بين أيدينا الآن ما يسمى بعلم الحديث ويتم تدريسه لطلاب المعاهد والكليات الأزهرية ومن المعلوم أن قواعد علم الحديث استقرت في القرن الرابع الهجري حيث كتب الشافعي بعض مسائل العلم في الرسالة والأم وتناول على بن المدينى بعض المسائل وكذلك البخاري ومسلم والترمذي الذي أشاع هذا العلم وجمع بعضها في خاتمه .
إلا أن المؤلفات في بادئ الأمر كانت غير جامعة وقد استقر علم الحديث بعد جمع الحديث لأن قواعد علم الحديث لم تظهر إلا بعد جمع الحديث أو خلال جمع الحديث بمعني أن الحديث لم يجمع أصلاً وفق قواعد علم الحديث الذي يتم تدريسه لطلاب الأزهر الآن .
حتى أن علم الحديث عبارة عن آراء واجتهادات جامعي الحديث ولم يكن أي من جامعي الحديث على دراية بكل مسائل العلم المطروح بين أيدينا الآن .
فقد كتب في علم الجرح والتعديل وعلم الثقات والضعفاء من الصحابة ابن عباس وعبادة بن الصامت ومن التابعين سعيد بن المسيب والشعبي .
وبعد وقوع الفتن واختلاف المرويات بدأ الاهتمام بالرواية أو الدراية والراوي والمروى والسند والمتن .
مقاييس النقد عند المسلمين :
من المعلوم أن مبدأ الشك مبدأ غربي لا يأخذ به المسلمون أما مقاييس النقد عند المسلمين عاطفية تخضع للتركيب النفسي والمزاج ولا تخلو من الهوى وإقحام الغرض والمصلحة والتوجيه المفتعل فقد يرفضون شيئاً ويسوقون له مبررات تبدو شبه موضوعية ثم يرفضونه في مرحلة لاحقة بمبررات شبه موضوعية أيضاً وهذا الأسلوب أثر تأثيراً كبيراً على التراث الإسلامي الذي ولا بد أن يتناوله الدارسون على حذر وتعقل مع عدم التسليم المطلق بصحته وعدم الهجوم المطلق بعدم صحته وإن كان مملوءاً بقدر كبير من التهويل والتزييف وتضخيم الأحداث واختلاق ما لا يمت بصلة للحقيقة لخدمة أغراض شخصية أو مذهبية أو طائفية أو لخدمة أهداف الحاكم المتسلط عليهم أو لخدمة آراء نظرية أو فكرية تخدم المناظرات التي كانت تتم بين فصائلهم .
ولأن حضرة الرسول كان أدري الناس بقومه وتطور الأحداث بعد انتقال حضرته للرفيق الأعلى فقد كان مؤيداً بالروح القدس فقال حضرته : سيكثر الحديث عنى فمن حدثكم بحديث فطبقوه على كتاب الله فما وافقه فهو منى قلته أم لم أقله بل أن حضرته نهى نهياً قاطعاً عن جمع الحديث .
ومعني كلام حضرة الرسول أن أساس الفكر الإسلامي هو رسالة رب العالمين القرءان المقدس الذي جاء حضرة محمد لتبليغها للبشر ليؤمنوا بها وليس أن يبتدع كتاباً موازياً لكتاب الله ويأتي بشريعة موازية لشريعة الله فقد كان بشراً رسولا ينذر يوم التلاقى وأستغفر الله لم يكن إلها ليفعل ذلك بل كان عبد الله ورسوله يفعل ما يؤمر به ولا يبتدع فعلاً أو قولاً غير ما أمر به الله .
وبالرغم من أن أمر الرسول في الحديث الوارد منطقياً ومقبول عقلياً بضرورة قياس الحديث على كلام الله في القرءان إلا أن علماء الحديث اتهموا هذا الحديث بالوضع لأنه لا يتفق مع أغراضهم ويكشف مزاعمهم فالحديث لا يخدم أي غرض حتى نتهمه بالوضع فما مصلحة الشخص الذي يضع حديثاً بهذه الكلمات المنطقية التي تحوز القبول العقلي .
أما لماذا إتهم علماء الحديث هذا الحديث بالوضع ؟
لأنه عن طريق الحديث حققوا كل أغراضهم وأدخلوا في الإسلام ما ليس منه وشرعوا في غير ما شرع الله ونستطيع أن نقول أن بذرة فناء العقيدة الإسلامية وتزييف التراث الإسلامي كانت عن طريق ما يسمى ببدعة علم الحديث التي هدمت العقيدة الإسلامية عن بكرة أبيها وشوهت الماء الروحي الذي يتعاطاه المسلمون من شيوخ الضلال وأعطت دعماً غير محدود لمزيد من الفرقة والاختلافات والتشتت علاوة أن بدعة الحديث ليست موجودة عند أي فصيل ديني آخر باستثناء المسلمين فما قال حضرة موسى سوى التوراة المقدس الذي هو من الله وما قال حضرة المسيح سوى الإنجيل المقدس الذي هو كلمة الله العليا على لسان حضرة المسيح وبالتالي ما قال حضرة محمد سوى القرءان المقدس كلمة الله العليا التي جاءت من ذات المصدر المقدس من الله مثل الإنجيل والتوراة وما كان حضرات الرسل إلا مبلغين لكلمة الله وإقرار شريعته مبشرين منذرين ولم يكونوا مبدعين لكلمات غير كلمات الله المقدسة ولا كانوا مشرعين بغير ما شرع الله كما فعل العرب المسلمون الذين أجهضوا ما قاله محمد عن الله وشرعوا ديناً جديداً مصدره هو علم الحديث الذي هو من عند الناس وليس من الله .
