرة فيها و لا معوّل عليها انّما العبرة فی الاخلاق
ليس فی الاعراق اذا وافق حسن الاخلاق شرف
الاعراق فالنسبة حقيقيّة "اَلْولدُ سرّ أبيه" و اذا خالف
فالنسبة مجازية "انّه ليس من اهل? انّه عمل غير صالح"
هذا اذا نظرنا الی صريح التنزيل و أمّا اذا عولنا علی
جوامع التأويل فقال الربّ الجليل "يخرج الحيّ من
الميّت و يخرج الميّت من الحيّ" و من جعل للّه حداً فی
فيوضاته الجليلة فهو علی ضلالة و غيّ و ايضاً فانظر
الی آثار رحمة اللّه ?يف يحيی الأرض بعد موتها و ?يف
يحشر الخلائق النورانيّة فی الحقيقة الانسانيّة بعد
فوتها و أيضاً "و تری الأرض هامدة فاذا أنزلنا
عليها الماء اهتزّت و ربّت و انبتت من ?لّ زوج بهيج"
و هذه آية ظاهرة و حجّة باهرة قاطعة ل?لّ
صريخ و ضجيج. فالشمس نيّر لامع من أيّ مشرق
أضائت و بزغت و البدور ?وا?ب ساطعة من أيّ
مطلع لاحت و سطعت و أوعية اللآلی أصداف
و قد تباينت الاوصاف و معدن الجوهرة اليتيمة صخور
و أحجار و رمال الا?ناف و ليس مظاهر الوحی و مطالع
الالهام و مواقع النجوم و منابع فيض ربّ العباد مشابهين
و مقيسين بالأصائل من الصافنات الجياد و بما أنّ العوام
?الهوام يغفلون عن جوهر البرهان يتعرّضون
لأمور ما أنزل اللّه بها من سلطان. فتبّاً لهم و لأوهامهم
و سحقاً لصناديدهم و أصنامهم و انّ للّه خرقاً فی العادات
و اظهار الآيات باهرات فی ظهور ?لماته الجامعات
فلا يجوز لمن بصره حديد أو ألقی السمع و هو شهيد
ان يجعل العادة المستمرّة ميزاناً لأمر اللّه فی آياته
المستودعة و المستقرّة حيث جرت عادة المل? العلّام ان
تندفق نطفة الانسان من الاصلاب و تنعقد فی الارحام
و خلق المسيح روح اللّه بنفخة من روحه خارقاً للعادة
المستمرّة المسلّمة بين الانام و هل يجوز بعد وضوح هذه
الشروح ان يتوقّف أحد فی أمر اللّه أو يحتجب بأوهام
المرتابين فی ظهور آثار اللّه لا و ربّ?.
يا ايّها المشتعل بنار محبّة اللّه دع القوم و أهوائهم
ورائ? "ادع الی سبيل ربّ? بالح?مة و الموعظة الحسنه
و جادلهم بالّتی هی أحسن" و اذا حضر أحد لدي?
و اعترض علي? لا تسأم و لا تبتئس توجّه الی مولا? فی
أخرا? و أولا? و انطق بلسان فصيح و جواب واضح
صحيح. فروح القدس يؤيّد? و روح الامين يوفّق?
و يشرق علي? جواهر العلوم بالهام ربّ? العزيز القيّوم
فابذله للطالبين و أودعه آذان المستمعين.
