(1) اخذت المواضيع من كتاب الكنوز الالهية وكتاب بهاء الله والعصر الجديد وكتاب دين الله واحد
يؤمن الدين البهائي ، مثله مثل باقي الاديان، بأن التجارة والكسب المادي لابأس بهما ماداما في حد الاعتدال. وفي البداية يجب الاشارة بأن الامر المبارك ليس مؤسسة اقتصادية وايضا ليس جهاز ادارى أو ثقافي أو سياسي. الدين البهائي مثل باقي الأديان يتطرق إلى جميع عناصر حياة الفرد الروحية والاجتماعية. ولهذا يجب ان لا نتوقع بوجود جواب لجميع الاسئلة عن المشاكل الاقتصادية والمعيشية في آثار الرموز المقدسة البهائية.
وحول هذا الموضوع تفضل حضرة شوقي افندي(ولي امر الله) بقوله : ” عمليًا ليست هناك تعاليم محدّدة وخاصة حول الاقتصاد في الامر المبارك مثل ما يتعلق بالبنوك ونظام الاسعار وغيرها. ان الدين البهائي ليس نظاما اقتصاديا ولم يكن مؤسسو هذا الدين من الاخصائيين الاقتصاديين. اما مساهمة الامر المبارك لهذا الموضوع فهي أساسا بشكل غير مباشر، مثل تطبيق المبادئ الروحية على النظام الاقتصادي لعالمنا اليوم. اشار حضرة بهاء الله لعدة مبادئ رئيسية سترشد الاقتصاديين البهائيين في المستقبل وتؤدي إلى ايجاد مؤسسات تعمل على تعديل العلاقات الاقتصادية في العالم.. “
حل المشاكل الاقتصادية من وجهة النظر البهائية (2)
منذ فترة اعلن نائب رئيس البنك الدولي بان مليارات من الناس الان تعيش تحت خط الفقر ويحذر البنك من هذه الازمة الخانقة التي تزداد بقوة يوما بعد يوم ومازال العالم مكتوف الايدي لحل تلك المشكلة العويصة والتي تتفاقم مع الايام والمشكلة ليست في الفقر فقط انما في توابعه من امراض وجهل بسبب عدم القدرة على التعلم ورغم الحلول التي يحاول العالم ان يطرحها الا ان المشاكل كلها تُحل بمشكلات فرعية اخرى متشعبة وفي النهاية اصبحت المشاكل شبكة تحيط بالانسانية ولا تجد البشرية مخرج من ذلك.
وهنا يبقى التساؤل هل سيستطيع العالم ان يحل مشكلاته بنفسه؟ ام انه يجب ان يلتجأ الى الدواء الالهي الناجع؟ وهل سيظل العالم في فرقة وعدم اتحاد لمواجهة مشكلاته المتفاقمة؟
وعندما كنا ننظر في الماضي فان العالم كان ينقسم
الى دول غنية كبرى تتمتع برفاه العيش ويعيش الفرد بمستوى ممتاز من الدخل يجعل الانسان يعيش في سلام مع نفسه واسرته ويستطيع ان يواجه متطلبات الحياة المختلفة وهناك الدول النامية التي نجد فيها فئة قليلة تنعم برغد العيش اما الفئة العظمى من الشعب الكادح فهي غارقة في الفقر والحرمان
اما الدول الفقيرة فالجميع غارق في الفقر علاوة على ذلك فان الاف الاموات تتساقط فيها كل يوم
ولم يكن العالم يعي حجم وضخامة هذه المعضلة الا بعد ان اصبحت جميع الدول غارقة في هذه المشكلة الخانقة (بسبب الانهيار الاقتصادي) الذي عصف بجميع الدول من دول كبرى ونامية وفقيرة واصبح الجميع يعاني ويشعر باخوته في الدول الاخرى
لقد اغلقت شركات ومصانع وزادت البطالة بشكل غير طبيعي وطبعا ما يترتب على ذلك من امراض نفسية وعضوية واجتماعية لا يمكن تخيله او تحمله
الا ان الحلول التي يطرحها العالم مازالت عاجزة عن حل هذه المشكلة العظمى لان الحل ليس حل مادي فقط انما هو روحاني ايضا
