حضرة بهاء الله البهي الأبهى رفضه المسلمون ولم يسمعوا لحن هذا البلبل الفريد ولم يرتشفوا من الرحيق المختوم الذي فض سر ختم الآيات المغلقة وفتح عيوننا علي المعرفة الزاهرة وتأويل القرءان المقدس وأنار البصيرة الحائرة والقلوب المعذبة وتحمل التغريب عن وطنه قرابة أربعين عاماً والسجن في إيران فى سجن مظلم شنيع يعرف بسياه جال أي النفق الأسود وقد وصف بأنه الزنزانة المظلمة والحفرة الكريهة التى كانت يوما ما مخزناً لمياه حمام عام بطهران وفى هذا البلاء الرهيب نزل الوحي على حضرة بهاء الله وعرفه بأنه من يظهره الله حيث يقول حضرة بهاء الله فى توضيح هذا الموقف : -
( وفى ذات ليلة أصغيت إلى هذه الكلمة العليا فى عالم الرؤيا من جميع الجهات
, إننا ننصرك بك وبقلمك لا تحزن عما ورد عليك ولا تخف إنك من الآمنين سوف يبعث الله جنود الأرض وهم رجال ينصرونك بك وباسمك الذى به أحيى الله أفئدة العارفين ,
وبالرغم من أن النوم كان عزيز المنال من وطأة السلاسل والروائح المنتنة حين كنت رهين سجن أرض الطاء ( طهران ) إلا إنني كنت فى هجعاتى اليسيرة أحس كأن شيئاً ما يتدفق من أعلى رأسى وينحدر على صدرى كأنه النهر العظيم ينحدر من قلة جبل باذخ رفيع إلى الأرض فتلتهب جميع الأعضاء لذلك . فى ذلك الحين كان اللسان يرتل ما لا يقوى على الإصغاء إليه أحد ) .
وعرضوا عليه النفى إلى روسيا ولكنه اختار مدينة بغداد التى تقع اليوم بالعراق ثم توجه إلى جبال السليمانية قرب منطقة كردستان لمدة سنتين ثم رجع إلى بغداد وكتب كتاب الإيقان ثم تم نفيه إلى مدينة القسطنطينية ( استنبول حالياً ) وقبل نفيه أعلن دعوته المقدسة فى حديقة الرضوان التى كان يقيم بجوارها تأهباً للسفر للمنفى الجديد ثم نفى إلى مدينة عكا فى فلسطين سجناً أبدياً ثم نقل من قلعة السجن إلى منزل بمنطقة المزرعة ثم استأجر له الأحباء قصر البهجة الذى قضى فيه بقية حياته وأرسل رسائل إلى الملوك والرؤساء ومنهم الإمبراطور لويس نابليون والبابا بيوس التاسع والإمبراطور فرانسوا جوزيف إمبراطور النمسا وإلى شاه إيران والخليفة العثمانى السلطان عبد العزيز ورئيس وزرائه على باشا والذى تنبأ فيها بموت على باشا وزميله فؤاد باشا وزير الخارجية وأيضا تنبأ بفقد الحكومة العثمانية لجزء كبيرة من أراضيها فى أوربا وأخيرا سقوط السلطان عبد العزيز نفسه والمصير المأسوي لنابليون بونابارت ولا شك أن تحقق هذه التنبؤات والبشارات قد عزز بشكل كبير موقف ومقام حضرة بهاء الله ورفع من شأنه ومنزلته وكان رد فعل الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا فى قولها ( إذا كانت هذه الدعوة من لدى الحق تبارك وتعالى فإنها ستبقى من تلقاء نفسها وان لم تكن فإنها لا تؤذى ) .
إن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض وأما الزبد فيذهب جفاءاً . وبالفعل استمرت العقيدة البهائية لأنها من عند الله .
وقد تحمل الرسل والأنبياء العظام مثل هذه الشدائد والمصاعب .