هذا و انّ صاحب هذا النبأ العظيم و النور القديم
و الصراط المستقيم حائز لنسب شامخ منيع و شرف
باذخ رفيع (أضائت لهم أحسابهم و جدودهم دجی الليل
حتّی نظّم الجزع ثاقبه). و لم تزل هذه السلالة انتقلت من
الأصلاب الطاهرة الی الأرحام الطاهرة و ?م من
خبايا فی الزوايا و ?م من أبهی جوهرة م?نونة و فريدة
يتيمة مخزونة. و مع ذل? أمره أعظم من ان يثبت
بالانتساب الی غيره و أشرف من ان يعرف بدونه . خضعت
أعناق ?لّ نسب رفيع لعزّة سلطانه و ذلّت رقاب ?لّ
حسب منيع لقوّة برهانه ?لّ معروف به و هو معروف
بنفسه ل?لّ بصير و شهيد ?الشمس الطالعة الباهرة
الساطعة فی ألافق المجيد ول?ن بما أن أوّل من تصدّی
للاعتراض علی الاصل و النسب من غير تعمّق و اغماض
قال خلقتنی من نار و خلقته من طين و احتجب عن
الاسرار المودعة فی صفوة اللّه و لو ?ان اصله من تراب
مهين هو المشهور بعدم الاقرار بل الاحتجاب عن
الحقّ الواضح ?الشمس فی رابعة النهار أحببت ايقاظ
القوم و ?شف غطاء أبصارهم فی هذا اليوم "و لعبد مؤمن
خير من مشر? و لو أعجب?م" هذه سبحات هائلة حائلة
لاهل الاشارات و الّذين شربوا ?أس العناية من أيادی
رحمة اللّه و اختصّوا بموهبة "يختصّ برحمته من يشاء"
لا ينظرون الّا الی حقيقة البرهان و آثار موهبة الرحمن
يستضيئون بمصباح الفيوضات فی أيّ مش?اة أوقد
و أضاء و فی أيّ شجرة مبار?ة سطع و لاح . شرقيّة
?انت أم غربيّة لانّها لا شرقيّة و لا غربيّة و لا جنوبيّة
و لا شماليّة ?لّ الجهات جهاتها و اذا اطّلعت بحقيقة
المعانی ال?لّيّة المشروحة فی بواطن هذه ال?لمات
و هت?ت بقوّة من اللّه الاستار الحاجبة لأنظار أهل
الاشارات ابسط يدي? مبتهلاً الی ربّ الآيات و قل
ل? الحمد يا الهی بما هديتنی الی معين رحمانيّت? و دعوتنی الی
مشرق صمدانيّت? و أيّدتنی بالاقرار ب?لمة وحدانيّت?
و سقيتنی من سلاف محبّت? بأيادی رحمت? و نجّيتنی من
شبهات الّذين احتجبوا بحجبات ظنونهم و اخذتهم نخوة
علومهم و فنونهم و تمسّ?وا بأوهامهم و ن?سوا أعلامهم
و شاهت وجوههم و انطمست نجومهم أی ربّ أيّدنی
بقوّت? القاهرة علی الموجودات و قدرت? الباهرة فی
حقائق المم?نات علی اعلاء ?لمت? و انتشار ح?مت?
و هداية خلق? و نجاة بريّت? لأسقيهم من خمر? الطهور
فی هذا الظهور الّذی أشرقت أنواره علی الاقطار الشاسعة
فی يوم النشور ثمّ اشدد أزری و قوّ ظهری و ثبّت قدمی
فی أمر? لأ?ون آية ذ?ر? بين بريّت? و المنادی
بين خلق? باسم? انّ? أنت العزيز الغفور.
قد ?تب هذا الجواب علی ال?تاب الّذی حضر من قدوة أولی
الالباب بحسب الامر الصادر من الحظيرة المقدّسة ع
هو اللّه
الحمد للّه الّذی جعل أسمائه و صفاته لم يزل نافذة
أح?امها فی مراتب الوجود و باهرة آثارها و ثابتة
آياتها فی عوالم الغيب و الشهود و بها جعل الحقائق
المقدّسة المستفيضة المستنبئة مستأثرة لظهور شؤونه
و سائرة فی فل? ال?مال قوسی النزول و الصعود
و قدّرها مبدأ الايجاد فی عالم الانشاء و مصدر الحقائق
المتدرّجة فی مراتب الوجود بالوجه الأعلی المعهود
فلمّا أشرقت شمسها بقوّتها الناشرة الجاذبة علی الحقائق
ال?امنة فی هويّة الغيب فانبعثت و انتشرت و انتثرت
و انتظمت و استفاضت و استنبأت و استأثرت لظهور
الشؤون الرحمانيّة و الآثار الصمدانيّة فظهرت بحلل
الانوار بعد خرق الاستار و سارت فی أفلا?