وخلاصة القول أن بدعة الحديث هذه يختص بها العرب المسلمون دون سواهم من أصحاب العقائد الأخرى
وفي بعض الفترات التاريخية للمسلمين أخذ الحديث اهتماماً كبيراً ربما تفوق على اهتمامهم بالقرءان أستغفر الله .
ومن النوادر المضحكة أن علماء الأزهر اجتمعوا لتلاوة الحديث بنية نصرة الجيش المصرى فى الحبشة فى إحدى المعارك بدلاً من القرءان المقدس الذى من الله ومن الصدف أن الجيش المصرى نال هزيمة نكراء فى هذه المعركة فى أعالى النيل .
بل لم يسلم منهم كتاب الله القرءان ذاته من حذف الأحكام التي لا تتفق مع أهوائهم وتتعارض مع أفكارهم بصياغة علم والعلم منه بريء يسمى الناسخ والمنسوخ يستند في الأساس إلى علم الحديث فبدلاً من أن يكون القرءان هو الأساس الذي يقيس الغث من الثمين أعطوا للحديث هذه المنزلة الرفيعة وأصبح القرءان يقيسونه على الحديث وما وقع فيه اختلاف بين القرءان والحديث يقولون أن الله نسخ هذا الحكم المذكور في القرءان مستندين للحديث الذي هو بالضرورة قول البشر والرسول منه بريء وبهذه الطريقة قاموا على تنحية أحكام الكتاب المقدس القرءان وأصبح لهم دين آخر يستند إلى الحديث وقالوا بهتاناً عظيماً وشوهوا الإسلام وأضلوا الناس ضلالاً بعيداً زمناً طويلاً .
وقد برروا لنا سبب نهي حضرة الرسول عن جمع الحديث بأن الرسول في فجر الدعوة الإسلامية خاف أن تختلط كلمات الحديث بالقرءان فيتشوه القرءان ويتم تحريفه لهذا حسب مزاعمهم رفض حضرة الرسول جمع الحديث بالرغم من أن هذا التوجيه الفكري لم يرد إطلاقاً على لسان حضرة محمد فمن أين إذاً جاءوا بهذا الزعم ؟
العلماء المتشيعون للحديث والذين لم يكونوا يوماً ما من العلماء بل أن صفوة العلماء المشهورين في اللغة العربية والأدب العربي في عصر جمع الحديث كانوا يتحرجون من قراءة الحديث لأنهم لم يثقوا إطلاقاً أنه من لفظ الرسول الذي أوتي مجامع الكلم في الفصاحة والبلاغة بينما لغة الحديث هابطة وركيكة أحياناً . وقد وضع العلماء الحديث في منزلة القرءان وقالوا بتكفير منكر الحديث واعتبروا أن الحديث توأم للقرءان أستغفر الله . واستندوا عليه في الفقه والفتيا والقضاء والوعظ وأصبح المسلمون حيارى بين كتاب الله القرءان والكتاب المنسوب إلى رسول الله وهو الحديث .
ثم كيف يخاف الرسول على القرءان وقد تعهد الله بحفظه ( إنا نحن أنزلنـا الذكر وإن له لحافظون ) فالقرءان له رب يحميه من هؤلاء المحرفين المتقولين بالزور شهود الضلال لعنوا بما قالوا .
ًوهذا يدحض مزاعمهم التي تقولوها على القرءان والرسول حتى أن أبا بكر خليفة الرسول لم يفكر مطلقاً في جمع الحديث لأن أقوال الرسول وأفعاله كانت القدوة المثلي لهذا الخليفة وكذلك الخليفة الثاني لرسول الله عمر بن الخطاب لما أشاروا عليه بجمع الحديث فقد استخار الله متعبداً طالباً المشورة من الله في مسألة جمع الحديث وقال والله لا ألبس كلام الله بكلام آخر فقد فعل هذا أقوام قبلكم وتركوا كتاب الله وأخذوا يرددون كلاماً قاله ميت عن ميت وتركوا كلام الحي الذي لا يموت وهذا هو موقف حضرة الرسول بالنهي عن جمع الحديث وكذلك لم يفعلها أبو بكر الصديق ولا عمر بن الخطاب الذي نهاهم نهياً قاطعاً صريحاً عن جمع الحديث بالرغم من أن عمر بن الخطاب كان مجتهداً وليس مقلداً مثل أبى بكر وإن كان إبنه فيما بعد أصبح من البارزين في ترديد الحديث بالمخالفة لموقف والده وبالطبع سوف يتم تحقيق هذه الأحكام التي وردت مسبقاً قبل التحليل العلمي والدراسة الموضوعية بشكل يضمن تحقيق الفكرة والفكرة المضادة مستندين إلى كتاب الله تاركين للقارئ حق الاتفاق أو الاختلاف .
أولاً : نتناول عملية جمع الحديث :
من المهم في الدراسة التعرف على الطريقة التي تم بها جمع الحديث من شخص عن آخر ولم يكن أي منهم مزوداً بالروح القدس حتى نعطيه ثقتنا كاملة بل أن جامعي الحديث كانوا يشككون في المنهج والطريقة التي جمع بها آخرون للحديث واعترف بعض الرواة المشهود لهم بالزهد والتقوى والورع أنهم وضعوا أحاديث ونسبوها زوراً إلى رسول الله وبالتأكيد هناك من لم يعترف بذلك وظلت أقوالهم تنخر كالسوس في صلب العقيدة الإسلامية ويعتبرها المسلمون من أساس العقيدة يستدلون بها في الفقه والفتيا والوعظ وهي في الحقيقة مدسوسة على رسول الله .