وحيث كان في السجن كانت تنزل عليه آيات الله تنهمر من فوق رأسه تجعل لسانه ينطق بأنات الروح القدس ويرتل كلمات الله المقدسة فتكون هي السلوى وقت المحن والشدائد وتخفف عنه السجن والتغريب وغلاظ القلوب المنغلقة قليلي الإيمان .
ووفد عليه في سجنه أساتذة الجامعات الأوربية مثل الدكتور براون والدكتور أسلمنت وغيرهم وكذلك سفراء الدول الأوربية والساسة والمفكرون والمثقفون ورجال السلك الديبلوماسي للدول الأوربية إعجابا لدعوته وعرضوا عليه تقديم المساعدات ولكنه كان يرفضها دائما متوكلاً على الله الحي القدير فقد كانوا يلتمسون بركاته ويناقشونه وغيرهم من الخاصة والعامة الذين ضحوا بكل غال وثمين في سبيل محبوبهم حضرة بهاء الله كفريضة دينية لظهور الأمر الإلهي .
ونعود للموضوع الرئيسي لماذا رفض المسلمون حضرة بهاء الله ؟
حتماً يجد المسلمون في تصورهم دليلاً لرفض الظهور الجديد كما جد غيرهم من اليهود والنصارى في رفض كل عهد جديد والتي ناقشناها سلفاً وأثبتنا أنها دلائل وهمية تعشش في خيالاتهم المريضة ولا علاقة بينها وبين الكتب المقدسة ولكنها تصورات ساذجة أفرزتها قلوب مريضة وعقول مغرضة فأضلوا أنفسهم وأضلوا الناس ضلالاً بعيداً زمناً طويلاً .
وفي ذلك يقول القرءان المقدس : -
بسم الله الرحمن الرحيم
( وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين )
الشعراء ( 5 )
فلماذا احتج المسلمون علي حضرة الظهور الإلهي مظهر أمر الله المبارك البهي الأبهى حضرة بهاء الله ؟
استندوا إلى الآية رقم ( 40 ) من سورة الأحزاب حيث يقول الله تجلت حكمته وعلت قدرته عز وجل : -
بسم الله الرحمن الرحيم
( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما ) . صدق الله العظيم
وحينما نتفحص كلمة خاتم في القرءان المقدس بالرسم العثماني الذي بين أيدينا الذي هو موضع اتفاق تام بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ويتلونه هكذا في عبادتهم وصلواتهم وأذكارهم والتقرب بقراءته إلى الله نجد أن حرف التاء في كلمة خاتم مفتوحة بالفتحة على التاء وليس مكسورة
ومعني كلمة خاتم بفتح التاء في جميع القواميس العربية تعني حلية وزينة فيتزين الإنسان بوضع خاتم في إصبعه ويتختم أي يتزين .
ومعني الآية المقدسة حسب ما تقدم أن حضرة محمد كان زينة الأنبياء وحليتهم فقد أعطاه الله القوة والسلطنة والعظمة ونصره نصراً مؤزراً علي المشركين والكافرين ودانت له السيادة الملكية بجانب الريادة الروحية في حياته وأصبحت مكة مقدس المسلمين بعد إذ طهرها من الأصنام . وأصبح أهلها الذين طاردوه وحاربوه وناصبوه العداء هم الآن المدافعون عن الإسلام يبذلون في سبيله كل غال وثمين .
وقد كان الله يواسيه أحيانا ليشد من أزره وقت المحن والشدائد ويعطيه بركاته ويحل عليه الروح القدس فينطق بأنات جبريل الأمين قرءاناً عربياً بليغاً أعجز كل الفصحاء والبلغاء في عصره ولا زال مدرسة ننهل من معينها الحكمة والعلم الإلهي لأنها كلمة الله العليا التي تستمر ولها الخلود دائما والغلبة دائماً .