التوحيد و دوائر التقديس و مدارات التهليل
ف?انت شموس التسبيح للّه الحقّ دائرة مشرقة فی
فضاء رحب واسع غير متناه لا تحدّده الجهات و لا
تحصره الاشارات. فسبحان بادعه و منشئه و باسطه
و ناظمه و مزيّنه بمصابيح لا عداد لها و قناديل لا نفاد
لها و لا يعلم جنود ربّ? الّا هو و جعل دوائر هذه
ال?وا?ب النورانيّة الرحمانيّة أفلا?ها العلويّة و جعل
أجسام هذه الافلا? الروحانيّة لطيفة ليّنة سيّالة مائعة
موّاجة رجراجة بحيث تسبح تل? الدراری الدرّية فی
دائرة محيطها و تسيح فی فضاء رحيبها بعون صانعها و خالقها
و مقدّرها و مصوّرها و بما اقتضت الح?مة البالغة
ال?لّية الالهيّة ان ت?ون الحر?ة ملازمة للوجود
جوهريّاً و عرضيّاً روحيّاً و جسميّاً و ان ت?ون
لهذه الحر?ة زمام و معدّل و ماس? و سائق لئلّا يبطل
نظامها و يتغيّر قوامها فتتساقط الاجسام و تتهابط
الاجرام قد خلق قوّة جاذبة عامّة بينها غالبة حا?مة
عليها منبعثة من الروابط القويمة و الموافقة و المطابقة
العظيمة الموجودة بين حقائق هذه العوالم الغير المتناهية
فجذبت و انجذبت و حر?ت و تحرّ?ت و دارت
و أدارت و لاحت و ألاحت تل? الشموس القدسيّة
الباهرة بعوالمها النورانيّة و توابعها و سيّاراتها فی
مداراتها و سمواتها و دوائرها فبذل? تمّ نظامها و حسن
انتظامها و اتقن صنعها و ظهر جمالها و ثبت بنيانها و تحقّق
برهانها فسبحان جاذبها و قابضها و فائضها و مدبرها
و محرّ?ها عمّا يصفه الواصفون (١) و ينعت به الناعتون.
يا ايّها المستفيض من فيضان البحر ألاعظم المتموّج
المفوّج المتهيّج المتهاجم الامواج علی شواطئ الأمم طوبی
ل? بما آويت الی الر?ن الشديد و ال?هف المنيع مقام
التبتّل الی ربّ? العزيز الحميد و تبرّئت من ظنون الفنون
و تقدّست من اوهام الافهام سارعاً الی موارد الحقائق
و الاسرار و متعطّشاً الی معين فرات العلم مجمع البحار و مرجع الانهار
فاعلم بانّ ?لّ غير متناه صنعه غير متناه و انّ الحدود
صفة المحدود و انّ الحصر فی الموجود ليس فی حقيقة
الوجود و مع ذل? ?يف يتصوّر الحصر للأ?وان من
دون بيّنة و برهان. فانظر ببصر حديد فی هذا ال?ور
الجديد. هل رأيت لشأن من شؤون ربّ? حدّاً يقف عنده
بالتحديد. لا و حضرة عزّه بل أحاطت شؤونه ?لّ
الاشياء و تنزّهت و تقدّست عن حدّ الاحصاء فی عالم
الانشاء هذه شؤون رحمانيّة فی العوالم الروحانيّة _
و ?ذل? فاستدلل بها فی العوالم الجسمانيّة لانّ الجسمانيّات
آيات و انطباعات للروحانيّات و انّ ?لّ سافل صورة
و مثال للعالی بل انّ العلويّات و السفليّات و الروحانيّات
و الجسمانيّات و الجوهريّات و العرضيبات و ال?لّيّات
و الجزئيّات و المبادی و المبانی و الصور و المعانی و حقائق
?لّ شیء و ظواهرها و بواطنها ?لّها مرتبط بعضها
مع بعض و متوافق و متطابق علی شأن تجد القطرات
علی نظام البحور و الذرّات علی نمط الشموس بحسب
قابليّاتها و استعداداتها لانّ الجزئيّات بالنسبة لما
دونها ?لّيّات و انّ ال?لّيّات المتعظّمة فی أعين
المحجوبين جزئيّات بالنسبة الی الحقائق و الم?وّنات
الّتی هی أعظم منها فال?لّيّة و الجزئيّة فی الحقيقة امر
إضافی و شأن نسبی و الّا رحمة ربّ? وسعت ?لّ شیء
اذاً فاعلم بانّ الهيئة الجامعة لنظام الوجود شاملة
ل?لّ موجود ?لّی أو جزئی امّا ظهوراً أو بطوناً سراً
أو علانية ً ف?ما انّ الجزئيّات غير متناهية من حيث
الاعداد ?ذل? ال?لّيّات الجسميّة و الحقائق العظيمة
ال?ونيّة خارجة عن حدّ العداد و الاحصاء و انّ
مشارق التوحيد و مطالع التفريد و شموس التقديس
تعالت و تقدّست عن القيود العدديّة و انّ العوالم
الروحانيّة النورانيّة تنزّهت عن الحدود الحصريّة
و ?ذل? عوالم الوجود الجسمانيّة لا تحصيها العقول
و الافهام و لا تحيط بها مدار? اولی العلم الاعلام.
