ان هذا الموضوع من المواضيع التي لها تأثير حيوي على حياة الشعوب، إذ لا يمكن وجود رقي أو حضارة حقيقية لأمة ما، إلا بالتربية الفاضلة والأخلاق الحميدة والعلم، والتاريخ خير دليل على ذلك، فما سَمت أمة من الأمم ولا قامت حضارة من الحضارات، إلا بالأخلاق والتربية والعلم. فعلى سبيل المثال، قامت الحضارة الإسلامية وتأسست على تربية النفوس بدين الإسلام حينما أصبحت بعض عواصم الدول العربية والإسلامية قبلة أهل العلم والمعرفة في العالم ومحط أنظارهم وغصت مدارسها وجامعاتها بطلاب العلم من شتى بقاع المعمورة مثل بغداد ودمشق والقاهرة واستنبول والأندلس. وكذلك قامت الحضارة المسيحية على أسس من التربية وتعليم النفوس في كثير من بقاع الأرض. وتلك الحضارة اليهودية التي فاقت كل الحضارات القديمة قبلها، بحيث شدَّ بعض كبار فلاسفة اليونان رحالهم الى فلسطين لدراسة علم اللاهوت على يد علماءها وأحبارها. ثم لننظر الى بعض الحضارات الأخرى مثل الحضارة الفارسية التي تولدت من معتقدات الديانة الزرادشتية المعتمدة على تربية الإنسان وتعليمه، وقبلها الحضارة الهندية والصينية وحضارات أمم شرق آسيا التي تولدت من تربية تعاليم كرشنا وبوذا وكونفوشيوس، وكيف خلقت حضارات ما زالت شواهدها شامخة حتى اليوم.
ان هذه الأدلة التاريخية تشير الى أهمية دور التربية الدينية وعلومها في المجتمعات - رغم ما تخللها جميعاً من انتكاسات شابت بعض حقبها التاريخية - إلا انه لا يمكن نكران تحقيقها لغاياتها المرجوة ولو لفترات معينة. ورب من يعترض على هذه المعتقدات الأخيرة (ديانات شرق آسيا وجنوبها) ويعتبرها مجرد أفكار راقية أو نظريات إنسانية وينسبها الى فلاسفة أو مصلحين، ويستدل على ذلك بعدم ورود ذكرها في القرآن الكريم أو على لسان أقوال المصطفى المختار. ومن يدري.. فحتى القرآن الكريم لا ينفي ذلك، بل يمكن استنتاج بعض التأييد لهذا الرأي من مفهوم الآية القرآنية (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)(1)، بل وعلى العكس، يمكن اعتبار هذا النص مؤيدا لهذه الفكرة ومثبتاً لها وفيه شيء من التقدير والثناء الإلهي لجهود أولئك الرسل والأنبياء وانجازاتهم لما ساهموا به من تهيئة لأذهان وأرواح الجنس البشري لاستقبال كل ما هو جديد لاحقاً من شرائع الله.
ان هذه الأدلة التاريخية تشير الى أهمية دور التربية الدينية وعلومها في المجتمعات - رغم ما تخللها جميعاً من انتكاسات شابت بعض حقبها التاريخية - إلا انه لا يمكن نكران تحقيقها لغاياتها المرجوة ولو لفترات معينة. ورب من يعترض على هذه المعتقدات الأخيرة (ديانات شرق آسيا وجنوبها) ويعتبرها مجرد أفكار راقية أو نظريات إنسانية وينسبها الى فلاسفة أو مصلحين، ويستدل على ذلك بعدم ورود ذكرها في القرآن الكريم أو على لسان أقوال المصطفى المختار. ومن يدري.. فحتى القرآن الكريم لا ينفي ذلك، بل يمكن استنتاج بعض التأييد لهذا الرأي من مفهوم الآية القرآنية (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)(1)، بل وعلى العكس، يمكن اعتبار هذا النص مؤيدا لهذه الفكرة ومثبتاً لها وفيه شيء من التقدير والثناء الإلهي لجهود أولئك الرسل والأنبياء وانجازاتهم لما ساهموا به من تهيئة لأذهان وأرواح الجنس البشري لاستقبال كل ما هو جديد لاحقاً من شرائع الله.