وأراد الله أن يقول لأتباع الرسول أن محمد ليس في حاجة لأن تقرنوا باسمه أحداً فقد اقتضت المشيئة الإلهية ألا يعيش أبناء محمد الذكور حتى لا يكون الحكم وراثيا كما كان الحال في بني إسرائيل بل يكون بالمشورة بين الرعية حسب الكفاءة الروحية والتأهيل الديني والطهارة والزهد والورع من بين الرعية لأن ذلك كان أحد متطلبات العصر وبزوغ الفجر الديمقراطي في إدارة الممالك بدلاً من الحكم الوراثي .
وبهذا يكون تفسير الآية ليس كما هو متداول بين الناس من أن محمد هو آخر الأنبياء بل زينة الأنبياء وحليتهم .
وقد يحتج على هذا القول من يقول لنا أن هناك قراءات معتمدة أخرى تجيز كسر حرف التاء وهذا نوع من التصحيف وعلي هذا الأساس يكون محمد هو آخر الأنبياء .
وبالرغم من أن هذه القراءة مخالفة لقواعد النحو والصرف في اللغة العربية المتعارف عليها .
إضافة إلى أن الرسم العثماني مختلف عن رسم الحروف باللغة العربية المتعارف عليها والقرءان به أكثر من 300 كلمة مخالفة لقواعد النحو والصرف وبعضها مخالف للهجاء المتعارف عليه .
وقد كان ذلك بأمر الوحي السماوي لأن محصول الحروف مرتبط بدلالات رقمية لم يصل إلينا هذا العلم حتى الآن .
وإن كان الدكتور محمد رشاد خليفة الذي كان يعمل أستاذاً بإحدى الجامعات الأمريكية قد أجرى بحثاً عن حروف القرءان والدوال الرقمية في الآية المقدسة ( وعليها تسعة عشر ….. ) وخرج علينا بتفسير جديد للآية مقبول عقلياً وقد استخدم الكمبيوتر في هذا البحث وساعدته زوجته الأمريكية الأصل التي أشهرت إسلامها علي يديه وأصبحت زوجته وتم تسجيل البحث في مكتبة الكونجرس الأمريكي وتم ترجمته وحاضر في موضوعه في المملكة العربية السعودية التي قامت بتسجيل البحث علي شرائط كاسيت وطبعه وتوزيعه في جميع أنحاء العالم .
وقام الباحث بأعمال أخرى مماثلة تتناول موضوع السنة ولكنها لم تترجم ولازالت موجودة في مكتبة الكونجرس الأمريكي حتى الآن وقد توفاه الله مقتولاً في أحد المساجد التي كان يترأسها في ولاية فريجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية بعد صلاة الفجر بأيدى متطرفين .
ونعطي أمثلة للاختلافات الوارد ذكرها في مجمل الحديث حيث يقول الله في الآية المقدسة رقم 245 من سورة البقرة : -
بسم الله الرحمن الرحيم
( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضــــــــعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبصط وإليه ترجعون ) . صدق الله العظيم.
وورد أيضاً في الآية رقم 69 من سورة الأعراف حيث يقول الله:-
بسم الله الرحمن الرحيم
( …… إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون ) . صدق الله العظيم .
وكتبت كلمة بصطة علي خلاف المتعارف عليه بالسين وليس بالصاد كما وردت بالسين في قوله تعالي في الآية رقم 247 من سورة البقرة : -
بسم الله الرحمن الرحيم
( قال إن الله اصطفــــــــه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يأتي ملكه من يشاء والله واسع عليم ) . صدق الله العظيم .
وقد كانت عملية جمع القرءان في عهد عثمان معركة كبيرة قتل على أثرها عثمان حيث رفض مصحف عائشة زوجة رسول الله الذي ورثته حميدة بنت أبي يونس وكذلك رفض قراءة عبد الله ابن مسعود مخالفاً لحديث الرسول الذي يقول : -تعلموا القرءان من أربعة عبد الله ابن مسعود وسالم مولى أبى حذيفه وأبي ابن كعب ومعاذ بن جبل .
وعبد الله بن مسعود حفظ عن الرسول 70 سورة شفاهة من فم الرسول فور تلقيها من الوحي المقدس .
