ان الله سبحانه وتعالى هو المرسل والباعث لجميع الرسل والأنبياء، ولابد ان الهدف من إرسالهم هو الخير البحت ونشر الأخلاق والفضائل الإنسانية بين بني البشر، لأن الله خير محض ورحمة صرفة، لذلك لا يمكن أن يظهر منه إلا الخير المطلق، إلا إننا لم نرّ من اعتناق البشر لهذه الأديان (الا في فترات محددة) سوى سوء الاستعمال والمنازعات والتشتت وظهور الفرق المتعددة والمذاهب المختلفة التي ملأت صفحات التاريخ بالحروب والدماء، الى درجة ان بعض العلمانيين أو الملحدين راحوا يتبجحون متسائلين، ولهم بعض الحق في ذلك: هل ما يدور في العالم اليوم من مآسي وحروب وفتن ومصائب ومجاعات وإرهاب وقتل وتعصبات دينية ومذهبية، يرضي الله ورسله وهو العادل الرحيم؟
يمكن تمثيل البشرية بمجموعها، بالإنسان الفرد عندما يولد وينمو ليصبح كاملا، فمنذ القدم ولحد هذا اليوم كانت البشرية تتدرج في مراحل الطفولة والمراهقة ولم تصل الى سن البلوغ والنضج بعد (بدليل ان الإنسان ما زال يتقدم في مدارج العلوم والحضارة ولم يصل الى قمة البلوغ بعد)، لذلك كان من الطبيعي على هذا الطفل وصبي الإنسانية، ان يتمرد على القوانين مثلما يفعل الولد الصغير، إما نتيجة لعدم إدراكه لمغزاها، أو بسبب غريزة التمرد والمعارضة الناتجة عن النفس الأمارة، لأن الإنسان يحمل صفتين متناقضتين تمام التناقض، الأولى تسحبه الى الهوى والملذات والعالم المادي، فيتشبه بالصفات الحيوانية كما نراها واضحة لدى الهمج الرعاع من الناس، والأخرى ترفعه الى العالم الإنساني فيتصف بالمثل والأخلاق والقيم والمزايا الرحمانية(2) كما تتجلى في تصرفات الناضجين من أهل الدين والأدب والعلم. لذلك، عندما يكون الرسول المعلم بين البشر أو قريبا منهم، يحاول أتباعه الالتزام بالنظام والشريعة بقدر ما تعلموه منه بسبب تأثير وجوده الشخصي الفعّال بينهم باعتباره شمس الحقيقة المحيية للأرواح ومصدر التشريع، وحالما يبتعد عنهم ويرحل من بينهم، تدب بينهم الاختلافات وتزداد الآراء وتتعدد وجهات النظر وتكثر الاجتهادات، فيتشعب الدين وتظهر المذاهب والفرق والأفكار، فكلٌ يقول برأي مخالف للآخر، وكل يفتي برأي جديد، لكن الصورة الواضحة الإجمالية للجميع هي صورة الارتباك والفوضى عدا فترات محدودة قصيرة؛ الا ان الله برحمته ومغفرته يحب أبناءه وعبيده ويحنو عليهم ويغفر لهم ذنوبهم، ويعتبرهم رغم كثرة شقاوتهم وعدم التزامهم بقواعد دروسه وشرائعه وأنظمته من الناجحين في الدورة السابقة، لأنهم لا يدركون ما يفعلون لجهلهم، بدليل معاندة وتعذيب وقتل أنبياءه ورسله، ومع ذلك ينقلهم الى الفصل التالي ويبعث لهم منهجاً جديداً ورسالة جديدة ورسول جديد ويغفر لهم عدم انتباههم وكثرة غيابهم ومشاكساتهم.
ان ما حدث سابقا، مثله كمثل العلاقة بين مدير المدرسة وطلابه، فهناك اتفاق ضمني ومبدئي بين الاثنين، فواجب المدير (الذي يدركه جيداً)، يقتضي تهيئة المدرسين وإيجاد الفصول والمناهج المتسلسلة ومراقبة عملية التدريس وغير ذلك لضمان أفضل النتائج لمستوى طلابه. أما واجب الطلاب (رغم عدم إدراكهم له بشكل واضح) فهو الجد والمثابرة والتعلم والنجاح. لكن للمدير حافز خفي يدركه جيداً، يدفعه لهذه العملية المتعبة الطويلة المرهقة، ألا وهو محبته لطلابه وتفانيه في خدمتهم وتعليمهم وتثقيفهم والأمل بخلق جيل مثقف واع، فهو يهتم بالجميع دون استثناء لتحقيق هدفه النهائي في إنجاح وتفوق أكبر عدد من طلاب مدرسته، وان أكبر آماله وأعظمها، مشاهدتهم وهم ناضجون مثقفون متعلمون يشغلون أماكن مميزة ووظائف حساسة في المجتمع. عندها يفتخر المدير بنتائج أعماله ويشعر بالزهو والفخر والارتياح لنضوج ثمرة تعب سنين حياته الطويلة ومذاقها اللطيف. كذلك يرسل الله سبحانه وتعالى الرسل والأنبياء ويهيئ لهم الشرائع والمناهج لتعليم البشر لنقلهم من مرحلة الى مرحلة أعلى ومن درس الى درس آخر حتى يصلوا الى الغاية النهائية، وهي إيجاد بشر صالحين مدركين يتصفون بالصفات الإنسانية المثلى.
