ان أول الكتب السماوية (على سبيل الأسبقية لا التفضيل) هو (التوراة)، لكن هناك مشكلة دقيقة ستبرز أمامنا عند استقرائه، فالتوراة مثله كمثل غيره من الكتب السماوية، أسراره مختومة ورموزه صعبة، ولا يمكن لأي بشر مهما عظم شأنه فك رموزه وفهم معانيه وبخاصة الإشارات والكلمات التي تحتمل أكثر من تفسير، بل ان بعضهم ونتيجة لهذا الإشكال تمادوا في التقليل من قيمته حتى وصفوه كتابا موضوعاً. وإذا اعتبرنا ان المتكلم هو الله سبحانه وتعالى، وان الخطاب موجه الى البشر بعقولهم البسيطة آنذاك، بدليل ان إنسان اليوم أكثر إدراكا وفهماً من سابقيه الذين عاشوا قبل مئات أو آلاف السنين. فيدرك من ذلك ان الله العالم الخبير يكلم الناس في ذلك الزمان على قدر عقولهم وهو عالم ان كتبه ستبقى عصوراً عديدة لتقرأها الأجيال القادمة بما تمتاز به من عقول متفتحة في زمن الاكتشافات والاختراعات، وانهم سيدخلون عصر التكنولوجيا وسيزدادون في العلم الذي لن تقف مراحل تقدمه عند حد من الحدود، وفي النهاية، لابد وان تُحل رموز هذه الكتب ويُفك ختمها بقدرة الله وإرادته ويفهمها الجميع، كما ورد في القرآن الكريم ما يؤيد ذلك (هَلْ يَنظُرُونَ إِلا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ)(43) و (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)(44). فمن معنى هاتين الآيتين ومن خلال ما ذكرناه وما سنأتي على ذكره من آيات التوراة والإنجيل، يدرك أن تأويل أو تفسير القرآن الكريم أو بقية الكتب السماوية سوف يأتي في مستقبل الزمان، وتكشف أسرارها وتظهر معانيها الخفية ويتنعم الخلق بمذاق أثمارها الإلهية، لذلك قال الله سبحانه وتعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(45).
ان الكتب السماوية تنقسم في مجملها الى قسمين، الأول: الآيات المحكمات، والثاني: الآيات المتشابهات، كما قال تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ..)(46)، فالمحكمات أي القوانين والأحكام، هي آيات واضحة الدلالة تتفق على مفاهيمها غالبية المذاهب، أما المتشابهات فهي التي تحمل أكثر من وجه للتفسير والتأويل وبالتالي يختلف العباد حول مفاهيمها، لذلك سميّ القرآن الكريم (حمّال ذو وجوه)(47) يعني ان المفسرين يمكنهم إيجاد تفاسير متعددة لهذه الآيات، كل حسب مذهبه وأفكاره وقوته الذهنية.من هنا جاء وجه الاختلاف بين أتباع المذاهب من الديانات المختلفة، فرغم إشارة الآيات المحكمات المتينة الواضحة بعدم إمكانية تفسير الآيات المتشابهات، الا انهم لم يمتنعوا، وراح كلاَ منهم يدلي بدلوه ويفسر ما يريد ابتغاء الخير وإظهار الحقيقة وخدمة خلق الله، أو ابتغاء التظاهر ومحاكاة الآخرين وتقليدهم، ومنهم من أجل المصلحة والفائدة الشخصية، ودليل ذلك ما جاء في القرآن الكريم (وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ . مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(48) وأيضاً (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)(49) وكذلك (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)(50).
ولإثبات عدم إمكانية الاعتماد بشكل جازم على ما توصل إليه المفسرون بمختلف أفكارهم ومعتقداتهم ومذاهبهم في تفسير الآيات المتشابهات، نورد الأمثلة التالية. منها على سبيل المثال، ما جاء في التوراة في سفر دانيال الإصحاح 12 الآية 4 النص التالي: [اما أنت يا دانيال فاخف الكلام واختم السر الى وقت النهاية. كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد. فقال اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة الى وقت النهاية].
