منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات عظمة هذا اليوم
عزيزي الزائر الكريم يسعدنا انضمامك للصفوة في منتديات عظمة هذا اليوم
ارجو الضغط على زر تسجيل ومليء البيانات
في حالة مواجهتك لاي مشكلة ارجو الاتصال فورا بالادارة على الايميل التالي
the_great_day@live.se
منتديات عظمة هذا اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا إلهي أغث هؤلاء البؤساء، ويا موجدي ارحم هؤلاء الأطفال، ويا إلهي الرّؤوف اقطع هذا السّيل الشّديد، ويا خالق العالم أخمد هذه النّار المشتعلة، ويا مغيثنا أغث صراخ هؤلاء الأيتام، ويا أيّها الحاكم الحقيقيّ سلّ الأمّهات جريحات الأكباد،ع ع

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address

اضف ايميلك ليصلك كل جديد Enter your email address:

Delivered by FeedBurner


المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 53 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 53 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 138 بتاريخ 2019-07-30, 07:24
إعلانات تجارية

    لا يوجد حالياً أي إعلان


    [/spoiler]

    أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

    عانى حضرة الباب كما عانى كل الأنبياء

    اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    عاطف الفرماوى


    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    إقامة الباب في كاشان

    وفي مساء اليوم الذي وصل فيه الباب إلى كاشان وهو في طريقه إلى طهران كان الحاج الميرزا جاني المشهور بپرپا وهو من مشاهير تلك المدينة قد رأى في منامه رؤيا كأنه واقف في ساعة متأخرة من العصر على باب المدينة المسمّى بباب العطار إذ رأى فجأة الباب راكبًا جواده وكان في حراسة عدد من الخيّالة وعندما اقترب سلّم عليه قائلاً: "سوف نكون ضيوفًا عليك مدّة ثلاث ليال فاستعد للقائنا." ولما استيقظ شعر من قوة رؤياه أنّها حقيقة فأخذ توًّا في إعداد منزله لنزول ضيفه ثم ذهب تلك الليلة إلى باب العطار وانتظر هناك مجيء الباب وفيما كان يمعن النظر في الأفق عاين على بُعد هيئة خيّالة حاضرة نحو باب المدينة ولما أسرع للقائهم عرف الباب وهو محاط بحرسه. فاقترب منه الحاج الميرزا جاني بفرح وانحنى وقال له الباب: "سنكون ضيوفك مدة ثلاث ليالٍ. وغدًا هو يوم النوروز فسنحتفل به سويّة في منزلك." وبعد جدال بين الحرس ترك الباب لحراسة الميرزا جاني وقال له الباب: "لولا إرادتي ما كان يمكن إقناعهم بأن يسلّموني اليك فكل شيء موكول إلى قبضة قدرته ولا يستحيل عليه فهو يزيل كل صعوبة ويتغلّب على كل

    الموانع." وكان وصول الباب إلى منزل الحاج الميرزا جاني مساء اليوم السابق للنوروز الثالث من إعلان الدعوة وهو يوافق اليوم الثاني من شهر ربيع الثاني سنة 1263 هجريّة (سنة 1847 ميلاديّة).

    وفي صبيحة اليوم الثاني بعد النوروز سلّم الميرزا جاني للحرس الباب الذي كان أمانة لديه وبقلب مملوء بالحزن والأسى ودّعه الوداع الأخير المؤثر.

    رحلة الباب من كاشان إلى تبريز

    وسار الباب برفقة الحرس في طريق قُم . وكانت جاذبيته الساحرة الممزوجة بالكمال والوقار واللطف والرزانة قد غيّرت صفات حراسه وجعلتهم منقادين له فطرحوا كل أفكارهم وآرائهم تسليمًا لإرادته ورضاه. وكانت إحساسات الباب قد غرست الثقة في قلوب الذين رافقوه فلم يروا ضرورة لمراقبته لشدّة اطمئنانهم منه.