“انظروا كيف اصاب العالم بلاء جديد …..فالامراض المزمنة قد أودت بالمريض الى وهدة اليأس, ومُنع الطبيب الحاذق عن إشفاء المريض, وقبل عديم الخبرة غيره ليفعل ما يريد” حضرة بهاء الله
ان المرض المستشري في العالم والذي يمتص دم الانسانية هو الفرقة وعدم الاتحاد في المجالات السياسة والاجتماعية وبين الاسرة الواحدة وفي العلاقات بين الاديان والمذاهب المختلفة
ان المؤسسات الاجتماعية الموجودة حاليا عاجزة عن تحقيق اي اتحاد بين اُناس تختلف ثقافاتهم واديانهم
فطبقة المثقفين من انصار العولمة الذين يدينون بالمذهب المادي ويحاولون اعادة تنظيم المجتمع قد فشلوا لان الكوارث يزداد لهيبها يوما بعد يوم
“ان الجنس البشري بأسره محاط بالمصائب والآلام .فاولئك الذين اسكرهم غوى انفسهم قد وقفوا حائلا بين البشر وبين الطبيب الحاذق … فهم عاجزون عن اكتشاف اسباب المرض ولا يعرفون له علاجا” حضرة بهاء الله
حل المشاكل الاقتصادية من وجهة النظر البهائية (3)
وحتى يستطيع الجميع الاستفادة من ثروات الارض علينا اولا ان ينبع ذلك من شعور روحاني وانساني لان هذه الروابط اعظم بكثير من الروابط والحلول المادية التي يطرحها العالم الان ان جسد الانسانية ينمو ولكن روحه خامدة ومالم يستنير العقل البشري بانوار الروح فانه مرضه سيطول ولن تُحل مشكلاته
“أن يا ملأ الأغنياء ان رأيتم من فقير ذي مَتربةٍ لا تفرّوا عنه ثم اقعدوا معه واستفسروا منه عمّا رشح عليه من رشحات ابحر القضاء، تالله في تلك الحالة يشهدنّكم أهل ملأ الأعلى ويُصلّينّ عليكم ويستغفرنّ لكم ويذكرنّكم ويمجّدنّكم بألسن مقدس طاهر فصيح.” حضرة بهاء "
وحتى نستطيع ان ندرك اهمية هذا الموضوع علينا ان نعرف القليل عن النظم الاداري البديع للدين البهائي لادارة الشئون البهائية والعالمية وتتمثل في بيت العدل الاعظم وبيوت العدل المركزية والمحلية
بيت العدل الاعظم ومقره على جبل الكرمل بحيفا بفلسطين هو المسئول عن ادارة شئون البهائيين في العالم اجمع وكذلك شئون العالم قاطبة من خدمات انسانية واجتماعيه اما بيوت العدل المحلية والمركزية فهي تقوم بادارة شئون البهائيين وتقديم الخدمات الاجتماعية والانسانية للناس على المستوى المحلي والمركزي اي على مستوى الدولة ومحافظاتها
ينظر الدين البهائي الى جميع الظروف والاوضاع اثناء حل المشاكل الاقتصادية، بمعنى ان هناك تعاليم خاصة بالافراد وهناك مسائل تتعلق بالمجتمع والسياسيين. فيقول حضرة عبدالبهاء:-
“يجب أنْ يكون تعديل أمور معيشة الخَلق وترتيبها بشكل ينعدم فيه الفقر والفاقة حتّى يكون لكلّ فرد على قدر مقامه ودرجته نصيبًا من السّعة والرّفاهية. وهناك اليوم بعض النّاس في منتهى الثّراء والبعض الآخر في منتهى الفاقة يحتاجون إلى القوت اليومي. فإنسان يعيش في قصر عالٍ جدًّا وإنسان آخر لا يملك حفرة يأوي إليها”
“فإذا ما لوحظ فقر وبؤس فمن اليقين وجود ظلم وإجحاف فكأنّ ظهور البؤس دائمًا نتيجة حتميّة لوجود الظّلم. ويجب قيام النّفوس بهذا الأمر الخطير، ولا يجوز أبدًا التّردد في تغيير وإصلاح الأمور الّتي سبّبت الفقر المدقع والجوع للجموع الغفيرة.”