ان هذا النص يدل بشكل واضح، ان ما جاء في كتاب التوراة، لا يمكن لأيّ كائن بشري سبر غور معاني كلماته او تفسير آياته المتشابهة، وهذا بالطبع لا يشمل الآيات المحكمات التي لا يختلف أصحاب الديانات الثلاث كثيراً على تفسيرها (اليهودية والمسيحية والإسلام) من التي وردت في كتبهم، لاقتصارها على المعاملات والقوانين الاجتماعية مثل أحكام الزواج والطلاق والميراث والبيع والشراء والقتل والسرقة وغيرها. أما الآيات المتشابهات التي اختصت بالغيبيات والمستقبل ويوم القيامة واليوم الآخر والجنة والنار والحساب والعقاب والثواب والقصص والحِكم والأمثال، فهذه التي لا يمكن لأي بشر الخوض بها.
.
ان الكتب السماوية تنقسم في مجملها الى قسمين، الأول: الآيات المحكمات، والثاني: الآيات المتشابهات، كما قال تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ..)(46)، فالمحكمات أي القوانين والأحكام، هي آيات واضحة الدلالة تتفق على مفاهيمها غالبية المذاهب، أما المتشابهات فهي التي تحمل أكثر من وجه للتفسير والتأويل وبالتالي يختلف العباد حول مفاهيمها، لذلك سميّ القرآن الكريم (حمّال ذو وجوه)(47) يعني ان المفسرين يمكنهم إيجاد تفاسير متعددة لهذه الآيات، كل حسب مذهبه وأفكاره وقوته الذهنية.من هنا جاء وجه الاختلاف بين أتباع المذاهب من الديانات المختلفة، فرغم إشارة الآيات المحكمات المتينة الواضحة بعدم إمكانية تفسير الآيات المتشابهات، الا انهم لم يمتنعوا، وراح كلاَ منهم يدلي بدلوه ويفسر ما يريد ابتغاء الخير وإظهار الحقيقة وخدمة خلق الله، أو ابتغاء التظاهر ومحاكاة الآخرين وتقليدهم، ومنهم من أجل المصلحة والفائدة الشخصية، ودليل ذلك ما جاء في القرآن الكريم (وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ . مِنْ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(48) وأيضاً (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ)(49) وكذلك (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)(50).
ولإثبات عدم إمكانية الاعتماد بشكل جازم على ما توصل إليه المفسرون بمختلف أفكارهم ومعتقداتهم ومذاهبهم في تفسير الآيات المتشابهات، نورد الأمثلة التالية. منها على سبيل المثال، ما جاء في التوراة في سفر دانيال الإصحاح 12 الآية 4 النص التالي: [اما أنت يا دانيال فاخف الكلام واختم السر الى وقت النهاية. كثيرون يتصفحونه والمعرفة تزداد. فقال اذهب يا دانيال لأن الكلمات مخفية ومختومة الى وقت النهاية].
ان هذا النص يدل بشكل واضح، ان ما جاء في كتاب التوراة، لا يمكن لأيّ كائن بشري سبر غور معاني كلماته او تفسير آياته المتشابهة، وهذا بالطبع لا يشمل الآيات المحكمات التي لا يختلف أصحاب الديانات الثلاث كثيراً على تفسيرها (اليهودية والمسيحية والإسلام) من التي وردت في كتبهم، لاقتصارها على المعاملات والقوانين الاجتماعية مثل أحكام الزواج والطلاق والميراث والبيع والشراء والقتل والسرقة وغيرها. أما الآيات المتشابهات التي اختصت بالغيبيات والمستقبل ويوم القيامة واليوم الآخر والجنة والنار والحساب والعقاب والثواب والقصص والحِكم والأمثال، فهذه التي لا يمكن لأي بشر الخوض بها.
.