وأتعجب كيف يكون بيننا القرءان كتاب الله الموثق الذي تعهد الله بحفظه؟ ونضيف إليه كتاباً آخر دار حوله كثير من الجدل وهو في النهاية كتاب من البشر ونترك كتاب الله رسالة ربنا وإلهنا التي جاء بها حضرة الرسول عن الله مباشرة ولم تمر بقول فلان بن علان عن فلان بن ترتان .
• أبو داود
• وضع السنن من خمسمائة ألف حديث لا تتسع عدة مراكز علمية لتحقيقها في الزمن الذي استغرقه الباحث في جمعها ومن المفروض أنه قام على تحقيقها قبل رصدها في السنن التي تنتسب إليه وقد كانت وسائل المعرفة في عصره متخلفة فلم تكن قد ظهرت ثورة العلوم والتكنولوجيا وعلوم الفضاء والأقمار الصناعية والكمبيوتر والإنترنت ولم تكن قد توفرت بعد في عصر الباحث حتى يستطيع إنجاز هذا العمل بهذا الكم في الزمن الذي استغرقه الباحث في هذا الإنجاز العظيم . فأبو داود مع تخلف وسائل عصره لم يكن يستطيع خلال زمن البحث وجمع هذا الكم من الأحاديث كان بالتأكيد لا يستطيع أن يقوم على فرز الطيب من المدسوس أو دراسة السند والمتن وتطبيق قواعد الراوي و الرواية والمروى عنه ولم يكن أبو داود مؤيداً بالروح القدس مثل تلاميذ حضرة المسيح أو بعض أنبياء اليهود ولم يكن أحد علماء اللغة في عصره أو من فطاحل المشهورين في الأدب العربي في الشعر والبلاغة بل كان إنساناً عادياً فمن الواضح أنه لم يقم على تحقيق هذا الكم الكبير من الأحاديث بل كان كل ما يسمع به يسجله دون فحص أو تمحيص وربما قال بعضها اجتهاداً فقد كان رجال الحديث يتباهون أمام أتباعهم بالكم الذي جمعوه من الأحاديث التي نقلوها عن الناس .
• وقد قام مسلم
• بتصنيف ما سماه صحيح مسلم برصد ثلاثمائة ألف حديث ولو كان كتاب مسلم صحيحاً ما احتاج إلى تسميته بصحيح مسلم ولكن هذه التسمية كانت من باب التأثير النفسي على القارئ فلم يقل أحد إطلاقاً صحيح القرءان الكريم لأنه صحيح بضمان الرب الإله الذي تعهد بحفظه فوصل إلينا سليماً نقياً بعيداً عن الهوى والغرض ولهذا لفحوه ودثروه وزملوه بالحديث ليتخطوا أحكامه المقدسة وقد كان رجال الحديث يعملون فرادي ولم يتعاونوا كما هو وارد بين العلماء في مراكز الأبحاث فلا يستطيع عالم بمفرده أن يحقق إنجاز علمي دون مساعدات من العديد من المتخصصين بجانب استخدامات متعددة لأجهزة التكنولوجيا الحديثة التي توفر للباحث الدقة في التحليل البعيد عن الغرض وتوفر عنصر الزمن أيضاً أما هؤلاء الذين سموا أنفسهم رجال الحديث كانوا يعملون فرادي بحثاً عن الشهرة والمجد الشخصي وليس ابتغاء وجه الله حتى أنهم كانوا يتبارون ليس بحثاً عن الحقيقة ولكن في تسجيل أكبر كم ممكن مع ما كان يكلفهم ذلك من مشقة الأسفار على ظهر الإبل يقطعون المسافات البعيدة بين مكة والمدينة والكوفة والشام والعراق وغيرها وبالقطع ما قام بتسجيله مسلم عدد كبير جداً لا يستطيع في الزمن الذي استغرقه في جمع الحديث أن يقوم على تحقيق هذا الكم الوفير أو يكون قد قام بدراسة علمية فلم يكن أصلاً متوفراً منهجاً علمياً في عصره ليقوم بهذه الدراسة لأنه من المعلوم أن قواعد علم الحديث لم تستقر إلا أثناء وبعد جمع الحديث ولم يكن أي من جامعي الحديث على دراية كاملة بكل قواعد ما يسمي بعلم الحديث ولم يقم أي من جامعي الحديث بتطبيق هذه القواعد عند جمعه للحديث لأنه لم يكن يعرفها أصلاً ليطبقها .
هذا إذا كان من الجائز أن نقول أن هذه الاجتهادات حول جمع الحديث التى توصل إليها جامعى الحديث كل على حده تسمى علماً .