    وكانوا في الطريق إذ برسول وصل فجأة من طهران ومعه أمر كتابي من الحاج الميرزا آقاسي إلى محمد بيك چاپارچي – رئيس الحرس- بأن يذهبوا توًّا بالباب إلى بلدة كلين وبالنظر إلى عدم صلاحية المنازل في تلك القرية أمر محمد بيك أن تضرب خيمة لأجل الباب حتى تصله أوامر جديدة. وأما من إصفهان إلى طهران، ففي كل مكان كان الناس يتكلمون ويتهامسون ويصرخون من الظلم اللاحق بالباب. ونصبت الخيمة على سفح تلّ جميل تكتنفه الحدائق والمروج من كل

    الجهات وسُرّ الباب من هدوء تلك الجهة ونضارة خضرتها وخرير مياه جداولها.

    ووصل لزيارة الباب بعض من أصحاب حضرة بهاء الله ومنهم الملاّ محمد مهدي الكَنْدي وهو الذي أرسله حضرة بهاء الله مع خطاب مختوم وبعض الهدايا للباب وبمجرّد وصولها ليده شعر بسرور غير عادي وتهلّل وجهه وأغدق على الرسول عبارات الشُكر والامتنان.

    وأثرت هذه الرسالة التي وصلت في ساعة الحيرة والتوقف وجدّدت في الباب نشاطًا ونفثت في روحه تأكيد الفوز والنصر وأصبح ينطق بعبارات الشُكر والمدح والأمل وبدا على وجهه فرح لم يفارقه حتى وردت أخبار الفاجعة العظيمة بسقوط شجعان قلعة طبرسي فاحتجبت من مُحياه تلك الابتسامة وزال من قلبه الفرح والابتهاج.

    وظهرت على مُحيّا الباب الرزانة والجلال والثّقة وكانت أقواله متشبعة بقوة فائقة فلم يقدر أحد أن يسأله عن سبب هذا التغيير العظيم الحاصل في أقواله وأفعاله وكذلك لم يشأ هو بنفسه أن يخبر أحدًا. وأقام الباب مدة أسبوعين في هذا المكان يتمتع بجمال الطبيعة. وساد السكون والهدوء إلى أن وصل خطاب من محمد شاه نفسه إلى الباب وفيه يقول: "ولو أنّنا نودّ مقابلتك إلاّ أنّنا نجد أنفسنا غير قادرين على استقبالك في طهران بما هو لائق لك لأنّنا على جناح السفر من العاصمة وقد أمرنا أن

    تُرسل إلى ماه كو وأصدرنا التعليمات اللازمة إلى علي خان محافظ القلعة أن يعاملك بالإجلال والاحترام. وأملنا وعزمنا أن نطلب حضورك لدى عودتنا إلى سرير السلطنة وفي ذلك الوقت نقدر أن نحكم في مسألتك ونعتقد أنّنا لم نسبب لك أيّ ازعاج وأنّك لا تتأخّر أن تخبرنا عن أيّ حيف يصيبك ونتمنى لك أن تستمر في الدعاء والتوفيق لنا والسعادة لمملكتنا." وكان ذلك في ربيع الثاني سنة 1263هجريّة (يوافق 19 مارس-17 أبريل سنة 1847 ميلاديّة).

    ومما لا شك فيه أن الحاج الميرزا آقاسي كان مسؤولاً عن إرسال مثل هذا الخطاب إلى الباب والحامل على ذلك خوفه لئلاّ تكون المقابلة مع الشاه سببًا في خلعه وسلبه مقامه الذي يتمتع به وسلطته التّامّة على كافة أمور الحكومة. وأخذ يحرّض مليكه على نقل مثل هذا الخصم القويّ إلى ركن بعيد من أركان المملكة وبهذه الوسيلة يتخلّص من الهمّ الذي كان دائمًا يساوره فما أعظم خطأه وأشدّ ضلاله.