وقال عنه مجاهد : لو سمعت قراءة عبد الله بن مسعود ما كنت في حاجة لقراءة الأحاديث الواردة عن بن عباس .
ولم يأخذ عثمان بقراءة أبي بن كعب الذي كان موضع ثناء جبريل وحي الله المقدس الذي أنزل القرءان علي قلب رسول الله .
وقام عثمان بحرق جميع المصاحف المتعارضة وحرقها ولو لم يفعل ذلك كان بين أيدينا الآن عدد كبير من المصاحف المتعارضة التي كانت ستؤدي إلى بلبلة كبيرة . أكثر من الأناجيل المتداولة وغير المتداولة بين أيدى المسيحيين .
وليس معني ذلك أن عثمان ارتكب خطيئة في جمع القرءان أستغفر الله فقد تعهد الله بحفظه : ( إنا نحن أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) .
وما وفق إليه عثمان كان بلا شك متفقاً مع الإرادة الإلهية بدليل أن دانت له السيادة والاستمرارية .
ونعود لنرد علي الزعم بجواز كسر حرف التاء في كلمة خاتم بأمرين :
أولا : أن حضرة محمد كان خاتماً للنبوات في عصره وفاتحاً لمن بعده وهذا شأن جميع الأنبياء .
ثانياً : أنه نتيجة التطور العلمي المذهل السريع المتلاحق المتزايد المستمر في جميع مناحي الحياة فأصبحت البشرية ليست في حاجة إلى من يتنبأ أي الأنبياء فالتكنولوجيا الحديثة تقوم بهذه التنبؤات بصورة سريعة ودقيقة ولفترات زمنية لاحقة وهذا فيض من العلم الإلهي للبشرية فقد وفرت أجهزة التكنولوجيا للطبيب معرفة الأمراض التي سوف يصاب بها الإنسان وهو بعد طفل رضيع أو جنينً في بطن أمه وهكذا في مجال الهندسة والفلك والزراعة وغيرها .
أما الإنسان في حاجة مستمرة إلى تجديد الرسالات كل حين ليظل التواصل الروحي مستمراً نقياً بين الإنسان والله لهذا نحتاج الرسل والرسالات السماوية لتعطينا الحب والهدوء النفسي والراحة والإحساس بالأمان والإيمان وذلك ما تعجز عنه التكنولوجيا الحديثة مهما تقدمت وتطورت .
فالرسالات السماوية هي صمام الأمان للإنسان لتربية الضمير وترسيخ الأخلاق والقيم ودعم الروح الإنسانية وتوجيه الإنسان للتعاون وعمل الخير وعدم الانحراف باستخدام العلم والتكنولوجيا لتدمير الكيان الإنساني بدلا من تحقيق التنمية والرخاء والتقدم وبناء الحضارة الإنسانية .
لهذا فالرسالات والرسل في عملية تواصل مستمر ما دام الإنسان يعيش علي وجه البسيطة لحاجة الإنسان الدائمة للتواصل مع الله
ولماذا لا يستمر الرسل وتستمر الرسالات السماوية ؟
لأنه كلما طال الزمان بعداً كلما طال عليهم الأمد يصبح الماء الروحي بوراً ويصاب بالعكارة والتشويه نتيجة الفتاوى المتعارضة والآراء المتضاربة والتفسيرات المتناقضة فيصيب الإنسان الحيرة والتردد ويتسرب إليه الشك والقلق الروحي ويحتاج إلى تجديد الماء الروحي لتطهير العلاقة بين الإنسان والله وعنده المدد السماوي والرحمة الإلهية تمطر من سماوات الفضل الإلهي ماء روحياً جديداً نقياً في دورة جديدة برسول جديد ورسالة جديدة وعهد جديد
أيحسبون أن يد الله مغلولة عن هطول أمطار الرحمة الإلهية من سماوات الفضل الإلهي كل حين إلى ما شاء الله ما دام الإنسان مستمرا على هذه الأرض محتاجاً إلى رحمة الله . غلت أيديهم .