فانظر الی الحديث المأثور و دقّق النظر فی معانيه الدالّة
علی سعة ال?ون و اتّساعه الخارج عن العقول و الحدود
و هذا نصّه انّ اللّه تعالی خلق مائة الف الف
قنديل و علّق العرش و الأرض و السماء و ما بينهما حتّی
الجنّة و النار ?لّها فی قنديل واحد و لا يعلم ما فی باقی
القناديل الّا اللّه و ?لّ ما ذ?ر العارفون لها حدّاً
و عبّروا لها حصراً انّما ?ان لضيق دائرة العقول
و الادرا?ات و احتجاب أهل الاشارات الّذين قرائحهم
جامدة و فطنهم خامدة . من فرط الحجبات و انّ فی
?لّ ?ور و دور رزقاً مقسوماً و شأناً معلوماًو انّ
الحقائق لها ظهور و بروز بالنسبة الی المراتب و الدرجات
و الاستعداد و القابليّات مثلاً فانظر فی الحقيقة
الانسانيّة و ال?مالات النفسانيّة و الفضائل الروحانيّة
و الشؤون الوجدانيّة . انّها لها اشتهار و ظهور و انبعاث
و سنوح . بتتابع التدرّج فی معارج النشأة الاولی من
مقام النطفة الادنی الی أعلی مدارج البلوغ الأعلی . فبمثل
ذل? شأن ?لّيّة الوجود من الغيب و الشهود اذاً تفرّس
فی هذا ال?ور البديع و الدور العظيم المنيع و قل تعالی اللّه
ربّ العرش الرفيع بما أظهر الشمس الوحدانيّة و الحقيقة
الصمدانيّة من هذا المطلع الشامخ الباذخ القويّ القديم
بحيث لمّا سطعت أشعّتها النافذة الحامية علی الا?وان
الخاوية و الاراضی الخالية انبعثت حقائق ?لّ شیء
و المعانی ال?لّيّة . بقوّتها النامية و اشتهرت م?نونات
العلوم ال?اشفة لحقائق المعلوم و ظهر السرّ المصون
المخزون و الرمز الم?نون. لانّ فی هذا ال?ور ال?ريم
و الطلوع العظيم دور الحقائق و الاسرار و حشر الشؤون
الرحمانيّة فی مر?ز الانوار و ظهور ال?نوز المستترة
فی هويّة عوالم ربّ? العزيز المختار بحيث فی حقيقة
القطرات تتموّج بحور الآيات و فی هويّة الذرّات تتجلّی
شموس الاسماء و الصفات و ي?تشف المعاصرون
فی صفائح الاحجار أسراراً لم ي?تشفوا السابقون
فی لوائح مرايا الانوار. لانّ فی هذا الظهور الاعظم
دون النظر و الاستدلال . قد فتح أبواب الم?اشفة
و الشهود و تخلّصت ذوات الاجنحة من الاف?ار من
شب?ة الاوهام و ان?شفت السبحات و انشقّت الحجبات
و هت?ت الاستار من سطوة الاسرار و لمّا ?ان الام?ان
شأنه الضعف و الاضمحلال لم يستطع و لم يتحمّل
(١) ظهور آثار هذا الظهور المشرق علی أعلی الطور
الّا تدريجاً فلاجل ذل? ستنظرون باعين الفر ح
و الابتهاج آثار هذا النيّر الاعظم الوهّاج و تجتلون
أنوار الح?مة مشرقة علی ?لّ الارجاء من الآفاق