    أما الوزير الحاج الميرزا آقاسي فقد فَقَدَ مقامه ورتبته وأضاع ثروته وضاعت منه أملاكه العديدة التي كان قد استولى عليها بالظلم من الأهالي المساكين وذلك بعد سنتين فقط من اصداره الأمر بحبس الباب في جبال آذربايجان الموحشة وصادرت الحكومة جميع ممتلكاته وغضب عليه مليكه وطرده من طهران بالذلّة والهوان ووقع فريسة للمرض والفقر وضاع منه الأمل

    وهبط في الذّلّ وخمد ذكره في كربلاء حتى وافته المنيّة.

    وقد أُمِر الباب بالذهاب إلى تبريز توًّا وصحبه الحرس أنفسهم تحت إمرة محمد بيك إلى إقليم آذربايجان الشمالي الغربي وصرّح له أن ينتخب رفيقًا واحدًا وخادمًا أيضًا من بين أتباعه أثناء اقامته في ذلك الإقليم. فانتخب السيد حسين اليزدي والسيد حسن أخاه. وامتنع أن يصرف على نفسه المبالغ التي أعطتها الحكومة له لمصاريف الرحلة. وصرف جميع تلك المبالغ على المساكين والمحتاجين وخصص لنفقاته واحتياجاته الضروريّة المبالغ التي ربحها من التجارة في بوشهر وشيراز.

    ولما كانت الأوامر أُعطيت لمنعه من الدخول إلى البلاد التي يمر بها في طريقه إلى تبريز حضر خارج تلك المدن فوج من أحبّائه ممن علموا بقرب مجيء محبوبهم وتمكنوا من مقابلته. وقد عَلِم الحجّة الزنجاني (الملاّ محمد علي) بعد يومين بأمر الباب وكان محبوسًا في العاصمة فأرسل وطلب من أصحابه في بلدته أن يستعدّوا ويقوموا مع الاحتراس التّامّ ويجتهدوا في انتهاز الفرصة لأخذ الباب وإرساله إلى أيّ جهة يشاء فاجتمع عدد من المؤمنين في قزوين وطهران وذهب الجميع بناء على أمر الحجّة ووصلوا إلى مكان الحرس في ساعة متأخرة من الليل ووجدوهم نائمين فاقتربوا من الباب ورجوه أن يهرب معهم فأجابهم برباطة جأش قائلاً: "إنّ جبال آذربايجان أيضًا لها حقوق،" ونصحهم بكل محبة أن يعودوا إلى منازلهم

    ويتركوا ما اعتزموا عليه.

    ولما اقترب الركب من باب تبريز وشعر محمد بيك (رئيس الحرس) بأن ساعة الفراق من مسجونه قد دنت حضر أمامه وبأعين دامعة رجاه أن يغفر له تقصيره وتعدّيه وقال له: "ان السفر من إصفهان كان طويلاً مُملاً وقد قصّرت في أداء واجبي في خدمتك كما ينبغي لذلك استميحك العذر وأرجوك أن تباركني." فأجابه الباب قائلاً: "كُن مطمئنًّا فإنّي أعدك أن تكون أحد أصحابي والذين يتبعون أمري سوف يباركونك إلى الأبد ويعظمونك ويمجدون عملك ويرفعون اسمك." وفعل باقي الحرس كما فعل رئيسهم وتضرّعوا إلى مسجونهم أن يباركهم وقبّلوا أقدامه وودعوه الوداع الأخير بدموع منهمرة وأظهر الباب لكلّ منهم عناياته وأكّد دعوته لهم في صلواته وسلّموه بعد التردّد الكثير إلى يد حاكم تبريز الذي كان وليّ عهد محمد شاه. وكان هؤلاء الرفقاء الذين شاهدوا بأعينهم حكمة الباب وقوّته الفائقة عن حدود البشرية قد أخبروا كلّ من قابلهم بعجائب أحواله التي رأوها وسمعوها وساعدوا بذلك على نشر الأمر الجديد.