حل المشاكل الاقتصادية من وجهة النظر البهائية (4)
من ناحية الافراد
1-هناك تأكيد على ضرورة رعاية الاصول الاخلاقية مثل الصدق والامانة والانصاف وأمثالها والتى يجب ان تراعى في جميع نواحي الحياة،
2- والأمر الأكيد ضرورة العمل واعتباره نوعا ًمن العبادة. ففي النظام العالمي الجديد لا يوجد مكان للاشخاص الذين لا يعملون، فعلى الكل ان يعمل مهما كانت ظروفه. ان العمل علاوة على فوائده المادية فان له ايضا فوائد معنوية.
يتفضل حضرة بهاء الله “قد وجب على كلّ واحد منكم الاشتغال بأمر من الأمور من الصّنائع والاقتراف وأمثالها وجعلنا اشتغالكم بها نفس العبادة لله الحقّ”
“لا تضّيعوا أوقاتكم بالبطالة والكسالة، واشتغلوا بما تنتفع به أنفسكم وأنفس غيركم “
ولذلك حرم السؤال في الدين البهائي” لا يحلّ السّؤال ومن سئل حرّم عليه العطآء” الاقدس
“ابغض النّاس عند الله منيقعد ويطلب تمسّكوا بحبل الاسباب متوكّلينعلى الله مسبّب الاسباب”الاقدس
والسؤال اي الشحاذة هنا كوظيفة او لاعاقة غير مقبول في الدين البهائي
ولذلك شرح حضرة عبد البهاء في أحد ألواحه هذه الآيات المباركة النازلة في الاقدس بقوله: “حُرّم التّكدّي كما حُرّم الإنفاق على من يتّخذ التّسوّل مهنة له. والمقصود من ذلك هو قطع دابر التّكدّي، أمّا إن عجز شخص عن كسب الرّزق، أو أصيب بفقر مدقع، أو أضحى عاجزاً، فعلى الأغنياء أو الوكلاء عندئذٍ تخصيص راتب شهريّ لمعيشته… والمقصود بالوكلاء هم “وكلاء البيت” أي أعضاء بيت العدل.“
3- واثناء التعامل لا يوجد فرق بين المؤمن وغير المؤمن بل يجب ان ننظر الى الجميع سواسية وعلى اساس العدل والانصاف.
4- ان دفع الدين (ديون الفرد) في موعده له أهمية بل له الاولوية على تقديم التبرعات والاعانات فمثلا لو توفى فرد وترك مالا يجب في البداية دفع مصروفات الجنازة ومن ثم دفع الديون ان وجدت ثم بعدهما دفع حقوق الله .
5- من الاحكام الاخرى للدين البهائي دفع حقوق الله. ويعني دفع نسبة معينة من المبالغ الفائضة عن حاجة الانسان. أى باسلوب بسيط ، دفع نسبة تسعة عشر بالمائة من صافي دخل الفرد بعد ان يكون قد سدد احتياجاته الاساسية والضرورية ويكون صافي دخله قد وصل الى حد النصاب وهو تسعة عشر مثقالا من الذهب. ولا يُجبر أي شخص على دفع حقوق الله ولا يجب المطالبة به من اي جهة وانما هذا أمر شخصي ووجداني ولكنه فرض على من يشمله هذا الحكم.
حل المشاكل الاقتصادية من وجهة النظر البهائية (5)
6- وأيضا يتم تشجيع الافراد على تقديم التبرعات والاعانات، وليس هناك حدود معينة لذلك حيث ان الافراد مختارون مهما كانت امكانياتهم المادية فى تقديم اية مبالغ الى الصناديق الامرية.