و تلتقطون دراری النوراء الّتی يقذفها هذا الطمطام المتلاطم
المتهيّج الموّاج و تشربون من الينابيع الصافية العذبة
النابعة من فيضان هذا الغمام المدرار بالمآء الثجّاج. فطوبی
لمن لم يحتجب بسبحات علوم ?الاوهام عن مشاهدة
حقائق العلم و ادرا? جواهرها فی ايّام اللّه. و بشری لمن
?شف عنه الغطاء و بعث ببصر حديد بين ملأ الانشاء
بعد ما شاخصت الابصار من تجلّی المختار. و ويل لمن
حشر يوم القيامة أعمی و غفل عن ذ?ر ربّه الأعلی و فی
آذانه وَقر عن استماع النداء المرتفع فی هذا الفردوس الأعلی.
و قل يا الهی لو خلقت فی ?لّ جزء من اعضائی
ألسناً ناطقة بافصح اللغات و معانی رائقة فائقة عن حدود
الاشارات و حمدت? و ش?رت? فی الدهور و الاحقاب
لعجزت عن اداء فرائض ش?ری لفضل? و احسان? بما
وفّقتنی علی الايمان بمظهر رحمانيّت? و مطلع فردانيّت?
و مشرق آيات? ال?بری و مهبط اسرار قيّوميّت? فی
قطب الانشاء و أيّاً ما تدعوا فله الاسماء الحسنی. و ?شفت
عن بصری الغشاوة الحاجبة للابصار و أسمعتنی نغمات
طيور القدس علی أفنان (١) دوحة البقاء و اسقيتنی من
?أس ال?افور و الماء الطهور عن يد ساقی عنايت? فی
هذا الظهور الاعظم الامنع الاقدس المبار? ال?ريم .
يا ايّها المرفرف فی جوّ فضاء محبّة اللّه فاعلم
بانّ المعارف و العلوم و الح?م و الفنون الّتی ظهرت
و سبقت فی الادوار الأوّليّة بالنسبة للحقائق و المسائل
الالهيّة و الاسرار ال?ونيّة الّتی انقشع سحابها
و ?شف نقابها و سطع شعاعها فی هذا الظهور اللامع فی
الاوج الأعلی انّما هی مباد و ?نايات. بل أ?ثرها
أوهام و شبهات. لانّ الحقيقة الجامعة ال?ونيّة مثلها عند
ربّ? ?مثل الحقيقة الجامعة الانسانيّة فانّها فی مراتبها
الأوّليّة من الطفوليّة و الصباوة و المراهقة و لو ?انت
مصدراً لظهور الصفات و المحامد البشريّه و ل?ن أين
هذه الشؤون من ال?مالات العقليّة و الحقائق المل?وتيّة
و الاسرار الربّانيّة السائحة الفائضة فی مرتبة بلوغها و أعظم
سطوعها و شروقها. فلاجل ذل? ينبغی أن تتّخذ هذا الامر
ميزاناً ل?لّ الامور و لا تعبأ بالح?ايات و الاقاويل
الّتی تتناقل علی أفواه أهل الوهم و الاشارات. لانّها مبالغات
و قصص و أساطير لا يعتبرها أولو الابصار بل الشأن فی
تحقيق المسائل و ا?تشاف الحقائق المستورة و الاسرار
الم?نونة فی هويّة الحقائق ال?ونيّة بالبراهين الواضحة
و الدلائل الباهرة و الحجج القاطعة بموازين تامّة
?املة. فامثال هذه الامور لا يجوز الاعتماد و الر?ون
عليها عند الّذين فتح اللّه بصيرتهم و طابت سريرتهم .