ثم كيف يترك الله كلمة البشر تكون لها السيادة ويقول الناس قال فلان بن علان
ويأخذون علومهم من ميت عن ميت وتتواري كلمة الله العليا الحى الذى لا يموت . التي ولا بد وأن يكون لها السيادة والاستمرار لأنها كلمة الله العليا ؟
( وفى ذات ليلة أصغيت إلى هذه الكلمة العليا فى عالم الرؤيا من جميع الجهات
, إننا ننصرك بك وبقلمك لا تحزن عما ورد عليك ولا تخف إنك من الآمنين سوف يبعث الله جنود الأرض وهم رجال ينصرونك بك وباسمك الذى به أحيى الله أفئدة العارفين ,
وبالرغم من أن النوم كان عزيز المنال من وطأة السلاسل والروائح المنتنة حين كنت رهين سجن أرض الطاء ( طهران ) إلا إنني كنت فى هجعاتى اليسيرة أحس كأن شيئاً ما يتدفق من أعلى رأسى وينحدر على صدرى كأنه النهر العظيم ينحدر من قلة جبل باذخ رفيع إلى الأرض فتلتهب جميع الأعضاء لذلك . فى ذلك الحين كان اللسان يرتل ما لا يقوى على الإصغاء إليه أحد ) .
وعرضوا عليه النفى إلى روسيا ولكنه اختار مدينة بغداد التى تقع اليوم بالعراق ثم توجه إلى جبال السليمانية قرب منطقة كردستان لمدة سنتين ثم رجع إلى بغداد وكتب كتاب الإيقان ثم تم نفيه إلى مدينة القسطنطينية ( استنبول حالياً ) وقبل نفيه أعلن دعوته المقدسة فى حديقة الرضوان التى كان يقيم بجوارها تأهباً للسفر للمنفى الجديد ثم نفى إلى مدينة عكا فى فلسطين سجناً أبدياً ثم نقل من قلعة السجن إلى منزل بمنطقة المزرعة ثم استأجر له الأحباء قصر البهجة الذى قضى فيه بقية حياته وأرسل رسائل إلى الملوك والرؤساء ومنهم الإمبراطور لويس نابليون والبابا بيوس التاسع والإمبراطور فرانسوا جوزيف إمبراطور النمسا وإلى شاه إيران والخليفة العثمانى السلطان عبد العزيز ورئيس وزرائه على باشا والذى تنبأ فيها بموت على باشا وزميله فؤاد باشا وزير الخارجية وأيضا تنبأ بفقد الحكومة العثمانية لجزء كبيرة من أراضيها فى أوربا وأخيرا سقوط السلطان عبد العزيز نفسه والمصير المأسوي لنابليون بونابارت ولا شك أن تحقق هذه التنبؤات والبشارات قد عزز بشكل كبير موقف ومقام حضرة بهاء الله ورفع من شأنه ومنزلته وكان رد فعل الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا فى قولها ( إذا كانت هذه الدعوة من لدى الحق تبارك وتعالى فإنها ستبقى من تلقاء نفسها وان لم تكن فإنها لا تؤذى ) .
إن ما ينفع الناس يمكث فى الأرض وأما الزبد فيذهب جفاءاً . وبالفعل استمرت العقيدة البهائية لأنها من عند الله .
وقد تحمل الرسل والأنبياء العظام مثل هذه الشدائد والمصاعب .
وحيث كان في السجن كانت تنزل عليه آيات الله تنهمر من فوق رأسه تجعل لسانه ينطق بأنات الروح القدس ويرتل كلمات الله المقدسة فتكون هي السلوى وقت المحن والشدائد وتخفف عنه السجن والتغريب وغلاظ القلوب المنغلقة قليلي الإيمان .