7- المحور الاساسي لهذا الموضوع من ناحية العقيدة البهائية هو موضوع المؤاساة وهو يختلف عن المساواة. في المساواة يتساوى جميع افراد المجتمع مهما كان تفاوت انتاجية الفرد على الاخر وهذا ليس بعدل ولم يكن ذلك عمليا.وقد شرح حضرة عبد البهاء ما يلي
” فالهيئة الاجتماعيّة أشبه بفرقة من فرق الجّيش.. لا بدّ من وجود القائد الأعلى ووجود الزّعيم ووجود العقيد ووجود الضّابط ووجود الجندي. ولا يمكن أنْ يكونَ الجّميع في رتبة واحدة فالرّتب إذًا ضروريّة ولكنْ يجب أنْ يعيشَ كلّ فرد من أفراد الجّيش في تمام الرّاحة والهناء”
أما المواساة فتعني تفاوت أفراد المجتمع في العمل والعطاء، وكل يأخذ نصيبه حسب قدراته وامكانياته. طبعا هناك فقير وغني في المجتمع، والمعنى الآخر للمواساة ترجيح الآخرين على النفس. يعني على الغني أن يراعي حال الفقير، لأن الفقراء حسب الدين البهائي هم أمانة الله لدى الاغنياء، وان رجّحت الآخرين على نفسك فانك ستنفق ما لديك للاخرين بمنتهى المحبة.
ويتفضل حضرة عبد البهاء “ومن جملة تعاليم بهاءالله إشراك الإنسان أخاه الإنسان إشراكًا اختياريًّا فيما يملكه، وهذا الإشراك أعظم من المساواة، وهو أنْ لا يرجّح الإنسان نفسه على غيره، بل يفديه بروحه وبماله”
ان الصوم وفاء لنذر جائز ولكن ما ينتفع به العباد احب واولى بمعنى انه لو نذر انسان شئ وتحقق واراد ان يوفي النذر فانه احب في الدين البهائي ان يقوم بعمل يخدم الانسانية بدلا من ان يقوم بالصيام لان الصيام فوائده تعود عليه وحده اما خدمة الناس فيعود نفعها على الناس وهذا احب الى الله وهذا يحقق مبدأ وحدة العالم الانساني الذي جاء به حضرة بهاء الله
وفي الكلمات المكنونة المنزلة على حضرة بهاء الله
يا أبناء التّراب: خبّروا الأغنياء بأنين الفقراء … (الكرم والجود من خصالي فهينئاً لمن تزيّن بخصالي).
يا أغنياء الأرض: الفقراء أمانتي بينكم، إذاً فاحفظوا أمانتي كما ينبغي ولا تنصرفوا تماماً إلى راحة أنفسكم.
يَا ابْنَ الإِنْسانِ: أَنْفِقْ مالِي عَلى فُقَرائِي لِتُنْفِقَ فِي السَّمآءِ مِنْ كُنُوزِ عِزِّ لا تَفْنى وَخَزائِنِ مَجْدٍ لا تَبْلى
حل المشاكل الاقتصادية من وجهة النظر البهائية (6)
8- وان سعى الفرد للعمل، ولكنه لم يستطع ان يؤمن حياته، فما العمل ؟ مثلا اذا أصابت آفة محصولا زراعيا أدت الى اتلافه ، فماذا يجب أن نعمل؟
يقترح حضرة عبدالبهاء أنْ توكلَ إدارة الشّؤون الماليّة في كلّ مدينة أو قرية أو محافظة، كلّما أمكن ذلك، إلى تلك المدينة أو القرية أو المحافظة ذاتها، لتقوم بإجراء ذلك داخل حدودها، ولتقدم إلى الحكومة المركزيّة نصيبًا من المصروفات العامّة. ويجب أنْ تكونَ ضريبة الدّخل التّصاعديّة أحد المنابع الرّئيسيّة الماليّة. وإذا لم يزد دخل الإنسان على مصروفه الضّروري لن تؤخذ منه ضريبة، ولكنْ عندما يزداد الدّخل في جميع الأحوال على المصروفات الضّروريّة فهناك تفرض الضّريبة، وترتفع النّسبة المئويّة فيها كلّما ازداد فائض الدّخل على المصروفات الضّروريّة. وقد شرح حضرة عبد البهاء بشكل مبسط عن كيفية اقامة صندوق اجتماعي في احدى القرى ما يلي
“وواردات هذا المخزن سبعة، وهي: واردات العشر (الضريبة التصاعدية)، ورسوم على الحيوانات، والمال الّذي لا وارث له، واللّقائط الّتي لا يعرف أصحابها، وثلث الكنوز الّتي يتمّ العثور عليها، وثلث المعادن، والتّبرعات.