و تنورّت بواطنهم و لطفت ظواهرهم و انجلت قلوبهم .
و انشرحت صدورهم فی هذا ال?ور المجيد العظيم و الاّ
الح?م و المعانی الّتی مؤسّسة علی الاوهام و لا يقتنع بها
الفطن الذ?ی الخبير العلّام أصبحت عند أولی العلم اليوم
?اضغاث أحلام. فسبحان المتجلّی علی العقول بانوار
الحقيقة الساطعة من مشرق الظهور و تعالی الربّ المجيد
بما خرق الحجبات و هت? السبحات و ?شف الظلمات
و قطع سلاسل الاشارات و ?سر أغلال الظنّيات .
و حرّر العقول عن قيود الظنون و أطلق طيور الاف?ار
فی أوج الاسرار حتّی يطيرنّ باجنحة السرور فی عوالم
الوجود و تشقّ حدّة الابصار الاستار الّتی نسجتها
عنا?ب الاوهام فی هذا الايوان الرفيع و السرادق المنيع
اذاً فاعلم بانّ العلوم الرياضيّة ان?شف مسائلها و انحلّت
معضلاتها و انتظمت قوانينها و اثمرت أفانينها فی هذا
العصر ال?ريم و القرن المجيد و انّ الان?شافات (١) الّتی
سبقت للمتقدّمين من الفلاسفة و آرائهم لم ت?ن مؤسّسة
علی اصل متين و اساس رصين لأنّهم أرادوا ان يحصروا
عوالم اللّه فی أضيق دائرة و أصغر ساهرة و تحيّروا فيما ورائها
الی ان قالوا لا خلاء و لا ملاء بل عدم و هذا الرأی مناف
و مبائن لجميع المسائل الالهيّة و الاسرار الربّانيّة بل عند
تطبيق عوالم المعانی بالصور و الروحانيّات بالجسمانيّات
تجد هذا الرأی أضعف من بيت العن?بوت لانّ العوالم
الروحانيّة النورانيّة منزّهة عن الحدود الحصريّة و العدديّة و ?ذل? العوالم الجسمانيّة
فی هذا الفضاء الاعظم الاوسع الرحيبب. و هذا سرّ ?شفه
اللّه لعباده بفضله و رحمته حتّی يظهر أوهام الّذين هم من?رون
و يفضح براهين الّذينهم فی غفلتهم يعمهون و ينهدم بنيان
ظنونهم و تسودّ وجوه فنونهم بحيث عميت أعينهم عن
مشاهدة عوالم اللّه و قصرت عقولهم عن ادرا? اسرار
المل?وت فی هذا المشهد العظيم و اعتقدوا بانّ العوالم
محصورة فی هذه الدائرة الصغيرة الّتی بالنسبة الی العوالم
?سواد عين نملة فی فضاء لا نهاية لها ?ما قال و قوله الحقّ
"و لا يعلم جنود ربّ? الّا هو" و أمّا ما ذ?ر من طبقات
السبع و السموات السبع المذ?ورة فی الآثار الّتی سبقت من
مشارق الانوار و مهابط الاسرار هذا لم ي?ن الّا بحسب
اصطلاح القوم فی تل? الاعصار و ?لّ ?ور له خصائص
بحسب القابليّات و استعداد ظهور الحقائق من خلف
الاستار. اذ ?لّ شیء عند ربّ? بمقدار و ما قصدوا بذ?ر
الافلا? الّا المدارات للسيّارات الشمسية الّتی فی هذا
العالم الجامع لنظام هذه الشمس و توابعها. لانّ سيّارات
هذه الشمس علی اقدار السبعة من حيث الجرم و الجسامة
و الرؤية و النور و مدار القدر الأوّل منها فل? من أفلا?
هذا العالم الشمسی و سماء من سموات هذه الدائرة المحيطة
المحدّدة (١) الجهات الواقعة ضمن محيطها و ?ذل? ?لّ
الدراری الدرهرهة الساطعة فی وجه السماء الّتی ?لّ واحدة
منها شمس و لها عالم مخصوص بتوابعها و سيّاراتها.