• أحمد بن حنبل
• الذي كان يمارس مهنة الحدادة التي كانت لها انعكاس على تكوينه النفسي ومزاجه الشخصي فقد كان كالفولاذ الذي لا يتم تشكيله دون الطرق بعد التسخين الشديد بالنار وقد أثر ذلك على أحكامه التي تتسم بالتشدد وضيق الأفق وافتقاد الذكاء والمرونة ومراعاة قوانين التطور الاجتماعي والتاريخي التي تسمي في العلوم الشرعية بالضرورة الاجتماعية التي تجب النصوص الصريحة في الكتب المقدسة في ظروف معينة تتسم بالضرورة من أجل البقاء ودراسة البيئة الاجتماعية التي نشأ فيها الباحث تفيد حتماً في دراسة ما توصل إليه من أحكام ومعرفة أسباب تأثر هؤلاء المتشددين المرضي بآراء هذا الرجل حاد الطبع و المزاج فصفاته النفسية تتفق مع النووي وبن تيميه وأبى الأعلى المودودي والشيخ سيد قطب الذين لا يطيقون المناقشات بغير ما قالوا ويطلبون من أتباعهم ترديد ما يقولون فقط على أنه وحده الحقيقة الدينية مع أن فهم البشر للحقيقة نسبي ولا يستطيع أي إنسان أن يدعي احتكاره للحقيقة ولا يستطيع أي فريق أو فصيل ديني مهما كان أن يدعي أنه وحده الذي يمتلك أصول الحقيقة بل يمتلكون طريقة للوصول للحقيقة وبالفعل يمتلك آخرون طرقاً أخرى للوصول للحقيقة وقد تختلف الطرق المؤدية للحقيقة ولكن في النهاية الحقيقة واحدة ومتفردة فالذين يرفضون الآخرين يكون هذا دليلاً على فساد منهجهم وطريقتهم ويكون فهمهم للحقيقة مشوهاً وقد قام هذا الحداد أحمد بن حنبل بجمع سبعمائة وخمسين ألفاً من الأحاديث كان يحفظهم جميعاً فقد كان يتمتع بذاكرة حديدية جبارة يحفظ كل ما يسمع به دون أن يمر ذلك بالطبع على عقله المغيب فقد وضع في المسند المنسوب إليه أربعمائة ألف حديث ولم يوضح لنا سبب تنازله عن بقية الأحاديث التي كان يحفظها ويستعين بها في الوعظ والفتيا والفقه وبالتأكيد هذا الكم الهائل من الأحاديث لا يمكن أن يكون قد أخذ حظه من الدراسة والتمحيص والعناية الكافية لتحقيقها بل كان يستغل موهبته في الحفظ التي لم يجاريه فيها أحد من أبناء جيله فقد كان كل ما يسمعه يحفظه ويجمعه دون دراسة أو تمحيص وما جمعه في مسنده ما يتواكب مع طبيعته ومزاجه الحاد والذي أصبح فيما بعد مرجعاً للمتشددين والمرضي تشجعهم على العنف وممارسة الإرهاب وتشويه العقيدة الإسلامية السمحاء التي تدعو إلى دار السلام والله هو السلام .
• وقام البخاري
• بجمع ثلاثمائة ألف حديث كان يحفظهم جميعاً إلا أن هذا الباحث الوحيد في رجال الحديث الذي أقر أنه لا يؤيد مما جمعه إلا مائة ألف حديث فقط فصلها وحدها وأقر أنه ليس متأكداً من صحة بقية الأحاديث وليس بالضرورة أن يكون كلامه موثوقاً به فقد حقق رجال الحديث المحدثون المائة ألف حديث التي قال عنها البخاري أنها سليمة تماماً ومضمونة وأخذوا منها سبعة آلاف حديث فقط المرصودين فيما يعرف بين أيدي المسلمين بصحيح البخاري وبين هؤلاء السبعة آلاف حديث حوالي أربعة آلاف حديث مكررين من حيث المعاني ومختلفين من حيث الكلمات بمعني أن رجال الحديث المحدثين الذين قاموا بفحص التراث أخذوا نصف في المائة مما قال عنه البخاري أنه سليم وبالتأكيد المحاولات الدءوبة التي بذلها المتشيعون للحديث لفرزه وتطهيره من الأحاديث التي تتعارض مع العلم والمنطق وقوانين التطور وما أكثرها وقاموا بتضعيفها والاتفاق على أنها مدسوسة وليست من قول الرسول وبالتأكيد لا الذين قاموا بجمع الحديث ولا الرواة أو المحدثين الذين فرزوا التراث كانوا مؤيدين بالروح القدس حتى نضمن ما قدموه لنا على ما فيه من التعارض والاختلافات ولا الأدوات المتاحة بين أيدي المحدثين تضمن سلامة الدراسة التي توصلوا إليها وفي النهاية لا نستطيع أن نقول عنها إلا أنها اجتهادات بشرية غير موثوق بها وقد كان البخاري يشكك في غيره من جامعي الحديث قائلاً : لم تكن كتابتي مثل كما كتب هؤلاء ويقصد جامعي الحديث الآخرين . والكلام لا زال على لسان البخاري : كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه ونسبه وكنيته وحمل الحديث إن كان الرجل فهماً فإن لم يكن سألته أن يخرج إلى أصله ونسخته . وبالتأكيد هذا المنهج الذي حدده البخاري لنفسه عند جمع الحديث ليس دليلاً علمياً يفيد صحة ما توصل إليه البخاري وليس كافياً لمعرفة الخبيث من الطيب والمدسوس مع الحقيقة المؤكدة أن الوضع في الحديث تم بجرأة فاحشة وغزارة شوهت العقيدة الإسلامية ذاتها ولا يستطيع أحد أن ينكر ذلك ولا أشد المتشيعين للحديث الأمر الذي جعل بعض الفقهاء يرفضون الحديث كلية لأنه معدوم الثقة والبعض يتناوله على حذر بالقياس على القرءان فما وافق القرءان يعتبرونه صحيحاً وما يتعارض معه يرفضونه ولا يستخدمونه مطلقاً في تأكيد الحلال والحرام الذي لا بد من نص واضح وصريح في القرءان ليحل الحلال ويحرم الحرام وهناك من يأخذون بالحديث على علاته المجروحة ويطبقونه وينزلوه منزلة القرءان في الفقه والفتيا والقضاء والتشريع ويعتبرون أن منكر الحديث كافر وليس مسلماً يحلون قتله . وعن طريق الحديث تم تشويه العقيدة الإسلامية وتدميرها تماماً وتشويه الماء الروحي لدي المسلمين الذين يتعاطونه من شيوخ الضلال .