ووفد عليه في سجنه أساتذة الجامعات الأوربية مثل الدكتور براون والدكتور أسلمنت وغيرهم وكذلك سفراء الدول الأوربية والساسة والمفكرون والمثقفون ورجال السلك الديبلوماسي للدول الأوربية إعجابا لدعوته وعرضوا عليه تقديم المساعدات ولكنه كان يرفضها دائما متوكلاً على الله الحي القدير فقد كانوا يلتمسون بركاته ويناقشونه وغيرهم من الخاصة والعامة الذين ضحوا بكل غال وثمين في سبيل محبوبهم حضرة بهاء الله كفريضة دينية لظهور الأمر الإلهي .
ونعود للموضوع الرئيسي لماذا رفض المسلمون حضرة بهاء الله ؟
حتماً يجد المسلمون في تصورهم دليلاً لرفض الظهور الجديد كما جد غيرهم من اليهود والنصارى في رفض كل عهد جديد والتي ناقشناها سلفاً وأثبتنا أنها دلائل وهمية تعشش في خيالاتهم المريضة ولا علاقة بينها وبين الكتب المقدسة ولكنها تصورات ساذجة أفرزتها قلوب مريضة وعقول مغرضة فأضلوا أنفسهم وأضلوا الناس ضلالاً بعيداً زمناً طويلاً .
وفي ذلك يقول القرءان المقدس : -
بسم الله الرحمن الرحيم
( وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين )
الشعراء ( 5 )
فلماذا احتج المسلمون علي حضرة الظهور الإلهي مظهر أمر الله المبارك البهي الأبهى حضرة بهاء الله ؟
استندوا إلى الآية رقم ( 40 ) من سورة الأحزاب حيث يقول الله تجلت حكمته وعلت قدرته عز وجل : -
بسم الله الرحمن الرحيم
( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شئ عليما ) . صدق الله العظيم
وحينما نتفحص كلمة خاتم في القرءان المقدس بالرسم العثماني الذي بين أيدينا الذي هو موضع اتفاق تام بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ويتلونه هكذا في عبادتهم وصلواتهم وأذكارهم والتقرب بقراءته إلى الله نجد أن حرف التاء في كلمة خاتم مفتوحة بالفتحة على التاء وليس مكسورة
ومعني كلمة خاتم بفتح التاء في جميع القواميس العربية تعني حلية وزينة فيتزين الإنسان بوضع خاتم في إصبعه ويتختم أي يتزين .
ومعني الآية المقدسة حسب ما تقدم أن حضرة محمد كان زينة الأنبياء وحليتهم فقد أعطاه الله القوة والسلطنة والعظمة ونصره نصراً مؤزراً علي المشركين والكافرين ودانت له السيادة الملكية بجانب الريادة الروحية في حياته وأصبحت مكة مقدس المسلمين بعد إذ طهرها من الأصنام . وأصبح أهلها الذين طاردوه وحاربوه وناصبوه العداء هم الآن المدافعون عن الإسلام يبذلون في سبيله كل غال وثمين .
وقد كان الله يواسيه أحيانا ليشد من أزره وقت المحن والشدائد ويعطيه بركاته ويحل عليه الروح القدس فينطق بأنات جبريل الأمين قرءاناً عربياً بليغاً أعجز كل الفصحاء والبلغاء في عصره ولا زال مدرسة ننهل من معينها الحكمة والعلم الإلهي لأنها كلمة الله العليا التي تستمر ولها الخلود دائما والغلبة دائماً .
وأراد الله أن يقول لأتباع الرسول أن محمد ليس في حاجة لأن تقرنوا باسمه أحداً فقد اقتضت المشيئة الإلهية ألا يعيش أبناء محمد الذكور حتى لا يكون الحكم وراثيا كما كان الحال في بني إسرائيل بل يكون بالمشورة بين الرعية حسب الكفاءة الروحية والتأهيل الديني والطهارة والزهد والورع من بين الرعية لأن ذلك كان أحد متطلبات العصر وبزوغ الفجر الديمقراطي في إدارة الممالك بدلاً من الحكم الوراثي .