اذا نظرت اليها تجدها بالنظر الی ظهورها الی الابصار من
دون واسطة المرايا المجسّمة يظهر انّها علی اقدار سبعة .
و مدار ?لّ قدر منها أو دائرته سماء مرفوع و فل? محيط فی الوجود.
ثمّ اعلم بانّ هذه المدارات و الدوائر العظيمة واقعة
ضمن أجسام لطيفة مائعة رائقة سيّالة موّاجة رجراجة
?ما هی مأثورة فی الروايات و مصرّحة فی ال?لمات بأن
السماء موج م?فوف لانّ الخلاء ممتنع محال فغاية ما يقال
انّ الاجسام الفل?يّة و الاجرام الاثيريّة مختلفة فی بعض
الموادّ و الاجزاء و التر?يب و العناصر و الطبائع المسبّبة
لاختلاف التأثيرات الظاهرة و ال?يفيّات الفائضة منها
و انّ الاجسام الفل?يّة المحيطة بالاجرام يختلف ايضاً
بعضها مع بعض من حيث اللطافة و السيلان و الاوزان
و الّا الخلاء محال . فالظرف لابدّ له من مظروف و لا
ي?اد ي?ون المظروف الّا جسما و ل?ن أجسام الافلا?
فی غاية الدرجة من اللطافة و الخفّة و السيلان . لأنّ
الاجسام تنقسم الی الجامدة ?الاحجار و المتطرّقة
?المعادن و الفلزّات و السائلة ?المياه و الهواء و اخفّ
منها ما يتصاعدون به اليوم فی السفن الهوائية الی جوّ السماء
و اخفّ منها الاجسام الناريّة و الاجسام ال?هربائيّة
البرقيّة. فهذه ?لّها أجسام فی الحقيقة و ل?ن بعضها غير
موزونة و ?ذل? خلق ربّ? فی هذا الفضاء الواسع
العظيم أجساماً متنوّعة من غير حدّ و عدّ تزهل العقول
عن احاطتها و تتحيّر النفوس فی معرفتها و مشاهدتها.
و أمّا الّذين زعموا بانّ الافلا? أجسام مصمتة صلبة
مماس بعضها مع بعض. زجاجيّة شفّافة لا تمنع نفوذ
ضوء الاجرام و لا تقبل الخرق و الالتيام و لا يعرضه
التخلّل و التذبّل فی ?رور الايّام. فهذه آراء أولی الظنون
من أهل الفنون و لم ينتبهوا لمعنی الآية الباهرة
بصريح الاشارة "و ?لّ فی فل? يسبحون" و هذا
واضح بأنّ السباحة لا تتصوّر الّا فی أجسام ليّنة مائعة
سائلة و ممتنع محال فی أجسام صلبة جامدة اذاً فانظر
ببصر حديد فی هذا البيان الشافی ال?افی الواضح المبين
ثمّ انظر الی أوهام الح?ماء و ?يف تاهوا و هاموا فی فلوات
اللازم و الملزوم و تصوّرات ما نزل بها سلطان المل? العزيز القيّوم
و أمّا قضية انّ الأرض دائرة حول الشمس و انّها أی الأرض
سيّارة من هذه الدراری التابعة للشمس و انّ الحر?ة اليوميّة المسبّبة
للطلوع و الغروب حاصلة من حر?ة الأرض علی محورها
فهذه ليست من الاراء المستجدة (١) و ال?شفيّات الحاصلة
فی الازمنة الاخيرة بل أوّل من قال بحر?ة الأرض
حول الشمس هو فيثاغورث الح?يم. أحد أساطين
الح?مة الخمس و حامی زمارها و ?اشف أسرارها. و أشار
الی هذا الامر قبل التاريخ الميلادی بخمسمائة عام و استدلّ
بانّ الشمس مر?ز العالم بسبب ناريّتها و اتبعه فی هذا
الرأی أفلاطون الح?يم فی أواخر أيّامه و ألّف
اريستورخ الح?يم ?تاباً قبل الميلاد بمأتين و ثمانية سنة