ان الدورات الرسالية الإلهية متتالية لا أول لها ولا آخر، لأن الدين والرسل هم مظاهر رحمة الله، ورحمة الله لا تنقطع، وكل دورة لها مجموعة من الرسل، وكل رسول يعلم ويربي أمة خاصة به ويرتقي بأخلاقهم ويحاول مساعدتهم ويحبهم أشد الحب، فمنهم من وصف أمته بـ (شعب الله المختار) مثل موسى(ع)، ومنهم من وصفهم بـ (أحباء الله) كما سمى المسيح(ع) أتباعه، وكذلك (خير أمة أخرجت للناس) كما شرّف القرآن الكريم أمة الإسلام بهذا اللقب الرفيع. فما هذا التفضيل وهذه المحبة الا لتشجيع الأمم على الدراسة والتقدم والعمل بأوامر الله ومحاولة النجاح في يوم الامتحان النهائي الذي عرف وسميّ في جميع الكتب السماوية بيوم القيامة والساعة والحاقة والطامة والواقعة واليوم الآخر وغيرها، عندما تجتمع كل أمم أصحاب الكتاب وغيرها في يوم واحد لا ريب فيه لتواجه امتحان واحد محدد. ان عمليات الامتحان والنجاح والرسوب في هذه المرحلة النهائية (يوم القيامة) تشمل كل الأمم بكل مدارسها (أديانها) وبكل مناهجها (شرائعها) وبكل طلابها (عبادها). إذ سيكون شكل الامتحان النهائي في (يوم القيامة) مشابها للامتحان العام النهائي الذي يدخله جميع طلاب مدارس الدولة في كل سنة، وإلا فستبطل وستنتهي قيمة ومغزى التحصيل في الديانات السابقة إذا لم يكن هناك نتيجة لهذا السعي، فالغاية النهائية من إرسال كل الرسل والشرائع هو تعليم البشر وتربيتهم والوصول الى موسم جني ثمرة هذا التسلسل، وهو الإنسان المؤمن الناضج الكامل المتعلم المثقف، وإحلال السلام العام بين البشر.
يمكن تمثيل البشرية بمجموعها، بالإنسان الفرد عندما يولد وينمو ليصبح كاملا، فمنذ القدم ولحد هذا اليوم كانت البشرية تتدرج في مراحل الطفولة والمراهقة ولم تصل الى سن البلوغ والنضج بعد (بدليل ان الإنسان ما زال يتقدم في مدارج العلوم والحضارة ولم يصل الى قمة البلوغ بعد)، لذلك كان من الطبيعي على هذا الطفل وصبي الإنسانية، ان يتمرد على القوانين مثلما يفعل الولد الصغير، إما نتيجة لعدم إدراكه لمغزاها، أو بسبب غريزة التمرد والمعارضة الناتجة عن النفس الأمارة، لأن الإنسان يحمل صفتين متناقضتين تمام التناقض، الأولى تسحبه الى الهوى والملذات والعالم المادي، فيتشبه بالصفات الحيوانية كما نراها واضحة لدى الهمج الرعاع من الناس، والأخرى ترفعه الى العالم الإنساني فيتصف بالمثل والأخلاق والقيم والمزايا الرحمانية(2) كما تتجلى في تصرفات الناضجين من أهل الدين والأدب والعلم. لذلك، عندما يكون الرسول المعلم بين البشر أو قريبا منهم، يحاول أتباعه الالتزام بالنظام والشريعة بقدر ما تعلموه منه بسبب تأثير وجوده الشخصي الفعّال بينهم باعتباره شمس الحقيقة المحيية للأرواح ومصدر التشريع، وحالما يبتعد عنهم ويرحل من بينهم، تدب بينهم الاختلافات وتزداد الآراء وتتعدد وجهات النظر وتكثر الاجتهادات، فيتشعب الدين وتظهر المذاهب والفرق والأفكار، فكلٌ يقول برأي مخالف للآخر، وكل يفتي برأي جديد، لكن الصورة الواضحة الإجمالية للجميع هي صورة الارتباك والفوضى عدا فترات محدودة قصيرة؛ الا ان الله برحمته ومغفرته يحب أبناءه وعبيده ويحنو عليهم ويغفر لهم ذنوبهم، ويعتبرهم رغم كثرة شقاوتهم وعدم التزامهم بقواعد دروسه وشرائعه وأنظمته من الناجحين في الدورة السابقة، لأنهم لا يدركون ما يفعلون لجهلهم، بدليل معاندة وتعذيب وقتل أنبياءه ورسله، ومع ذلك ينقلهم الى الفصل التالي ويبعث لهم منهجاً جديداً ورسالة جديدة ورسول جديد ويغفر لهم عدم انتباههم وكثرة غيابهم ومشاكساتهم.