إلا أن المؤلفات في بادئ الأمر كانت غير جامعة وقد استقر علم الحديث بعد جمع الحديث لأن قواعد علم الحديث لم تظهر إلا بعد جمع الحديث أو خلال جمع الحديث بمعني أن الحديث لم يجمع أصلاً وفق قواعد علم الحديث الذي يتم تدريسه لطلاب الأزهر الآن .
حتى أن علم الحديث عبارة عن آراء واجتهادات جامعي الحديث ولم يكن أي من جامعي الحديث على دراية بكل مسائل العلم المطروح بين أيدينا الآن .
فقد كتب في علم الجرح والتعديل وعلم الثقات والضعفاء من الصحابة ابن عباس وعبادة بن الصامت ومن التابعين سعيد بن المسيب والشعبي .
وبعد وقوع الفتن واختلاف المرويات بدأ الاهتمام بالرواية أو الدراية والراوي والمروى والسند والمتن .
مقاييس النقد عند المسلمين :
من المعلوم أن مبدأ الشك مبدأ غربي لا يأخذ به المسلمون أما مقاييس النقد عند المسلمين عاطفية تخضع للتركيب النفسي والمزاج ولا تخلو من الهوى وإقحام الغرض والمصلحة والتوجيه المفتعل فقد يرفضون شيئاً ويسوقون له مبررات تبدو شبه موضوعية ثم يرفضونه في مرحلة لاحقة بمبررات شبه موضوعية أيضاً وهذا الأسلوب أثر تأثيراً كبيراً على التراث الإسلامي الذي ولا بد أن يتناوله الدارسون على حذر وتعقل مع عدم التسليم المطلق بصحته وعدم الهجوم المطلق بعدم صحته وإن كان مملوءاً بقدر كبير من التهويل والتزييف وتضخيم الأحداث واختلاق ما لا يمت بصلة للحقيقة لخدمة أغراض شخصية أو مذهبية أو طائفية أو لخدمة أهداف الحاكم المتسلط عليهم أو لخدمة آراء نظرية أو فكرية تخدم المناظرات التي كانت تتم بين فصائلهم .
ولأن حضرة الرسول كان أدري الناس بقومه وتطور الأحداث بعد انتقال حضرته للرفيق الأعلى فقد كان مؤيداً بالروح القدس فقال حضرته : سيكثر الحديث عنى فمن حدثكم بحديث فطبقوه على كتاب الله فما وافقه فهو منى قلته أم لم أقله بل أن حضرته نهى نهياً قاطعاً عن جمع الحديث .
ومعني كلام حضرة الرسول أن أساس الفكر الإسلامي هو رسالة رب العالمين القرءان المقدس الذي جاء حضرة محمد لتبليغها للبشر ليؤمنوا بها وليس أن يبتدع كتاباً موازياً لكتاب الله ويأتي بشريعة موازية لشريعة الله فقد كان بشراً رسولا ينذر يوم التلاقى وأستغفر الله لم يكن إلها ليفعل ذلك بل كان عبد الله ورسوله يفعل ما يؤمر به ولا يبتدع فعلاً أو قولاً غير ما أمر به الله .
وبالرغم من أن أمر الرسول في الحديث الوارد منطقياً ومقبول عقلياً بضرورة قياس الحديث على كلام الله في القرءان إلا أن علماء الحديث اتهموا هذا الحديث بالوضع لأنه لا يتفق مع أغراضهم ويكشف مزاعمهم فالحديث لا يخدم أي غرض حتى نتهمه بالوضع فما مصلحة الشخص الذي يضع حديثاً بهذه الكلمات المنطقية التي تحوز القبول العقلي .
أما لماذا إتهم علماء الحديث هذا الحديث بالوضع ؟
لأنه عن طريق الحديث حققوا كل أغراضهم وأدخلوا في الإسلام ما ليس منه وشرعوا في غير ما شرع الله ونستطيع أن نقول أن بذرة فناء العقيدة الإسلامية وتزييف التراث الإسلامي كانت عن طريق ما يسمى ببدعة علم الحديث التي هدمت العقيدة الإسلامية عن بكرة أبيها وشوهت الماء الروحي الذي يتعاطاه المسلمون من شيوخ الضلال وأعطت دعماً غير محدود لمزيد من الفرقة والاختلافات والتشتت علاوة أن بدعة الحديث ليست موجودة عند أي فصيل ديني آخر باستثناء المسلمين فما قال حضرة موسى سوى التوراة المقدس الذي هو من الله وما قال حضرة المسيح سوى الإنجيل المقدس الذي هو كلمة الله العليا على لسان حضرة المسيح وبالتالي ما قال حضرة محمد سوى القرءان المقدس كلمة الله العليا التي جاءت من ذات المصدر المقدس من الله مثل الإنجيل والتوراة وما كان حضرات الرسل إلا مبلغين لكلمة الله وإقرار شريعته مبشرين منذرين ولم يكونوا مبدعين لكلمات غير كلمات الله المقدسة ولا كانوا مشرعين بغير ما شرع الله كما فعل العرب المسلمون الذين أجهضوا ما قاله محمد عن الله وشرعوا ديناً جديداً مصدره هو علم الحديث الذي هو من عند الناس وليس من الله .
وخلاصة القول أن بدعة الحديث هذه يختص بها العرب المسلمون دون سواهم من أصحاب العقائد الأخرى
وفي بعض الفترات التاريخية للمسلمين أخذ الحديث اهتماماً كبيراً ربما تفوق على اهتمامهم بالقرءان أستغفر الله .