    وأهاجت أخبار اقتراب الباب من تبريز الأحباء فيها وخرجوا جميعًا لمقابلته ولكنّ الموظفين أبوا أن يسمحوا لهم بأن يقتربوا منه أو يلتمسوا بركته. ولكن أحد الشبان لم يقدر أن يمنع نفسه وهجم وهو حافي الأقدام واخترق باب المدينة ولم يستطع عدم رؤية وجه محبوبه فجرى مسافة نصف فرسخ (3 كيلومترات


    تقريبًا) حتى وصل إلى الخيالة الذين كانوا سائرين في المقدمة أمام الباب ورحب بهم بكلّ فرح وأمسك بطرف رداء أحدهم وقبّل ركابه وصاح قائلاً وهو يبكي: "أنتم رفقاء محبوبي لذلك أعزّكم أكثر من قرّة عيني." وكان هذا المسلك والحنين الزائد قد بهرهم فسمحوا له في الحال بإجابة طلبه في المثول بين يدي سيده وبمجرد أن وقع نظره عليه صاح بفرحٍ زائد ووقع على وجهه باكيًا فنزل الباب من جواده وعانقه ومسح دموعه وهدّأ روع قلبه وباركه ولكن لم يتمكّن الآخرون إلاّ بإلقاء نظرهم على محبوبهم من بُعد واكتفوا بذلك لشفاء غليل فؤادهم.

    ولما وصل الباب إلى تبريز أدخلوه إحدى المنازل التي أُعدت لحبسه في تلك المدينة. ثم نقلوه إلى غرفة في القلعة المجاورة لمسجد علي شاه. وكانت تحرسه جوقة من النصيريّة ولم يتمكن أحد من مقابلته سواء من العامّة أم من أنصاره سوى السيّد حسين اليزدي وأخيه. وكانت الفرقة التي أنتخبت لحراسته من بين السكان في بلدة خمسه هي نفس الفرقة التي انتخبت لاستشهاده بإطلاق الرصاص عليه. وأثارت حادثة وصول الباب إلى تبريز ضجّة كبيرة بين الأهالي واجتمع جمّ غفير لمشاهدة دخوله المدينة وكثير منهم حرّكهم إيمانهم وإخلاصهم ليشاهدوه ويؤكدوا له خضوعهم. وبينما كان يسير في الشوارع كان صياح الجماهير يتردّد من كلّ الجهات وكان أغلب الجمهور الذين رأوا وجهه يحيّونه بصياح "الله أكبر" وكان غيرهم يرحب به ويهلل


    والبعض يطلب من الله نزول البركات من القدير عليه والبعض الآخر أخذ يقبّل التراب الذي تحت أقدامه باحترام.

    ومكث الباب في تبريز مدة أربعين يومًا.


    حبس الباب في قلعة ماه كو

    وما رواه السيد حسين اليزدي قال: "في مدّة العشرة أيّام الأولى التي تلت حبس الباب في تبريز لم يعلم أحد ماذا سيكون مصير أمره وكثرت الإشاعات في المدينة وذات يوم تجاسرت على سؤاله إذا كان سيستمر على البقاء في ذلك المكان أو أنه سينتقل إلى جهة أخرى فأجابني فورًا: ’إنّنا سنمكث مدّة لا تقل عن تسعة أشهر محبوسين في الجبل الباسط - ماه كو، ثم ننتقل منه إلى الجبل الشديد - چهريق.‘" (جبل باسط يوافق جبل ماه كو في حساب الجُمَّل وكذلك جبل شديد يوافق جبل چهريق فعدد الأوّل 72 وعدد الثاني 318) وهذان الجبلان هما من سلسلة جبال خوي ويقعان على جانبي المدينة التي تحمل هذا الاسم.