”ومصروفاته سبعة أيضًا: أولّها المصروفات المعتدلة العموميّة كمصاريف المخزن وإدارة مراكز الصّحة العامّة، وثانيها أداء العشر للحكومة، وثالثها أداء رسوم الحيْوانات للحكومة، ورابعها إدارة دور الأيتام، وخامسها مساعدة العجزة، وسادسها إدارة التّعليم، وسابعها إكمال المعيشة الضّروريّة للفقراء.
9- واذا نظرنا الى حكم تقسيم الارث بين الورثة نرى بأن هناك نوعاً من توزيع للثروة. بالطبع للفرد الحرية الكاملة في توزيع ماله واعطائه لمن أراد، أما في الكتاب الاقدس هناك تقسيم معين للارث لسبع جهات ولكن يتم تقليل النسبة من الأول إلى الأخير : الاولاد، الزوج او الزوجه ، الوالد ، الوالدة ، الاخ، الاخت، والمعلم. (وهذا تكريم عظيم للمعلم) وفي حالة عدم وجود جهة معينة يذهب جزء من الحصة إلى بيت العدل ، أى مصدر اضافي لايرادات بيت العدل.
10- من المواضيع الاخرى التي تؤرق الاقتصاد مسألة المظاهرات والاضرابات يعني المطالبة بحقوق شرعية او غير شرعية ولكن بالقوة والاجبار. يرى حضرة عبدالبهاء بأن هذا الطريق ليس صحيحا وليس عادلاً لانه ينتهي الى الفوضى والطمع وليس له نهاية. ولكن يجب ان نستمع الى اصوات العمال ولا نسمح لاصحاب العمل بانتهاك حقوق العمال. الحل المقترح ان يكون العمال شركاء في الشركة التي يعملون فيها ويكون لهم نسبة من الحصص وبالتالى نسبة من الارباح. بهذه الطريقة يكون للعمال حقوق اكبر..ولهذا لا يقومون على الاضراب ، لأن الضرر يعود عليهم ولذلك سيعملون برغبة وحب أكبر.
وتحدّث عبدالبهاء حول العلاقات الاقتصاديّة بين الرّأسمالييّن والعمّال فقال:- “أمّا قوانين الأجور الموجودة فيجب إلغاؤها تمامًا. فلو زاد أصحاب المعامل أجور العمّال اليوم فإنّهم بعد شهر أو سنة أخرى يتظاهرون أيضًا ويضربون ويطلبون المزيد. وليست لهذا نهاية”.
حل المشاكل الاقتصادية من وجهة النظر البهائية (7)
11- منع استعباد العمال
يحرّم حضرة بهاءالله في الكتاب الأقدس الرّق والاستعباد، ويشرح حضرة عبدالبهاء ذلك مؤكّدًا أنّ هذا التّحريم لا يشمل الرّق الشّخصي فحسب بل يشمل الرّق الزراعي الصّناعي أيضًا
ان موضوع الرق الذي اعتنقه العالم الغربي طوال 1000 سنة جعل المصلحون البريطانيون يتوجهون
الى الكتاب المقدس يستلهمون المثل العليا لحل الشر النابع من هذا المشكلة الاجتماعية الضخمة بعد ان فشلوا في ايجاد حلول بشرية لهذه المشكلة المتفاقمة وقد ادلى رئيس الولايات المتحدة بتصريحا قائلا “كل نقطة دم اسالها السوط سيكون ثمنها نقطة دم اخرى يسفكها السيف “لقد تحقق ما جاء قي التوراة منذ 3000 سنة”احكام الرب حق عادلة” فلا بديل لحل مشاكل العالم الا بالرجوع الى الكتب المقدسة
ولذلك يتفضل حضرة شوقي افندي إن الحل الاقتصادي هو إلهي في طبيعته” يقصد من ذلك أن الدين وحده، وكملجأ اخير، يمكن أن يأتي بتغيير جوهري في طبيعة الانسان وسلوكه لكي يستطيع هذا الأخير تعديل العلاقات الاقتصادية في المجتمع. إنها الوسيلة الوحيدة التي يستطيع الانسان فيها أن يسيطر على القوى الاقتصادية التي تهدد وجوده ومن ثم سيطرته على قوى الطبيعة.”