ومن النوادر المضحكة أن علماء الأزهر اجتمعوا لتلاوة الحديث بنية نصرة الجيش المصرى فى الحبشة فى إحدى المعارك بدلاً من القرءان المقدس الذى من الله ومن الصدف أن الجيش المصرى نال هزيمة نكراء فى هذه المعركة فى أعالى النيل .
بل لم يسلم منهم كتاب الله القرءان ذاته من حذف الأحكام التي لا تتفق مع أهوائهم وتتعارض مع أفكارهم بصياغة علم والعلم منه بريء يسمى الناسخ والمنسوخ يستند في الأساس إلى علم الحديث فبدلاً من أن يكون القرءان هو الأساس الذي يقيس الغث من الثمين أعطوا للحديث هذه المنزلة الرفيعة وأصبح القرءان يقيسونه على الحديث وما وقع فيه اختلاف بين القرءان والحديث يقولون أن الله نسخ هذا الحكم المذكور في القرءان مستندين للحديث الذي هو بالضرورة قول البشر والرسول منه بريء وبهذه الطريقة قاموا على تنحية أحكام الكتاب المقدس القرءان وأصبح لهم دين آخر يستند إلى الحديث وقالوا بهتاناً عظيماً وشوهوا الإسلام وأضلوا الناس ضلالاً بعيداً زمناً طويلاً .
وقد برروا لنا سبب نهي حضرة الرسول عن جمع الحديث بأن الرسول في فجر الدعوة الإسلامية خاف أن تختلط كلمات الحديث بالقرءان فيتشوه القرءان ويتم تحريفه لهذا حسب مزاعمهم رفض حضرة الرسول جمع الحديث بالرغم من أن هذا التوجيه الفكري لم يرد إطلاقاً على لسان حضرة محمد فمن أين إذاً جاءوا بهذا الزعم ؟
العلماء المتشيعون للحديث والذين لم يكونوا يوماً ما من العلماء بل أن صفوة العلماء المشهورين في اللغة العربية والأدب العربي في عصر جمع الحديث كانوا يتحرجون من قراءة الحديث لأنهم لم يثقوا إطلاقاً أنه من لفظ الرسول الذي أوتي مجامع الكلم في الفصاحة والبلاغة بينما لغة الحديث هابطة وركيكة أحياناً . وقد وضع العلماء الحديث في منزلة القرءان وقالوا بتكفير منكر الحديث واعتبروا أن الحديث توأم للقرءان أستغفر الله . واستندوا عليه في الفقه والفتيا والقضاء والوعظ وأصبح المسلمون حيارى بين كتاب الله القرءان والكتاب المنسوب إلى رسول الله وهو الحديث .
ثم كيف يخاف الرسول على القرءان وقد تعهد الله بحفظه ( إنا نحن أنزلنـا الذكر وإن له لحافظون ) فالقرءان له رب يحميه من هؤلاء المحرفين المتقولين بالزور شهود الضلال لعنوا بما قالوا .
ًوهذا يدحض مزاعمهم التي تقولوها على القرءان والرسول حتى أن أبا بكر خليفة الرسول لم يفكر مطلقاً في جمع الحديث لأن أقوال الرسول وأفعاله كانت القدوة المثلي لهذا الخليفة وكذلك الخليفة الثاني لرسول الله عمر بن الخطاب لما أشاروا عليه بجمع الحديث فقد استخار الله متعبداً طالباً المشورة من الله في مسألة جمع الحديث وقال والله لا ألبس كلام الله بكلام آخر فقد فعل هذا أقوام قبلكم وتركوا كتاب الله وأخذوا يرددون كلاماً قاله ميت عن ميت وتركوا كلام الحي الذي لا يموت وهذا هو موقف حضرة الرسول بالنهي عن جمع الحديث وكذلك لم يفعلها أبو بكر الصديق ولا عمر بن الخطاب الذي نهاهم نهياً قاطعاً صريحاً عن جمع الحديث بالرغم من أن عمر بن الخطاب كان مجتهداً وليس مقلداً مثل أبى بكر وإن كان إبنه فيما بعد أصبح من البارزين في ترديد الحديث بالمخالفة لموقف والده وبالطبع سوف يتم تحقيق هذه الأحكام التي وردت مسبقاً قبل التحليل العلمي والدراسة الموضوعية بشكل يضمن تحقيق الفكرة والفكرة المضادة مستندين إلى كتاب الله تاركين للقارئ حق الاتفاق أو الاختلاف .
أولاً : نتناول عملية جمع الحديث :
من المهم في الدراسة التعرف على الطريقة التي تم بها جمع الحديث من شخص عن آخر ولم يكن أي منهم مزوداً بالروح القدس حتى نعطيه ثقتنا كاملة بل أن جامعي الحديث كانوا يشككون في المنهج والطريقة التي جمع بها آخرون للحديث واعترف بعض الرواة المشهود لهم بالزهد والتقوى والورع أنهم وضعوا أحاديث ونسبوها زوراً إلى رسول الله وبالتأكيد هناك من لم يعترف بذلك وظلت أقوالهم تنخر كالسوس في صلب العقيدة الإسلامية ويعتبرها المسلمون من أساس العقيدة يستدلون بها في الفقه والفتيا والوعظ وهي في الحقيقة مدسوسة على رسول الله .