و صرح فيه انّ الأرض دائرة علی الشمس و علی محورها
و ل?ن ما ?ان مستنداً علی براهين قاطعة و ادّلة واضحة
و حجج بالغة من قوانين الهندسة و القواعد الرياضيّة
بل هی سنوح ف?ريّ و تصوّر عقليّ. و أمّا أ?ثر
الح?ماء السابقة من حيث مشاهدتهم الحسّيّة و مطالعتهم
النظريّة فی العالم المرئی و رصدهم فی ال?وا?ب
و النجوم ح?موا بحر?ة الشمس و س?ون الأرض. و منهم
البطليموس الرومانی الاس?ندرانی الشهير فی علم النجوم
و التاريخ و ?ان معلّما فی مدرسة الاس?ندريّة فی المائة
الثانية من الميلاد فاختار قاعدة من القواعد القديمة وأسّس
عليها رصده و رتب زيجاً مؤسّساً علی حر?ة الشمس
و س?ون الأرض و قد اشتهرت قاعدته و شاع و ذاع
رصده و زيجه بين العالم للسلطة القويّة الّتی ?انت للامّة
الرومانيّة و ح?ومتها علی سائر الأمم و هو ألّف ?تاباً
فی فنّ النجوم و الرياضيات و سماه بمجسطی و فی القرون
الأوّلية من الاسلام ترجمه الفارابی الی العربی و اشتهر بين
علماء الاسلام هذا الرأی و اتّبعوه و قلّدوه من دون امعان
نظر و تحقيق و انتباه. الی بعض الايات و معانيها. ?ما قال
و قوله الحقّ "و ?لّ فی فل? يسبحون" و بهذه الآية
المبار?ة ثبت بانّ ?افّة هذه الدراری اللامعة فی جوّ هذا
السماء الرفيع و الفضاء الفسيح الوسيع و هذه الأرض
أيضاً متحرّ?ة سائرة فی مداراتها و سابحة فی أفلا?ها
و دوائرها و أعظم من ذل? ذهولهم فی تفسير الآية المبار?ة
الاخری الدالّة علی حر?ة الشمس علی مر?زها و محورها
قال و قوله الحقّ "و الشمس تجری لمستقرّ لها" تاهت
عقولهم و تحيّرت نفوسهم و عجزت مشاعرهم عن ادرا?
معانيها. لانّهم أرادوا ان يطبقوها علی قواعد بطليموس
الرومانی المذ?ور و يوفقوها علی الزيج الّذی رتبه. فلم
يتم?ّنوا علی هذا التطبيق . فاحتاجوا الی تأويلات ر?ي?ة
?قول بعضهم لمستقرّ لها . ?ان فی الاصل لا مستقرّ لها
فحذفت الالف منه و قول الاخرين انّ المستقرّ يوم
القيامة عند ذل? تقف الشمس عن سيرها و حر?تها مع
انّ فی الآية صراحة واضحة بانّ الشمس لها حر?ة علی محورها و مر?زها.
اذاً فاعلم بانّ المسائل الرياضيّة الّتی تحقّقت دلائلها
و لاحت براهينها مصدّقة بالدلائل القطعيّة من الاصول
الح?ميّة و قواعد هندسيّة فی علم الهيئة و مؤسّسة
علی التحقيقات النجوميّة و التدقيقات الرصديّة و ايضاً
مطابقة لاصول المسائل ال?لّيّة فی العلوم الالهيّة لانّ
عند تطبيق العالم الظاهر بالباطن و العالی بالسافل و الصغير
بال?بير و الاجمال بالتفصيل يظهر باجلی بيان (١) بانّ
القواعد الجديدة فی علم الهيئة أعظم تطبيقاً من سائر
الاقوال ?ما بيّنّا و أوضحنا. و انّ رصد ل?و فرين?و
و زيجه اتقن فی الاعمال و التدقيق و التحقيق من سائر
الزيجات لانّه ?ان فی سنة خمسمائة بعد الالف من الميلاد
و رصد (٢) مدّة ستّة و ثلاثين سنة حتّی أخرج القاعدة
المشهورة بحسب ا?تشافه فی حيّز العرض علی الاف?ار