12- ربح الاموال ويقصد من ذلك الربا (اي ربح النقود)
ان ربح النقود تحت اي مسمى هي نوع من الربا ولكن هناك ربا لاستغلال الفرد وربا للتداول والتعامل الحلال بين الناس
والدين البهائي نزل في القرن ال19 اي لم يكن انظمة البنوك معمول بها بهذا الشكل في العالم ومع ذلك
فقد كتب حضرة بهاءالله في لوح الإشراقات:-
“ويرى أكثر النّاس محتاجًا إلى هذه الفقرة، إذ لو لم يكن ربح متداول معمول به بين النّاس لتعطّلت الأمور وتأخّرت، وقلّما نجد من يوفّق بمراعاة بني جنسه وأبناء وطنه أو إخوانه ليقرضهم قرضًا حسنًا لذا فضلاً على العباد قرّرنا الرّبا كسائر المعاملات المتداولة بين النّاس أي ربح النّقود… وصار ربح النّقود حلالاً طيّبًا طاهرًا…”.
”ولكنْ يجب أنْ يكون هذا الأمر بالاعتدال والإنصاف. وقد توقّف القلم الأعلى في تحديده حكمة من عنده ووسعة لعباده. ونوصي أولياء الله بالعدل والإنصاف وما يظهر به رحمة أحبائه وشفقتهم بينهم…”.
”ولكنْ فوَّض إجراء هذه الأمور إلى رجال بيت العدل، حتّى يعملوا بمقتضيات الوقت والحكمة”([1])
حل المشاكل الاقتصادية من وجهة النظر البهائية (
اما على المستوى الدولى
1- فان الدين البهائي قدّم حلولا كلية. فالنظام العالمي الجديد يشمل تأسيس مجلس عالمي يضم مندوبين عن جميع الدول يمثلون شعوبهم ويهدفون الى البحث والحوار لاتخاذ قرارات هامة تخص العالم . ومع هذا المجلس ستكون هناك محكمة دولية للحكم على القضايا العالمية. كما ان قوى الامن العالمية ستعمل على ترسيخ دعائم الامن والسلام في كل دول العالم وتعمل على تنفيذ قرارات المجلس العالمي والمحكمة الدولية. هذا المجلس العالمي سيشرف على جميع منابع ومصادر وثروات الكرة الارضية وستصبح جميع الموارد الطبيعية والزراعية والعلمية والطبية وأمثالها ملكا للعالم بأسره وستوزع بطريقة عادلة ومنصفة حتى يصل إلى عموم أهل العالم. هذا النظام سيعمل على حل المشاكل مثل الجفاف والسيول والاعاصير والزلازل وغيرها. ان المشكلة التي تواجه اي دولة كانها تواجه العالم بأسره وسيعمل الكل على حلها.
2-وضع حضرة عبدالبهاء نظرية لاصلاح الامور الاقتصادية في ايران في رسالته المعروفه ” الرسالة المدنية ” وهذه النظرية تصلح لتعديل العلاقات الاقتصادية الدولية وعلى الدول والشعوب ان تستفيد من تجارب بعضها. ولا بأس باجراء معاهدات تجارية حول تبادل البضاعه والسلع أى المقايضة.
3-ان الحد من التسلح العسكري سيؤدي الى تخفيض المصاريف الزائدة والحد من الازمات المالية. كما تستطيع قوى الامن العالمية أن تشرف على ذلك
4- ضرورة توحيد العملة في العالم لتسهيل المعاملات التجارية وغيرها وتوفيراً للاموال الطائلة نتيجة التحويلات المالية.
5- الاتفاق على مقاييس وأوزان ومكاييل واحدة تستعملها جميع أمم الأرض.
واخيرا ان المسالة الهامة التى أكدت عليها الاديان كلها، والتي هي طريق لحل وجواب للعديد من المسائل هو موضوع الانقطاع. ان الاقتصاد والانخراط في التجارة يتم تشجيعه وهو بمثابة العبادة ولكن يجب أن يكون موازياً مع الانقطاع، أي أن المال يجب ان لا يكون هدف الحياة وانما وسيلة. اذا نظر الكل الى هذا المبدأ سيتم حل الكثير من المشاكل الشخصية والعالمية