وبهذا يكون تفسير الآية ليس كما هو متداول بين الناس من أن محمد هو آخر الأنبياء بل زينة الأنبياء وحليتهم .
وقد يحتج على هذا القول من يقول لنا أن هناك قراءات معتمدة أخرى تجيز كسر حرف التاء وهذا نوع من التصحيف وعلي هذا الأساس يكون محمد هو آخر الأنبياء .
وبالرغم من أن هذه القراءة مخالفة لقواعد النحو والصرف في اللغة العربية المتعارف عليها .
إضافة إلى أن الرسم العثماني مختلف عن رسم الحروف باللغة العربية المتعارف عليها والقرءان به أكثر من 300 كلمة مخالفة لقواعد النحو والصرف وبعضها مخالف للهجاء المتعارف عليه .
وقد كان ذلك بأمر الوحي السماوي لأن محصول الحروف مرتبط بدلالات رقمية لم يصل إلينا هذا العلم حتى الآن .
وإن كان الدكتور محمد رشاد خليفة الذي كان يعمل أستاذاً بإحدى الجامعات الأمريكية قد أجرى بحثاً عن حروف القرءان والدوال الرقمية في الآية المقدسة ( وعليها تسعة عشر ….. ) وخرج علينا بتفسير جديد للآية مقبول عقلياً وقد استخدم الكمبيوتر في هذا البحث وساعدته زوجته الأمريكية الأصل التي أشهرت إسلامها علي يديه وأصبحت زوجته وتم تسجيل البحث في مكتبة الكونجرس الأمريكي وتم ترجمته وحاضر في موضوعه في المملكة العربية السعودية التي قامت بتسجيل البحث علي شرائط كاسيت وطبعه وتوزيعه في جميع أنحاء العالم .
وقام الباحث بأعمال أخرى مماثلة تتناول موضوع السنة ولكنها لم تترجم ولازالت موجودة في مكتبة الكونجرس الأمريكي حتى الآن وقد توفاه الله مقتولاً في أحد المساجد التي كان يترأسها في ولاية فريجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية بعد صلاة الفجر بأيدى متطرفين .
ونعطي أمثلة للاختلافات الوارد ذكرها في مجمل الحديث حيث يقول الله في الآية المقدسة رقم 245 من سورة البقرة : -
بسم الله الرحمن الرحيم
( من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضــــــــعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبصط وإليه ترجعون ) . صدق الله العظيم.
وورد أيضاً في الآية رقم 69 من سورة الأعراف حيث يقول الله:-
بسم الله الرحمن الرحيم
( …… إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون ) . صدق الله العظيم .
وكتبت كلمة بصطة علي خلاف المتعارف عليه بالسين وليس بالصاد كما وردت بالسين في قوله تعالي في الآية رقم 247 من سورة البقرة : -
بسم الله الرحمن الرحيم
( قال إن الله اصطفــــــــه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يأتي ملكه من يشاء والله واسع عليم ) . صدق الله العظيم .
وقد كانت عملية جمع القرءان في عهد عثمان معركة كبيرة قتل على أثرها عثمان حيث رفض مصحف عائشة زوجة رسول الله الذي ورثته حميدة بنت أبي يونس وكذلك رفض قراءة عبد الله ابن مسعود مخالفاً لحديث الرسول الذي يقول : -تعلموا القرءان من أربعة عبد الله ابن مسعود وسالم مولى أبى حذيفه وأبي ابن كعب ومعاذ بن جبل .
وعبد الله بن مسعود حفظ عن الرسول 70 سورة شفاهة من فم الرسول فور تلقيها من الوحي المقدس .
وقال عنه مجاهد : لو سمعت قراءة عبد الله بن مسعود ما كنت في حاجة لقراءة الأحاديث الواردة عن بن عباس .
ولم يأخذ عثمان بقراءة أبي بن كعب الذي كان موضع ثناء جبريل وحي الله المقدس الذي أنزل القرءان علي قلب رسول الله .