ان ما حدث سابقا، مثله كمثل العلاقة بين مدير المدرسة وطلابه، فهناك اتفاق ضمني ومبدئي بين الاثنين، فواجب المدير (الذي يدركه جيداً)، يقتضي تهيئة المدرسين وإيجاد الفصول والمناهج المتسلسلة ومراقبة عملية التدريس وغير ذلك لضمان أفضل النتائج لمستوى طلابه. أما واجب الطلاب (رغم عدم إدراكهم له بشكل واضح) فهو الجد والمثابرة والتعلم والنجاح. لكن للمدير حافز خفي يدركه جيداً، يدفعه لهذه العملية المتعبة الطويلة المرهقة، ألا وهو محبته لطلابه وتفانيه في خدمتهم وتعليمهم وتثقيفهم والأمل بخلق جيل مثقف واع، فهو يهتم بالجميع دون استثناء لتحقيق هدفه النهائي في إنجاح وتفوق أكبر عدد من طلاب مدرسته، وان أكبر آماله وأعظمها، مشاهدتهم وهم ناضجون مثقفون متعلمون يشغلون أماكن مميزة ووظائف حساسة في المجتمع. عندها يفتخر المدير بنتائج أعماله ويشعر بالزهو والفخر والارتياح لنضوج ثمرة تعب سنين حياته الطويلة ومذاقها اللطيف. كذلك يرسل الله سبحانه وتعالى الرسل والأنبياء ويهيئ لهم الشرائع والمناهج لتعليم البشر لنقلهم من مرحلة الى مرحلة أعلى ومن درس الى درس آخر حتى يصلوا الى الغاية النهائية، وهي إيجاد بشر صالحين مدركين يتصفون بالصفات الإنسانية المثلى.
ان الدورات الرسالية الإلهية متتالية لا أول لها ولا آخر، لأن الدين والرسل هم مظاهر رحمة الله، ورحمة الله لا تنقطع، وكل دورة لها مجموعة من الرسل، وكل رسول يعلم ويربي أمة خاصة به ويرتقي بأخلاقهم ويحاول مساعدتهم ويحبهم أشد الحب، فمنهم من وصف أمته بـ (شعب الله المختار) مثل موسى(ع)، ومنهم من وصفهم بـ (أحباء الله) كما سمى المسيح(ع) أتباعه، وكذلك (خير أمة أخرجت للناس) كما شرّف القرآن الكريم أمة الإسلام بهذا اللقب الرفيع. فما هذا التفضيل وهذه المحبة الا لتشجيع الأمم على الدراسة والتقدم والعمل بأوامر الله ومحاولة النجاح في يوم الامتحان النهائي الذي عرف وسميّ في جميع الكتب السماوية بيوم القيامة والساعة والحاقة والطامة والواقعة واليوم الآخر وغيرها، عندما تجتمع كل أمم أصحاب الكتاب وغيرها في يوم واحد لا ريب فيه لتواجه امتحان واحد محدد. ان عمليات الامتحان والنجاح والرسوب في هذه المرحلة النهائية (يوم القيامة) تشمل كل الأمم بكل مدارسها (أديانها) وبكل مناهجها (شرائعها) وبكل طلابها (عبادها). إذ سيكون شكل الامتحان النهائي في (يوم القيامة) مشابها للامتحان العام النهائي الذي يدخله جميع طلاب مدارس الدولة في كل سنة، وإلا فستبطل وستنتهي قيمة ومغزى التحصيل في الديانات السابقة إذا لم يكن هناك نتيجة لهذا السعي، فالغاية النهائية من إرسال كل الرسل والشرائع هو تعليم البشر وتربيتهم والوصول الى موسم جني ثمرة هذا التسلسل، وهو الإنسان المؤمن الناضج الكامل المتعلم المثقف، وإحلال السلام العام بين البشر.