    وقلعة ماه كو عبارة عن بناء صخري ذي أربعة أبراج ويقع على قمة جبل وفي أسفله مدينة ماه كو ويقع على حدود الممالك العثمانية والروسية. وكان اسم الضابط المسؤول عن القلعة علي خان الماه كوئي. وسكان المدينة من الأكراد وهم من أهل السنّة. وأمّا الباب فبلطف صفاته ودماثة أخلاقه التي لا شبه لها أوقد الحماس في قلوب السكان فكانوا كلّ صباح يبدأون أعمالهم بأن يبحثوا عن مكان يقدرون أن يفوزوا فيه بنظرة لوجهه ويناجونه

    ويطلبون منه البركة في عملهم اليوميّ. وعند حصول مشاجرة أو خصام يسرعون إلى ذلك المكان ويولّون وجوههم تلقاء السجن ويحلفون باسمه أن يقول كل منهم الصدق.

    وحكى السيّد حسين اليزدي قائلاً: "في الأسبوعين الأوّلين لم يسمح لأحد بزيارة الباب وكُنّا أنا وأخي الوحيدين المسموح لهما بملاقاته وكنت في كلّ يوم أنزل إلى المدينة ومعي أحد الحراس لشراء اللوازم الضروريّة وأمّا الشيخ حسن الزنوزي الذي وصل إلى ماه كو كان يقوم كواسطة بين المؤمنين الذين كانوا يأتون للزيارة وبين السيد حسن أخي الذي كانت العرائض تصل بواسطته من المؤمنين إلى مولاهم وترسل الأجوبة بواسطته أيضًا إلى الشيخ حسن الزنوزي. وفي ذات يوم أعلم الباب أخي أنّه سيطلب بنفسه من علي خان أن يخفّف الشدّة وأن يأذن للمؤمنين بالزيارة. وفي اليوم التالي في وقت مبكّر دهشنا لطرق الباب فجأة وعرفنا صوت علي خان وهو يتناقش مع الحرس وجاء أحدهم وأخبرني بأنّ محافظ القلعة (علي خان) مصمّم على التصريح له بالدخول لمقابلة الباب. فأوصلت الرسالة وأُمرت أن أُدخله حالاً. وإذ شرعت بالخروج من الغرفة المجاورة لغرفة الباب وجدت علي خان واقفًا على العتبة بهيئة خضوع تامّ وتظهر على وجهه علائم الخشوع والتعجّب على غير المعتاد. وبكل خضوع وبكمال الأدب ردّ عليّ السلام ورجاني أن أصرّح له بالدخول لمقابلة الباب. فأخذته إلى الغرفة التي

    يقطنها الباب وكانت ركبتاه ترتعشان وظهرت في باطنه هيجان لم يقدر على إخفائه. فقام الباب ورحّب به فاقترب علي خان وانحنى تعظيمًا له وارتمى على أقدامه وقال: ’خلّصني من حيرتي فإنّي أستحلفك الله أن تزيل شكوكي فإنّي عندما اقتربت من باب المدينة وأنا ممتطي جوادي في وقت الفجر رأيتك بعيني فجأة بجانب النهر واقفًا تصلّي. وكانت يداك وعيناك مرتفعتين إلى السماء فوقفت ألاحظك وانتظرت حتى أتممت الصلاة لأقترب منك وأوبّخك على التجاسر بترك القلعة بدون إذني. وفجأة شعرت بخوف شديد ورجعت إلى الحرس لأوبّخهم على إهمالهم ولكنّي دهشت إذ وجدت الباب الخارجي والداخلي مغلقين ولم يفتحا إلا بناء على طلبي فدخلت عندك والآن وجدتك جالسًا أمامي مما أوجب تعجّبي وارتبت أن يكون عقلي قد فارقني.‘ فأجابه الباب قائلاً: ’إنّ الذي رأيت هو حق لا ينكر. وإنّك تبخس قدر هذا الأمر وتحتقر صاحبه ولم يشأ الله برحمته أن يوقعك في العقاب بل أراد أن يظهر الحق أمام عينيك وبهداية إلهيّة أوقع في قلبك محبة وليّه لتعترف بقوّة الأمر التي لن تقهر.‘ وقلبت هذه الحادثة قلب علي خان كليّة. وهدأت هذه الكلمات اضطرابه واخضعت وحشيّته وأزالت عداوته. وطلب علي خان من الباب أن يغفر له سيّئآته وذهب توًّا وأحضر الشيخ حسن الزنوزي للمثول بين يديّ الباب. ولم يأل علي خان جهدًا في ضمن الحدود المُخَوّلة له في عمل كل ما من شأنه تخفيف

    وطأة الأسر على الباب وكان باب القلعة مغلقًا أثناء الليل وأمّا في النهار فكان يصّرح لكل من يريد الدخول لزيارة الباب."