وأتعجب كيف يكون بيننا القرءان كتاب الله الموثق الذي تعهد الله بحفظه؟ ونضيف إليه كتاباً آخر دار حوله كثير من الجدل وهو في النهاية كتاب من البشر ونترك كتاب الله رسالة ربنا وإلهنا التي جاء بها حضرة الرسول عن الله مباشرة ولم تمر بقول فلان بن علان عن فلان بن ترتان .
• أبو داود
• وضع السنن من خمسمائة ألف حديث لا تتسع عدة مراكز علمية لتحقيقها في الزمن الذي استغرقه الباحث في جمعها ومن المفروض أنه قام على تحقيقها قبل رصدها في السنن التي تنتسب إليه وقد كانت وسائل المعرفة في عصره متخلفة فلم تكن قد ظهرت ثورة العلوم والتكنولوجيا وعلوم الفضاء والأقمار الصناعية والكمبيوتر والإنترنت ولم تكن قد توفرت بعد في عصر الباحث حتى يستطيع إنجاز هذا العمل بهذا الكم في الزمن الذي استغرقه الباحث في هذا الإنجاز العظيم . فأبو داود مع تخلف وسائل عصره لم يكن يستطيع خلال زمن البحث وجمع هذا الكم من الأحاديث كان بالتأكيد لا يستطيع أن يقوم على فرز الطيب من المدسوس أو دراسة السند والمتن وتطبيق قواعد الراوي و الرواية والمروى عنه ولم يكن أبو داود مؤيداً بالروح القدس مثل تلاميذ حضرة المسيح أو بعض أنبياء اليهود ولم يكن أحد علماء اللغة في عصره أو من فطاحل المشهورين في الأدب العربي في الشعر والبلاغة بل كان إنساناً عادياً فمن الواضح أنه لم يقم على تحقيق هذا الكم الكبير من الأحاديث بل كان كل ما يسمع به يسجله دون فحص أو تمحيص وربما قال بعضها اجتهاداً فقد كان رجال الحديث يتباهون أمام أتباعهم بالكم الذي جمعوه من الأحاديث التي نقلوها عن الناس .
• وقد قام مسلم
• بتصنيف ما سماه صحيح مسلم برصد ثلاثمائة ألف حديث ولو كان كتاب مسلم صحيحاً ما احتاج إلى تسميته بصحيح مسلم ولكن هذه التسمية كانت من باب التأثير النفسي على القارئ فلم يقل أحد إطلاقاً صحيح القرءان الكريم لأنه صحيح بضمان الرب الإله الذي تعهد بحفظه فوصل إلينا سليماً نقياً بعيداً عن الهوى والغرض ولهذا لفحوه ودثروه وزملوه بالحديث ليتخطوا أحكامه المقدسة وقد كان رجال الحديث يعملون فرادي ولم يتعاونوا كما هو وارد بين العلماء في مراكز الأبحاث فلا يستطيع عالم بمفرده أن يحقق إنجاز علمي دون مساعدات من العديد من المتخصصين بجانب استخدامات متعددة لأجهزة التكنولوجيا الحديثة التي توفر للباحث الدقة في التحليل البعيد عن الغرض وتوفر عنصر الزمن أيضاً أما هؤلاء الذين سموا أنفسهم رجال الحديث كانوا يعملون فرادي بحثاً عن الشهرة والمجد الشخصي وليس ابتغاء وجه الله حتى أنهم كانوا يتبارون ليس بحثاً عن الحقيقة ولكن في تسجيل أكبر كم ممكن مع ما كان يكلفهم ذلك من مشقة الأسفار على ظهر الإبل يقطعون المسافات البعيدة بين مكة والمدينة والكوفة والشام والعراق وغيرها وبالقطع ما قام بتسجيله مسلم عدد كبير جداً لا يستطيع في الزمن الذي استغرقه في جمع الحديث أن يقوم على تحقيق هذا الكم الوفير أو يكون قد قام بدراسة علمية فلم يكن أصلاً متوفراً منهجاً علمياً في عصره ليقوم بهذه الدراسة لأنه من المعلوم أن قواعد علم الحديث لم تستقر إلا أثناء وبعد جمع الحديث ولم يكن أي من جامعي الحديث على دراية كاملة بكل قواعد ما يسمي بعلم الحديث ولم يقم أي من جامعي الحديث بتطبيق هذه القواعد عند جمعه للحديث لأنه لم يكن يعرفها أصلاً ليطبقها .
هذا إذا كان من الجائز أن نقول أن هذه الاجتهادات حول جمع الحديث التى توصل إليها جامعى الحديث كل على حده تسمى علماً .