وقام عثمان بحرق جميع المصاحف المتعارضة وحرقها ولو لم يفعل ذلك كان بين أيدينا الآن عدد كبير من المصاحف المتعارضة التي كانت ستؤدي إلى بلبلة كبيرة . أكثر من الأناجيل المتداولة وغير المتداولة بين أيدى المسيحيين .
وليس معني ذلك أن عثمان ارتكب خطيئة في جمع القرءان أستغفر الله فقد تعهد الله بحفظه : ( إنا نحن أنزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) .
وما وفق إليه عثمان كان بلا شك متفقاً مع الإرادة الإلهية بدليل أن دانت له السيادة والاستمرارية .
ونعود لنرد علي الزعم بجواز كسر حرف التاء في كلمة خاتم بأمرين :
أولا : أن حضرة محمد كان خاتماً للنبوات في عصره وفاتحاً لمن بعده وهذا شأن جميع الأنبياء .
ثانياً : أنه نتيجة التطور العلمي المذهل السريع المتلاحق المتزايد المستمر في جميع مناحي الحياة فأصبحت البشرية ليست في حاجة إلى من يتنبأ أي الأنبياء فالتكنولوجيا الحديثة تقوم بهذه التنبؤات بصورة سريعة ودقيقة ولفترات زمنية لاحقة وهذا فيض من العلم الإلهي للبشرية فقد وفرت أجهزة التكنولوجيا للطبيب معرفة الأمراض التي سوف يصاب بها الإنسان وهو بعد طفل رضيع أو جنينً في بطن أمه وهكذا في مجال الهندسة والفلك والزراعة وغيرها .
أما الإنسان في حاجة مستمرة إلى تجديد الرسالات كل حين ليظل التواصل الروحي مستمراً نقياً بين الإنسان والله لهذا نحتاج الرسل والرسالات السماوية لتعطينا الحب والهدوء النفسي والراحة والإحساس بالأمان والإيمان وذلك ما تعجز عنه التكنولوجيا الحديثة مهما تقدمت وتطورت .
فالرسالات السماوية هي صمام الأمان للإنسان لتربية الضمير وترسيخ الأخلاق والقيم ودعم الروح الإنسانية وتوجيه الإنسان للتعاون وعمل الخير وعدم الانحراف باستخدام العلم والتكنولوجيا لتدمير الكيان الإنساني بدلا من تحقيق التنمية والرخاء والتقدم وبناء الحضارة الإنسانية .
لهذا فالرسالات والرسل في عملية تواصل مستمر ما دام الإنسان يعيش علي وجه البسيطة لحاجة الإنسان الدائمة للتواصل مع الله
ولماذا لا يستمر الرسل وتستمر الرسالات السماوية ؟
لأنه كلما طال الزمان بعداً كلما طال عليهم الأمد يصبح الماء الروحي بوراً ويصاب بالعكارة والتشويه نتيجة الفتاوى المتعارضة والآراء المتضاربة والتفسيرات المتناقضة فيصيب الإنسان الحيرة والتردد ويتسرب إليه الشك والقلق الروحي ويحتاج إلى تجديد الماء الروحي لتطهير العلاقة بين الإنسان والله وعنده المدد السماوي والرحمة الإلهية تمطر من سماوات الفضل الإلهي ماء روحياً جديداً نقياً في دورة جديدة برسول جديد ورسالة جديدة وعهد جديد
أيحسبون أن يد الله مغلولة عن هطول أمطار الرحمة الإلهية من سماوات الفضل الإلهي كل حين إلى ما شاء الله ما دام الإنسان مستمرا على هذه الأرض محتاجاً إلى رحمة الله . غلت أيديهم .
ثم كيف يترك الله كلمة البشر تكون لها السيادة ويقول الناس قال فلان بن علان
ويأخذون علومهم من ميت عن ميت وتتواري كلمة الله العليا الحى الذى لا يموت . التي ولا بد وأن يكون لها السيادة والاستمرار لأنها كلمة الله العليا ؟