    وأثناء حبسه في القلعة خصّص الباب كل وقته لكتابة البيان الفارسي وهو من أهم وأشهر كتبه وفيه شرع القوانين والقواعد للأمر الجديد وبيّن وأوضح وبشّر بظهور جديد يأتي بعده وطلب من أتباعه القيام للبحث عن من يظهره الله (إشارة إلى حضرة بهاء الله) وحذّرهم من أن يأوّلوا الأسرار والإشارات الموجودة في البيان بطريقة تمنع الاعتراف بأمره.

    وكان صوت الباب وهو يملي تعاليمه ومبادئه مسموعًا بوضوح في سفح الجبل الذي كان يردّد هو والوادي صوته وكانت نغمة ترتيل الآيات تفيض من فمه وهي تُشنّف الأسماع وتخترق القلوب والأرواح وتتحرك لندائه القلوب من أعماقها وكان لإرخاء حبل القيود التي فرضت على الباب الأثر الجميل في تشجيع الكثيرين من أصحابه وأتباعه على الحضور من الأقاليم المختلفة في إيران لزيارته في قلعة ماه كو.

    وعلى هذا النحو أمضى الباب الصيف والخريف بين جدران تلك القلعة وتلا ذلك شتاء قارس وكان الماء الذي يستعمله في الوضوء وصل لدرجة من البرودة الثلجيّة أن قطراته كانت تلمع على وجهه بما فيها من الثلج. ووافق ابتداء ذلك الفصل شهر محرم من سنة 1264 هجريّة- (يبدأ 9 ديسمبر 1847 إلى 8 يناير سنة 1848 ميلاديّة).

    وكان الملاّ حسين البشروئي في ذلك الوقت مقيمًا في مشهد ومشغولاً في نشر الأمر الجديد. وعزم على السفر إلى آذربايجان قائلاً: "إنّي أقسمت أن أسير على قدميّ كل المسافة التي تفصلني عن المحبوب فلن أنثني عن عزمي حتى أصل إلى مرغوبي."

    وكان المُلاّ حسين في طريقه إلى طهران يقابل الأحباء بكل ترحاب وحماس في مختلف المُدن التي مرّ فيها وقد توصّل إلى المثول أمام حضرة بهاء الله وبعد التحدث معه قام للسّفر إلى آذربايجان.

    وفي الليلة السابقة قبل وصوله إلى ماه كو التي كانت في مساء النوروز الرابع من إعلان دعوة الباب ووافق في تلك السنة أي 1264 هجرية (1848 ميلادية) اليوم الثالث عشر من شهر ربيع الثاني رأى علي خان رؤيا فقال: "رأيت كأنّي أُخبرت فجأة بعزم زائر مقدس- سيدنا محمد الرسول – على المجيء إلى ماه كو وأنّه سوف يحضر إلى القلعة ليزور الباب وليهنّئه بعيد النوروز فخرجت جريًا لمقابلته وأنا مشتاق لأُقدّم خضوعي وترحيبي له وبفرح لا يوصف أسرعت لناحية النهر ولما وصلت رأيت اثنين قادمين نحوي فأسرعت إلى الارتماء على أقدام الأوّل وانحنيت لأُقبّل طرف ردائه وإذ ذاك استيقظت فجأة وإذ أيقنت بصحّة رؤياي قمت وتوضّأت وصلّيت وذهبت إلى تلك البقعة التي رأيت فيها في الرؤيا وجه رسول الله وما كدت أصل حتى عجبت

    لرؤيتي الرجلين اللذين شاهدتهما في الرؤيا يمشيان الواحد خلف الآخر ويسيران نحوي وبدون أيّ تفكّر وقعت على قدم الزائر وقبّلته بإخلاص ورجوته هو ورفيقه أن يركبا الجوادين التي قد أمرت أحد أتباعي أن يأتي بهما.