• أحمد بن حنبل
• الذي كان يمارس مهنة الحدادة التي كانت لها انعكاس على تكوينه النفسي ومزاجه الشخصي فقد كان كالفولاذ الذي لا يتم تشكيله دون الطرق بعد التسخين الشديد بالنار وقد أثر ذلك على أحكامه التي تتسم بالتشدد وضيق الأفق وافتقاد الذكاء والمرونة ومراعاة قوانين التطور الاجتماعي والتاريخي التي تسمي في العلوم الشرعية بالضرورة الاجتماعية التي تجب النصوص الصريحة في الكتب المقدسة في ظروف معينة تتسم بالضرورة من أجل البقاء ودراسة البيئة الاجتماعية التي نشأ فيها الباحث تفيد حتماً في دراسة ما توصل إليه من أحكام ومعرفة أسباب تأثر هؤلاء المتشددين المرضي بآراء هذا الرجل حاد الطبع و المزاج فصفاته النفسية تتفق مع النووي وبن تيميه وأبى الأعلى المودودي والشيخ سيد قطب الذين لا يطيقون المناقشات بغير ما قالوا ويطلبون من أتباعهم ترديد ما يقولون فقط على أنه وحده الحقيقة الدينية مع أن فهم البشر للحقيقة نسبي ولا يستطيع أي إنسان أن يدعي احتكاره للحقيقة ولا يستطيع أي فريق أو فصيل ديني مهما كان أن يدعي أنه وحده الذي يمتلك أصول الحقيقة بل يمتلكون طريقة للوصول للحقيقة وبالفعل يمتلك آخرون طرقاً أخرى للوصول للحقيقة وقد تختلف الطرق المؤدية للحقيقة ولكن في النهاية الحقيقة واحدة ومتفردة فالذين يرفضون الآخرين يكون هذا دليلاً على فساد منهجهم وطريقتهم ويكون فهمهم للحقيقة مشوهاً وقد قام هذا الحداد أحمد بن حنبل بجمع سبعمائة وخمسين ألفاً من الأحاديث كان يحفظهم جميعاً فقد كان يتمتع بذاكرة حديدية جبارة يحفظ كل ما يسمع به دون أن يمر ذلك بالطبع على عقله المغيب فقد وضع في المسند المنسوب إليه أربعمائة ألف حديث ولم يوضح لنا سبب تنازله عن بقية الأحاديث التي كان يحفظها ويستعين بها في الوعظ والفتيا والفقه وبالتأكيد هذا الكم الهائل من الأحاديث لا يمكن أن يكون قد أخذ حظه من الدراسة والتمحيص والعناية الكافية لتحقيقها بل كان يستغل موهبته في الحفظ التي لم يجاريه فيها أحد من أبناء جيله فقد كان كل ما يسمعه يحفظه ويجمعه دون دراسة أو تمحيص وما جمعه في مسنده ما يتواكب مع طبيعته ومزاجه الحاد والذي أصبح فيما بعد مرجعاً للمتشددين والمرضي تشجعهم على العنف وممارسة الإرهاب وتشويه العقيدة الإسلامية السمحاء التي تدعو إلى دار السلام والله هو السلام .
• وقام البخاري
• بجمع ثلاثمائة ألف حديث كان يحفظهم جميعاً إلا أن هذا الباحث الوحيد في رجال الحديث الذي أقر أنه لا يؤيد مما جمعه إلا مائة ألف حديث فقط فصلها وحدها وأقر أنه ليس متأكداً من صحة بقية الأحاديث وليس بالضرورة أن يكون كلامه موثوقاً به فقد حقق رجال الحديث المحدثون المائة ألف حديث التي قال عنها البخاري أنها سليمة تماماً ومضمونة وأخذوا منها سبعة آلاف حديث فقط المرصودين فيما يعرف بين أيدي المسلمين بصحيح البخاري وبين هؤلاء السبعة آلاف حديث حوالي أربعة آلاف حديث مكررين من حيث المعاني ومختلفين من حيث الكلمات بمعني أن رجال الحديث المحدثين الذين قاموا بفحص التراث أخذوا نصف في المائة مما قال عنه البخاري أنه سليم وبالتأكيد المحاولات الدءوبة التي بذلها المتشيعون للحديث لفرزه وتطهيره من الأحاديث التي تتعارض مع العلم والمنطق وقوانين التطور وما أكثرها وقاموا بتضعيفها والاتفاق على أنها مدسوسة وليست من قول الرسول وبالتأكيد لا الذين قاموا بجمع الحديث ولا الرواة أو المحدثين الذين فرزوا التراث كانوا مؤيدين بالروح القدس حتى نضمن ما قدموه لنا على ما فيه من التعارض والاختلافات ولا الأدوات المتاحة بين أيدي المحدثين تضمن سلامة الدراسة التي توصلوا إليها وفي النهاية لا نستطيع أن نقول عنها إلا أنها اجتهادات بشرية غير موثوق بها وقد كان البخاري يشكك في غيره من جامعي الحديث قائلاً : لم تكن كتابتي مثل كما كتب هؤلاء ويقصد جامعي الحديث الآخرين . والكلام لا زال على لسان البخاري : كنت إذا كتبت عن رجل سألته عن اسمه ونسبه وكنيته وحمل الحديث إن كان الرجل فهماً فإن لم يكن سألته أن يخرج إلى أصله ونسخته . وبالتأكيد هذا المنهج الذي حدده البخاري لنفسه عند جمع الحديث ليس دليلاً علمياً يفيد صحة ما توصل إليه البخاري وليس كافياً لمعرفة الخبيث من الطيب والمدسوس مع الحقيقة المؤكدة أن الوضع في الحديث تم بجرأة فاحشة وغزارة شوهت العقيدة الإسلامية ذاتها ولا يستطيع أحد أن ينكر ذلك ولا أشد المتشيعين للحديث الأمر الذي جعل بعض الفقهاء يرفضون الحديث كلية لأنه معدوم الثقة والبعض يتناوله على حذر بالقياس على القرءان فما وافق القرءان يعتبرونه صحيحاً وما يتعارض معه يرفضونه ولا يستخدمونه مطلقاً في تأكيد الحلال والحرام الذي لا بد من نص واضح وصريح في القرءان ليحل الحلال ويحرم الحرام وهناك من يأخذون بالحديث على علاته المجروحة ويطبقونه وينزلوه منزلة القرءان في الفقه والفتيا والقضاء والتشريع ويعتبرون أن منكر الحديث كافر وليس مسلماً يحلون قتله . وعن طريق الحديث تم تشويه العقيدة الإسلامية وتدميرها تماماً وتشويه الماء الروحي لدي المسلمين الذين يتعاطونه من شيوخ الضلال .