    "فقال الشخص الجليل: ’لا فإنّي آليت على نفسي أن أُتمّم رحلتي على قدميّ وسأسير إلى قمّة الجبل وهناك أزور المسجون.‘" وجعلت هذه الحادثة علي خان يشعر باحترام زائد في مسلكه نحو الباب وأصبح يقينه في صحّة الأمر وقوّته أعظم من ذي قبل وبخشوع تامّ تبع المُلاّ حسين (الذي كان هو الزائر) إلى أن وصل إلى باب القلعة وما كادت أعين المُلاّ حسين تقع على وجه سيده الذي كان واقفًا على العتبة حتى وقف فجأة وانحنى أمامه ومكث بجانبه دون حراك. فمدّ الباب ذراعه وعانقه بكل شوق وسار به ماسكًا يده إلى غرفته ثم دعا أحبّائه لمقابلته واحتفل بعيد النوروز.

    ولم يكن يسمح لأحد سوى حسين اليزدي وأخيه بالمكث داخل القلعة أثناء الليل ولكن في ذلك اليوم ذهب علي خان إلى الباب وقال له: "إذا كنت ترغب في أن يبقى معك المُلاّ حسين هذه الليلة فإنّي لا أمانع بل أكون رهين إشارتك." وكان أتباع الباب يفدون عليه في ماه كو وكان يسمح لهم بالمثول أمامه توًّا وبدون أي حائل.

    وذات يوم كان الباب يتأمّل في المناظر المجاورة من سطح

    القلعة ورأى من ناحية الغرب كيف أن نهر أرس ينحني في تعاريجه في مجراه فالتفت إلى المُلاّ حسين وقال: "هذا هو النهر وهذا هو الشاطىء الذي كتب عنه الشاعر حافظ:

    ’يا نسيم الصّبا،
    إذا مررت بشاطىء نهر أرس،
    فقبّل الأرض في ذاك الوادي،
    وعطّر مشام أنفاسك من عبير طيبها.‘"

    ثم تنبأ للمُلاّ حسين عن جميع الحوادث التي ستحصل في القريب العاجل الواحدة بعد الأخرى وأمره أن لا يخبر بها أحدًا وقال له الباب: "سوف ينقلوننا إلى جبل آخر وقبل أن تصل إلى مقرّك ستصلك أخبار انتقالنا من ماه كو." وتمّ تنبؤ الباب سريعًا- (نُقِل إلى چهريق). فالأشخاص الذين كانوا يتجسسون على حركات وأعمال علي خان أرسلوا تقريرًا مفصّلاً إلى الحاج الميرزا آقاسي واتهموه (علي خان) فيه بإخلاصه للمسجون وأثّر الخوف على الحاج الميرزا آقاسي واستولى عليه الغضب لدرجة أنّه أصدر أمرًا بنقل الباب إلى قلعة چهريق.

    وبعد مرور عشرين يومًا من النوروز ودّع الباب أهالي ماه كو الذين عرفوا قوّة شخصيته العظيمة وسموّ أخلاقه أثناء التسعة أشهر التي قضاها في الحبس وكان المُلاّ حسين الذي فارق ماه كو بأمر الباب لا يزال في تبريز إذ سمع بأخبار النقل إلى چهريق كما

    سبق وتنبأ به الباب. وكان الباب قد أوصاه أن يجتهد ويشعل في قلوب الأحباء نيران محبّة الجمال الإلهيّ ويسعى في تقوية إيمانهم في أمره وطلب منه أن ينتقل من طهران إلى مازندران حيث سينكشف له الكنز الإلهيّ المستور.

    الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى